| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

دانا جلال

Swedana2000@gmail.com

 

 

 

                                                                                     الأحد 4/12/ 2011



هل يُحاكم نيرون زاخو رغم العمائم ؟

دانا جلال

ماذا يعني ان يعتلي ارهابي مُتَّخلف منبر" المسجد الرشيدي" في مدينة اشبه بالقزح لتنوعها القومي والديني، واي قوة تدفعه لإصدار فتوى التكفير والقتل في مدينة زاخو التي لم تعرف غير التسامح، لان مسلميها لم ينسوا حديث اجدادهم عن المحبة التي انطلقت من الكنائس التي بنيت قبل المساجد بقرون، ولم ينسوا حكمة دينهم القومي "الايزيدي".

لِمَ سكتَ الجميع عن مسجد امامه متخلف وارهابي، ولم يطالبوا بإحالته على التقاعد او ارساله الى قندهار قبل ان يعلن "ملا اسماعيل عثمان" في خطبته الارهابية بان جوار المسجد محل للمساج وان الله لا يحب التدليك والمدلكين، فعليكم  يا شباب الاسلام جهاد حرقه كما يُحرق المشركين.

من الحماقة ان نعزل حديث الارهاب الذي انطلق من حنجرة امام مسجد "رشيد" في مدينة زاخو عن التطورات في منطقتنا، فالمد المتعاظم للإسلام السياسي، و نشاط  المخابرات التركية في كوردستان، و مؤسسات فتح الله كولن " المرشد الروحي لاردوغان" التي تهدف الى نشر الاسلام الاردوغاني ومن ثم اجندة تركيا، و الدور الايراني ودعمه للإسلام السياسي في كوردستان رغم توجهات ايران المذهبية. كل تلك العوامل الخارجية لها دورها وتأثيرها لفعل ارهابي منظم لا يمكن اختزاله بحنجرة ارهابي معمم في خلية نائمة تنطلق عند الحاجة من مسجد تم احتجازه من قبل ارهابي معمم .

حرق المرافق العامة والفنادق والنوادي في كثير من مدن كوردستان كانت صدمة لحكومة الاقليم واحزاب السلطة حسب وصف سكرتير الحزب الديمقراطي السيد فاضل ميراني . الحقيقية انها لم تكن صدمة لمن يتابع نشاط الاسلام السياسي وبؤر الارهاب في بعض المساجد الكوردستانية من قبل ارهابيين لبسوا العمائم كحَّصانة الهية تحمي جرائم ارهابهم الفكري والتدميري. فقانون الله الذي يقدمونه لنا فوق الجميع، وان كان هناك مُعترض سيُحشر حشراً مع القوم الكافرين.

المشكلة التي تعيشها كوردستان، لا تتمثل فقط بوجود حاضنات ارهابية تجد ملاذات امنة ومحصنة، (دينية، و سياسية)، بل  في خطاب احادي الجانب للمعارضة التقليدية، معارضة تحاول ان تستغل الحادثة لتصفية حساباتها مع حزبي السلطة.

 أغلب احزاب المعارضة الكلاسيكية تطابقت بياناتها مع بيان الاتحاد الاسلامي الكوردستاني بإدانة حرق مقرات الحزب الاسلامي في العديد من مدن كوردستان دون ان تعلن تلك الاحزاب عن ادانتها لحنجرة الارهاب المعمم وتحميله المسؤولية الشخصية، احزاب المعارضة الانتهازية لم تتجرأ  بالتطرق الى الامام والمسجد الذي انطلقت منه شرارة الاحداث ولم يقتربوا من مشكلة شباب تحولوا من واقع الضحية الى فعل الجريمة بحرقهم لمراكز ثقافية ونوادي وفنادق ومحلات بيع الخمور.

ندين مع الحزب الإسلامي الكوردستاني حرق مقراته مع تأكيدنا بان حرق المرافق العامة وانتهاك حقوق الانسان اقدس من اي مقر لأي حزب سياسي، وهذا ما لم يظهر في بيانات الادانة للحزب الاسلامي والمتخندقين معه حيث تحولت بيانات ادانتهم لبيان ادانة.

