| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

بلقيس الربيعي

 

 

 

الأثنين 28/9/ 2009



سماوتك لم تنساك‏

بلقيس الربيعي

في الذكرى 25 لاستشهاد ابو ظفر وصلتني كتابات مجموعة من رفاقه ومعارفه انقلها كما هي :

هاشم نعمة
كانت المحطة الأولى في تعارفنا هي ثانوية السماوة للبنين في الصوب الصغير والوحيدة في مدينتي .. إنتقلنا لها في نشوة فرحتنا بإجتياز إمتحان البكلوريا للمرحلة الأبتدائية . إنتقلنا من أزقة الطفولة وبراءتها .. الى أول خطوة في طريق المستقبل المنشود ، وكان عنفوان الرغبة متوهجا في رسم خارطة الطريق نحو النجاح الأفضل .

لقد انصهرت افكارنا ومعاناتنا وهمومنا في بوتقة واحدة ... وكان رفيق الدرب معنا الأخ يحيى صاحب الزعيري . كنا نرسم طريقنا بخطى ثابتة ، المثابرة والأجتهاد والثقافة الذاتية ، وكانت ثقتنا عالية في تحقيق احلامنا لأن إصرارنا كان قويا ومنبثقا من وعي ومعاناة الحياة البسيطة التي كنا نعيشها في ذلك الوقت .

كانت هوايتنا المفضلة هي قراءة الكتب ، وكنا نرتاد المكتبة العامة الوحيدة في السماوة بشكل يومي تقريبا ، وكان بيننا منافسة في عدد الكتب المقرؤة ونتناقش في محتواها دائما . كانت أفكارنا ومداركنا تتنقل بين نجيب محفوظ وطه حسين والمنفلوطي وسلامة موسى وإحسان عبد القدوس وأرنست همنغواي وسيجموند فرويد ... الخ ونضجت شخصياتنا من خلال هذه القراءات وتبلورت افكارنا وكنا نشعر بالفخر بأننا سبقنا أعمارنا في الإدراك والتفكير بخطى ثابتة .

ففي لقاءاتنا كنا نتحدث بأمور حياتنا العامة والخاصة . فهمومنا متشابهة وهذه لها علاقة بظروف البلد وتخلفه اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا . وظروف المعيشة صعبة جدا وليس هناك من مغريات في الحياة ، فالحرمان عام ونحن جزء منه .

كان الشهيد ابو ظفر صادقا ، وفيا ، محبوبا ومتفوقا في دراسته . وحين كان لايزال طالبا في كلية الطب كانت لديه رغبة وإستعداد لدراسة الحقوق في الدوام المسائي . ليس لديه إهتمامات جانبية في حياته سوى الدراسة وا لقراءة والتثقيف الذاتي . كان ذو افكار تقدمية وليس لديه إنتماءات سياسية خلال حياته الدراسية الى ان تخرج من كلية الطب ، بعدها اصبح طبيبا وتبلورت لديه فكرة الأنتماء الى الحزب الشيوعي العراقي بعد ان كان صديقا للحزب .

صادق صاحب الزعيري
كان الدكتور الشهيد ابو ظفر يكبرني بثلاث سنوات على الأقل وكان صديقا حميما لأخي الشاعر يحيى صاحب الزعيري . فهما يحملان نفس المباديء الماركسية وكانا متحمسين لهذا المبدأ ويسعيان الى نشره بين زملائهم من الطلبة .بعد ان تخرج من كلية الطب تمّ تعينه طبيبا في معمل سمنت السماوة .
فأعجبتُ بتواضعه وبساطته وإبتسامته التي لا تفارق شفتيه . سمعتُ عنه الكثير من عمال شركة سمنت السماوة حيث كان يعمل طبيبا هناك . كان العمال يكنون له الحب لعنايته الكبيرة بهم وبعوائلهم وتتبعه المستمر لحالاتهم المرضية .

وبعد تهدم جدار الجبهة وبدأت حملات الأرهاب والتصفية الجسدية والهجمة الشرسة على الحزب الشيوعي العراقي ، وفي نهاية عام 1978 غادر الوطن مرغما وعمل طبيبا في اليمن الديمقراطية ، بعدها التحق بصفوف انصار الحزب الشيوعي في كردستان . استشهد في سبتمبر 1984 ، وبكيناه دما .

