| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

داود أمين

 

 

 

                                                                                       السبت 16/6/ 2012

 

في أربيل
ليلة طرب لا تُنسى مع الموسيقى التركمانية

داود أمين

كما توقعت في قراري الصائب والمتأخر بالعودة للوطن، كانت ليلتي (الوطنية!) الأولى ممتعة بل إستثنائية، ففي أربيل عاصمة إقليم كردستان، وفي حديقة فندق (الفوانيس الأربعة) ووسط جمهور عراقي، يتشكل من جميع قوميات شعبنا المختلفة، كانت الفرقة الموسيقية التركمانية القادمة من مدينة طوزخرماتو، والمكونة من ثمانية عازفين، تقوم بدوزنة آلاتها، فالليلة ستقدم لجمهور الحاضرين ستة من المطربين التركمان.

عريف الحفل الشاعر صادق عساف رحب بوزير الثقافة والشباب الكردستاني الدكتور(كاوة محمود) وبنقيب الفنانين العراقيين السيد (صباح المندلاوي) وبوفد النقابة والفنانين القادمين من بغداد وبجمهور الحاضرين، الذين إمتلأت بهم حديقة الفندق.

الوزير كاوه محمود

رذاذ الماء الذي كان يُرش أوتوماتيكياً فوق رؤوس الجالسين، كان يساهم في كسر حماسة صيف يحاول التبكير بفرض شروطه، والكلمات التي ألقاها، وزير الثقافة الكردستاني، ومدير الثقافة التركمانية في وزارة الثقافة الكردستانية، كانت دالة ومختصرة، رغم إن الوزير قالها بالتركمانية والكردية والعربية، ويبدو أن الجميع كان يدرك أن الليلة للموسيقى والغناء فقط.

بدأ الحفل بأغنية جماعية ساهم فيها ستة مطربين تركمان، وقف أربعة منهم  بزيهم القومي، المتكون من قميص أبيض وفوقه زبون مشدود بحزام، وعلى الكتف الأيسر يستريح يشماغ يمتد من أسفل البطن لأسفل الظهر، هذا الزي لم يكن يختلف كثيراً عن الزي البغدادي المعروف، سوى أن (الجراوية) البغدادية تحولت هنا لطاقية بيضاء لتغطية معظم الرأس.

الفنان مراد قاسم

عريف الحفل قدم أول الفنانين التركمان، وقد شنّف الفنان (مراد قاسم) أسماع الحاضرين بصوت صادح وجميل، ورغم جهلي باللغة التركمانية، وربما معظم من شاركني الطاولة، فقد شدتني طريقة الأداء واللحن العراقي، الذي أحسست أنه ليس غريباً عني، فهو مبثوث في اغانينا العراقية، متنوعة الجذور والأعراق، بعده عاد عريف الحفل ليقرأ أشعاراً تركمانية أحسست من طريقة إلقائه كم هي دالة ومؤثرة.

الفنان مفيد غني

الفنان (مفيد غني) بزيه التركماني الأصيل، وزبونه الأزرق الداكن، كان ترتيبه الثاني بين المطربين، وبصوت قوي وممتليء شد الفنان مفيد الحاضرين في مقام يقطر حزناً وحنيناً وعذوبه.

الفنان عقيل زهاو

عريف الحفل الشاعر (صادق عساف) عاد مجدداً لقراءة نماذج من أشعاره قبل أن يقدم الفنان (عقيل زهاو)، الذي لبس نفس الزي القومي ولكن بلون زبون فاتح، وقدم الفنان عقيل مقاماً رائعاً قبل أن يختمه ببستة جميلة، ثم يختم بأغنية (يم العيون السود ما جوزن أنا) إكراما - كما قال - لضيوف بغداد.

الفنان مظهر عبد المناف

الفنان الرابع في هذه الوصلة الغنائية والموسيقية التركمانية، كان المبدع (مظهر عبد المناف)، الذي واصل مشوار زملائه في تقديم المُدهش والجميل من الألحان التركمانية .

وكان مسك ختام الغناء الفردي وصلة للفنان (حسين فاضل) الذي قدم مقاماً وبستة رائعتين، ثم أختتمت الليلة التركمانية، من الموسيقى والطرب العراقي الأصيل، بأغنية جماعية ساهم فيها، بالأضافة للمطربين الخمسة، الذين قدموا أغان منفردة، مطرب سادس هو الفنان (عصام نشاو)، الذي غنى مقطعاً منفرداً، كما فعل بقية زملائه الخمسة.

الفرقة بكاملها

ومن الجدير بالذكر أن المطربين الخمسة قدموا وصلاتهم الممتعة بمرافقة فرقة موسيقية، تتكون من ثمانية عازفين بقيادة عازف العود الفنان (آرسن جمال)، وعضوية الفنانان (أحمد علي ومصطفى نهاد) على آلة البزق،والفنان (عباس فاضل) على آلة الأورك، والفنان (أحمد محمد عباس) على آلة الكمان، والفنان (ميثم غني) على الناي، والفنان (سعد الله رسول) على الإيقاع، وعلى العود أيضاً الفنان (أحمد بنّه). وكانت الفرقة الموسيقية تقوم أيضاً بمرافقة عريف الحفل الشاعر (صادق عساف) أثناء تقديم فقرات أشعاره، فأضفت على جو الأمسية لمسة ساحرة.

الحقيقة إن ليلتي الأولى في الوطن، كانت إستثنائية بحضور هذه الحفلة المميزة، إذ وأنا في منتصف عقدي السابع أحضر ، ولآول مرة في حياتي، حفلاً موسيقياً وغنائياً لفنانين تركمان، ينتمون للقومية الثالثة من قوميات شعبي، المتنوع الأعراق والأطياف، وأتساءل مع نفسي كم نحن مقطوعون عن بعضنا؟ ولماذا أنا المهتم والمسكون بالطرب والغناء، لا اعرف إلا الآن، كم هي عميقة وعذبة وقريبة وعراقية هذه الألحان التركمانية ؟ ويمتد تساؤلي ليقول لماذا لا تستضيف بغداد والبصرة والحلة وبقية المحافظات هذه الفرقة التركمانية، وهي فرقة مدينة واحدة، ومن المؤكد أن هناك فرق موسيقية مثلها في مُدن أخرى، ليستمع ويستمتع المهتمون والفنانون في مُدننا العربية، بصوت أخوتهم ومواطنيهم التركمان، كما إستمع وإستمتع الحاضرون في مدينة أربيل؟ .

 

 

free web counter