| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

داود أمين

 

 

 

الخميس 27/3/ 2008



المسرح في الناصرية خلال فترة الستينات والسبعينات

داود أمين

ربما لا يعرف الكثيرون ، أن فرقة ( فاطمة رشدي وجورج أبيض ) المسرحية المصرية زارت مدينة الناصرية أواسط عشرينات القرن الماضي، كما زارتها أيضاً فرقة ( يوسف وهبي ) بداية الثلاثينات ، وقدمت الفرقتان أعمالاً مسرحية لجمهور هذه المدينة ألمتعطش للمعرفة والآدب والفن ، وربما لا يعرف الكثيرون أيضاً أن أول فرقة مسرحية رسمية تأسست في الناصرية كانت عام 1931 وكان إسمها ( فرقة السعدون المسرحية ) وكانت أعمال هذه الفرقة ذات طابع تأريخي ، وباللغة العربية الفصحى ، وتقليداً للمسرح المصري عموماً، وكانت مدارس الناصرية ومدارس المدن التابعة لها ، وخاصة مدينة الشطرة هي الميادين التي تُقدم المسرحيات من خلالها ، إذ كان معلمو الرسم والتربية الفنية هم عادة من يُشرفون على هذه النشاطات المسرحية بالتعاون مع معلمي اللغة العربية ، وفي مقابلة له يقول الفنان ( عبد الرزاق سكر ) إنه مثل عام 1948 مسرحية ( قصر الهودج ) وهي مسرحية شعرية ، كما مثل مسرحيات ( النجاشي والقيصر وكليوبترا والدكتور فاوست والملاح البائس ... الخ ) وجميعها كما هو واضح مسرحيات عالمية أو عربية وبالفصحى .
يمكن القول أن النصف الثاني من الخمسينات ، كان البداية الحقيقية للعمل المسرحي في الناصرية ، العمل المبني على الدراسة الآكاديمية والتخصص ، إذ إنتسب لمعهد الفنون الجميلة ( فرع المسرح ) أربعة من مثقفي الناصرية ، وهم محسن أحمد العزاوي وعدنان مبارك ( من الشطرة ) وعزيز عبد الصاحب وجواد كاظم الهنداوي ، وتبعهم بعد ذلك بقليل مهدي السماوي وعدنان صالح ، وعلى يد هؤلاء الرواد ، وفي ظل الآجواء السياسية الجديدة التي نشأت بسبب ثورة 14 تموز عام 1958 ، والعلنية التي تمتعت بها منظمات الشبيبة والطلبة والنساء ونقابات العمال والمعلمين ، قفزت الحركة المسرحية في الناصرية قفزات واسعة ، من حيث الكم والشكل والمضمون ، إذ جرى تقديم عشرات المسرحيات المتنوعة بالعربية الفصحى والعامية ، ولنصوص عالمية وعربية وعراقية ومن أشهر مسرحيات فترة الستينات ( ثمن الحرية ، أكازو ، تجربة فقط ، أريد أن أقتل ، مد رجلك على طول غطاك ، محد يفيد ، عصفور سنة الستين ، ماكو شغل ، الكندي ، فلوس الدوة ، قيس وليلى في القرن العشرين ، ست دراهم ، طبيب بالرغم منه ، الياكله العنز يطلعه الدباغ ، حفنة تراب ، المدمن ، كهوة عزاوي ، خال الجعيدة ، نساء الشر ، ثورة على ألاقطاع ، دم الشهيد ، أصوات ، الغريب ، الرجل الذي ضحك على الملائكة ، أغنية على الممر ، الصياد ، اسياد الدم ، الطقوس الآخيرة ، حفلة سمر من أجل 5 حزيران ، في إنتظار اليسار ، الحواجز ... الخ ) وقد أخرج هذه الآعمال عدد من مخرجي الناصرية يقف في مقدمتهم الجيل الاول وهم محسن العزاوي وعزيز عبد الصاحب وجواد الهنداوي ومهدي السماوي ، كما بادر للآخراج في هذه الفترة عدد من الفنانين غير المتخرجين من معهد الفنون الجميلة ومنهم يقظان إبراهيم ودهلة قمر وحميد نذير وعدنان عبد الصاحب وسلام السوداني ، كما أخرج بقية الآعمال الجيل الثاني من متخرجي معهد وأكاديمية الفنون الجميلة ، ومنهم صالح البدري وبهجت الجبوري وراجي عبد الله وحكمت داود ، وقد ظهر خلال هذا العقد مجموعة من كتاب المسرح من بينهم قيس لفته مراد وأحمد عبد الجبار وحسين الهلالي وقاسم دراج وعبد الوهاب الكناني ودهلة قمر ومهدي السماوي وكاظم إبراهيم وكامل الغرباوي وستار طاهر وغيرهم كما تضاعف عدد الممثلين عدة مرات ، ومن بين أشهرهم الآخوة عزيز وعدنان وعادل عبد الصاحب ويقظان الدرويش وحميد الجمالي وفاضل خليل وحسين نعمة ومحمد حسين عبد الرزاق وجبار مأمون وحميد البنا وعبد المطلب السنيد وسعد الحران وإسماعيل العضاض وعبد الله حسن وجعفر الحداد وعبد الرزاق سكر ومحمد علي كاظم وعادل الخياط وكاظم الخالدي وكاظم إبراهيم وحميد كاظم وسلام السوداني وكاظم العبودي وداود أمين ومالك يوسف ومحسن الخفاجي وأحمد عبد الجبار وحيدر عبد الحسين وكامل حسين وفليح الجيلاوي .. وعشرات غيرهم ، كما تميزت هذه الفترة ، خصوصاً قبل إنقلاب شباط الدموي بمساهمة عدد كبير من الممثلات ، ومن بينهن فوزية العزاوي وساجدة حسن بلال وربيعة عبد الهادي وسميرة سيد حسين وفريال عبد الوهاب وسلمى داود وعواطف جبو وأزهار بدري قمروحاتمية ونعيمة حسن وإيمان خضر ونجية الركابي وأميرة حربي وكثير غيرهن .
لقد تميز المسرح في الناصرية خلال هذه الفترة بمضامين تقدمية وثورية ساندت مساواة المرأة بالرجل، والوقوف الى جانب العمال والفلاحين وقضايا الشعب الآخرى بألآضافة للقضايا القومية العادلة كقضية فلسطين ، وكان لدور الفنانين المسرحيين والكتاب الشيوعيين وأصدقائهم أثر كبير في نمو وتطور الآعمال المسرحية الجادة والتي شدت جمهوراً واسعاً ومتنامياً من المشاهدين ومن مختلف الطبقات والفئات الآجتماعية .
ويمكن القول إن النصف الآول من السبعينات كان إستمراراً لفترة الستينات من حيث المضمون ، أما من حيث الشكل فإن تشكيل ( جمعية رعاية الفنون والآداب في الناصرية ) في نهاية كانون الآول 1970، والتي كان الشيوعيون وراء تأسيسها ، كان هذا التشكيل خطوة نوعية متقدمة في تنظيم وبرمجة العمل الثقافي في المحافظة إذ ضمت هذه الجمعية العشرات من المبدعين من أبناء الناصرية والآقضية التابعة لها ، وفي مختلف المجالات الآدبية والفنية ، وكان المسرح من بين النشاطات الهامة لهذه الجمعية ، إذ من خلالها تم تقديم أعمال هامة عرضت في الناصرية والشطرة وسوق الشيوخ ، وقد أحست سلطة البعث بتأثير هذه الجمعية ، فعمدت ، منتصف عام 1973 الى إغلاقها متحججة بقصيدة قرأها الشاعر عبد الله الرجب ! وفي هذه الفترة قدم مهدي السماوي العديد من الاعمال المسرحية ، وكذلك حازم ناجي وصالح البدري وعباس علاوي وحميد البنا ، ومن أشهر أعمال هذه الفترة مسرحيات ( أبابيل والمسيح يصلب من جديد وسيرة أس ولويش وشلون وإلمن ؟ وستربتيزوقضية أغنية وإنشودة الخلاص وغيرها ) كما تميزت هذه السنوات بظهور المسرح الغنائي ( الآوبريت ) إذ أخرج الفنان صالح البدري نصاً عنوانه ( جنيات الوادي ) للشاعر قيس لفته مراد ولحنه الفقيد كمال السيد ، فحاز على الجائزة الاولى على القطر، وفي السنة التالية أخرج الفنان حازم ناجي أوبريت ( جذور الماء ) وهو من تأليف الشاعر حسن الخياط والحان حسن الشكرجي ، ولم تنقطع الناصرية ومسرحيوها عن تقديم الآوبريتات والمساهمة في المهرجانات القطرية الخاصة بها طوال فترة السبعينات وحصاد الجوائز المتقدمة ، ومن المهم ألآشارة هنا أن فكرة تقديم الآوبريت كانت مبكرة في الناصرية إذ سبق للمخرج عزيز عبد الصاحب أن أخرج عام 1964 أوبريت ( الربيع ) الذي لحنه الفنان طالب القرغولي .

