| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

داود أمين

 

 

 

                                                                 الثلاثاء  26 / 11 / 2013

 

بسبب التغيير الديموغرافي ، نسبة المسيحيين تتراجع بحدة في الناحية!

في اربيل (مؤتمر أصدقاء برطلة )

داود أمين

للفترة بين23 و24 تشرين الثاني 2013، إفتتح في اربيل، عاصمة إقليم كردستان، (مؤتمر اصدقاء برطلة)، وقد حضر حفل الإفتتاح، ممثلون عن رئيس إقليم كردستان، والسيدة هيروخان أحمد، وعدد من المطارنة، وعشرات الباحثين والأكاديميين، وممثلو الأحزاب السياسية العراقية والكردستانية.

بدأ المؤتمر بالنشيدين العراقي والكردستاني ، تلتهما دقيقة صمت ، حداداً على أرواح شهداء الحركة الوطنية في العراق ، ثم ألقى الدكتور كاظم حبيب ، كلمة المكتب التنفيذي، للجنة التحضيرية العليا للمؤتمر، متحدثاً عن واقع التغيرات الديموغرافية، الجارية في العراق، منذ النظام الدكتاتوري السابق، والمستمرة حتى الآن، مركزاً في كلمته، على نموذج ناحية برطلة، حيث قال :

(تقدم ناحية برطلة نموذجاً للتغيير الديمغرافي الجاري في مناطق سكن المسيحيين، إذ كان سكانها المسيحيون، يشكلون قبل أقل من ثلاثين عاماً 100%، في حين أصبح المسيحيون يشكلون اليوم أقل من 40% من مجموع السكان ، بينما أصبح الشبك ، يشكلون أكثر من 60% من مجموع السكان، ويلاحَظ هذا التغيير، على أجواء وطقوس وتقاليد وأزياء المدينة ، والتي أنتجت وتُنتج يومياً الكثير من المشكلات والتعقيدات، لظروف حياة ومعيشة وعمل، وأعياد وإحتفالات المسيحيين على نحو خاص).
ثم أنهى كلمته بالتأكيد على تسع مهام، بينها (العمل على تأمين حماية فعلية للمسيحيين كافة، وأينما كانوا، كما يراد ذلك لكل المكونات الأخرى، من جانب الحكومة الإتحادية والحكومات المحلية، كما هو الحال بالإقليم.. وإعتبار عمليات التغيير الديمغرافي ، التي جرت خلال السنوات المنصرمة ، والتي تجري حالياً ، غير شرعية ومناهضة للدستور العراقي ، ولكل اللوائح الإنسانية الدولية وحقوق الإنسان والمواطنة ، وهذا يعني ضرورة إستعادة المسيحيين لأراضيهم ودورهم ، وتأمين مستلزمات تحقيق هذا الهدف، بما في ذلك التعويض المالي).

ثم القى الدكتور فؤاد حسين، نيابة عن الأستاذ مسعود البرزاني رئيس الإقليم، كلمة أكد فيها على أهمية هذا المؤتمر، الذي يُسلط الضوء، على مشكلة المسيحيين، بإعتبارهم إحدى الشرائح المهمة، في المجتمع العراقي، وقال:

(كان للمسيحيين دور مهم في النضال الكردستاني ، وفي بناء الإقليم، لذلك فإن الإضطهاد الذي يتعرضون له، هو إضطهاد غير مقبول، لأنهم مكون أساسي ، شارك في بناء الوطن ، وبناء الحضارة العراقية، لقد ترك الكثير من أبناء الطائفة المسيحية، بقية أنحاء العراق وجاءوا إلى الإقليم ، الذي إحتضنهم وتضامن معهم ، ونحن نفخر بأن الإقليم أصبح مكاناً آمناً، ليس للمسيحيين فقط ، بل لكل عراقي ، لا يستطيع العيش في بقية أنحاء العراق ، نتيجة الإرهاب والظروف الأمنية ، ونحن نعتقد أن هجرة المسيحيين من وطنهم العراق ، تعني سقوط عمود أساسي من أعمدة الشعب العراقي ).

ثم القى ممثل الإتحاد الأوربي السيد (سترون ستيفنسن) كلمة هامة اكد فيها، على التضامن مع مسيحيي العراق، ومع كل الأقليات، التي تتعرض للإضطهاد والتهجير، بسبب دينها أو طائفتها أو أفكارها ومعتقداتها.

