| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ضياء حميو
dia1h@hotmail.com

 

 

 

الخميس 23/10/ 2008



فائض القيمة للأطفال دون سن العاشرة

ضياء حميو

ملاحظة: كتبت هذه المادة لأشرح لطفلتيَ.. .شيئا عن الرأسمالية، ومن ثم كان لابد من شرح مبسط لقانون " فائض القيمة " بلغة الأطفال، ولكني وجدت إن الكثير من الكبار، بحاجة هم أيضا لهذه اللغة، لكي يفهموا - كما أتمنى - هذا القانون..!!

كان يا ما كان في قديم الزمان !

كان هنالك شجرة تفاح برية ، كبيرة ، تملـَكها شيخ عجوز ،وكانت تحمل ثلاث تفاحات صغيرة لم تنضج بعد ، لان الشيخ لا يستطيع رعاية الشجرة وحراثة أرضها وتشذيب أغصانها!

وذات يوم مر بقرب هذه الشجرة فتى قوي العضلات، كان جائعا، ملابسه رثه، و بدون عمل !

اقترح الشيخ عليه أن يعمل لديه في رعاية شجرة التفاح، وحين تنضج التفاحات سيعطيه واحدة!

وهكذا ، قبل الفتى العمل لدى الشيخ ، الذي جلب له أداتين قديمتين، الأولى لحراثة الأرض حول الشجرة والثانية لتشذيب الأغصان اليابسة فيها، وبعد فترة ..نضجت التفاحات الثلاث ، وكانت كبيرة ، إلى درجة إن كل تفاحة تكفي ولمدة سنة حاجة رجل واحد من الأكل تماما.!

طلب الشيخ من الفتى، أن يقطفها وبالفعل قام الأخير بما اتفقا عليه.

وهكذا حصل كل منهما على تفاحة وبقيت تفاحة زائدة !

سأل الفتى أن يتقاسما هذه أيضا !

فأجاب الشيخ بهدوء : كلا ! اتفاقنا أن أعطيك تفاحة واحدة لاغير ، تكفيك تماما ، وأنا سآخذ تفاحة تكفيني أيضا ، أما الثالثة فسأبيعها لاشتري أداتي حراثة جديدتين ، لكي نستعد للموسم القادم ..!

وهكذا باشر الفتى العمل بهمة ، تساعده الأدوات الجديدة في انجاز عمله على أكمل وجه ، وفي موسم القطاف الثاني ، ونتيجة لرعاية الشجرة وسقايتها وتشذيب أغصانها من قبل الفتى ، بأدوات الشيخ الجديدة ، أثمرت عشر تفاحات ، وكما في المرة الأولى تم قطافها ، فأخذ الشيخ تفاحة له ، وأعطى تفاحة للفتى ، ووضع التفاحات الثمانية المتبقية في سلة كبيرة !

احتج الفتى على هذه القسمة قائلا: لقد بذلت جهدا مضاعفا هذه المرة في قطاف التفاحات، وليس من العدل أن تعطيني تفاحة واحدة ! فإما أن تعطيني ضعف جهدي أو اترك العمل!

فكر الشيخ وتساءل : كم تريد ؟

أجاب الفتى: أريد نصف التفاح.

رد الشيخ حانقا ً: هذا ليس باتفاقنا، لان ضعف جهدك يعني تفاحتين وليس خمسة، كما إن تفاحة واحدة تسد حاجتك تماما.

قال الفتى: اعلم إن تفاحة واحدة تكفيني للأكل، ولكني احتاج لأكثر من الأكل، احتاج أشياء أخرى احصل عليها حين أبيع حصتي من التفاح، فيما لو أنصفتني.

قال الشيخ ممتعضا : ليست مشكلتي انك تحتاج لأكثر من الأكل ، أنا سأعطيك مقدار جهدك تفاحة ، وان ضاعفت جهدك ستكون تفاحتين ، وان ضاعفت لثلاث بشجرة أخرى فسيكون ثلاث تفاحات ، تبيعها وتشتري ما تريد بغض النظر عن عدد التفاح الذي تثمره الشجرة ، لأنها ملكي!.

ولهذا فأنا اعرض عليك تفاحتين أن لم تقبل سأجيء بشخص آخر يقبل بتفاحة واحدة وهي تكفيه.

أجاب الفتى حزينا : هذا ليس بعدل، أنت تأخذ ثماني تفاحات وتعطيني اثنتين فقط !

قال الشيخ : اسمع أيها الفتى ... أنا رجل يخاف الله ، لن أعطيك اقل أو أكثر من جهدك ، كما إنك غبي ولا تفهم ، بل وتكفر ، لأني لا اخذ ثماني تفاحات ..! أنا أسد بواحدة حاجتي مثلك والثانية أبيعها لأشتري أدوات أكثر واحدث، للموسم القادم ، وما يتبقى هو ست تفاحات ، وهذه من فضل ربي ورزق من الله .

وهكذا عاد الفتى إلى العمل فرحا بتفاحتيه الاثنتين وصار كلما احتاج لشيء جديد عليه أن يعمل أكثر.

وتزوج الفتى بعد فترة وصارت زوجته تعمل معه في أشجار تفاح أخرى، وأنجبوا أطفالاً صاروا يعملون أيضا في معامل الشيخ لإنتاج عصير، ونبيذ، ومربى التفاح !

ولم يفهم الفتى لسنين طويلة ، سر ازدياد عدد تفاحات الشيخ بمئات وآلاف المرات كلما بذل هو وعائلته جهدا أكثر، إلى أن مر بقربه رجل بلحية وقورة ، قال له اسمع يا بني "هذه التفاحات ألثمان " ليست من فضل ربه ، بل هي فائض القيمة .، وهي مصدر أرباح الشيخ في المجتمع الذي تعيشان فيه أنت والشيخ.

هامش خاص بالكبار فوق سن العاشرة

الفتى : العامل
الشيخ العجوز: هو الرأسمالية
الشجرة: هي المعمل
أدوات الحراثة والعمل : هي أدوات الإنتاج
تفاحتا الفتى: هي تعويض عن قوة عمله، بقيمتها التبادلية الكاملة، أي تعويض عن المواد اللازمة لإنتاج قوة عمله من غذاء وسكن وملبس..الخ .
قوة عمل الفتى: هي قيمة تبادلية له، ولكنها قيمة استعماليه للعجوز.
رجل اللحية الوقورة : هو " كارل ماركس "،عبقرية ماركس: هي في اكتشاف " فائض القيمة "
فائض القيمة: هو الفرق بين قيمة المواد اللازمة لإنتاج قوة عمل العامل وبين قيمة السلعة التي ينتجها، هذا الفرق هو المصدر الوحيد لأرباح الرأسمالية، وهو قانون طبيعي للعلاقة بين العامل والرأسمالي في مجتمعنا الرأسمالي.


 

free web counter