ان تصفية الحسابات الحزبية باستغلال جرائم الاوباش تزيد الامور تعقيدا في كوردستان، فما جرى لم تكن هجمة اسلامية ضد المسيحيين والايزيديين كما يحاول الدين السياسي لكل الاطراف تصويرها، ولم تكن هجمة كوردية ضد اهلنا الكلدان والاشور والسريان كما يحاول بعض المتعصبين قوميا ان يصوروها، ولم  تكن هجمة للسلطة وقمعا منظما لحكومة الاقليم وحزبي السلطة ضد الديمقراطية الوليدة في كوردستان كما يحاول بعض اطراف المعارضة البرلمانية تصويرها ، وما حدث لم تكن جريمة وعمل  فردي منعزل كما تحاول سلطة الاقليم تصويرها.

مَن المتهم ؟ . نؤمن بنظرية المؤامرة ولا نقول كما يفتخر البعض بعدم الايمان بها، فالمؤامرة جزء من السياسية، وهل هناك منطقة مسيسة اكثر من منطقتنا؟ هناك فعل خارجي، ولكن الذي يهمنا هو العامل الداخلي لأنه الاكثر تأثيرا وتحميلا للمسئولية.

حزبي السلطة واحزاب المعارضة الكلاسيكية البرلمانية شاركوا بصمتهم وانتهازيتهم بالتعامل مع الاسلام السياسي الذي تحول الى حاضنة لمن يريد ان يفرض سياسة الاسلام بمقاس تفكيره المحدود وفهمه للإسلام ومن ثم فرضه على الجميع.

حزبي السلطة والمعارضة الكلاسيكية يقدمون المٌعمم حين الخلاف و الاختلاف. وما الامام الذي كان قد خطب في ساحة السراي( ساحة الثورة) في مدينة السليمانية وهي الاكثر علمانية في مدن الشرق الا شكل من اشكال انتهازية المعارضة التي فضلت خطيب المسجد على خطيب الثورة. ان كان هذا واقع المعارضة الكلاسيكية فالحديث عن السلطة هو حديث عن الوجه الاخر ، والوجه الاكثر فسادا.

ويبقى السؤال الذي طرحناه حين انتفاضة الشباب في مدينة السليمانية وتوجههم نحو مقرات الحزب الديمقراطي الكوردستاني  بدلا من التوجه نحو مجلس محافظة المدينة او مجلس الوزراء ليرفعوا شعار إسقاط الفساد. قلنا حينها، "هل اخطأ الشباب وضاعت جغرافية التغيير" ؟ ويتكرر المشهد في زاخو ودهوك وسميل. فهل يعتبر مواطني كوردستان ان الحنجرة الصدئة لإمام مسجد تم احتلاله من قبل ارهابي معمم له عمق وحاضنة؟.

 على الاحزاب الاسلامية واحزاب المعارضة الكلاسيكية وحزبي السلطة  ادانة جريمة انتهاك حقوق الانسان قبل الحديث عن ادانة حرق مقرات تم اخلاءها قبل جريمة حرقها.  عليهم جميعا الاعتذار لمواطني كوردستان وتقديم الامام الذي اصدر فتواه للمحاكم . زاخو وبقية مدن كوردستان ستتحول الى روما، لان "نيرون الاسلام السياسي" يختفي خلف الف عمامة، وخلف كل عمامة، الف نيرون ملتحي.

 ان يمارس الاوباش جريمتهم في مدينة السليمانية بحرق المرافق العامة قبل ساعات من كتابة المقالة يعني ان الفعل منظم وان متخلفي الشرطة السرية للأمر بالمعروف النهي عن المنكر وفق طريقتهم واسلوبهم قد كشفوا عن وجههم الحقيقي ومخططاتهم.

ان نيرون العصر يختفي في مناطق و ملاذات امنة، هل نتركهم يصولون ويجولون في بعض بيوت الله  ليحرقوا كوردستان او يحولوها الى قندهار؟.

Counters