|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة 27/1/ 2012                                                      فؤاد علي أكبر                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

إِغتِيال وَطَن

فؤاد علي أكبر

هي أَجمَلُ ما في الكَونِ
أَلَذُّ مِن فَرحةٍ غامِرة
أَحلى مِنَ الحَياةِ والنَهار
كَانت تَعومُ على وَقعِ الرِّياح
بعد أَن سَلمتها الزِمام
فأَمتَطتها بِبَهاء
تُداعِب شَعرها الساحِر بإِنبهار
تَطوف إِبتهاجاً بِها
تَتَخللها..تَنسابُ فيها
وعَلى قامتِها بِلُطف
فتَرتَشِفُها حَتَّى الثُّمالَةَ
وتَستَهِبُها أنسام

تَكادُ الأَرضُ تَلمَسُ قَدَمَيها
العُريَانتينِ.. إِلا مِن رَونَقٍ
يُنازِعهُ إِشراق
مُتَدَلّيَتانِ مِن سَحابَةٍ رَقيقَةٍ
تَلفُ مَفاتِنها
لِتُخفي شِدَّةَ الأَنوار
رِفقاً بالوجودِ والأَبصارِ
المَأخوذَةِ إِليها بَحراً
وَجَهلاً بِأهوالِها والأَخطارِ
تَخفِقُ جناحَيها بِرقةٍ وَتَطير
فَتَطيرُ بِها الرِّياحُ
بعد أن غَمرَتها
عَبقاً وحُباً وإِنتشاء
يَتهاوى مِن أَريجِها المُبحِرون
وتَفلِتُ الدِفاف
وتَضِّلُ القوارِبُ في بحرٍ فَسيح

تَسموُ إلى السَماءِ..
تَدور بِلَهفَةٍ
تُرَفرِفُ.. تَنفِضُ مِن جَناحَيها
رَذاذاً عَذِباً يُهوِّن الصَبِّ
كَأَنَّهُ إِكسِيرُ حَياةٍ
تَرحَلُ بَعيداً في المَدى
تَتَوارى في فَضاءٍ
ثُمَّ تَعوُد.. كإِيقاعٍ
أَلحانٍ.. نَبَضاتٍ تَشتاقُها الأَسماع
أو كدَورة إِحياء

يَفيقُ الوُجُوُد مِنَ الإِغماءِ
تَستَعيدَ المًروجُ أنفاسِها
وتَتَفَتحُ الأَزهارُ
يَرفعُ الجَمالُ مُحَيّاهِ
في حَذَرٍ وإِستحياءٍ
تَخرُجُ مِن ممالكِها النِساءُ
تَدنو وتَرنو حُسنِها مِن كَثَبٍ
في مُحاوَلةِ إِقتباس
وَمَن نَأَى بِنفسِهِ عَن المُخاطَرَةِ
والغَورِ والإِبحارِ في المُغامَرَةِ
إِستَسلَمَ لأَمرهِ وَوَدَّعَ الإِحساس
والآخَروُن يتَدَابَرُون
في حَيرَةٍ باهِتوُن
تَثورُ في أعماقِهِم
شَهَواتُ جِنسٍ وَغَضب
والعاشِقوُن هائِموُن..غافِلوُن
في وَصلِها يَتنافَسُون
يَعتَرِيهِم مِن حُسنِها الذهولُ
غَصَّةٍ في القَلبِ
تِيهٍ في الألبابِ والعُقُولِ
تَوقٍ وشَوقٍ وصَّبابةٍ
وكُلُ ما يُذكِّي الفُضُولِ
هي وَهمٌ في حَقيقَةٍ
وحَقيقَةٌ تَختَرِقُ الخَيالِ
يُشفِقنَ مِن أَمرِها الجِبالُ
لا يَدنو مِن أَسوارِها
سِوى عاشقٍ تيِّمَهُ الحُبُ
إِستَبَدَّ بِقلبِهِ الهَوى
أَصابَهُ مَسٌّ مِنَ الجُنُونِ
يَنتَظِرُ عودَتِها.. كَرَّتِها
بَعدَما طالَ بِظَنِّهِ الرحيل
كأَنَّهَا إِجتياحٌ ساحِرٌ
وجُمالٌ لَيسَ لَهُ مَثِيلٌ
عِشقٌ حَتَّى المَوتِ في أَلمٍ
في وَجَعٍ جَميل

تَقاطَعَ في أَمرِها القَومُ
تَعادَوْا.. تَنازَعوا.. تَآمَروا
حَتَّى جاءَ يَومٌ
لَيسَ فيهِ صَباح
نَعَقَ الغُرابُ
مُعلِناً عَن حالةِ إِغتِصاب
عَن عمليةِ إِستباح
رِحلَةٌ قاسيَةٌ مَعَ الجِراح
مَنعٌ للتِجوالِ والحُبِ والإِنفِعال
مَوتٌ ودَمارٌ وإِعتِقال
في كُلِ حَيٍّ وَكْر
وفي كُلِ بَيتٍ مُغيَّبٌ وَقَتيل
سنواتُ عِدوانٍ وَقَهر
مَن ماتَ قَد مَضى
وَمَن عاشَ في لَظَّى
وَمَن لَم يَحِن مُوعِدُهُ.. فَرّ
مِن جَورٍ لايُطاق
مِن ظُلمٍ وَوشيٍ ونِفاق
أَحلامٌ وأَماني ودُعاء
آمالٌ بِالخَلاصِ وَاللِقاء
وَلَّوعَة وأشتِياق
قادِمٌ أَدهى وَأَمرّ
عُشاقٌ وسَماسِرةٌ ومُنافِقون
طُغاةٌ ودُخَلاءٌ وَطامِعون
لِصوصٌ وَجُناةٌ وَمُتدَينون
حَربٌ وَقِتالٌ.. تَحريرٌ وَإِحتِلال
يَشتَدُ الإِحتدام .. يَشبُ حَريق
أسرابُ غِربانٍ وَنَعيق
شُؤمٌ وَبَلاء وأَنباء
عَن عَمَليَةِ إِغتِيال
ضَحيةٌ بارِعةُ الجَمالِ
بَهِيَّةُ .. ساحِرةٌ.. حَسناء
والكُلُ في مَوضعِ إِتِهام
والكُلُ في مُوضعِ إِجلالٍ وإِحتِرام
والوَضعُ عَلى أَسوأ ما يُرام...


ستوكهولم ـ السويد


 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter