| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

داود أمين

 

 

 

 

الأربعاء 2 /11/ 2005

 

 

 

 بمناسبة رسالة برزان
( وجهان لعملتين مختلفتين !!! )
 


داود أمين

ربما لم تكن رسالة ( إسترحام ) برزان التكريتي , ألآخ غير الشقيق للدكتاتور صدام حسين , مفاجئة للكثيرين , فقد بدا الرجل ضعيفاً ومهزوزاً أثناء محاكمته ألآخيرة , إذ إمتدح قاضي التحقيق ( جوحي ) , وهو أمر لم يفعله غيره , كما كان الوحيد الذي سمعت منه كلمة ( سيدي ) وهو يخاطب القاضي ( رزكار محمد أمين ) , كما إن ألآخبار التي تسربت قبل أشهر , تحدثت عن تجاوبه في التحقيق , وشهادته ضد أخيه صدام .!! لذلك يمكن إعتبار الرسالة تتويج منطقي لشخصية مريضة , شخصية لاتهمها سوى مصلحتها الأنية وألآنانية , شخصية رجل جُلِبَ من الشارع ليوضع في أمكنة وظروف , ليس فقط لا يستحقها وإنما لا تناسبه أبداً , فقد مُنِحَ سلطات تفوق قدراته المحدودة ووعيه البدائي المتدني , فإقترف وشارك في إقتراف جرائم يندى لها الجبين , وكان واحداً من بين المجموعة القليلة التي ساندت صدام ونظامه ,حتى أخر لحظة !! وهذا ما سيكشفه التحقيق والوثائق والشهود , رغم أننا جميعاً نعرفه, بل ومتأكدون منه !!
ما أود تأكيده إن رسالة برزان أمر طبيعي , فمثل هذه الشخصيات , التي كانت تبدو كلية القدرة , وهي تحت بريق السلطة والقوة والمال , تكشفت هشاشتها ألآن بوضوح , بعد أن أزيل عنها المكياج والتصنع , ووضعت في حجمها الحقيقي , إذ ثبت للجميع أنها كائنات أقل من عادية , ومخلوقات لا تهمها سوى مصالحها الآنية والآنانية , سواء كانت في السلطة او خارجها !!
رسالة برزان في رأيي , علامة من علامات حقيقة ( النمر الورقي ) الذي كانت عليه سلطة صدام وأزلامها , إنها نموذج لسلوك سيتكرر, لاؤلئك الحفنة من الجبناء , الذين تزعمهم ( جرذ العوجة )!! والذين بدوا خارقي القوة والوحشية أيام بريقهم , وخارقي الضعف والخواء أيام أفولهم !! لذلك أتعاطف أنا المواطن العراقي _ ألضحية _ مع طلبه , وأرجو أن يُسمح له بالمعالجة الطبية , وأنا حين أطلب ذلك _ وارجو أن يفعل مثلي كل الضحايا _ أستند لنبل قضيتي , ولعظمة ألافكار والمُثُل التي حملتها , ولا أزال , عندما صارعته ونظامه !! تلك المُثل التي لا يمكن أن تشوهها , روح الثأروالحقد اللاإنساني !!وكذلك عندما أتعاطف مع قضيته , واُطالب بمعالجته , أدرك أنه أهمل مخاطبتي _ أنا الضحية _ كما إنه لم يعترف , في رسالته , بما سببه لي وللاخرين من أذى وعذاب , بل ولم يندم أو يعتذر عما لحق بنا _ نحن الضحايا _ بسبب جرائمه ونظام أخيه !! ومع كل ذلك فأنا الضحية ( الذي أهملني برزان في رسالته , والذي لم تربطني به صداقة او صلة عائلية ! ليتشفع بها ) أكرر طلبي صادقاً بنقله الى المستشفى ومعالجته من مرضه , مع التأكيد بأن نقله الى المستشفى , لايسقط حقي وحقوق كل الضحايا , في مقاضاته ومحاسبته , فإنسانيتي التي دعتني للمطالبة بمعالجته ,لاتتقاطع مع إنسانيتي في المطالبة بمحاكمته ,عندما يشفى !!
لقد حسبت وأنا أقرأ رسالة برزان , انها هذيان ميت , وهي كذلك في مواقع كثيرة , لذلك إعتبرت ما ذكره عن صداقته الحميمة للرئيس جلال الطالباني , وتذكيره إياه بالعلاقة العائلية التي تربطهما , إعتبرتها جزءاً من هلوسات محتضر !! وتصورت أنها تشبه كذبة إنتسابه للنبي محمد وأل بيته !! ولكن ما فاجئني , وربما غيري أيضاً , هو تأكيد السيد جلال الطالباني على صداقته السابقة لبرزان , وعلى العلاقات العائلية التي كانت تربط بين اسرتيهما !! أي تأكيده على خطأ ما إعتبرته , إدعاء وهلوسة وأوهام !!