بعده كانت الكلمة للمطران صليبا شمعون ، الذي تحدث عن العلاقات الإجتماعية والتأريخية الحميمة، التي جمعت المسيحيين بأخوتهم الشبك في برطلة، عندما لم يكونوا سوى بضعة عوائل فقط ، مشيراً لتحرك ، سماه مشبوه وغير مسبوق ، بدأ في عهد النظام الدكتاتوري السابق، وتصاعد حالياً، لإخلاء برطلة من المسيحيين ، من خلال إمتلاك الأراضي العائدة لهم ، رغم صدور قرار رسمي صريح ، من الجهات الرسمية العليا، بعدم بيع الأراضي في برطلة لغير المسيحيين! وأشار المطران :

(إن بقاء هذا القرار حبراً على ورق يقود لفتنة، كادت أن تشتعل عام 2010، عندما تزامنت أعياد الميلاد المجيد، مع ذكرى إستشهاد الإمام الحسين، ولولا تدخل العقلاء من رجال الدين وشيوخ العشائر، لحدث ما لم تحمد عقباه!)

الفقرة التي تلت كلمة المطران، كانت مشهداً مسرحياً غنائياً، تناول عملية التغيير الديمغرافي، الجارية في المناطق المسيحية ، في سهل نينوى وأمكنة أخرى.

بعده جاءت كلمة الأستاذ محسن شريدة، ممثل مكتب السلام العالمي في السويد، وفيها شكر اللجنة المنظمة لهذه الفعالية الهامة، وأشار لتأريخ مكتب السلام العالمي، ولمهامه المتشعبة ونجاحاته، منوهاً لمؤتمر المكتب الأخير، في العاصمة السويدية ستكهولم، وإنتخاب الدكتور علي الرفيعي من العراق، عضواً في قيادة المكتب.

كما أعلن عن مساندة المكتب ، لعمل ونتائج هذا المؤتمر، الرافض للتغيير الديمغرافي ، الذي قال :

(إنه بدأ منذ اربعينات وخمسينات القرن الماضي، عندما تم تهجير يهود العراق، وإفراغ البلد من مكون وكفاءات مهمة ، كان الأجدر الإستفادة منها، ونفس الشيء حدث مع الكرد الفيليين ، في السبعينات والثمانينات ، واليوم يتكرر الأمر مع المسيحيين والصابئة ، وأكد في نهاية كلمته، على أن مكتب السلام العالمي يدين ، كل القوى التي تسعى ، لتمزيق المجتمع العراقي، وتفتيت وحدته الوطنية) .

ثم ألقى المهندس الإستشاري ، الأستاذ نهاد القاضي ، أمين عام هيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب الدينية في العراق ، كلمة الهيئة وجاء فيها :

(أن الهيئة كانت قد خصصت ملفاً للتغيير الديمغرافي ، ليكون من الملفات المهمة والساخنة لهيئتنا ، مما يدفعنا إلى التعاون وتضافر كل الجهود ، لمناهضة كل عمليات التغيير الديمغرافي ، للمكونات الأصيلة والأصلية في العراق، ونقف معاً سداً مانعاً ، لحماية تلك المكونات ، وإيقاف الهجرة القسرية ، التي يتعرضون لها ، سواء كانوا من المسيحيين أو الصابئة المندائيين ، أو اليزيديين أو الشبك أو البهائيين أو غيرهم . وتناشد هيئة الدفاع عن الديانات والمذاهب في العراق ، القيادات العراقية في الحكومة الإتحادية، وحكومة إقليم كردستان، بضرورة الإستعجال لحل إشكاليات المادة 140 من الدستور، وتطبيقها بالسرعة الممكنة ، لما لها من تأثير مباشر، على علاقات المكونات العراقية ، المتواجدة في المناطق المستقطعة من إقليم كردستان ، كما نناشد البرلمان العراقي ، لضرورة تشريع قوانين ، تؤمن على حقوق المكونات العراقية، وتأمين حياتهم ومناطق سكناهم ، والمحافظة على ممتلكاتهم ودور عباداتهم ).

ثم قدم الأستاذ كامل زومايا ، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، تقريراً تفصيلياً عن طبيعة المشكلة، التي تواجه مسيحيي العراق في سهل نينوى، ومما جاء فيه :

(إن الإدعاء الذي يقول ، إن أبناء شعبنا العراقي ، عاشوا بسلام ومودة بعضهم مع البعض ، هو إدعاء يفتقر إلى الكثير من المصداقية، وهو إدعاء لا يصمد أمام حقائق التأريخ ، القريب منه والمعاصر، بل ولا يصمد حتى أمام ذاكرتنا اليافعة ، فبلدنا العراق مهد الحضارات، بلاد النهرين ، والذي نحبه كلنا، كان بلداً لحكامه، ولم يكن أبداً بلداً لشعوبه.

لقد عاش العراق ، في ظل إرهاب الدولة وحروبها لعشرات السنين ، واليوم يعيش في ظل إرهاب القوى التكفيرية، والميليشيات الطائفية المسلحة ، وعجز الحكومة الطائفية عن ردعهم ، وعن حماية المكونات الدينية العراقية ، ومنها المكون المسيحي..

لقد تعرض المسيحيون المسالمون ، إلى أعمال عنف وسفك دماء وتشريد وتهجير، منذ تأسيس الدولة العراقية، ولحد سقوط النظام البائد عام 2003، وبعد عام 2003 إستبشر شعبنا، لكن سرعان ما تعرض المسيحيون من جديد، في ظل الوضع الجديد ، إلى موجات عنف متتالية، من قتل وخطف وإغتصاب وتهجير قسري).

ثم قدم القاضي زهير كاظم عبود، نظرة قانونية في التغيير الديمغرافي، ومما جاء في مداخلته :

(بالرغم من وجود الحظر الدستوري على التغيير السكاني المنظم ، فإن قانون مكافحة الإرهاب رقم (13)، لسنة 2005، لم ينص على ذكرها، ضمن الجرائم الإرهابية، التي أوردها، كما لم نجد في متن قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل ، نصاً يحكم جريمة التغيير السكاني المقصود، مما يستوجب إنسجاماً مع النص الدستوري، أن تكون هناك عقوبة رادعة ، لمن يمارس تلك العمليات، وفقاً لنص قانوني، يعاقب على إرتكاب مثل هذا الفعل).

وبعد فترة الغداء قدمت السيدة وفاء الربيعي ، الباحث الدكتور رشيد الخيون ، ليقدم مداخلة عنوانها (المسيحية.. عشرون قرناً) وفيها أشار الدكتور لحوادث من التأريخ البعيد، مؤكداً فيها أن المسيحيين ، وجدوا في ارض العراق منذ القرن الأول للميلاد ، وإنهم عملوا مع المسلمين ، وإحتل أحدهم إدارة بيت المال ، لدى أبي موسى الأشعري، عندما تولى الأخير إمارة البصرة ، ثم عرّف الدكتور العلمانية تعريفاً يخالف من يربطها بالإلحاد ، بإعتبارها أن يعمل الإنسان لدولته ومجتمعه، أما دينه فهو له، فساسون حسقيل ، الذي تولى وزارة المالية ، زمن فيصل الأول، لم يخلق وزارة مال يهودية ، ويوسف غنيمة، عندما تولى وزارة المالية ، لم يخلق وزارة مالية مسيحية ، فهما كانا يعملان لدولتهما ، ولو طُبق هذا المفهوم الآن ، لما كنا في هذا المؤتمر، ولما تحدثنا عن مشكلة في برطلة! وأشار الباحث، إلى أن أول من دعا لفصل الدين عن الدولة، كان رجلاً مسيحياً من أهل الحيرة يدعى (عدي بن زيدن) وكان ذلك قبل ظهور الإسلام بنصف قرن، حيث قال:

نُرقِّعُ دنيانا لتمزيق ديننا فلا ديننا يبقى ، ولا ما نُرقعُ

وقد إستشهد بهذا البيت ، إبن خلدون في مقدمته، عندما تحدث، كيف تتحول الإمامة إلى مُلك.



وكانت نهاية اليوم الأول من المؤتمر، ندوة حوارية، أدارها المفكر الدكتور حيدر سعيد، شارك فيها السادة خالص إيشوع ، غزوان الداودي ، القاضي زهير كاظم عبود ، الدكتور رشيد الخيون ، ألأستاذ كامل زومايا ، ومنذر صباح.

وقد قدم المشاركون في الندوة مداخلاتهم ، التي ركزت على إن الإشكالية، التي يُعقد المؤتمر من أجلها، لا تتعلق بين المسيحيين والشبك ، فالمشكلة خلقتها الأنظمة المختلفة ، ويجب حلها بهدوء وروية.

في اليوم الثاني، توجه وفد ضم 18 من المؤتمرين ، لزيارة الأستاذ مسعود البرزاني رئيس الإقليم ، بدعوة من سيادته، وكانت نتائج الزيارة مثمرة، في التضامن مع أهداف المؤتمرين ، والإستعداد لتبني التوصيات التي يتوصلون إليها .

أما فعاليات المؤتمر في هذا اليوم ، فإنتقلت إلى مدينة برطلة، حيث جرى فيها إستقبال المندوبين بالترحاب والمودة، وكانت أول فعاليات هذا اليوم ، تقديم عمل مسرحي باللغة السريانية ، ثم أعقب هذا العمل المسرحي ، مناقشة واسعة لمواد النظام الداخلي ، حيث جرى تعديل وتصويب العديد من مواده.

وبعد فترة الغداء تمت تلاوة التوصيات، التي طرحت خلال جلسات المؤتمر، أما آخر فقرات المؤتمر، فكانت إنتخاب الهيئة الإدارية، حيث رشح 11 مندوباً أنفسهم، وتم التصويت على المرشحين، ففاز 9 منهم كأعضاء، في حين أصبح إثنان منهم إحتياط، وبهذا إنتهت أعمال المؤتمر بنجاح واضح.
 

 


 

free web counter