| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

دانا جلال

Swedana2000@gmail.com

 

 

 

                                                                                     الأحد 8/1/ 2012



عواصم عراقية في جمهورية الكذب

دانا جلال

مثَّلت "جمهورية الرُعب" التي اسستها "فاشية البعث" نموذجا نادرا لقدرة الاجهزة القمعية بتحكمها المُطلق بأدق تفاصيل وخصوصيات البلاد والعباد. نِظامٌ قمعي، وقمع مُنَّظم، سمح بإيجاد "ملاذ آمن" لعدد لابأس به من العراقيين شريطة تخليهم عن ادميتهم ضمن عقد اجتماعي تمَّثل بصفقة "الكرامة الانسانية" مقابل "الامان النسبي". ضحايا الامس، وبعد سقوط "جمهورية الرعب" وظهور "جمهورية الكذب" وجدوا ملآذات جديدة، هي مُنتجة ومُستَّهلِكة لموت مجاني لا يكلف سوى ثمن رصاصة كاتم السلطة او مفخخة القاعدة.

اشاعة حالة الرعب الخلاقة وادارتها من قبل اعداء السلطة كما السلطة، بجارها وجوارها، جزء من ملامح "جمهورية الكذب" التي تعلن عن العراق الجديد في ظل عمليات منظمة لفرض "النموذج النقي" لأحزاب مذهبية، ومناطق مذهبية، وابطال المذهب. فالإسلام السياسي في العراق خرج من خيمة خطابه العام وتحول الى "المذهب السياسي"، وما لجوء القائمة العراقية التي طرحت نفسها بديلا عن "المذهب السياسي" الى عكازة المذهب وتخليه عن ارثه القومي الذي تسلل من فكر البعث الا نموذج كاريكاتيري لما يجري في العراق والعراقيين الذين تحولوا ثانية الى ضحايا في مستنقع ملآذات جديدة تفتقد الى الامان. فصوت السياسي يخيفهم، وتصريح البرلماني يقلقهم، وخطبة الجمعة غالبا ما تنتهي بمفخخة تنهيهم مرتين، مرة كانسان، ومرة كخبر مُعلَّن في فضائيات مذهبية بمقتله المذهبي على يد خلاف المذهب .

حرب المذاهب هو حديث الشارع العراقي وقلقه المشروع ، فخيمة المحاصصة لا يمكنها ان تضم النمو المفرط والمشوه لخطاب الهوية، لذا انتقل صراع الكتل السياسية من الفعل السياسي الى حافات "حرب الهويات الطويلة الامد"، فما نشهده من صراع الارادات هو الحرب (حسب تعريف "كلاوزفيتز ") بل حرب قذرة، لأنها تستند على اشاعة التخلف بين الجماهير ومخاطبة موروثها المذهبي وتحويلها الى فعل جمعي يصب في خانة الكتلة، والحزب، والبطل المذهبي.

ان طرح مشروع فيدرالية الانبار وديالى بالطريقة التي طرحت و شكل التعامل معهما من جهة وقضية نائب الرئيس المتهم بالإرهاب من جهة اخرى الا جزء من حرب هويات مذهبية لن تكون اخر فصولها نجاح العاصمة "الانبار" بإطلاق سراح وحسم ملفات قادة الانقلاب العسكري الذين حاولوا الاطاحة بحكومة العاصمة "بغداد".

العاصمة التي نجحت بإفشال الانقلاب العسكري المدعوم اقليميا كما ادّعت الحكومة فشلت بتحريك ملف شهيد الثقافة العراقية "الشيوعي كامل شياع" هو مؤشر واعلان صريح بان القوى الديمقراطية فقدت عاصمتها في حرب العواصم العراقية التي بدأت ببغداد عاصمة للمحاصصات، وعاصمة اخرى للمرجعية والمراجع العظام، وعاصمة في الطريق منتظرة ما تؤول اليه التنافس بين الانبار و صلاح الدين. وتبقى العاصمة اربيل بمنأى عن تنافس السليمانية لان الاخيرة اكتفت بالرئيس الذي طال مكوثه فيها ونائبه الذي نقل مكتبه اليها مع ترحيب مسبق برئيس وزراء العراق "السيد المالكي" ان كانت المحاكم العراقية جادة وصادقة كما قال السيد المالكي بانها ستصدر مذكرة القاء القبض عليه ان لم يسلم نائب الرئيس المتهم بالإرهاب.

 

Counters