| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ذياب مهدي آل غلاّم
thiab11@yahoo.com

 

 

 

الثلاثاء 4/12/ 2007



العراقي.......بين استبداد السلطة والحرية

ذياب مهدي آل غلآم

أستهلال
ان التغيير والتقدم ينبغي ان يسبقا بالفكر والفكر لا ينمو الا في اطار الحرية وعلى ارضها ....... د/محمد خاتمي

المشكلة خلال القرنين الاخيرين من وجودنا حين استفحل سلطان الغلبة والاستبداد الذي هيمن بشكل مدمر وخطير على حياتنا الاجتماعية ففي غضون هذه الحقبة برزت في العالم ظاهرة سلبية سيئة باسم الاستعمار فصرنا مبتلين باستبداد تابع للاستعمار والاستبداد الذي هيمن علينا في هذه الفترة لم يعد من طراز الاستبداد التاريخي المتمثل بسلطة القبيلة او قوم نزوا على الواقع بقوة السلاح وسطوته(وهو ماحصل على مر التاريخ اذ مع غياب دور الشعب تمركزت السلطة بيد طغاة متغلبين من جبابرة الاقوام والنحل ....السقيفة نموذجا ) فمثلا السلطة الفعلية على الارض في المجتمع العربي الاسلامي لم ترسخ وجودها الا حين حسمت علاقتها مع متسلط الجماعة (الدكتاتور) بنسب لايزال مجروحا ومشروخا الى اليوم وهو شرخ قبل فيه المتسلط الفرد ان يكون عاريا امام الناس وقبلت فيه السلطة طاغيا بانتهاك الحرام لثقافة ودين جديدين لم يمض على شيوعهما سوى سنوات ففي لحظة بالغة التعقيد والحساسية في التاريخ والثقافة العربية الاسلامية جرى اخطر زواج وانتساب عبرمشروع بين السلطة والدكتاتور المتسلط وعلى مشهد ومسمع الناس جميعا وفيه تسلحت الدكتاتورية بالسلطة وجعلت الدين والسنة في خدمتها وخدمة مصالحها فقط فتحولت الى اداة تنفيذية لها استقوت فيه ايضا السلطة وحولتها الى اداة سياسية في مواجهة سلطة الفقه .

