| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

دانا جلال

Swedana2000@gmail.com

 

 

 

                                                                                     الأحد 22/5/ 2011



الترجمة بِحَّد السيف
(القرآن نصاً والأكراد نموذجاً)
-ج2-

دانا جلال

لم يَحمِلوا معهم القران مُترجماً ، حينما توجَّهوا صوب الشعوب الغير عربية لأسلمتها ، بل وتم نهيهم بحديث نبوي "باصطحابه لأرض العدو " . عن عبد الله بن عمر (رض): أن رسول الله (ص) نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو") (1) و ( "نهى رسول الله (ص) أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو. ) (2). فأي حوار كان غير صليل السيوف بين حمَّلة الرماح وتاركي كتابهم في خيامهم مع شعوب لم تعرف سبب قتلها أو نهبها . لم يحملوا كتابهم ، فالسيوف كانت كافية كوسيلة للحوار ، فالهدف هو الغنائم ، وتشويه الوعي الجمعي للطرف الآخر، وأثناء تشويه الآخر ، كان الجيش الإسلامي يتشوه أكثر فأكثر، فتحدث طرفي الصراع "باستثناء القلة "عن "فتوحات إسلامية " وأسقطوا مفردة النهب المنظم والتراكم البدوي الأول والمؤدلج بالنص المقدس . إن تقصي وقائع الحملات الإسلامية الموجهة ضد الأكراد يؤكد وبما لا يقبل الشك بأنها لم تختلف عن بقية الحملات ، لا بدوافعها المادية، ولا بأساليبها الوحشية ،مع التأكيد على إن ليس جميع المحاربين في تلك الجيوش كانوا عبارة عن مجموعة من قطاعي الطرق ، تم توحيدهم وتوجيههم "بنص ديني " باتجاه الممالك والإمبراطوريات المجاورة بعد تحريم سوق النهب الداخلي" الغزوات" في فضاء المجتمع القبلية العربية . إن الجهاد ودراسة فكره وممارسته لا يمثل محورا مهما لتحليل البعد الطبقي للدين الإسلامي فحسب، بل وتمثل مسالة مهمة لدراسة تطور النزعات الشوفينية و ظاهرة نشوء الدولة القومية حتى قبل النظام الرأسمالي كما طرحه الفكر الماركسي. إن الخطاب الطبقي المُغَّلف بالنزعات القومية تتمثل بوضوح من خلال ما رواه ابن عمر ( قال النبى (ص): "يا معشر قريش! اتبعونى تطأ العرب أعقابكم، بلى والله وفارس والروم" (3) وعن ابن عباس قال: مرض أبو طالب فجاءت قريش فجاء النبى (ص) وعند رأس أبى طالب مجلس رجل فقام أبو جهل كى يمنعه ذاك وشكوه إلى أبى طالب فقال: يا ابن أخى ما تريد من قومك؟ قال: " يا عم إنما أريد منهم كلمة تُذل لهم بها العرب وتؤدى إليهم بها جزية العجم" قال: كلمة واحدة. " قال: ما هى؟ قال: "لا إله إلا الله"...(4) . إن عمليات النهب الداخلية المتمثلة بالغزوات كانت المرحلة الأولى والخطوة الممهدة للنهب في الجوار الصحراوي، فالغزوات كانت تستهدف القوافل التجارية ولم تكن بعثات تبشيرية، فكانت أول غزوة موجهة ضد قريش فقد جاء فى المغازى للواقدى: ( فكان أول لواء عقده رسول الله (ص) لحمزة بن عبد المطلب (رض) عنه فى شهر رمضان على رأس سبعة أشهر من مهاجرة النبى (ص) لعير قريش.) وتبعه غزوات وكانت كلها من اجل العير أي "القافلة التي فيها الأحمال " كغزوات ( بوط، الايواء، بدرن حنين، وبني المصطلق) . إذا الجانب الإيديولوجي والشاهد التاريخي والبعد النفسي كان مهيئا للجيوش الإسلامية التي انطلقت صوب الجوار لعمليات النهب والقتل المنظم (( عن ابن عمر عن النبي (ص) قال: "جُعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذِّلَّة والصغار على من خالف أمري" (5). إننا لا ننفي عدم وجود الترجمان بين طرفي الصراع ، المترجم الإسلامي كان ناطقا رسميا للقائد العسكري ومعلنا للحرب أكثر من كونه موضحا لحقيقة الدين الجديد (( عن جبير بن حية قال: بعث عمر الناس فى أفناء الأمصار يقاتلون المشركين،... فندبنا عمر. واستعمل علينا النعمان بن مقرن. حتى اذا كنا بأرض العدو، وخرج علينا عامل كسرى فى أربعين ألفاً، فقام ترجمان فقال: ليكلمني رجل منكم. فقال المغيرة (بن شعبة): سل عما شئت. قال: ما أنتم؟ قال: نحن أُناس من العرب كنا في شقاء شديد. وبلاء شديد نمص الجلد والنوى من الجوع ونلبس الوبر والشعر... فأمرنا نبيناً رسول ربنا (ص) أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده. أو تؤدوا الجزية. وأخبرنا نبينا (ص) عن رسالة ربنا أنه من قتل منا صار إلى الجنة فى نعيم لم يَرَ مثلها قط. ومن بقى منا ملك وقابكم. (6) إن خطاب التعبئة النفسية والدينية لجيوش الفتوحات كانت توضح بشكل دقيق قسمة الغنائم فعن أبى هريرة (( قال النبي (ص): "أيما قرية أتيتموها وأقمتم فيها فسهمكم فيها، وأيما قرية عصت الله ورسوله فإن خمسها لله ولرسوله ثم هى لكم) (7) إن لقد تجاوز خطاب التعبئة العرف الاجتماعي السائد عند العرب وبقية الشعوب، فعن محمد بن عبد المطلب( "من قتل كافراً فله سلبه") (8) بل وتم تطويع الكتاب إن لم نقل نسف أركانه من خلال اخذ الجزية ممن هم ليسوا بأهل كتاب (( شهد عبد الرحمن بن عوف (رض): "أن رسول الله (ص) أخذ الجزية من مجوس هَجَرَ")). (9) في هكذا أجواء فكرية وسلوكيات تم إنتاجها توجه قادة الجيوش الإسلامية صوب الآخر .توجه جيش الجزية لنشر الموت وسرقة العباد في بقية البلاد تاركين خلفهم الكتاب الذي تم تناوله تضخيما ً وإشاعةً لجوانبه الطبقية والعنصرية مع إهمال الجوانب الايجابية التي أنتجت شخصيات كانوا جزءا من مشروع إنساني للتحرر كما هو الحال مع الإمام علي وعمار بن ياسر وأبا ذر الغفاري .
هل دخل الأكراد الدين الإسلامي بشكل سلمي؟ ( حدثني إسحاق بن سليمان الشهرزورى قال: ثنا أبي، عن محمد بن مروان، عن الكلبي، عن بعض آل عزرة البجلى أن عزرة بن قيس حاول فتح شهرزور وهو والٍ على حلوان في خلافة عمر فلم يقدر عليها. فغزاها عتبة بن فرقد ففتحها بعد قتال على مثل صلح حلوان. وكانت العقارب تصيب الرجل من المسلمين فيموت. وحدثني إسحاق، عن أبيه، عن مشايخهم قال: صالح أهل الصامغان ودراباذ عتبة على الجزية والخراج، على أن لا يقتلوا ولا سبوا ولا يمنعوا طريقاً يسلكونه. وحدثني أبو رجاء الحلواني، عن أبيه، عن مشايخ شهرزور قالوا: شهرزور والصامغان ودراباذ من فتوح عتبة ابن فرقد السلمي. فتحها وقاتل الأكراد فقتل منهم خلقاً، وكتب إلى عمر: إني قد بلغت بفتوحي أذربيجان. فولاه إياها. وولى هرثمة بن عرفجة الموصل.)(10)
 

