|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء  11/7/ 2012                                 دانا جلال                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

صورة الزعيم في يومنا الاخير .. في ذكرى ثورة 14 تموز

دانا جلال

على خلاف السائد والمتعارف عليه بتجاوزنا لعصر الاسطورة والاعلان عن موتها، فان المجتمعات الانسانية ما زالت بحاجة الى "الرمز" و"الاسطوري" لإضفاء الروح في جسد حضارتنا المادية من جهة، ولحاجتها لرمز يجسد جوهر وواقع انساني ، او طبقي، او قومي بغرض تعزيز عملية الحوار او الدفع باتجاهات الصراع وانهاءها لصالح احد اطرافها ضد الاخر.

معادلة السبب والنتيجة في عملية خلق الاسطورة والرموز والتي نتجت عن غياب المعرفة و الحقائق في تاريخ البشرية وعهد طفولتها قد تغيرت في عصرنا الحالي، فأصبحت البشرية، بوعيها، وارادتها بحاجة الى "الاسطورة" و"الرمز" للمحافظة على الحقائق الموضوعية او الفضاءات الفكرية.

 اللجوء إلى "جيفارا" كرمز ثوري لإبقاء روح الثورة بين جيل الشباب عند اهل اليسار، واعادة شحن الذاكرة بذكريات مأساة واقعة الطف ورمزها "الحسين بن عبد الله "عند المؤمنين بنهج ال البيت لإبقاء جدار المناعة ضد محاولات السُفيانيين القدامى والجدد لمحاصرة المذهب الشيعي هي جزء من محاولات انسانية لإعادة انتاج الحقائق التي تراجعت، وفي افضل الاحوال المحافظة عليها.

ضمن بنود اتفاقية سايكس بيكو و تشكيل دولة العراق الحالية من قبل المنتصرين في الحرب العالمية اصبحت الحالة العراقية رغم الكم الهائل لتنوعه القومي والديني والمذهبي حقيقة يمكن التعايش معها وضمنها، حقيقة اقتربت من ان تكون مطلقة في عهد ثورة 14 تموز وزعيمها الشهيد عبد الكريم قاسم.  لان "جمهورية قاسم" عبرت عن روح المواطنة العراقية بنبضات حداثتها و جذورها الاجتماعية باصطفافها مع الفقراء والمحرومين.

اغتيال اقمار العراق " الشهيد عبد الكريم قاسم ورفاقه" من قبل فاشية البعث نقلت الحقيقة العراقية من مجالها الثوري والوطني الى عالم الاحصاء و نسب الانتماء، وبالأخص مع القوميات والديانات والمذاهب التي تعرضت الى قمع مركز. جدل الهويات ونسب الانتماء للعام ضمن نسبة خصوصية الهوية لم تبرز بشكل واضح فترة النضال ضد الفاشية لان خندق الصراع ضدها وحد العراقيين، تشظى خندق النضال بل وتقاطعه بعد احتلال العراق من قبل الأمريكان وظهور حكومات عراقية تعمل بشروط الانتداب وفي مجال صراعاتها الهوياتية جعل غالبية العراقيين ولهم الحق بذلك بان يعلنوا وبكل وضوح "اننا نشهد اليوم الاخير من حقيقة كانت اسمها العراق". في ظروف انهيار الحقيقة العراقية يلوذ العراقيين الى الرمز " الشهيد عبد الكريم قاسم"  لإبقاء حقيقة عاشوها بحلوها ومرها، حقيقة يتخوف الغالبية العظمى من العراقيين الاعتراف بها، حقيقة، اننا نعيش صورة العراق في يومه الاخير، فهل يُنقد الشهيد قاسم وثوار 14 تموز 1958 العراق؟.

لإغناء منتوجنا المعرفي حول تاريخنا الثوري نحتاج الى اعادة اكتشاف  ثورة 14 تموز والشهيد عبد الكريم قاسم في يومه الاول والاخير، ولإبقاء الحقيقة العراقية قزحا او تجاورا لألوان هوياتها، نحتاج الى اعادة انتاج خطاب ثورة تموز و اقمار العراق.

  هل يمثل انشاء حزب او حركة قاسمية رحلة وفاء عراقية للمتصوف في محراب الثورة الشهيد عبد الكريم قاسم، ام انه يتجاوز الحنين القاسمي الذي يعيشه اهل العراق بخلق تيار ينقذ العراقيين من كابوس الدولة الطائفية و ليلتهم الاخيرة؟.

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter