| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ضياء حميو
dia1h@hotmail.com

 

 

 

الثلاثاء 8/6/ 2010

 

الرأسمالية وتمويل استيراد الرز من القمر

 ضياء حميو

هامش أول
هذه المقالة مدينة بالكثير من إقتباساتها لعالم الاقتصاد الأمريكي "ليندون لاروش"Lyndon H. Larouche الذي ولد عام 1922 وبلغ 88 عام لغاية 2010 ودوريته الاسبوعية executive intelligence review "
انظر الهامش .

هي ليست نكته ..!
ولكن هذا بالفعل ماقامت به المؤسسات المالية العملاقة لسنين طويلة وبرعاية ليست حكوماتها وحسب ،بل حكومات البلدان التي توافق على هكذا اقتصاد، " اقتصاد الخداع ".
إحدى المصارف العملاقة في العالم " مصرف كَولدمان ساكس" من رسالة بعثها ستون نائبا في الكونجرس الأمريكي إلى رئيسة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية "ماري شابيرو" يوم 26 أبريل الماضي، لإجراء تحقيق عن عملية احتيال مبرمجة قام من خلالها البنك ببيع أوراق مالية لزبائنه وفي نفس الوقت كان يضارب ويضع مراهنات على انهيار سعر هذه الأوراق التي روج هو بنفسه لقيمتها لدى زبائنه وهو ماحصل إذ ربح المصرف مراهناته على "لاقيمة" ماروجه من بضاعة وهمية، اتضح لاحقا ان البنك ربح مقدارا مساويا لما خسره زبائنه ولهان الأمر لو كانت هذه المراهنات بمبالغ بسيطة ولكن..!
قبل الانهيار الحالي لأسعار الأوراق المالية المعتمد على أصول العقارات الذي بدء عام 2007 وضع المصرف مبلغ 13 مليار دولار في مراهنات مالية على انهيار هذه السلع المالية" العقارات" بعض منها وهمي غير موجود سوى على الأوراق والبعض الآخر بأسعار غير حقيقية، أي انهم يروجون لبضاعة يعرفون تماما اما انها لاتساوي قيمتها أو انها غير موجودة بالأساس وأرباحهم تتأتى من المراهنات " المضاربات المالية "،هذه اللعبة كانت مستمرة لسنوات وتحديدا في امريكا ازداد نموها حين الغي في العام 1999 قانون "كَلاس سيكَال" الذي اقر عام 1933 أبان الأزمة المالية في بداية الثلاثينات وهو مبني على أساس تولي الدولة مسؤولية التوجيه والسيطرة على العملة والائتمانات المالية من اجل تطوير اقتصاد منظور على ارض الواقع في البنية التحتية وغير وهمي هذا القانون فرق تماما بين "المصارف التجارية" التي يودع فيها المواطنون أموالهم وبين " المصارف الاستثمارية والشركات المالية "التي يقوم عملها على أساس المضاربات ، ففي المصارف التجارية يتوجب على الدولة ان تحمي وتضمن وتعوض أصحابها لان أموالها هي بالأساس من إيداعات المواطنين التي تقوم البنوك بإقراضها لأفراد وشركات يستثمرونها بمشاريع اقتصادية مرئية وملموسة ،وفي حالة البنوك لاستثمارية والشركات المالية لاتعويض ولاضمان ولا حماية من قبل الدولة لان عملها ليس في البنية التحتية وتطوير الاقتصاد كما إن نشاطها المضارب قد يجعلها تخلق أسعارا وهمية لسلع قد تكون وهمية ولو تمت رعايته من الدولة فانه سيجنح الى المضاربات الوهمية "وهو ماحدث بتراتب تصاعدي " منذ العام 1999 والى الآن وقامت الدولة بتعويض خسائره من ضرائب المواطنين الذين يتساءلون لم ندفع مبالغا لنعوض خسائر "تمويل استيراد الرز من القمر "...!!.

