| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

داود أمين

 

 

 

                                                                                       الخميس 12/4/ 2012

 

اللقاء الأنصاري في يوتوبوري
إستعادة للتأريخ، وتجديد لعلاقات لم تنقطع !
(1)

داود أمين

أكثر من 120 نصيراً ونصيرة تجمعوا في إحدى الغابات الواقعة في ضواحي مدينة يوتوبوري السويدية، ورغم برودة الطقس، وتواصل نزول الثلج، وهو أمر نادر في شهر نيسان، وبداية الربيع الإسكندنافي، أقول رغم هذا الطقس غير المتوقع، والذي حرمنا من ممارسة واحد من طقوسنا الأنصارية الرئيسية والثابتة، وهو إشعال النار والإلتفاف حولها، فإن حرارة المشاعر بين الأنصار طغت وسادت ودفأت برد الخارج .

سيارات الأنصار كانت محتشدة حول المكان المتكون من ثلاث بنايات مستقلة ومنفصلة عن بعضها، والتي تم حجزها جميعاً للفعالية، التي تهيأ لها فرع رابطة الأنصار في يوتوبوري، وأنجزها بكفاءة وإقتدار .

نهار الجمعة 6 نيسان، كان أول أيام الفعالية التي إستمرت ثلاثة أيام، وفيه كانت مجاميع الأنصار تفد إلى المكان، قادمة من العديد من مدن السويد ومن الدانمارك وبريطانيا وهولندا والنمسا، ومع مرور ساعات ما بعد الظهر ، كانت ملامح الصورة تكتمل، فالطاولات رصت بعناية، والكراسي صفت حولها، في البناية التي تتوسط البنايتين الثانيتين، والتي ستكون مركز الفعاليات طوال أيام التجمع، صور الأنصار المُكبرة مرصوفة بعناية وإنتظام على جدارين من القاعة المستطيلة، في حين إحتل جدار ثالث معرضاً لرسوم الكاركتير، للنصير ( أبو بسام ) أما الجدار الرابع فقد تقاسمته بقية رسوم الكاركتير ولوحات تشكيلية للنصير الفنان ( أبو فائز ). طعام الغداء (يابسة على تمن) كان معداً في وقت مبكر، من قبل ( الخدمة الرفاقية ) وهو مصطلح أنصاري،  والجائعون القادمون من أمكنة شتى، يتناولونه برغبة ومتعة .

ملامح الوجوه والأجساد تغيرت كثيراً، فما يفصلنا عن آخر عام لحركتنا الأنصارية يقترب من ربع قرن، وهناك من غادر كردستان قبل أحداث بشتاشان، أو بعدها بقليل، وهناك من لم يحضر لقاءاً أنصارياً كهذا، فشحبت ملامحه من الذاكرة، لذلك لم يكن غريباً أن تسمع بين المتحاضنين عبارات مثل ( ما معقولة!! ) ( يمعود كول غيرها صدك إنت فلان!؟ ) ( وين هاي الصلعة من ذاك الشعر اليهفهف!؟ ) أو ( شنو هاي.. قابل سجاد كاشاني ! ) و ( شنو إنت متكبر؟ الله عليك مصابغ شعرك؟ ) وكانت كاميرات الفديو والتصوير، بيد معظم الحاضرين، تثبت اللحظات الفالتة من هذا الزمن الإستثنائي، وتسجل ملامح أخرى لتفاصيل وجوه حفرت السنوات فيها ندوباً وآثار، لكن أرواحها ظلت نقية وشفافة ووفية لذلك التاريخ المشترك المجيد .

ولأن الجسد لم يعد بفتوته السابقة ( والحيل مو ذاك الحيل ! ) فقد رميت نفسي على أول كرسي، ورحت أراقب حركة الآخرين بعين الفضول والترصد، لصيد ما يفيد كتابة هذه المادة، وكان أشد ما يسعدني هو تلك المشاعر التلقائية التي تتدفق من الحاضرين وهم يقابلون وجوهاً غابت عنهم سنيناً، إذ تمتزج خلالها الضحكات بالدموع، والكلمات المرتبكة، بالأسئلة المبتورة! ومثل أولئك كان اللقاء بيني وبين الرفيقة ( مرام ) بشرى برتو حميماً ومؤثراً، فنحن لم نلتقِ منذ عام 1991، وكنا قد عملنا معاً سنوات في تحرير صحيفة (نهج الأنصار) في كردستان، ولنا من تلك الفترة ذكريات وطرائف.