فاصلة تاريخية
ابو بكر/عمربن الخطاب /زياد بن ابيه/ومعاوية بن ابي سفيان هما طرفا الزواج التاريخي للسلطة والدكتاتور اما اللحظة التاريخية فهي وفاة اخر الخلفاء الامام علي بن ابي طالب مبايعة ابنه الحسن لمعاوية في العام الذي عرف بعام الجماعة  .
في تلك الفترة كان زياد بن ابيه عاملا للامام علي على فارس ومعاوية كان امير الشام يسعى لبسط نفوذه على كامل ولايات الخلافة الاسلامية اما سلطة زياد وذكاؤه كما هي سلطة عمر وذكائه حين وفاة النبي قال في نزعة عصبية قبلية سلطوية من كان يعبد محمد فمحمد قد مات ونحن قريش لنا الزعامة ولقد تنبه لسلطة وذكاء زياد بن ابيه العارفون منذ شبابه فقد خطب امام الخليفة عمر مرة فقيل فيها( ان العرب لم تسمع بمثلها)من قبل وعلق عليها عمرو بن العاص الذي كان حاضرا الخطبة (اما والله لو كان هذا الغلام قرشيا لساق العرب بعصاه)ولا ابلغ من جمع العرب لزياد مع ابرز الرموز التاريخية في تلك الفترة حين قالوا الدهاة اربعة معاوية للروية وعمر بن العاص للبديهة والمغيرة بن شعبة للمعضلات وزياد بن ابيه لكل صغيرة وكبيرة
والمفارقة الطريفة في هؤلاء الدهاة الاربع ان معاوية هو الذي سعى للاتصال بزياد بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة بما في ذلك خطف ولدي زياد وتهديده بهما وابن العاص هو من منحه شهادته السلطويه الشهيره وان المغيرة بن شعبة هو من سعى بين معاوية وزياد حتى قنع الاخير بقبول عرض معاوية فحدث عبر هذا الزواج اهم انتهاك مبكر للحرام في التاريخ الاسلامي بعد السقيفة وهو ماعرف بقضية (استلحاق زياد....) السلطة انتشت بإنتصارها والمثقف احتج على تعريته بهذا الشكل المهين والجارح اما جمهور الناس فقد ضج بهم الشارع واندلع من يومها صراع وجدل فقهي بين السلطة المسلحة بالاستبداد وادواتها السياسية وبين عامة الناس وقسم من ثقافتهم الاسلامية العامة بل اضحى الاستبداد الداخلي تابعا هذه المرة ومرتبطا بالقوى الدولية التي تحركت الينا لفرض هيمنتها العالمية بهدف الاستيلاء على مصادرنا المادية والمعنوية وارادت للاستبداد الداخلي ان يتحول الى اداة طيعة مذعنة بين يديها ما يبعث على الاسف ان مزاجنا لم يعد يتسق مع الحرية ومايزال ...كذلك...بسبب ماجرى ويجري علينا ومثال ذلك انه كلما سنحت الفرصة لكي نمارس الحرية ونجربها جاءت الثمار ضئيلة والحصيلة غير موفقة ولا شك فيه ان العالم الخارجي (بقيادة القوى الامبريالية ) الذي كانت له يد مضمرة ومعلنة في وجودنا خلال القرنين الماضيين لم يبق متفرجا من دون عمل بل تدخل تارة عن طريق التآمر واخرى عن طريق عناصره الخفية ليحول دون ان نعيش الاجواء الطبيعية ونتفاعل مع الحرية وننعم بمزاياها ثم نعمد الى معالجة مشاكلها بأنفسنا  .

ان تخريب الفضاء الحياتي باسم الحرية ومناهضة الحرية باسم الدفاع عن الدين وأكذوبة مصلحة البلد هما وجهان لعملة واحدة وعلامة على المرض التاريخي لمجتمعنا الذي عاش قرونا مقهورا تحت سلطة الاستبداد وافضى ذلك الى ان نعيش مزاجا لا ينسجم مع الحرية ينبغي لنا في دراسة مشاكلنا ان لا نعلق ابصارنا على السلطة (نجاروا الكراسي) دائما بل يتحتم علينا قبل ذلك ان نتواءم مع الحرية ونبدي استعداد للتعاطي مع حقوقنا اننا اليوم في جامعاتنا وفي مدارسنا وفي بيوتنا وحتى في صفوف احزابنا لا نتحمل بعضنا بعضا بسهولة وبساطة فلا تشكوا لحظة في اننا ما لم نتغير من داخلنا لا يسعنا ان ننتظر حل مشاكلنا من قبل الآخرين (للمحتل مصالحه) علينا ان نذعن بأن تجربة الحرية ليست ميسرة لنا بسهولة وتعود هذه الحالة الى عاملين  :
الاول/ اضحى الاستبداد طبعا بالنسبة لنا فنحن جميعا ننطوي على ضرب من الميل للدكتاتورية وهذا الوضع المؤلم هو بنحو يمكن ان يلحظ في جميع وجوه المجتمع العراقي وشؤونه .
الثاني/ المفارقة الاخرى اننا نريد ان نمارس تجربة الحرية في عالم مملؤ بسيطرة القوى الاخرى وهيمنتها ((مرجعيات دينية / شيوخ عشائر/ افراد عساكر / وارهابيون وقتلة ورعاعهم من جمهرة الشعب (على حس الطبل ركصن يارجليه) ومن يدعي السياسة وذيول لدول المحيط وللمحتل/ عمائم وسدائر/ وعقل/ وحاسيوا الرأس .......؟؟الخ) هذه القوى مرتبطة بشكل او بآخر بسلطة أستبداد عالمية تقودها الامبريالية وهي لا تفكر بغير مصالحها وعندها معلومة هم يعترفون بها حق المعرفة واليقين (ان الدين والقومية هي مورفين للعقول وفيتامين للفقراء والجهلة) لذلك عليهم دعمها بكل قواهم وما استطاعوا ....ومن رباط الخيل....؟؟؟؟