منذ الأزمة الأخيرة ولغاية الآن نسمع الآتي:" قامت الدولة الفلانية بضخ كذا مبلغ من احتياطيها أو اقترضت لتجنيب البنك الفلاني الإفلاس..!!"طبعا هذا البنك من المؤكد ان استثماراته ليست بالبنية التحتية التي تسببت بافلاسة بل بنشاطات مضاربة ،سبب الإنقاذ الذي يدفعه المواطن العادي من جيبه لايعدو مبهما إذا عرفنا أسماء المستثمرين بهذا البنك والمؤسسة المالية وعلاقتهم بمراكز الحكم في الدولة الفلانية،بالإضافة الى ان هذه البلدان ارتبطت بنظام مصرفي عالمي مبني على المضاربات وهو مايجعل انهيار اقتصاداتها المحلية مدويا وبسرعة لا تصدق.
غير بعيد عن هذا مسألة القرض المقدم لليونان التي ينهار اقتصادها بشكل يومي " لم يكن القرض لمساعدة اليونان في تخطي أزمتها من خلال ضخ الأموال في البنية التحتية بل بشكل أساس هو لكي تتمكن من تسديد ديون الدائنين العالميين الذين يمسكون بديونها،وبشروط مذلة يدفع ثمنها المواطن اليوناني العادي الذي لاناقة ولاجمل له سوى ان دولته اتبعت نظام رأسمالي منفلت ومستهتر فُرض عليها أو ظنته هو الصحيح " المقصود حماية وتعويض وضمان "البنوك والشركات الاستثمارية "،إذ يبلغ حجم دينها الخاص 195% من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي مسألة الديون هذه يمكن ملاحظة كارثة مستقبلية لأكثر من بلد في طريقها للحاق باليونان أولها البرتغال التي لم تشهد أي نمو اقتصادي طيلة العشرة أعوام الماضية وبلغ حجم دينها العام 77% من الناتج المحلي الإجمالي لايملك البرتغاليون فيه سوى 17% ومن المؤكد للبرتغال كما في حالة اليونان فيما لوتمت مساعدتها بقرض وبأي شروط كانت فانه سيكون لتسديد دينها للدائنين الأجانب ذوي حصة ال 83 % ،وسيطلب منها ان تخفض رواتب المتقاعدين والتأمين الصحي والاجتماعي والدعم لقطاعي التربية والتعليم لزراعة ..الخ
وبصورة مختصرة قتل منظم وسلب لحقوق وأموال شعوبها التي كافحت على مدى سنين لتأمين هذا.
بل حتى بلدان الرفاه الاجتماعي " بلدان اسكندنافيا " نلاحظ تراجعا مضطردا لرفاهيتها، وكذلك معالجة تتخبط بها حكوماتها لديون ظهرت فجأة يتساءل معها المواطن العادي :" لم ابع ولم اشتر شيئا فلماذا ادفع ثمن خسائر بضاعة وهمية "..!؟
الأزمة ليست مصرفية كما يحاول الاقتصاديون ان يفسروها ..!
بالنسبة للمواطن العادي هي أزمة الثقة والخوف من اقتصاد يراهن على فقدانه لرغيف خبزه وحبة دواءه بل وحياته أيضا..!!
وقد خرج بمظاهرات وستتصاعد الى ثورات حين يجد انه لم يعد يملك مايخسره..!!
ولن تنسى الرأسمالية مطلقا تلك المظاهرات والثورات الجماهيرية التي عمت العالم أبان أزمة أوائل الثلاثينات وقد عالجتها بثمن بخس جدا بالنسبة لها هو عشرات الملايين من القتلى في شتى أنحاء العالم في الحرب العالمية الثانية.
الأزمة ليست مصرفية ..!!
بل أزمة نظام اقتصادي عالمي فاسد ومجرم وعدواني لن يتوانى عن فعل أي شيء من اجل إنقاذ صفقات تمويل " استيراد الرز من القمر ".

هامش أخير
سجن لاروش لمدة خمسة أعوام في العام 1989 في حملة قادتها الـ FBI على مدى أكثر من عقد بالتعاون مع المنظمة العنصرية اليهودية “عصبة مناهضة التشهير” Anti Defamation League وشخصيات سياسية كبيرة مثل هنري كيسنجر الذي يكن عداءً شخصياً للاروش، أدت الى تلفيق تهم باطلة به والزج به وبرفاقه في السجون الأمريكية في واحدة من أبشع عمليات انتهاك حقوق الإنسان، كان حينها في السبعين من عمرة، تعرض لمحاولتي اغتيال بتدبير مؤسسات حكومية في عامي 1973 و 1983
يقول لاروش في الأزمة العالمية الحالية (ان النظام المالي العالمي وخاصة في الغرب قد دخل في مرحلة الإفلاس الفعلي بسبب فك الارتباط كلياً مابين الاقتصاد الحقيقي المتمثل بإنتاج واستهلاك السلع والخدمات وبين الأسواق المالية والنقد، بحيث أصبحت قيمة الأوراق المالية المتبادلة في الأسواق العالمية وكمية النقد المتبادل في أسواق الصرف اكبر من كمية إجمالي الناتج المحلي لجميع أمم الأرض بعشرات المرات. وهذا يحتم عليهم إدخال النظام المالي العالمي في إجراءات إفلاس قسرية بالتعاون مابين مجموعة من الدول الكبرى).



 

free web counter