| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

داود أمين

 

 

 

                                                                 الجمعة  14 / 2 / 2014

 

عرب الدانمارك يجتمعون ، لتأبين الشاعر المصري الكبير ، أحمد فؤاد نجم

داود أمين

في ظاهرة مُلفتة، نتمنى لها أن تتكرر وتدوم، تضافرت مساعي وجهود، تيار الديمقراطيين العراقيين في الدانمارك والرابطة المصرية، والبيت الفلسطيني، والملتقى الثقافي العربي، ومؤسسة عرب دانمارك للإعلام، في إحياء حفل تأبيني، وسط العاصمة الدانماركية كوبنهاكن، حفل يليق بقامة ثقافية عملاقة، كقامة فقيد الثقافة والثورة والنضال، الشاعر المصري الكبير أحمد فؤاد نجم.

بدأت الأمسية مساء يوم الخميس، الثالث عشر من شباط 2014، عندما إعتلى عريف الحفل، ب(جلابيته الشعبية المصرية) المسرح ، ليتحدث بشاعرية أخاذة عن (الشاعر الذي حوَّل الكلام إلى غناء، لأنه الطائر الذي ما فتأت جناحاه، تشقان عباب السماء، لأنه نجم! ومن فينا لا يعرف نجم!؟)، وبعد أن شكر الحاضرين، الذين غصت بهم قاعة الإحتفال ، المزينة بشاشة كبيرة حملت صورة الراحل ، قدم عريف الحفل ، السيدة سوسن لتُلقي كلمة المنظمات العربية ، التي سعت لتنظيم حفل التأبين.

وفي كلمتها اشارت السيدة سوسن، لتعرفها وجيلها على الشاعر نجم ، منذ سبعينات القرن الماضي ، عندما كانت قصائده تصل لجامعة القدس، فتتلاقفها الأيدي وتلتهب بها المشاعر، كما سردت السيدة سوسن ، محطات هامة من حياة نجم ، منذ إشتراكه في أول مظاهرة، نظمها عمال المطابع الشيوعيين المصريين عام 1946، إذ (كان من الواضح أن أحمد فؤاد نجم ، بحسه المرهف وذهنه المتيقظ ، يستطيع رصد المشاعر الطبقية وتحليلها، ثم نقلها ببساطة إلى الناس ، وكأنه أشهر معلم.. لكن هذا المعلم لم يتعلم لا في الجامعة، ولا على مقاعد الدراسة ، بل في الشارع وفي المصنع ، فقد عمل في كل المهن ومختلف الأعمال ، علَّمه السجن وعلَّمته الحياة..

لقد حاولت السلطات التعتيم ، على أحمد فؤاد نجم ، الذي أمضى حياته بين سجن وآخر، لكن قصيدته (جيفارا مات)، التي لحنها وغناها الشيخ إمام ، نشَّرته ، ثم كتبت سهير القلماوي ، مقدمة ديوانه الأول، وبعدها كتبت عنه فريدة النقاش، وبعدها كتب كثيرون..

لقد أحب نجم بلده مصر، وعلمنا حب مصر، (الأم البهية بثياب الفلاحة).

ثم قدم عريف الحفل، الفنان العراقي الجميل، الملحن كوكب حمزة ، الذي تحدث بحميمية ودفء ، عن علاقته الشخصية والفنية ، بالراحل احمد فؤاد نجم، والتي تعود لعام 1983 عندما إلتقيا في دمشق ، وإتفقا على مشروع مشترك لأغنية ( الكوميديا السوداء )، لكن زياد الرحباني سبقهما، عندما قدم مشروعه المشابه ( أنا مش كافر )، فصرفا النظر عما إتفقا عليه!

وأشار الفنان كوكب، لعام 1989، حيث طلب من نجم ، قصيدة لا تصلح كمشروع أغنية، ليلحنها ويقدمها هدية له، في عيد ميلاده السبعين ، والذي سيحل في ذاك العام ، فقدم الشاعر للملحن قصيدة ( دموع إيزيس ) فلحنها كوكب، وأعطاها لصوت مغربي ، كان قد إكتشفه حينذاك ، هو صوت الفنانة ( أسماء المنوَّر )، التي حفظت الأغنية وقدمتها في القاهرة امام نجم، في حفل عيد ميلاده السبعين.

