| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

دانا جلال

Swedana2000@gmail.com

 

 

 

                                                                                     الأحد 26/6/ 2011



أليس للخطاب العنصري الفاشي دوره في مأساة الضحيّة ؟!

دانا جلال

بعيداً عن الإيديولوجية والمواقف السياسية ، وإنما في صُلب الرجولة (1) والموقف الأخلاقي ؛ كان من الواجب و بعد العملية الإرهابية التي نفذتها (القاعدة) في ستوكهولم عاصمة السويد ، من قبل صهر عبد الزهرة عبد الرسول (د. علي الثويني) ، كان من الواجب أن يُدين الدكتور ثويني بكل وضوح (منظمة القاعدة الإرهابية) ويحدد بشجاعة الأسباب التي أدت بمهاجر عراقي هو (تيمور عبد الوهاب) أن يرتكب تلك الجريمة البشعة ، وبفتاة عراقية (إبنة الدكتور ثويني) أن تتخلى وبكامل وعيها وإرادتها عن حقوقها الإنسانية ، وترتضي بوضع (الأمة) و (الجارية)!

لقد كانت الجريمة وتداعيّاتها صدمة هائلة للعراقيين المقيمين قبل السويديين ؛ فهل ستتكرر الصورة بمُفخخة، أو معاناة عراقية تُعامل كجارية بصمت مخز ومتعدد الأطراف لن تنقذه قوائم تُعرض على الفضائيات وعن لغات مُتَّقنة وفصاحة الكلام وشهادات عُلقت على جدران الهزيمة لأنها لم تمنع الجريمة؟ إنه سؤال نجد بعض إجاباته في شجاعة الجيل الأول للمهاجرين بمناقشة خطابهم المعرفي والأخلاقي الذي يطرحونه على الجيل الثاني ؛ بغية تضييق مسافة التباعد التي وصلت حد التقاطع و التنافر في بعض الأحيان. خطاب إنساني يبتعد عن تزييف الحقائق من قبل البعض، وفكرة الانتقام عند الآخرين . فالسيدة (منى) تستحق تضامننا الإنساني ؛ لكونها ضحية بكل تفاصيل الألم ووجع  الصمت  التي اقتبستها من (صمت الأب) الذي فسّرته بالموافقة الضمنية على خطاب الإرهاب الذي أحالها إلى (جارية) ومن لا يدرك هكذا حقيقة ؛ فموقفه عينُ الدجل وقباحة الصمت المشارك في الجريمة. لقد وصلت مسافة التباعد بين جيلَّي الهجرة والغربة إلى حالة الاغتراب الذي نعبر عنه بذات السؤال في كل نشاط ثقافي آو سياسي عراقي ، (هي ذات الوجوه ومعدل الأعمار، أين هم الشباب من هم الوطن في المهجر؟)  سؤال المشاركة الشبابية في نشاطات الجالية العراقية تراجع لان دوي انفجار ستوكهولم طرح سؤالا مُختلفاً ( مَّنْ هم الضحايا و مَّنْ هم الجلادون، وهل من سبيل لإنقاذ طرفي المعادلة  قبل الحديث عن المشاركة ؟)

لقد تناول الكاتب (خضير طاهر) الموضوع في صحيفة إيلاف من خلال تحليله لرسالة د. على ثويني للعربية نيت . ولن نكرر هنا ما كتبه؛ لأن الرسالة تحتمل قراءات مختلفة ، وأهل ستوكهولم أدرى بتفاصيلها. إن السيدة (منى علي ثويني) ضحية لأكثر من طرف، مُتَّلقية دون قرار لمُنتَّج فكري مُشَّوه بل، عدائي وإلغائي . فهذا الكاتب د. علي ثويني أو (الأستاذ الجامعي) حسب زعمه (2) يدّعي في رسالته " أتحدى أيّ أب قدّم ما قدمته لعائلتي بهذا الصدد، لقناعتي المطلقة بسطوة الوعي وضرورة التثاقف والانفتاح على الآخر بالود بعيداً عن العدوانية " فان قبول (السيدة منى) بوضع الجارية وصمت والدها  على وضعها غير الإنساني في بلد لا يصدق مجنون قندهار ، ولا صعلوك الصومال بان الوسيلة كانت تنقصه ليحررها ، و لتبرز وبقوة قضية الفضيلة والموقف مُفسراً لحالة الصمت الذي لم يكن من ذهب ، وإنما كان أقرب إلى المشاركة .