وقفة تاريخية
ففي الفقه الاسلامي حسمت مسألة النسب والزنا بما نسب بحديث للرسول وهو شهير عند اغلب الفرق الاسلامية (الولد للفراش وللعاهرالحجر) حيث تم حرمان كل مدع للابوة والالحاق من امكانية المطالبة بالابن المولود من البغي نموذجا زياد بن ابيه المولود في زمن الجاهلية فقد كان حتى ذلك الحين ابنا غير شرعي لابي سفيان صخر بن حرب من (سمية) اي انه اخ غير شقيق للدكتاتور معاوية الخليفة وكذلك صدام بن صبحه ابنا غير شرعي حتى قيام ثورة تموز الخالدة نسب الى العوجة والتكارته لوجود خاله بن طلفاح التكريتي
معاوية كسلطة استبداد خطط لامتلاك الشعب (شعرته المشهورة) بكل مواهبه وكذلك زياد بن ابيه وصدام بن صبحه عبر نقل اصله الى شجرة نسب ابي سفيان وكذلك فعلها صدام حين نسب اصله للشجرة العلوية المحمدية الا ان زياد ظل مترددا خشية من نتائج الانتهاك الفاضح للحرام المحدد بحديث (الحجر) لكن بالابتزاز والمراوغة نجحت السلطة في النهاية من جر الشعب الى موقعها واحياء نزعته الانتهازية فوافق على نقل نسبه الى شجرة نسب السلطة فوقع واحد من اغرب احداث التحالف السياسي والشعب في التاريخ العربي الاسلامي اذ تم اشهار الاستلحاق في المسجد وعلى مسمع من عامة المسلمين وقادتهم الذين يعلمون علم اليقين بنسب (زياد وصدام) وطلبت شهادة (قواد في الجاهلية هو (ابو مريم السلولي وقواد في القرن العشرين خير الله طلفاح) الذي جمع بين ابو سفيان وسمية وبين صبحه وحسين......من هو هذا حسين....؟؟؟
وقالا كلاما مقذعا جارحا لحرمة المسجد وللمسلمين العرب وقادتهم ولمشاعرهم أوردته كتب التراث العربي بتفصيل شديد  .
ارجع للفقرة الثانية هذه القوى العالمية والمصالح التي تراها تتعارض مع حرية واستقلال العراق وبلدان اخرى وبالتالي راحت تستنفر كل قواها السياسية والعسكرية والمخابراتية والاقتصادية وتدفع بها للحفاظ على تلك المصالح واحتلالها للبلد وبذلك اذا ما واجهت تجربة الحرية في عراقنا للخيبة فعلينا ان لا نغفل في دراستنا المشكلة وبحثها عن واقع التآمر الاجنبي ؟؟؟
اجل نحن هنا ازاء امر يظهر وكأنه ينطوي على تناقض ظاهري او نحن مبتلون بصيغة (بارادوكس) بحسب التعبير المعاصر فمن جهة لا تتوفر الفرصة للنمو والتقدم في المجتمع الا في اطار الحرية ومن جهة ثانية ان الحرية لا تستقر وتزدهر وتستحكم الا في مجتمع رشيد وناضج وبنظري اذا ما تحلينا بالتفكير العميق وبالانصاف فسنصل الى الحكم الصحيح الذي مؤاده (ان تتقدم الحرية على التنمية) امنا وسلاما .
بديهي ان الطريق الى الحرية وعر ومملوء بالمشاق والاخطار وما ابتغي توكيده ان مرادي من الحرية في هذا المضمار هو حرية الفكر وتوافر عناصر الأمان في ابرازه والتعبير عنه وتهيؤ المقدمات الكفيلة بالحفاظ على هذه الحرية وضمان أمن الاحرار التقدميون واصحاب الفكر والاكثر من ذلك ارى انه لا يمكن الحؤول دون حركة الفكر ولكن غاية ما هناك اذا كان الجو الذي نعيش فيه حرا فستبرز الافكار بصيغة متزنة وسيكون المنطق الملتزم هو المعيار الحاكم بين الافكار ومن ثم ستتوافر فرص الانتخاب وتكون الارضية مهيأة لتنامي الوعي .