ثم أشار الفنان كوكب حمزة للقاء منتظر مع نجم ، كان يُفترض أن يكون في هولندا والدانمارك ، لكن غياب نجم المفاجيء، أجهض ذلك الموعد والإتفاق! ولم يتمالك كوكب مشاعره ، إذ تحشرجت الكلمات بين شفتيه، وغصت عيناه بالدموع.

ثم عرضت الشاشة الكبيرة التي توسطت المسرح، اغنية ( دموع إيزيس ) بصوت الفنانة المغربية أسماء المنور، فكانت قطعة فنية رائعة ، لثلاثة عمالقة كبار ، هم شاعر وملحن ومُطربة.

بعدها قدم عريف الحفل ، الأستاذ هاشم مطر، منسق تيار الديمقراطيين العراقيين في الدانمارك ، حيث قدم كلمة التيار ومما جاء فيها (أي جرح أصابك نجم فهو جرحنا، وأي كلام قلته فهو لنا، وأي شعر تفتقت قريحتك عنه، هو حزننا، فقد قاربت بين مسارين ، واحد هناك في حوض نيلك النجاشي الأسمر، وحوضين في أرض السواد، هما دجلة والفرات ، هما السواد إلا عزاء ورثاء.. أشعارك يا نجم تُطلق فينا روحاً من حماس ، كتلك الأهازيج في ساحة التحرير، مقاماً للمناضلين الأشداء، من أجل مصر ديمقراطية حرة، تبقى رائدة على مر السنين ، فيكون العراق نظيراً لها، بعراقته وأبنائه الشجعان ، الرافضين لكل أنواع العسف والمظالم.. هي البلاد التي تنوح روحها بألف سؤال ، كي تستشرف غداً منيراً وسط الظلام الكثيف ، الذي يلف مدنها وبساتينها وحقولها، هذا الظلام هو ظلام المتحاصصين ، وهو لا يشبه ظلام العراق الجميل!..

وإذ نتشرف اليوم بوقوفنا على منصتك يا نجم ، فنقول نحن الديمقراطيين العراقيين أهلاً لها، كما قلتها أنت ألف مرة للمصريين! وبأمل كبير يستعد العراقيون بتحالفهم المدني الديمقراطي ، دخول الإنتخابات القادمة ، رغم كل مساويء القانون الذي ضمن للكتل الكبيرة مصالحها ونواياها، لكن أملنا كبير بأن شعبنا سيختار الأفضل...

وإذ نتذكر اليوم النجم فؤاد ونحتفل بتأبينه، فإننا في العراق نؤبن كذلك فؤاد، إنه فؤاد سالم ، الفنان العراقي الكبير، الذي قاوم مع الشرفاء، كافة صنوف العسف والظلم ، وغنى لبلاده أجمل الغناء، رحل فؤاد عن مصر، ورحل فؤاد عن العراق ، فما أجمل الفؤادين ، وما أفدح الخسارتين؟!).

بعد إستراحة قصيرة تناول الجمهور خلالها القهوة والشاي والمعجنات، قدم عريف الحفل الفنانَين، الموسيقي الفلسطيني نسيم الدقم ، والمسرحي العراقي حيدر أبو حيدر، في عمل مسرحي موسيقي مشترك ، كتبه الأستاذ هاشم مطر، وفيه تناوب الفنانان على العزف ، بالعود والزنجاري ، والغناء المنفرد والمُشترك ، لأشعار مصرية وفلسطينية وعراقية ، وحوار بينهما تناول محطات من حياة الراحل نجم ، لينتهيا بأغنية الشيخ إمام (همهم همهم.. همهم هم)، وسط تصفيق الجمهور وإعجابه.

وكانت آخر فقرات الحفل التأبيني ، تقديم فرقة ( طارق الحاج ) بصحبة الفنان محمد الشال والفنان طاهر المرزوق ، لثماني أغنيات رائعة ، هنَّ من أشهر قصائد أحمد فؤاد نجم ، وغناء الشيخ أمام ، وهي (همه مين وإحنه مين؟ وقومي يا مصر قومي وشدي الحيل ، ودوله مين دوله مين.. دوله عساكر مصريين؟ ويا غربه روحي روحي، ومصر يمه يا بهيه، وآه يا عبد الودود، وصباح الخير على الورد اللي فتح، وحلولا يا حلولا).

وفي الختام تم تقديم باقات الورد للمساهمين في الحفل ، الذي غصت قاعته ، بجمهور من معظم البلدان العربية، ومن الجدير بالذكر أن الجمهور كان مساهماً فعالاً ومشتركاً في معظم الفقرات الغنائية.



 

free web counter