| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

دانا جلال

Swedana2000@gmail.com

 

 

 

 

الأحد 14/1/ 2007

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس


 

كتابة التاريخ وحركية الزمن بمنطق الايدولوجيا


دانا جلال
Swedana2000@hotmail.com

إذا ما كان التاريخ الإنساني بعد مجتمع المشاعة نتاجا اجتماعيا لفعل إنساني غائي تتداخل فيه الأزمنة ، فان احد أهم إشكالاته رغم تحوله إلى علم له قوانينه الخاصة باستناده على المادية الجدلية هو كونه اللا مكتمل الذي يأبى الاكتمال والماضي الذي يتجدد مع الحاضر من خلال حدث نعيشه أو فكرة نكتشفه. وانبعاث التاريخ من جديد في سياق صيرورته التاريخية ورفضه للاكتمال يفرض علينا احيانا الخروج من تسلسله الزمني والمنطقي لندخل في منطقة يمكن تسميته افتراضا ( بالزمن المتحرك ) حيث تتراجع فيه مفاهيم الماضي والحاضر والمستقبل وتبرز إمكانية هندسة جديدة للتسلسل من منطلقات ذاتية متأثرة بجملة عوامل أهمها العامل الأيديولوجي .
والدخول في مجال الزمن المتحرك مسالة أكثر من ضرورية لتفسير التاريخ وكتابته من جديد بشكل يتلاءم مع حركته المنطقية والعلمية وإبعاد التدخلات العشوائية التي فرضت نفسها وعرقلت مسيرتها .
فحركة التاريخ ليست خطية باتجاهها إلى الأمام وليست عشوائية يحددها القادة العظام ، بل هي حلزونية تجعل من اللاحقات مرتبطة بالماضي ، وهذا يفرض علينا انتقالات وقفزات نحو الماضي كي نفهمه ونكتشف أسراره وبالذات التاريخ السري للبشرية الذي لم يكتب وفي أفضل الأحوال تم كتابته بشكل مشوه وفق رغبات السلطة الحاكمة لان التاريخ حاله حال الأيديولوجية يمثل الأيديولوجية والتاريخ المنتصر للطبقات المستغلة التي قاومت حركته واتجاهه.
ولكن الانتقال إلى الماضي بمنطق الحاضر وحلم الغد يجعلنا نواجه السؤال الصعب والمتعدد الإجابات هل إننا نغتال التاريخ ونكتبه من جيد برصاصات الأيديولوجية ؟
إن لم نقم باغتياله ، فهل نمارس عملية اغتيال مفاهيم الزمن وتسلسله ؟ وان كنا نفعل ذلك فهل هي ضرورية من اجل كتابة التاريخ الذي كان يفترض أن يكون لولا التدخلات العشوائية وهي جزء من التاريخ الإنساني إن لم يكن جزءها الأكبر ، فعلى سبيل المثال لا الحصر يعتبر البعض الخليفة عمر بن عبد العزيز الخليفة الخامس بعد الخلفاء الأربعة ( أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب ) فاعتباره الخليفة الخامس من منطلقات إيديولوجية وبالذات الدينية منها تعتبر عملية لإزاحة الزمن و المسافة مابين الخليفة الرابع والخليفة عمر بن العزيز. وجعل تلك الفترة فترة عشوائية يمكن إلحاقه بفترة ما بعد حكم الخليفة الخامس .
ومن الأمثلة الأخرى اعتبار جمهورية العراق بعد سقوط الفاشية في 9نيسان عام 2003 الجمهورية الثانية بعد ثورة 14 تموز عام 1958ومن ثم اعتبار الزمن الفاصل ما بين انقلاب 8 شباط 1963الدموي ولحين سقوط النظام ألبعثي فترة مؤجلة يمكن أن نضيفها أو نلغيها وفق تطور الأحداث في العراق .
إذا ما كان نموذج الخلافة والجمهورية شائعة بين أوساط ليست بقليلة من الناس وبالذات في العراق باعتبارهما يمثلان إزاحة الزمن إلى الوراء أو تعليقه ، فهل يمكن أن نقدم الحدث التاريخي المتأخر إلى الأمام كي نجعله في نسق منظم و منتظم وفق مفاهيمنا الأيديولوجية؟.
في حوار لنا مع احد أساتذة الجامعة فترة الدراسة وجه لي الأستاذ ( حسن العاني ) عدة أسئلة بعد أن قرأت بحثي ( الفكر الفلسفي والاقتصادي في نهج البلاغة ) وكانت :-
لماذا لم تذكر فضل الذين سبقوه ؟
انك تمجد الأمام علي وتنسى الذين سبقوه ؟
ما الذي أقحمك في إشكالية فلسفة الاغتراب وفائض القيمة عند الإمام وأنت الكوردي السني وووو؟
كانت أسئلة استفزازية ، مذهبية، ولان الإنسان والإنسانية تجيب على الأسئلة المطروحة في زمنها كان لابد من أن اجيب ومن خلالها ادفع بالزمن إلى الأمام باقتحام التاريخ بالعامل الأيديولوجي .
سبقوه في الحكم ولم يسبقوه بقربه من الرسول .
سبقوه في الحكم ولم يسبقوه في الإسلام .
سبقوه في السلطة ولم أجد قبل نهجه ومن الذين سبقوه مادة ادرسها كطالب يدرس الاقتصاد .
هل كنت ابحث عن تسلسل جديد للتاريخ بمفهومه الديني كي يتلاءم مع جوهره ؟ سؤال مازلت اطرحه رغم قناعتي بان الايدولوجيا يتدخل في التاريخ لا في كتابته بل وحتى في تسلسله الزمني على الأقل بشكله الافتراضي .
ففي غياب الايدولوجيا تظهر عوامل أخرى تؤثر في كتابة التاريخ كما فعل الزميل الدكتور خالد يونس خالد الذي تناول القائد الأبرز في الحركة التحررية الكوردية في احد كتبه ليلحقه بكتاب عن زعيم آخر حاول أن يظهر مناقبه وفيه الكثير من الحقائق رغم اختلاق زميلنا لبعض الأحداث والروايات الوهمية بغرض الإساءة إلى السابق في تسلسله الزمني والنضالي بمفردات لا تليق لا بالقائد ولا بالزميل كباحث انتهى قبل فترة من سلسلة مقالات جعل من ابرز منظري وأبطال مجزرة بشت اشان مفكرا استراتيجيا في حلقاته ألأربعة دون أن يكتشف من سماه بالمفكر الاستراتيجي حلقة واحدة وان كانت ضعيفة في سلسلة النظام الرأسمالي أو حلقات التجزئة التي تعاني منها الأمة الكوردية بل وحتى مخرجا لصراعات داخلية يمكن حلها بأساليب أكثر شفافية .
إن الايدولوجيا وان كانت تضفي ذاتية المؤرخ والباحث على الحدث أكان ماضيا لم و لن ينته أو حاضرا يسير صوب تأريخه مسالة مهمة لا في تناول الماضي وحده بل والحاضر كونه تاريخ مؤجل .

( المؤرخ يكتب نفسه حينما يكتب التاريخ )