الجميل أن عدد النصيرات، وحضورهن في هذه الفعالية كبير هذه المرة، وكن كما في كردستان فعالات ونشيطات، وقد أضفن على المكان والفعالية بهجة كانت غائبة أو ناقصة في المرات السابقة، ومع ساعات النهار التي تمضي، كان المساء يتسلل للقاعة، والبرد خارجها يجبر المدخنين، وعاشقي الهواء الطلق، على الدخول وإشغال المقاعد.

(أبو هادي) العريف المزمن لمثل هذه الفعاليات! يتناول المايكرفون ( وألف دولار لليكدر ياخذه من إيده ! ) ويبدأ البرنامج المفتوح، والذي يساهم فيه الشعراء كامل الركابي وحميد الموسوي، وغنى أحد الأنصار ( أنت عمري ) على طريق ( إنت خليتني اعيش الحب يبو جبار ألف حب !) الرفيقة نوروز أمسكت هي أيضاً مايكرفون وبدأت في مسلسل دارميات، أطول من مسلسل مكسيكي، ولأن ( بُطلي ) ظل بالسيارة فقد إنتشيت من (ساسك رمل هيال) و(يا يمه إنطيني الدربيل) و( يحمام يحمام يحمام ) وغيرها، وإزدادت نشوتي مع الدبكة النسائية التي تنوعت فيها الأغاني والألحان، حيث يتفوق فيها من علا صوته وحفظ جم بيت من الأغنية! ( وماريده ماريده الغلوبي .. وعيونه سود سود محبوبي ) و( جان الكلب ساليك.. لاله لاله خيي.. ياعذابي ) و ( هيلا يابو الجريده ) و( نخل السماوه يكول )، ومع هذه الأغاني إندفع العزيز كامل الركابي للرقص وشاركه ابو صبا وأنوار، ثم غنى الرفيق ستار عناد ( أبو بسام ) وكان النصير حيدر أبو حيدر يمسك الدف ويدق بحرفيّة وإتقان.

بعد العشاء الذي أعد من قبل رفاق الخدمة الرفاقية المتطوعين، إستمر البرنامج المفتوح، والذي شجع النصير أبو فائز لإمتحان صوته في مقام لا علاقة له بالمقام، وقد عصت بحنجرته ( ألو ) وظل يرددها مرات  ومرات، وأخيراً وقبل أن تخرج أرواحنا أتحفنا ب ( يايبه معود يايبه ) فتنفسنا الصعداء ! ولكنه في غناء المربع كان متمكناً، وقد أعطى الخبز لخبازته ! والدليل إن عدداً من الراقصين الجدد دخلوا الميدان كسمير طبله وطه ( كمال ) وأبو حيدر الذي كان يهز كتفيه بحرفيّة عالية .

المطبخ الملاصق للقاعة كان خلية نحل نشطة، فأبو حبيب وابو سالار وابو خالد عجين، وعدد آخر من المتطوعين يمدون مناضد القاعة بطاسات الزلاطة وأكواب اللبلبي والباقلاء وصحون الأكل، وقسم آخر من المتطوعين كانوا يراقبون الزجاجات التي تفرغ، وكل ما يلحقها من قشور الكرزات وغيرها فيضعوها في أكياس القمامة ويرموها خارج القاعة.

كانت المناضد عامرة بزجاجات متنوعة الأشكال والمضامين، وكانت الكؤوس تُفرغ في البطون لتطير مضامينها مباشرة نحو الرؤوس. المبادرات الفنية إستمرت، وأبو حازم قرأ بإجادة قصيدة ( ميلن لا تنكطن كحل فوك الدم ) مما دفع فوقي وسلام دو  وأبو سيف وأبو حيدر وأبو حسن ( حبيب ألبي ) على نزول ساحة الرقص، وهنا تشجعت الرفيقة عايدة ( سوسن ) للغناء، فقدمت أغنية ( علي جرى ) وظل البرنامج لساعة متأخرة من الليل، حيث بدأ التسلل نحو أسرة النوم .

 

يتبع

 

 

 

 

free web counter