 للأسف الشديد ؛ لم يوفق د. علي ثويني في رسالته (3) بل وابتعد عن وضوحه المشهود المعروف به وبالأخص في موقفه المعادي للحزب الشيوعي العراقي وموقفه الشوفيني الصارخ ضد الشعب الكردي ، بينما تفادى وتحاشى في رسالته ذكر المنظمات الإرهابية مكتفياً بالحديث عن جهات مجهولة : " إن كل ما حدث أمر شخصي يتعلق بمارق مسجى على الجرم، ومغرِر به من جهات مجهولة" ! بالرغم  من أن موقع (شموخ الإسلام) المرتبط بـ (القاعدة) قد نشر بعد يوم من الجريمة صورة المجرم تيمور ووصيته التي كتب فيها : " لقد وفت دولة العراق الإسلامية بالوعد الذي قطعته لكم" بينما لم يفلح الدكتور في ضبط التواريخ ، ليس لضعف ذاكرته ؛ وإنما لفكره وموقفه الهروبيين الفارضين عليه تشويه الحقيقة حيث كتب " لذا أعلن باسم عائلتي عدم اطلاعي أو علمي عن أي أمر يتعلق بالمجرم (إرهابي ستوكهولم)، وذلك منذ أكثر من ثلاث سنوات، والتي يبدو أنه انحرف خلالها إلى الهاوية" في حين كتبت الصحافة السويدية ونقلا عن الموقع الخاص للإرهابي في الفيس بوك ، كتبت عن زواجه عام 2004 وتغير سلوكه وأفكاره في عام 2005 وليس في (السنوات الثلاث الأخيرة!) كما أشار  د. علي ثويني بل وحمّل السلطات السويدية وطالبها بالعمل من اجل الاندماج السلمي والايجابي بعيدا عن الاحتواء والتهميش دون أن يحدد مسئوليته المباشرة بتحويل فتاة عراقية بريئة الى جارية والسكوت عن الحالة : "وهكذا أتمنى على سلطات المهجر توجيه هذا الحماس نحو الاندماج السلمي والإيجابي بعيداً عن الازدراء و الاحتواء والتهميش والعنصرية، الذي وضعوه فيه على جريرة ما وضعونا نحن فيه الجيل المهاجر الأول" إن تحميل الآخر المسؤولية ، بل وتشويه الحقائق لدرجة قيام البعض بتصوير الأمر وكأن الإرهابي تيمور كان في الأردن في مهمة خاصة بهدف مكافحة الإرهاب ، وليس للتدريب على القيام بالعمليات الإرهابية، لا بل إنه ضحية مؤامرة قذرة ، تم من خلالها تشويه سمعته لا يمثل السذاجة والحماقة لسفلة الشبيحة في المجال الثقافي بل يمثل إرهابا يجب أن يكشف ومن خلاله تظهر تفاصيل جديدة لحاضنات الإرهاب في الغرب.

قد يتهمني البعض بتعاطفي مع المرأة العراقية من خلال تعاطفي مع السيدة منى علي ثويني ، نعم أنا أتعاطف معهن وان وافقت بعضهن على فرض صدق حديث بعض الآباء بأنهن تحولن إلى جارية. أتعاطف معها لأنني اعرف الأجواء التي جعلتها تقبل بهكذا وضع وأي خطاب كانت تتلقى ، والأكيد كان أكثر عدائية وعنصرية من خطاب  تم تزويقه، فكانت مفرداتها حسبما كتب د. علي ثويني بنفسه في أكثر من مقال :-

1- " فها هم أهل الجنوب ينتظرون بمؤازرة وانتظار إيراني لابتلاع الجنوب من خلالهم وقد بدأت بوادرها في البصرة تظهر للعيان"

2- " أهل العمائم ومنهم الخميني نفسه حينما طالب بالبصرة لكي يوقف الحرب ، أو تعويضا للأضرار التي ألحقها بهم صدام "

3-  " والطريف أن عبد العزيز الطباطبائي الحكيم قد هون علينا الأمر و أوصل المساومة إلى مائة مليار دولار دون أن يهبهم من جيبه (البصرة والجنوب الشركَاوي ) أو ربما أراد أن يلحقها بعد حين"

4-  " وهنا نسجل احترامنا ، ونرفع ( عقالنا ) لأهل تكريت حينما أعلنوا رفضهم لهكذا فيدرالية كارتونية وفهموا بحسهم العراقي الأصيل مآربها الشيطانية"

