| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

داود أمين

 

 

 

الجمعة 13/2/ 2009



الشهيد صاحب ناصر( أبو جميل )

داود أمين

منذ منتصف الخمسينات، كانت عائلة الشهيد صاحب ناصر جزءاً من ذاكرتي، فهذه العائلة الكبيرة واحدة من عوائل محلة الجامع الكبير في الناصرية، ولم يكن بيتنا يبعد كثيراً عن بيتهم الذي تميّز بشناشيله الجميلة وبإتساعه ووقوعه في الطابق الثاني، كنا نسميه ( بيت رحيمه ) نسبة لجده لأمه، وكان خاله ( عبودي رحيمه ) شيوعياً ورياضياً معروفاً في الناصرية، وأحد أبطال كمال الأجسام في الخمسينات، قبل أن تقطع أحد ساقيه لأصابته بالسرطان!
في الأبتدائية كنا معاً في مدرسة واحدة ولكن صاحب كان يصغرني قليلاً لذلك لا أتذكره بوضوح، في حين أتذكر أخوته جبار ومحمد علي والكبير حسون.

في شباط 1962 إنتقلنا لمحلة الأسكان، في صوب الشامية، وكانت عائلة صاحب ناصر قد حصلت هي أيضاً على بيت في هذه المحلة الجديدة ، وكانت ساحة كرة القدم ملتقانا، وكذلك باص المصلحة ثم المقهى الوحيد في المحلة .
بعد سنوات أصبح صاحب ناصر لاعب كرة سلة شهير، وعضواً في منتخب المحافظة لهذه اللعبة، وكانت ميوله يسارية، مثل معظم رياضيي الناصرية وفنانيها ومثقفيها، بل معظم شبابها، وقد إنتظم في صفوف الحزب ضمن تنظيم كان يقوده الفقيد ( بدر جلود) لكنه إنقطع بسبب ضربة توجهت للتنظيم ولم يستمر، وفي أوائل عام 1972 كان صاحب ناصر أول من فكرت في إعادة ترشيحهم للحزب، ولم يتردد عندما فاتحته بالموضوع هو والفقيد سعد عبد الله، إذ رفعا رسالتيهما معاً وترشحا مجدداً للحزب وضُما لخلية ( غسان ) التي نُسبت لمسؤوليتها أواسط عام 1972 ، وكان معهما في هذه الخلية الفقيد علي السعيدي والرفيق محمد كريم ( أبو هناء ) والرفيق شاكر إبراهيم (أبو عماد) والرفيق حميد عبد السادة، وقد إعترف لي الشهيد صاحب بعد فترة طويلة نسبياً من إنضمامه للحزب أنه ورفيقه سعد كانا يشكان أنني لم أزل محسوباً على تنظيم القيادة المركزية! وإنهما كانا يدققان في حديثي طوال فترة مسئوليتي لهما، حتى أيقنا أنني في الحزب وليس لي علاقة بتنظيم أخر!

بعد أشهر وبعد توسع التنظيم في الناصرية، إنتقل الشهيد ورفيقه سعد للتنظيم العمالي، حيث أصبحا من قادة هذا التنظيم، وعند إفتتاح مقر الحزب في الناصرية عام 1974 عمل صاحب في إستعلامات المقر، وفي عام 1977 أرسل صاحب للدراسة الحزبية في بلغاريا وأرسل قبله رفيقه سعد الى موسكو ليدرسا هناك، ومع بدء الحملة ضد حزبنا أواخر عام 1978 أنهى صاحب دراسته الحزبية في بلغاريا وأصر على العودة للوطن رغم صعوبة الظروف، في حين أرسل الرفيق الفقيد ( أبو نبأ ) الذي كان معه في نفس دورة بلغاريا الى اليمن.

التقينا في بغداد أوائل عام 1979 ، وكنت مختفياً مع عدد من الرفاق في بيت في الحيدرخانة، وقد عملنا معاً خلال هذه الفترة في تنظيمات الحزب السرية، ونجحنا في ربط عشرات الرفاق من الناصرية والبصرة ومدن الفرات الأوسط وحتى الرمادي، كما نجحنا في إخراج عشرات الرفاق المكشوفين والمعروفين خارج الوطن، ومن مختلف الطرق بما فيها مطار بغداد !

أتذكر في تلك الأيام الصعبة رحلاتنا المشتركة الى سلمان باك وجلساتنا في مقاهي بغداد البعيدة عن الأنظار في شارع الكفاح والصالحية وغيرها من المناطق، وأذكر أنه رغم صعوبة ظروفنا أمنياً وإقتصادياً، فقد كنا نتمتع بالمرح ولا تفارقنا روح الدعابة والنكتة !

وحين توفرت لنا إمكانية مغادرة الوطن، وكان الشهيد صاحب يعرف تفاصيلها، وقد فوتح بأن يغادر هو أيضاً، لكنه رفض وأصر على البقاء والأستمرار في العمل السري. وكان في وداعي عندما غادرت الوطن يوم 28/3/ 1979 ولم أعرف أخباره إلا حينما التقيت بشقيقتي إنتصار في التسعينات، لتحدثني عن دوره في العمل السري بين الناصرية وبغداد، وكيف ساهم في إخفائها والشهيدة سحر في بيوت أقاربه والبيوت الحزبية التي يعرفها، في بغداد والناصرية، حتى إختفائه عام 1982 وكانت تعتقد أنه في الخارج أو في كردستان، في حين أنه كان في أقبية الأمن، حيث إستشهد تحت التعذيب !
 


 

free web counter