السبت 5/12/ 2009
قصة قصيرة
هدية لأُمي
بلقيس الربيعي
راحت تحملق في وجوه صديقاتها في المدرسة وكل واحدة تتباهى بالهدية التي احضرتها لأمها في عيد الأم . ” أنا سأهدي لأمي خاتماً ،” قالت انجيلا . وردت مريم بزهو قائلة : ” وأنا احضرتُ لها منديلاً جميلاً لتربط به شعرها .
إبتسمت سمر وهي تتأمل وجه انجيلا وقالت :
ــ هل يصادف عيد ميلاد امك يا انجيلا مع عيد ميلاد ام مريم ؟
ضحكت انجيلا برنة صافية وقالت :
ــ لا يا سمر إنه ليس عيد ميلاد امي أو ام مريم ، بل اليوم هو عيد الأم ومعظم الأبناء يقدمون هدايا لأمهاتهم في هذا اليوم ، وانتم الم تحتفلوا في بلادكم في عيد الأم ؟
وردًت سمر قائلة :
ــ لا اعرف. فقد غادرت وطني مع اهلي وعمري لم يتجاوز الست سنوات ، لكن اذكر في إحدى المرات حدثتني امي عن طفولتها وكيف كانوا يحتفلون في مثل هذا اليوم من ايام الربيع ويسمونه
( الدخول ) . . كانت تقول بأن العوائل في المدينة يعدًون الأكل والشراب والحلويات ويخرجون الى البساتين ويقضون النهار في كنف الطبيعة الخلابة . الأطفال يمرحون مع بعضهم وبعض الرجال يرقصون ( الجوبي ) .كما روت لي امي بأن امها كانت تشتري لها ولأخواتها جرار صغيرة من الفخار ولأخوانها أباريق وتخيط قماش ابيض ( ململ ) وتحشيه بالشعير وتضعه حول الأباريق و الجرار وتملأها بالماء يومياً وبمرور الأيام يعشًب الشعير ، وفي يوم ( الدخول ) ينزعون العشب ويرمونه في النهر .
” الطقوس جميلة عندكم يا سمر ، “ قالت انجيلا .
وبعد المدرسة هرولت سمر مسرعة الى البيت، تفكربالحديث الذي دار بين انجيلا ومريم . كانت حائرة لا تدري ما تفعل وليس معها هدية لتقدمها الى امها .
” امي انتِ ينبوع الحياة وانتِ كل شيء لي في هذه الدنيا. احبك يا امي وانت ِ في قلبي، ولابد لي ان اقدًم لك هدية ولو بسيطة هي مثل هذا اليوم ! ” راحت تردد مع نفسها .
توقفت برهة عند المنتزه الذي يقع في طريقها الى البيت واخذت تصغي الى شقشقة العصافير بين اشجار المنتزه . إنتقل بصرها فجأة الى شجرة تحمل العديد من ازهار الدفلى الحمراء ، وتذكرت حديث امها عن الأزهار وكيف انها قرأت مرة بأن الشاعر نزار قباني تغزل في وردة الدفلى.
“ لماذا لا اقطف لها زهرة وأقدمها هدية في عيد الأم ؟ اكيد ستفرح بها “ قالت مع نفسها .
تلفتت حولها لتتأكد من خلو الشارع من المارة، إستطاعت جر صخرة الى اسفل جدار المنتزه وصعدت عليها. إشرأبت بعنقها من سياج المنتزه فرأته مزداناً بأزهار الدفلة الحمراء والبيضاء. إرتعشت قليلاً ، وبحركة سريعة مدًت يدها الصغيرة و قطفت زهرة حمراء ونزلت. تكومت على الأرض لصق الجدار مأخوذة بالخشية من ان يكون قد رآها احد . ثم مشت على عجل وبما يشبه الهرولة ، حلًت إحدى ظفائرها لتنزع الشريط عنها وربطت به الوردة . كانت تحدًق بالوردة و تقبلها ثم تلزًها الى صدرها و تدندن مع نفسها :
” الورد الأحمر يا ماما يسوى الفضة ويسوى الماس .. والورد الأحمر ….”