5- " …يعلم الشيوعيون ان نزعة انفصالية في رقعة عراقية تؤدي إلى تفتيت البلد ، فهاهم أهل الجنوب ينتظرون بمؤازرة وانتظار إيراني لابتلاع الجنوب …وها هم التركمان يريدون كعكتهم بمؤازرة ستكون تركية حتما ،وهي تنتظر بفارغ الصبر "

6- " والكل يعلم يقينا أن إحتلال كل من سليمانية وأربيل لا يحتاج أكثر من ثلاثة أيام ،خلال فسحة للجيش التركي كما كان شمال قبرص" و " هنا أعلن عن ترحيبي بدخول الأتراك إلى أربيل وسليمانية وتخليصنا وأهلنا الأكراد"

7- " ونكن لهم العرفان كصديق وجار في الضيق" في وصفه للأتراك الذين يرحّب بهم لإحتلال الإقليم الذي هو جزء من العراق!

8- " أن القوميين الأكراد وقفوا بالأمس مع تقسيم العراق أمريكيا وقبله ضحوا بنصف شط العرب من أجل إرضاء غرور الشاه (الآري) "

9- "وهنا جدير أن أشير الى أني كنت أسمع في الثمانينات أقاويل تصدر من قوميين أكراد في تفسيرهم للحرب العراقية الإيرانية بأنها حرب مصيرية بين (الآريين) و(الساميين)، وفسروا وقوف عرب الخليط والمحيط مع صدام مرده هذا الشعور العرقي الدفين!..الخ. وهكذا وقف الأكراد"آريا" ضد العراق وساعدوا إيران وجروا معهم حتى الشيوعيين السلعة الرائجة في سوق النخاسة وحروب الشرق والغرب العبثية ، ليعينوهم على ضرب ظهر الجيش العراقي في مغامرة كؤودة دعوها (الأنصار) "

10- " وأدى لتكريس التخلف برغم وقوعهم في مثلث ثقافات عربية وتركية وفارسية كبرى، وشكلوا بذلك رعاع منساقون لأهواء الأغوات الإقطاعيين. ونجزم هنا أن ثمة إمتيازات و فرص أكبر وأفاق أوسع في الاقتباس والإطلاع وتوسيع المدارك والارتقاء الحضاري سوف يجنوه الأكراد من إنفتاحهم على المنتج الثقافي المحلي، ويتعداه الى ما يترجم في الثقافة العربية والفارسية والتركية المعاصرة. لقد تناسى المثقفون الأكراد الذين يشكلون عائق ثقافي اليوم على كاهل تلك الثقافة"

إذنْ فقد عاشت السيّدة منى في أجواء هكذا خطاب عدواني ؛ فماذا كان ينتظر منها د.علي ثويني ؟!  ولكي لا تتكرر رسالة أخرى لا نريد طرح تفاصيلها الآن ، ولحينها نعتذر من مجنون السليمانية (جمال رنكو)  ونقول له ان الأمثال تضرب ولا تقاس،  فان د. علي ثويني يمارس نفس سلوكه في مجال الثقافة ، فمثلما كان جمال المجنون يضرب من هو أمامه بعد أن يتلقى ضربة على قفاه يقوم بضرب من هو أمامه دون النظر الى الذي في الخلف ، وهكذا فإن د. علي ثويني الذي تعرض لأكثر من ضربة وبعضها من قبل الإرهاب البعثي كما مع قتل أحد إخوته في شارع حيفا، فانه لا يلتفت إلى الوراء كما هو مجنون السليمانية بل ينهال بكل ما لديه من حقد وكراهية على من هو أمامه؛ حيثما يذهب يجد أمامه (شيوعي) أو (شيعي) أو (كُردي) كهدف تعويضي لإنتقامه الأعمى !