أجد من الضروري أن أؤكد , بأنني كنت ولا أزال من المعجبين بالسيد جلال الطالباني , وبأدائه كرئيس للجمهورية _ وسط جوقة المتخبطين الذين يتصدرون المشهد السياسي العراقي ألآن _ وإن إعجابي باداء الرئيس , لم ينسني تلك البقع السوداء في تأريخه السياسي !! ولكني لم أكن أتصور أن الحنكة والحكمة ستغيب عن السيد الرئيس , لكي يتورط بتأكيد صداقته السابقة والحميمة لبرزان , وعلاقتهما العائلية !! فإذا عرفنا أن مام جلال وحزبه كانا في المعارضة , وفوق قمم وسفوح الجبال , منذ أيام أحمد حسن البكر, أي منذ نهاية السبعينات على ألآقل , أي في الوقت الذي كان فيه صدام ( سيداً نائباً ) فقط !! ولم يكن برزان أي شيء يذكر !! فهل من المعقول أن صداقتهما بدأت وقتذاك ؟! لا أعتقد أن أحداً يصدق أن سياسياً محنكاً كمام جلال , يمكن أن يقيم علاقة من أي نوع , مع شخص كان ( نكرة ) كبرزان !! وإذا تحركنا مع الزمن قليلاً , أي بعد أن إغتصب صدام الموقع ألآول في السلطة , ونحر رفاقه وقادة حزبه , ودفع بإخوته وأفراد عائلته للمواقع الآساسية في أجهزة الدولة, وبينهم برزان , الذي يحاكم ألآن على جريمة الدجيل , التي حدثت عام 1982 , والتي كان يحتل وقت وقوعها موقع مدير المخابرات العام , قلت إذا تحركنا قليلاً مع الزمن , فإن المنطق يقول أن إحتمالات بدأ صداقة برزان للرئيس مام جلال _ التي أكدها ألآثنان _ لم تكن إلا في ربيع 1983, وكان ثمنها دم عشرات البيشمركة الشيوعيين , الذين تم ذبح معظمهم _ وهم أسرى _ في بشت أشان !! ورغم أني أتجنب نكأ الجراح , إلا أن تفسيراً أخر لا يمكن أن يرد غير ذلك , لمعرفة وقت وسر تلك الصداقة بين برزان ومام جلال !! وربما توطدت هذه الصداقة أكثربين الرجلين , عندما ذهب مام جلال من مؤتمر بيروت للمعارضة العراقية ( بعد إنتفاضة أذار 1991 ) ليحتضن صدام حسين في بغداد !!
إن قضيتي مذبحة بشتأشان وإحتضان مام جلال لصدام في بغداد , أكثر من معروفتين وموثقتين , وربما هما بداية وتواصل الصداقة التي يتحدثان عنها , أما هل تعززت هذه الصداقة , في الظل , وفي الغرف السرية بعد ذلك , فعلى برزان أن يقول ذلك بصراحة ووضوح , وعلى السيد الرئيس أن يوضح ويجيب !!
ألمأخذ ألاخر على السيد الرئيس , هو تأكيده على العلاقة الحميمة والتأريخية بين عائلته وعائلة برزان ( إقرأ صدام ) ! وإعتبار هذه العلاقة سبباً في رأفته ببرزان , وإستجابته لطلبه , وهو أمر تنقصه أيضاً الحكمة والذكاء اللذان يتميز بهما الرئيس مام جلال , فهو وبإعتباره رئيساً للجمهورية , فهو مسؤول عن كل العراقيين , وبغض النظر عن علاقته الشخصية أو التأريخية معهم , فالعدل والحياد والواجب , يحتِمُ عليه أن ينظر لجميع العراقيين بمساواة تامة , وأن لا تؤثر فيه الصلة , مهما كان نوعها ( حزبية أو قومية أو طائفية أو عائلية أو غيرها ) إنه رئيس للجمهورية , ويفترض أن يتعامل وفق الحق والعدالة مع جميع مواطنيه ! إذ من حقنا أن نتسائل ماذا سيكون مصير المتهمين المرضى , إذا لم تكن تربطهم صداقة قديمة أو صلة عائلية بالسيد الرئيس ؟؟ هل سيموتون في السجن ؟
أعتقد إن هفوة الرئيس , كانت كبيرة , ولا تتلائم مع حنكته وذكائه المعروفين , وكان بإمكانه أن يطلب نقل برزان الى المستشفى , دون الآشارة لموضوع الصداقة القديمة والعلاقة العائلية , فالجعفري , وهو ليس أكثر ذكاءاً من مام جلال , تعاطف مع رسالة برزان , دون أن يشير أو يؤكد أنه يشاركه النسب لعائلة النبي وأل بيته !!!