 (1) رواه البخارى، ومسلم (1869). (صحيح البخارى – (56) كتاب الجهاد والسير – باب (129) باب كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو – حديث رقم 2990 – مكتبة أولاد الشيخ )
 (2) رواه الإمام مالك فى الموطأ، والإمام أحمد، والبخارى، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه.
 (3) رواه الديلمى، والمتقى الهندى (33870). (أنظر جمع الجوامع (الجامع الكبير) للسيوطى – ج9 - حديث رقم 28116 – ص 189 – دار الكتب العلمية 2000م – بيروت)
 (4) رواه الحاكم وقال هذا حديث صحيح الإسناد. وقال الذهبى فى التلخيص: صحيح. (المستدرك للحاكم – ج2 (5 مجلدات) – حديث رقم 3617/754 – ص469 – دار الكتب العلمية – بيروت – الطبعة الثانية 2002م) والحديث رواه أبو جعفر بن جرير عن ابن عباس وكذلك رواه الإمام أحمد، والنسائى، والترمذى، وابن أبى حاتم من حديث سفيان الثورى، وقال الترمذى حديث حسن. (تفسير ابن كثير – ج7 (8 مجلدات) – ص46 - طبعة دار الشعب – تحقيق عبد العزيز غنيم، ومحمد أحمد عاشور، ومحمد إبراهيم البنا)
 (5)  رواه البخارى ومسلم (843).
 (6) رواه البخارى، والترمذى (1612)، (1613)، وأبو داود (2655).
 (7) " رواه الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود، والبغوى، والتبريزى. (جمع الجوامع الكبير للسيوطى – ج3 – حديث رقم 9409 – ص 363 –
 (8) رواه الإمام أحمد، وأبو داود عن أنس بن مالك (رض)، ورواه الإمام أحمد أيضاً، وابن ماجه عن سمرة (رض)، ورواه أبو داود أيضاً، والترمذى، والبيهقى عن أبى قتادة (رض). (جمع الجوامع الكبير للسيوطى – ج7 – حديث رقم 21005 – ص 64 –
 (9) رواه البخارى، والترمذى (1586،1587)، وأبو داد (3043). (صحيح البخارى – (58) كتاب الجزية والموادعة – باب (1) – حديث رقم 3157 – مكتبة أولاد الشيخ)
 (10) ( فتوح البلدان – البلاذري – ص133)

 

الترجمة بِحَّد السيف (القرآن نصاً والأكراد نموذجاً) -ج1-
 

 

Counters