 

(1) مع الإعتذار للأنوثة ؛ فهي الأصل.
(2) للحقيقة نقولها كان د. علي ثويني أستاذا في احدى الجامعات الأردنية ، لكنه فصل منها على خلفية العملية الإرهابية في ستوكهولم.
(3) أعلن الدكتور علي ثويني، والد زوجة (انتحاري ستوكهولم) العراقي تيمور عبدالوهاب، أنه وعائلته يتبرؤون مما حدث، وليس لهم علاقة فيه لا من قريب ولا من بعيد. وأضاف في بيان صحفي حصلت (العربية نت) على نسخة منه : "إن كل ما حدث أمر شخصي يتعلق بمارق مسجى على الجرم، ومغرِر به من جهات مجهولة، والأهم أنه جاحد لجميل بلده السويد، الذي آوانا وأحسن وفادتنا، وقدم لنا ما لم يقدمه عرب وعجم، مسلمون وغير مسلمين! لذا أعلن من منبركم هذا أن علاقتي به وحتى مع أهله قد انقطعت بشكل نهائي منذ أكثر من ثلاث سنوات، ولم نعد نسمع عنهم شيئا، غير شحيح الوصل الهاتفي مع ابنتي منى التي مكثت مغرر بها ولاعلاقة لها بأي أمر وعوملت مثل (أمة أو جارية) كما يراد لها بعقلية السلفيين الإسلاميين، فلم تعلم عن تحرك زوجها المجرم ولا نواياه المستترة ولا المعلنة ولا أهدافه المستترة ولم يخبرها عن خصوصياته وعلاقاته وسفرياته المشبوهة"

وتابع قائلا: "بذلك مكثت بين قطيعتنا لها (ما عدا والدتها الرؤوم) ووغد سافل يستغلها باسم الدين، الذي أمسى صنما صنعوه لأنفسهم بعيداً عن روح الإسلام المعرفي المتسامح. أقول هذا ليس لكوني علمانيا منذ نشأتي، ولا لكوني معرفي في قناعاتي وواقعي في دراساتي، وهو ماتشهد عليه كتاباتي، بل من إعلان ابنتي أنها كانت تخشاه وتشكك في تحركاته، وتتحاشى الافتضاح وتنحى نحو التستر، والمهادنة، مما سبب لها إشكالات ومماحكات اقتربت من القطيعة أحيانا، جعله يرغب في تركها والاقتران بـ(أخرى) تكون مطواعة ومجردة من الوعي الذي تتمتع به ابنتي التي تعلمت في أحسن المدارس وأرقاها ونهلت من الثقافات الفرنسية والسويدية والإنكليزية وأتقنت ست لغات من ضمنها العربية، وهي في نهاية المطاف قد حصلت على شهادة الماجستير في اختصاصها (علم النفس التربوي) "

ومضى قائلاً "أتحدى أي أب قدم ما قدمته لعائلتي بهذا الصدد، لقناعتي المطلقة بسطوة الوعي وضرورة التثاقف والانفتاح على الآخر بالود بعيداً عن العدوانية، لكي لايذهب أبناؤنا المتوقدون حماسا وشبابا، والممتلؤون شغفا ضحية لهذه الأفكار الهدامة، هؤلاء الأبناء الحاملون بسبب تراكم المهاجر والتجارب والثقافات، وعيا واطلاعا عال. وهكذا أتمنى على سلطات المهجر توجيه هذا الحماس نحو الاندماج السلمي والإيجابي بعيداً عن الازدراء و الاحتواء والتهميش والعنصرية، الذي وضعوه فيه على جريرة ما وضعونا نحن فيه الجيل المهاجر الأول"

وختم الدكتور علي ثويني، الباحث والأستاذ الجامعي بالقول: "لذا أعلن باسم عائلتي عدم اطلاعي أو علمي عن أي أمر يتعلق بالمجرم (إرهابي ستوكهولم)، وذلك منذ أكثر من ثلاث سنوات، والتي يبدو أنه انحرف خلالها إلى الهاوية التي أوصلته إلى لحده المخزي، غير مأسوف عليه البتة. بل بالعكس أعده إطلاق حرية لابنتي من براثن التغرير وعملية غسل الدماغ والترهيب من نقمة الله من خلال مفاهيم دينية بائدة. وهكذا ستعود الأمور إلى مجاريها بالعلاقة مع ابنتي بعد أن أخبرتني أنها نادمة على سكوتها غير المبرر عليه، والذي كان خطأها الوحيد لكنه مبرر، كونها اختارت التدين القويم والالتزام الأخلاقي، ومكوثها بعيدة كل البعد عما حدث، ولم تطلع من بعيد أو قريب على تحركاته وعلاقاته الخاصة في السنين الأخيرة "

وكان الانتحاري العراقي تيمور عبدالوهاب قد تسبب بجرح شخصين قبيل دقائق من مقتله بتفجير سيارة مفخخة يقودها، وكان يعتزم تفجيرها في شارع مكتظ ليوقع أكبر عدد من الضحايا.

 

 

Counters