وقفة تاريخية
ان ثمرة الانتساب المجروح والمبكر انتج افكار سلطوية هي حرية الاستبداد للسلطة كانت ان زياد هو (اول من جمعت له العراق) ثم لابنه عبيد الله ثم جاء الحجاج وقلد سياسة صاحبيه وتوالوا على العراق حتى وصلت الى خاتمهم صدام بن صبحه واما فكريا فكان زياد هو صاحب الخطبة الشهيرة (البتراء) التي لم يحمد الله فيها وحدد سياسته قائلا (واني اقسم بالله لآخذن الوليّ بالموالي والمقيم بالظاعن والصحيح بالسقيم حتى يلقي الرجل منكم آخاه فيقول انج سعد فقد هلك سعيد او تستقيم لي قناتكم ) ليس هذا فحسب فقد اعادت ثقافة زياد السياسية الفقه والشرع الى زمن شريعة حمورابي حين اعلن في (بترائه) قائلا (وقد احدثنا لكل ذنب عقوبة فمن غرق قوما غرقناه ومن احرق قوما احرقناه ومن نقب بيتا نقبنا عن قلبه ومن نبش قبرا دفناه فيه حيا) وهكذا فعلها صدام بن صبحه بأمتياز(من نبوخذنصر الى صدام...؟؟؟) وظلت الشعوب العربية الاسلامية تلهث من يومها في ركض محموم بين سلطتها الاستبدادية المسلحة بثقافة انتساب مجروح وبين شريعة فقهها المنتهك اما زياد وصدام فقد ظلا الى اليوم وعلى الرغم من كل سلطتهما لا يعرفا الا .....بزياد بن ابيه....وصدام من هو ابيه...؟؟؟
فاذا غابت الحرية فستطفح الافكار في ذهن المفكرين ارادوا ذلك ام لم يريدوه وستنفلت خارج النطاق وتشق لنفسها سبيل الحياة السرية فتكون الفوضى وفي جو مثل هذا ما اكثر ردود الفعل العنفيه التي تبرز على السطح وهي ليست من الفكر بشيئ فتظهر الازمة في المجتمع ومفكروه والمسؤولين الذين ينشدون الخير في ادارة الامور فيه الى ميثاق يتوافقون لوحدة وطنية لا على حساب المحاصصه بل الرجل المناسب في المكان المناسب وعلى الآتي :
اولا/ علينا ان نكف عن البحث في العالم المعاصر عن مثال وحيد للحرية يتحول الى نموذج يقتدى يصلح للتعميم على الامم جميعا ومع ان جوهر الحرية واحد لكن ما اكثر الامم والشعوب التي تستطيع ان تجرب وجوها مختلفة للحرية بلحاظ تفاوت الاوضاع التاريخية -الاجتماعية حتى يكون لها خيارات مختلفة في طي طريق الحرية وتحديد اولويات مراتبها  .
ثانيا/ علينا ان نسعى لخلق جو نستطيع فيه ان يتحمل بعضنا بعضا بسهولة كما علينا ان نجتهد كي نصل الى تعريف للحرية يرضي الجميع وان نتوافق ليس بالمحاصصة لا بل على الحد الادنى وعلى الاولويات من اجل وطن حر فدرالي وشعب نريده سعيد شرط ان نؤطر ذلك قانونيا وان ننظم وضع المجتمع على اساس تلك المنظومة المقننة كما نوفر الضمانات الكفيلة بحفظ تلك الحال ودوامها.........سنمضي


 


 

Counters