|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة 23/12/ 2011                                                      فؤاد علي أكبر                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

شعب على المفرمة

فؤاد علي أكبر

ما يحدث من عمليات قتل وتفجير وذبح وأرهاب في الشارع العراقي تعيد الذاكرة الى وسائل القتل والترويع والأنتقام التي مارسها نظام صدام المجرم ضد العراقيين والتي فاقت كل التصورات وتعدت وشملت كل جرائم التاريخ بشاعة من قتل وأغتيال وقطع للرقاب والألسن والأيدي ودفن للأحياء وأبادات جماعية بأستخدام ابشع انواع التعذيب وأستعمال الأسيد في قتل المعتقلين والتسميم بالزئبق الى استعمال الغازات الكيمياوية في أبادة مئات الآلآف من العراقيين ومن بين تلك الوسائل الأجرامية هي قتل وتغييب الكثير من العراقيين بواسطة المفرمة فقد وجد من بين ما وجد من وسائل وأدوات أجرامية بشعة في دوائر أمن النظام السابق ماكنة ضخمة من صنع أحدى الشركات الأجنبية التي دعمت النظام لفرم البشر وألقاءهم في نهر دجلة عبر مجرى معد لذلك بعد الأنتهاء من عملية الفرم للخلاص من أي أثر لهم .

ومما يروى على لسان الكثير من العراقيين أن أحد الآباء العراقيين وأبنه الذي أوقعه قدره المشؤوم عرضة للأبتزاز والقتل من قبل رجال البعث المجرمين وقد أُعلم الأب أن ابنه الشاب الذي أعتقل من قبلهم موجود في أحدى زنزانات النظام وقد حكم عليه بالأعدام بواسطة المفرمة وبعد أن حاول أقناعهم بدفع مبلغ كبير من المال من أجل أطلاق سراح أبنه الشاب أو تخفيف الحكم عنه أجابوه بأنهم يتمكنون فقط أن يغيروا طريقة تنفيذ الحكم مقابل عدة ملايين من الدنانير بحيث يضعوا رأس أبنه بأتجاه المفرمة ليموت بسرعة دون أن يتألم كثيراً وأن طريقة التنفيذ المعمول بها كما أخبروه قاسية جداً وهي أن يربط السجين مستلقياً على حزام متحرك يقوده بالتدريج وببطئ نحو المفرمة أبتداءً من أسفل قدميه الى نهاية رأسه ليتحقق أكبر قدر ممكن من التعذيب والألم للضحية قبل الموت وقد وافق الأب المسكين حين لم يتركوا له خيار آخر...

ما يحدث للعراق والشعب العراقي بعد سقوط النظام الأجرامي البعثي عام 2003 ولحد الآن هو أنتاج وتحديث لعملية القتل بالفرم بشكل أوسع وأضخم فبعد أن كانت المفرمة الأجنبية الأنتاج تستخدم لفرم أفراد أبرياء من ضحايا النظام القمعي المجرم السابق تم وضع العراق وشعبه بكامله على مفرمة رهيبة أكبر بكثير وهي من أنتاج وتجميع جهات دولية وأقليمية متعددة وداخلية مشتركة وبموافقة ومباركة ومساهمة القوى السياسية الفاعلة في العراق الجديد وحكومته المرقعة وذلك عبر برامج غريبة وعجيبة لمصالحة ومشاركة مجرمي الأمس ومن خلال آليات جديدة تحمل عناوين مختلفة كالمصالحة الوطنية ووحدة العراق والتوافق والمحاصصة والأستفادة من الطاقات والخبرات العسكرية والأمنية السابقة بالأضافة الى بروز جماعات العنف والعنف المقابل الجديدة ودخول منظمات أرهابية أجرامية أقليمية كسكاكين تتمتع بكفاءة عالية في تنفيذ عمليات الفرم الهمجية وكذلك المشاركة الفاعلة لأطراف أعلامية وسياسية عديدة داخلية وخارجية في الصيانة والتزييت وأدامة عمل المفرمة الرهيبة الحديثة...

لاشك أن موافقة بعض الأطراف السياسية المقبولة نوعاً ما من الشارع العراقي على أنتاج هذه المفرمة وعلى طريقة فرمها للشعب العراقي أبتداءً من الأسفل ومن المواطنين الأبرياء والعمال والكسبة المساكين حسب الأسلوب الأجرامي البعثي السابق قد بنيت على حسابات مغلوطة في فهم البعث وعصاباته الأجرامية وعلى أمل أن عمليات الفرم سوف لن تنالهم وأنها ستتوقف بتوفير الأمان وعدم ملاحقة مجرمي وقتلة الأمس ومشاركتهم في السلطة وقد فاتهم أن هذه الجماعات قد تمرست الأجرام وتوغلت فيه وهو جزء من طبيعتها في البقاء والأستمرار كذئاب بشرية تنهش بعضها البعض أن لم تجد ما تفترسه من الضحايا وأن خبرة اربعة عقود من القتل والفرم البعثي للشعب العراقي والأحزاب والقوى المعارضة وحتى قيادات وأفراد عائلة رأس النظام نفسه وحزبه الفاشي كانت كافية لتوضيح حقيقة هؤلاء المجرمين والسفلة...

واليوم وبعد هذا المسلسل الرهيب من القتل والترويع المستمر والشلل شبه التام للحياة الأقتصادية والعمرانية واستشراء الفقر والفساد ونقص شامل في الخدمات الصحية والعامة كوسائل مضافة للقتل والموت البطئ نناشد الجميع أن ينقذوا الشعب العراقي وأن يُرفع شعبنا المظلوم من على حزام المفرمة التي تفرم كل يوم مئات الأبرياء والمساكين أو أن يطبقوا علينا خيار الأب المنكوب بأبنه ويغيروا طريقة تنفيذ أعدامنا وقتلنا بأسرع ما يكون ووضع حد لهذا الألم الكبير الذي طال أحتماله ولم يعد يطاق بأي شكل من الأشكال وليكن ما يكون...

 

ستوكهولم ـ السويد
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter