| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

داود أمين

 

 

 

الخميس 24/6/ 2010

 

الواقع الثقافي في الناصرية

داود أمين

في زيارتي الأخيرة لمدينة الطفولة والصبا والشباب( الناصرية ) وجدت إن من واجبي أن أحاول إضاءة جوانب مشرقة من نشاط مثقفي هذه المدينة، التي إخترع أجداد سكنتها الحرف الأول، وكتبوا أول قصيدة حب، وصنعوا أول آلة موسيقية، ورتلوا فوق زقورتها أعذب الأناشيد وأرقها، ولأني من هذا الوسط الثقافي، الذي لا يزال الكثير من فرسانه يتذوقون معي ملح الصداقة القديمة الذي تذوقناه سوية قبل بضعة عقود، لذلك كان سهلاً علي الوصول لأكثرهم، وعقد محبة نامية ومتجددة مع الجيل الجديد من مبدعي الناصرية، ومن جميع الأختصاصات، وأنا إذ أقدم شكري للمبدعين الذين لبوا دعوتي لحضور هذه اللقاءات الصحفية، والمساهمة في فيض المعلومات والأراء التي طفحت به هذه اللقاءات، أجد العذر لمن لم يستطع الحضور، كما أقدم شكري لرفاقي في المكتب الصحفي في محلية الناصرية، وخاصة الرفيقين باسم صاحب وكريم عبد جبر، فقد صورا اللقاءات وساهما في بعضها .

الحلقة الأولى

موسيقيو الناصرية :

هنا الجذور، وهنا ستخضر شجرة الموسيقى من جديد
على بعد بضعة كيلومترات من مدينة الناصرية، وفي مدينة أور السومرية، كانت عازفات الإله آمون يمررن، قبل أكثر من خمسة الاف سنة، أصابعهن الرشيقة فوق أوتار القيثارة، فتنساب أعذب الألحان، في حين تصدح حناجر المغنين والمغنيات بالشجي والعذب من تلك القصائد التي حفظتها لنا الرُقُم والكتابات المسمارية التي وجدت في قصر الملكة شبعاد وقصور الملوك والأمراء والكهنة السومريين، الذين ما تزال آثارهم باقية لحد الأن، لذلك لم يكن غريباً أن يكون (المربع الماسي) للأغنية الريفية في العراق، والمتمثل بالمطربين حضيري أبو عزيز وداخل حسن وخضير حسن ناصرية وناصر حكيم، قد ظهر في مدينة الناصرية، وريثة أور وسليلة ذلك التراث الثري .

لقد كانت الناصرية وإلى ما قبل بضعة عقود، ساحة لظهور الأطوار الغنائية الجديدة والمبتكرة، وميداناً للطرب الأصيل، إذ كان لكل محلة من محلاتها فرقة غنائية أو أكثر، وكان الغناء والطرب سلوة المدينة ومتنفسها الرئيسي لتبديد أوجاع ظلم طبقي، أو لإطفاء حرقة عاشق ولهِ ومحروم، أو لتزجية وقت، أو إمتاع روح عطشانه للفرح .

الناصرية التي تتكأ على مثل هذا الموروث وتغترف من نسغ تلك الجذور العريقة، تحاول الأن إستعادة مجدها السابق في الموسيقى والغناء، نافضة غبار مرحلة عصية،  متحدية الصعوبات الكبيرة التي تواجهها، متعالية شامخة، فخورة بظهور جيل جديد من الفنانين الموسيقيين الذين إغترفوا من أساتذة بارزين، كان لهم السبق والريادة، جيل يحاول المزاوجة أيضاً وإضافة الجديد الذي يلائم الواقع الحالي وينهل من معينه. ومن أجل أن نتعرف على بعض من ممثلي هذا الجيل، وواقع الموسيقى والغناء في الناصرية الأن، كان لنا  هذا اللقاء الصحفي مع الفنانين الموسيقيين، الملحن علي عبد عيد ( نقيب فناني المحافظة ) والفنان الملحن وعازف الجلو سالم ياسر، والملحن وعضو الهيئة الإدارية لنقابة الفنانين كريم محمد عاشور.

كان سؤالنا الأول عن ملامح فن الغناء في الناصرية والسمات التي ميزته عن بقية المناطق ؟

الفنان الملحن سالم ياسر يجيب قائلاً : في السابق، أي قبل قرن وأكثر، لم تكن هناك آلات موسيقية، فكان المطرب يستخدم ( الوّنه ) وهي ما نسميه الآن ب( الزّنه ) أي اللازمة الموسيقية للطبقة الصوتية المرافقة للأداء، وقد إشتهر مطربو الناصرية بهذا اللون من الغناء الذي أنتج مجموعة من أشهر أطوار الغناء الشائعة الأن، ومن بين أشهر من أدى هذه الألوان داخل حسن وحسن العُبُد وخضير مفطوره وجبار ونيسه وغيرهم . وقتها لم يكن الغناء شيئاً معيباً، بل كان المطرب يتمتع بحضوة ومنزلة لدى الخاصة والعامة، وكان الناس ينظرون اليه بإحترام وتقدير.

الفنان علي عبد عيد يضيف قائلاً : كانت أمهاتنا في السابق يغنين لأطفالهن أغاني الهدهدة والتنويم، وفق إيقاعات تختلف حسب وضع أطفالهن وحالاتهم الصحية والنفسية ، فمرة يكون الأيقاع بطيئاً وهادئاً ومرة سريعاً وعالياً، وقد ترسخت هذه الأيقاعات في الذاكرة الجمعية لأجيال متعاقبة من أبناء مدينة الناصرية، التي يقال أن بانيها ومؤسسها والذي سميت المدينة بإسمه وهو ( ناصر الأشكر ) كان يقول لسكنتها لازمة مشهورة تقول { لو توّن .. لو ترتاح .. لو تلزم الباب ! } أي إن لم تكن من أصحاب الونين ( أي الغناء ) فلا مكان لك بيننا ! ويقال أن الأشكر نفسه سأل مرة مستغرباً( هل بيننا من لا يجيد قول الشعر والغناء ؟ ) فقيل له إن ( رومي الشعلان )وكان رجلاً صابئياً لا يجيده، فأرسل في طلب رومي، وسأله عن صحة ما يشاع عنه، من أنه لا يجيد قول الشعر وهي {نقيصة} لا يسمح بمثلها بين أبناء مدينته ، فأُحرِج الرجل ولكي ينقذ نفسه من سطوة هذا الشيخ المتسلط، صاح آه .. آه ثم إنطلق يغنى :

الناس، أهل المثل كالو، معادين (معادن)
إنخلكنه، وللتراب إحنه، معادين
(
نعود)
شيوخ المنتفج، صارو، معادين
(
من العداوة)
يباشا إدخيل عندك حِنْ عليّه

فضحك الشيخ وأطلقه، ومهما تكن صحة هذه الرواية أو عدم صحتها، فهي تعكس عشق الناصرية وأبنائها للغناء والشعر والطرب .

النشاط المدرسي ودوره في تطوير وإشاعة الموسيقى
قلت للفنانين الحاضرين لننتقل لدور مديرية النشاط المدرسي، فحسب معلوماتي القديمة كان لهذه المديرية دورها الرائد والمتقدم في مجال الموسيقى والنشيد وإخراج الأوبريت، فكيف هو دورها الأن ؟

الفنان علي عبد عيد يبادر للجواب قائلاً : يمكن تقسيم المراحل التي مر بها النشاط المدرسي في الناصرية الى ثلاث رئيسية هي :

المرحلة الأولى هي فترة وجود الفنانين كمال السيد وبهجت الجبوري وحسن الشكرجي وغيرهم من ذلك الرعيل الأول من المبدعين في قيادة النشاط المدرسي، حيث إرتقاء الثقافة نهاية الستينات وبداية ومنتصف السبعينات، بسبب ظروف الحرية السياسية النسبية، والأمان النفسي والأجتماعي الذي رافق تلك الفترة.

المرحلة الثانية هي الفترة الممتدة بين عامي 1980 و1988 أي فترة الحرب العراقية الأيرانية، إذ تحول النشاط المدرسي خلالها الى ما يشبه المؤسسة العسكرية، فكل شيء من اجل المعركة، ولمصلحة الجهود الحربية للدولة، وقد إستمرت ملامح هذه الفترة لمرحلة ما بعد حرب الكويت، وفترة الحصار الأقتصادي .

المرحلة الثالثة هي مرحلة ما بعد سقوط النظام عام 2003، والتي إتسمت بداياتها بعملية إقصاء شاملة لكل ما يتعلق بالموسيقى والغناء والنشاط في هذا المجال. ولكننا وأمام واقع يحاول تهميشنا وإقصاءنا، لم نيأس أو نتهاون، وواصلنا التحدي وتقديم كل ما هو وطني وإنساني، وأجبرنا من حاولوا إبعادنا على قبولنا وإحترامنا.

الفنان كريم محمد عاشور يكمل فكرة زميله علي قائلاً : في بداية السقوط لم أعمل في النشاط المدرسي كموظف على الملاك الدائم، بل عملت بعقد وبراتب ضئيل، وعندما واجهتني تلك الأجواء الغريبة في الإقصاء والتهميش، والتي تحدث عنها زميلي علي،  كرهت النشاط المدرسي، ولكن عندما بدأ النشاط الحقيقي يعود الآن، كما كان في السابق، عشقت مكان عملي، ووضعنا الأن أفضل من السابق بكثير.

الملحن سالم ياسر يضيف : النشاط المدرسي، كما هو معروف، مؤسسة تربوية تعني بالتلاميذ في أوقات الفراغ ، وهي تشرف على معلمي التربية الفنية في جميع المدارس، وهؤلاء المعلمين مهمتهم تحفيظ التلاميذ الأناشيد المدرسية، وكل مشرف موسيقى منسب على النشاط، لديه زيارتان في كل أسبوع لكل مدرسة.

الفنان علي عبد عيد يعود مجدداً للكلام فيضيف : لقد قمت، في إطار النشاط المدرسي، بتدريب 40 طالبة جميعن من الصف الرابع العام ، وكان هدفي أن يقدمن الأناشيد، وبالفعل قدمت معهن مجموعة من الأناشيد أعادتنا لزمن السبعينات، والأن في نيتي إستقطاب جيل جديد من العازفين، بإختيار 30 طالباً من المدارس المختلفة .

دور النقابة في المحافظة والمركز، في دعم النشاط الموسيقي
قلت للفنانين لننتقل لنقابتكم، سواء فرعها المحلي في المحافظة أو في المركز، ماذا قدمت لأسناد وتطوير نشاطاتكم الموسيقية ؟

يجيب الفنان سالم ياسر قائلاً : النقابة في الجوهر معنية برعاية الفنان إذا مرض أو تقاعد أو إحتاج لسلفة مالية، أو لدورة أو كورس في الداخل والخارج، وقد تهتم أيضاً بتطوير وتوطيد العلاقات الأجتماعية بين الفنانين وعوائلهم ألخ، أما نشاطاتها ودورها في تطوير وبرمجة وتفعيل العمل الموسيقى فلا أحسه، وربما هي غير معنية به .

الفنان علي عبد عيد يضيف لكلام زميله قائلاً : علاقاتنا كموسيقيين داخل نقابة الفنانين في الناصرية طيبة جداً، وعددنا في المحافظة 37 موسيقياً، بينهم 12 يمكن إعتبارهم من النخبة في الحضور الفني والأبداع، ولكن بودي التأكيد إننا وقبل يوم 18|11|2008، حيث تكونت هيئة إدارية جديدة للنقابة، لم يكن لنقابتنا مكان ، أعني مقر، ولا أثاث ولا حتى ورقة، ولكن بعملنا وإصرارنا وتواصلنا مع المسؤولين في المحافظة والمركز إستطعنا أن نعزز من قيمة الفنان، فحصلنا على مقر ثابت وأثاث، وكذلك وبجهود النقابة تم فحص ثلاث فنانين مرضى في مستشفى (البيطار) كما قامت رئاسة الوزراء بتكريم عدد من الفنانين بمنحهم مبلغ مليون دينار، كما إستطعنا نقل الفنان ( عبد الباري العبودي ) بطائرة خاصة من مستشفى الناصرية الى بغداد، كما تم تكريم عوائل الفنانين الراحلين مادياً ومعنوياً، كما قمنا بتكريم الفنانين الرواد ايضاً، وكانت النقابة الصوت المدافع عن الفنان أمام من يريد تهميشه، بإختصار أستطيع القول أن الهيئة العامة راضية عن عمل النقابة، التي هي لجميع الفنانين من موسيقيين وتشكيليين ومسرحيين، وليست مقتصرة على الموسيقيين فقط.

مشاركات متنوعة
وأسأل مجدداً :هل شاركتم خلال هذه السنوات الأخيرة، أعني فترة ما بعد سقوط النظام الصدامي، في مهرجانات موسيقية محلية أو قطرية؟

الفنان علي عبد عيد يرد قائلاً : عام 2008 وفي دورة الشاعر الفقيد رشيد مجيد في مهرجان الحبوبي، شاركنا بأوبريت ( سفينة الطوفان ) وكان من الحاني، وقد شارك في هذا الأوبريت 50 ممثلاً وعازفاً ، وفي ( نهارات المدى الخامس ) عام 2006 والتي خصصت للناصرية، قدمنا مسرحاً وموسيقى وتشكيل، المشكلة أن دائرة الفنون الموسيقية التابعة لوزارة الثقافة غير فاعلة في دعم النشاط الموسيقي في المحافظات، فمثلاً يقام في بغداد مهرجان بإسم الفنان ( داخل حسن ) ولا تشارك فيه الناصرية مدينة داخل حسن، اليس في ذلك مفارقة؟!

الفنان كريم يكمل قائلاً : لقد تم تشذيب عدد العاملين في( بيت الغناء الريفي في الناصرية ) التابع لوزارة الثقافة من 30 الى 7 أشخاص، وهم ليسوا على الملاك الدائم، بل بعقود تشغيلية، ولا مكان لديهم للعمل والتمرين، والطريف إنهم لا يستلمون مخصصاتهم الشهرية من الوزارة، والبالغة 125 ألف دينار للواحد، إلا بشق الأنفس، وبعد فترة قد تصل الى ستة أشهر، وبعد أن يقدموا {سي دي} عليه بعض من نتاجهم، وهذا في رأيي إهانة لمدينة التراث ولفنانيها ومبدعيها.

 الفنان علي عبد عيد يكمل: في الناصرية أيضاً هناك ( البيت الثقافي) التابع لوزارة الثقافة ويديره الأخ علي عبد الكريم، ولكن لا نشاط ثقافي محسوس لهذا البيت، والأن طرحنا على مديره فكرة التعاون من أجل المساهمة في مشروع ( كركوك عاصمة الثقافة ) وحصلت الموافقة، ولكن لم نبدأ بعد في التفاصيل.

ألأعلام في الناصرية متابع ومنصف
قلت للحاضرين : لقد لمست حضوراً جيداً لممثلي الصحف والفضائيات ووسائل الأعلام الأخرى في معظم النشاطات الثقافية التي شهدتها في المدينة، وأسأل هل أنصفكم الأعلام أم العكس؟

يجيب الفنان علي عبد عيد قائلاً : نعم لقد أنصفنا الأعلام وغطت معظم الفضائيات العاملة في المدينة نشاطاتنا وتابعت أخبارنا، ونحن نسجل إمتناننا لفضائية العراقية ومراسلها الصديق رياض عباس، وكذلك للفيحاء والرشيد ولصحيفة المدى ومراسلها الصديق حسين العامل، ولصحيفة طريق الشعب والمكتب الصحفي في الناصرية، وللصحفي عدنان الفضلي والكثيرين من الزملاء الأعلاميين، وهنا بودي القول إننا حَمَلة رسالة نبيلة، ولدينا فكر نريد تقديمه للناس، وعندما تتوفر النوايا الخيرة لدينا فإن العمل الفني يزدهر ويتقدم ويعطي ثماره المرجوة، ولكن ومع الأسف أحياناً يكون الخلل فينا ومنا .

الفنان كريم محمد عاشور يوضح بشكل أكثر ملموسية فكرة زميله علي فيقول : أجد من الضروري أن أؤكد وبوضوح وصراحة إن عدداً من العاملين في المجال الموسيقي ماديين! نعم أتفق مع البعض في أن المادة هامة، ولا يمكن للفنان العمل مجاناً ودون مقابل، ولكن أن يكون المال هو الهدف الرئيسي والنهائي، فهذا هو المرفوض وغير المقبول، إنه خلل وعلى المعنيين التخلص منه.

يعود الفنان علي عبد عيد ليؤكد : نحن خرجنا من عباءات الفنانين المعروفين بهجت الجبوري وفتاح حمدان وحسن الشكرجي وغيرهم من الفنانين الكبار، الذين لم يكونوا يفكرون مطلقاً بالمال، عندما أبدعوا أعمالهم الفنية التي لا تزال عالقة في ذاكرة المدينة وأبنائها، وأتمنى أن نحظى جميعاً بروحية أؤلئك وأن نقتدي بهم .

حاول البعض تهميشنا ولكننا صمدنا !
لننتقل للواقع السياسي والثقافي الحالي في الناصرية_ قلت للفنانين_ فهو مختلف تماماً عن فترة النظام الدكتاتوري البائد، هناك الآن تيارات وأحزاب دينية تقود السلطة، وسمعت إن ميليشيات مسلحة  كانت تمارس كم الأفواه، وتحليل وتحريم ما يعجبها وما لا يعجبها، وفي مقدمة ما لايعجبها الفن والموسيقى والغناء تحديداً، ماذا تقولون في هذا الأمر؟

الفنان علي عبد عيد يجيب قائلاً : قلت أن السنوات الأولى بعد السقوط كانت سنوات ملتبسة وغير مفهومة، فالبلد بكامله وليس الناصرية فقط، عاش عملية مخاض عسير، وخلالها ضاعت الكثير من المقاييس، ومن بينها الموقف من الفن، ومن الموسيقى تحديداً، ولذلك حاول البعض إقصاءنا وتهميشنا، ولكن صمودنا وإصرارنا ومثابرتنا، وتقديمنا لكل ما هو مشرق وأصيل ومتقدم، بالإضافة لإرث الناصرية العميق في الفن والطرب، كانا عاملين هامين ومتلازمين ليس لبقائنا فقط، بل لإستعادة نشاطنا الموسيقي، ونحن نؤسس الأن لنشاط موسيقي طليعي، يعيد الناصرية لمواقعها الأولى كما كانت في السابق، في مهرجان الحبوبي الأول مثلاً، وكانت فترة سياسية صعبة، قدمنا أوبريت ( الماء والتراب ) وكان من كلمات حازم رشك وألحاني، فوقف جميع الحاضرين، وهم يصفقون، إحتراماً لما قدمته الفرقة الموسيقية من شكل ومضمون.

الفنان سالم يضيف : إن قدوم الفرقة السمفونية العراقية للناصرية وعزفها أمام زقورة أور السومرية الخالدة، ووسط جمهور غفير من أبناء المدينة وضيوفها من العراقيين والأجانب، وبحضور رسمي من مسؤولي المدينة، لدليل آخرعلى إن الفن الموسيقي المشرق له مكانته وإحترامه وهيبته، وأنه قادر على فرض نفسه رغم نفوذ المعترضين.

الفنان كريم يضيف : لقد إحتضنت الناصرية أيضاً وبالإضافة للفرقة السمفونية وبالتعاون بين نقابة فنانيها وهيئة الإعمار في المحافظة الفنان ( علي جودة ) في حفل موسيقي وغنائي جميل، وكذلك  إحتضنت فرقة خشابة مدهشة، قدمت للجمهور الشيق والمبهج من ذلك الطرب الأصيل.

الفنان علي عبد عيد يضيف : كل الأحزاب والقوى المتنفذة الموجودة في الساحة السياسية في الناصرية تحتاجنا من أجل مصالحها، خصوصاً أيام الأنتخابات، نحن نعرف أن الكثير منهم يكذبون عندما يتظاهرون بأنهم رعاة الفن والفنانين، فالنظرة المتخلفة لأكثرهم هي في الجوهر ضدنا، ما عدا الشيوعيين، ونقولها دون مجاملة، فهم الذين ندرك رؤيتهم المتقدمة للفن ودوره في الحياة.

هل هناك أزمة نصوص وأصوات ؟
أعرف أنكم جميعا من الملحنين، وعملكم في هذا الميدان يتطلب نصوصاً جيدة ومقبولة وأصواتاً مناسبة، وسؤالي لكم يتلخص في وفرة أم ندرة هذين العنصرين ؟

الفنان كريم محمد عاشور يقول : الناصرية لا تخلو من الخامات الموسيقية، وما تفتقر له المدينة  هو المؤسسة المتخصصة التي ترعى هذه الخامات وتستنهض تلك الطاقات المعطلة!

الفنان سالم يضيف : هناك أصوات شابة كثيرة وواعدة، وحتى أصوات نسائية مهيئة للعطاء، ولكن الواقع الحالي ، والذي ننحت بالصخر من أجل تغييره، يعرقل أن ترى تلك الطاقات فرصتها ونأمل أن يتغير هذا الواقع في الغد المنظور.

الفنان علي عبد عيد يؤيد ما قاله زميلاه مضيفاً : لايمكن للناصرية إلا أن تكون ولودة بالمطربين والملحنين وكتاب النصوص الغنائية الممتازة، إذ ليس معقولاً أن تنجب المدينة داخل حسن وحضيري وناصر حكيم وخضير مفطوره وجبار ونيسه وحسين نعمة وفتاح حمدان وصباح السهل وعلي  جودة وكمال محمد وطالب القرغولي وكمال السيد وحسن الشكرجي، وزامل سعيد الفتاح وزهير الدجيلي وكاظم الركابي وعادل وجليل وعبد الأمير العضاض والعشرات غيرهم من المطربين والملحنين والشعراء، ليس معقولاً أن تنجب كل هؤلاء المبدعين ثم تكف عن العطاء! لذلك أؤكد لك إن ملحني الناصرية كثيرون، فهناك حوالي 13 ملحناً، نحن الثلاثة من بينهم، وإلى جانبنا يقف الزملاء عباس عودة ضاري وجاسم خضير وفاضل عبد الجبار وغيرهم، كما إن لدينا عازفين رائعين، وعدد كبير من كتاب النصوص الجميلة.

وقبل أن أنهي هذا اللقاء غنى الفنان علي عبد عيد أغنية ( هاي ديرتنه وهويه ) وهي من الحانه، كما إشترك الفنانون الثلاثة في أغنية( داري بالناصرية، بالناصرية )   

 

 

 

free web counter