| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ضياء حميو
dia1h@hotmail.com

 

 

 

السبت 7/2/ 2009

 

قيادة الشيوعيين والدبابة الأمريكية

ضياء حميو

موعد حزبي في (كراج النهضة) في الرصافة من بغداد ، في العام 1993، كان المفروض أن التقي بالرفيق أبو حسين ،في ساعة محددة ...قلت كيف سأعرفه؟ قالوا: هو يعرفك ..!
حسنا ماذا عن كلمة السر؟ ،قالوا: لاتحتاجها ،فأنت تعرفه أيضا ولكن باسم آخر ، إطمئن رفيق ، كلاكما يعرف الآخر..!
لم يكن هذا لقائي الحزبي الأول، فقد خبرت شيء من هذا منذ ارتباطي بالحزب الشيوعي العراقي، في الصف الأول من دراستي الجامعية منتصف الثمانينات.

كانت ظروف العمل الحزبي ، في الداخل كما كنا نسميها تمييزا لها عن عمل رفاقنا في كردستان ، بدأت تنشط بوتيرة متصاعدة ، مستفيدة من الوضع الآمن لرفاقنا في كردستان ، وإعادة البث الإذاعي لصوت الحزب الشيوعي العراقي من اربيل كذلك جريدة طريق الشعب التي صارت تطبع في اربيل أيضا بدلا من دمشق وتأخير وصولها ، بدأ تجميع وإعادة الصلة بالكثير من الرفاق الذين انقطعت الصلة الحزبية بهم بعد حملة الأنفال الإجرامية ومن ثم فتور حماسهم للعمل الحزبي بمخاطره القاتلة بعد انهيار ما كان يسمى بالرفيق الأعلى " الاتحاد السوفييتي " ومن ثم القمع الدموي الذي تعرضت له الانتفاضة ، وأنا لم أكن شاذا عن هذا الجمع فقد كنت احد الرفاق الذين فتر حماسهم أيضا..!
،وكان تركيز الحزب على توفير كل الإمكانيات لعمل الداخل ،وفي تلك الفترة اقر في المؤتمر الخامس أن تتحول منظمة إقليم كردستان للحزب الشيوعي العراقي إلى الحزب الشيوعي الكردستاني- العراق..!

اقبل رجل في السبعين من العمر باتجاهي، قصير القامة وممتلئ قليلا، يضع قبعة على رأسه، لم أميز ملامحه في بادئ الأمر إلى أن اتجه نحوي مبتسما و مصافحا قائلا: مرحبا رفيق حسن..!
نعم كان رفاقي محقين فانا اعرف شكله ، وكنت قد التقيته ، قبل سنه في احد بيوت رفاقنا الأكراد في اربيل وكان حينها بزيه الكردي !

..وكضيف وتقديرا لتقدم أبو حسين في السن أردت أن أقوم بواجب الضيافة كأن نجلس في مقهى أو مطعم أو أي حديقة بدل المشي والتحدث ،ولكنه قال لاعليك ،سنترك الضيافة لوقت آخر فلنتمشى فهذا أأمن ، وأفضل..!
بعد ساعتين من الحديث ،والمشي شعرت بالتعب ، ولكن استحيتُ أن أقول هذا لشيخ سبعيني ، هو الأحرى أن يقوله ،في نهاية اللقاء قلت في ما اريد ،وقال الشيخ لي ما يجب من أمور تخص تنظيمنا توادعنا.
بعد هذا اللقاء خجلت من نفسي ووهن عزيمتي وأنا أرى حماس هذا الشيخ وتفانيه في العمل الحزبي في تلك الظروف السرية، رغم تقدمه في العمر...!!

لم اعرف من يكون أبو حسين إلا بعد سنتين ،حين اضطررت إنا وزوجتي ،رفيقتي إلى مغادرة محل إقامتنا في إحدى قرى " الحلة " إلى مدينة اربيل في كردستان العراق ، لم يكن أبو حسين سوى " عمر علي الشيخ " أبو فاروق العضو السابق للمكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي.
ما كان " أبو فاروق " ينتظر قطارا أو دبابة أمريكية ، ليتواجد في بغداد ..!
بل كل أو اغلب قيادة الحزب ، كانوا في داخل الوطن ، يناضلون مع رفاقهم ...!!

لاؤلائك الذين يقولون أتيتم مع بريمر أو الأمريكان ،أقول وأنا الرفيق البسيط الذي لم يعرف إلى حين مغادرته ارض الوطن غير العمل الحزبي في بغداد والفرات الأوسط ،الساحات تعرفنا ، والأرض التي تخضبت بدمائنا تعرفنا ،الوجوه تعرفنا ، ونحن نعرفها ،أزقتها ، بيوتها الفقيرة ، شوارعها ، وجل قيادة الحزب كانت معنا في داخل الوطن ، وفي أصعب عقدين من العمل الحزبي ، الثمانينات والتسعينات ...!
في اربيل وفي السليمانية ،وفي بغداد والمدن الأخرى ،بدءا من سكرتير الحزب ،إلى رفاق المكتب السياسي ، ولجنته المركزية ،كلهم معا ، ومدينة شقلاوة واربيل ما كانت تقع في بلدان اسكندنافيا ..!

وحتى في هذا أقول على سبيل المثال الذي عشته ، منذ بداية التسعينات ، تواجد في بغداد الرفيق الشهيد " سعدون " عضو اللجنة المركزية للحزب ، وقبله في الثمانينات ، عضو لجنه مركزية آخر هو الرفيق حيدر فاضل " حيدر حنفي "، بالإضافة إلى أبو فاروق وأبو عادل وغيرهم ، " فعضو للجنة الحزب المركزية " أبو كاظم " كان لفترة طويلة في الثمانينات في احد البيوت الحزبية في اربيل مع الرفيق " سرود " سردار ماموستا قادر .
سرعة صدور صحيفة الحزب المركزية، طريق الشعب كأول صحيفة تصدر مباشرة بعد سقوط النظام، كانت دليلنا إننا هنا مع شعبنا قبل المحتل وقطاره ودبابته..!

ختاما:
لم تخطئ الحكمة الصينية حين قالت: " تشير إلى القمر بطرف إصبعك ، لكن الغبي ينظر إلى طرف الإصبع..!!

 

free web counter