في النصف الثاني من السبعينات .
وبعد إغلاق ( جمعية رعاية الفنون والآداب في الناصرية ) ومحاولة إسكات الصوت اليساري للفنانين والآدباء في الناصرية ، وبالفعل نجح البعثيون في محاصرة الكثير منا ، وعدم منحنا الفرص للمشاركة في الآعمال المسرحية لمديرية التربية ، وهي الجهة الآبرز في إنتاج وتقديم الآعمال المسرحية ، فلجأنا للتدريب في بيت أحد ألآصدقاء وتقديم أمسية ثقافية متميزة لمثقفي الناصرية على حدائق ( جمعية التشكيليين العراقيين في بغداد ) ومن بين ما قدمناه عمل مسرحي من تأليف الشاعر رشيد مجيد ، وقد غطت صحيفة ( طريق الشعب ) العلنية في حينها تفاصيل هذه الآمسية الوحيدة ، ولكن هذا الحصار لم يمنع جيلاً جديداً من خريجي المعهد والآكاديمية ، الذين عُينوا في قسم النشاط المدرسي التابع لمديرية التربية ، أو في المدارس المختلفة لتقديم الكثير من الاعمال المسرحية الجادة ، ومن بين هؤلاء الشباب سعد شهاب وسميرهامش وزكي عطا وأحمد موسى ومحمد رويح وغيرهم .
 


 

Counters