بعد سقوط النظام طالبتُ أن يُطلق اسم الدكتور محمد بشيشي على احد الشوارع أو على مستشفى أو مستوصف في السماوة لأنه ضحى بحياته من اجل حرية الوطن .

لم ننساه ، وهو يسكن قلوب الجميع ويأوى الأرواح .

وفي الأحتفال الذي أُقيم في السماوة في ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي القيتُ قصيدة وأهديتها الى الشهيد ابو ظفر قلتُ فيها :

(1)

هل أنت شيعيٌ ؟
هل أنت سنيٌ ؟
من أنت إذن ؟
عراقيٌ أنا ... عراقي الهوى والماء والطين ِ
هويتك ؟
هويتي النخل والنهران والبساتينِ
إذن أنت شيوعيٌ !
نعم ألا ترى النجوم الحمر فوق هامة العالم
تعلوها نياشيني ؟
نعم أنا أُدعى شيوعيٌ
من منهم ينازلني ويلويني ؟


(2)

أنا سومر وبابل
وأول حرف خُط في التأريخ
من خلقي وتكويني
أنا من ... أنا من أرثُ السيط على الظهور
وقطار الموت الستيني
والله لو متُ شنقاً أو بالقتل المجاني
وقُيض أن احيا ثانية لعدتُ شيوعياً
إن كنت تسأل من أكون أنا
أنا جرح كبير يهزأ بالسكاكينِ


(3)

أنا بوح الحمامات
أنا عصفور شعرٍ
يزقزق في الأفانين
أنا فرح الحضارات
أنا عبير الخلق
من منكم يوازيني ؟
عراقيٌ لن يكون بديله المنفى
أنا باقٍ ولو بقروا شراييني
أنا باقٍ فليس حقيبة وطني
سأحملها الى المنفى فتأتيني
وطني لن أعيره ككتاب
ولا سلعة أبتاعها فتشريني
بلادي أنتِ جنة خلدٍ
فكيف يبيع جنات بغسلين ِ ؟

(4)

نعم أنا أُدعى شيوعيٌ تزوجت النضال
ومن يعقد قران المجد يفخر بالقرابين
أنا من حرّض الأجيال
وفك القيد من عبد ومن قيني
ألا ترى رجال الشمس
تسطعُ في سماواتي وارضيني ؟
ألا ترى طلائع الآتين تهتف بالملايين
من يعشق الشمس يرض بالدياجين
فحيناً نعتلي صهوة التأريخ
وننكسُ تارة بعض الأحايين
فكم عصفت بنا ريحٌ
وكم عتِمت بنا كل الزنازين
سأبق اسًمي حبل مشنقتي
إرجوحة الموت أطويها فتطويني
سأبق رغم سجًاني وجلادي
سأبقى رغم مقصلة السلاطين


(5)

أنا باقٍ هنا كنخل بلادي
أموت وقوفاً رغم شرخ سنيني
نيف وسبعون تتلوها وتكتبها
أسفار مجدٍ تزهو بالدواويني
نيف وسبعون عشناها بلا دعة
ما بين منفى وتشريدٍ وتدجين
نيف وسبعون لا طاغٍ ولا تتر
يلوي عنان الحزب يا بئس المجانين
نيف وسبعون تدعونا فنتبعها
هذا الوليد البكر لا يألوا يناديني
تعالوا انتم فرسان هذا العصر
تعالوا يا رفاق اليوم والأمس
نرسم خارطة اخرى للعالم بالخط الأحمر
نرسم إشارة التأريخ بلون دمي

فلون دمي أزهى التلاويني .


د . سعد محمد شاكر

“ كنا نسكن في زقاق واحد و انهينا الدراسة الأبتدائية سوية . وفي عام 1964جمعنا صف دراسي واحد في ثانوية السماوة الوحيدة في مدينتنا في ذلك الوقت . اكملنا الثانوية بتفوق ودخلنا كلية الطب وتخرجنا عام 1970. تعين ابو ظفرطبيباً في معمل السمنت في السماوة ، المدينة الوادعة الحالمة . كان ظاهرها يتسم بالهدوءالماكر الحكيم ، ولكنه يستبطن العنفوان ويرنو الى الأبداع والتجديد وتفجير طاقات الشباب المثقف الواعد . وفي مقدمة الطليعة كان ابو ظفر ... ، كالنخلة باسقة الطول كبرياءًا وشموخاً ، وكسعفها تواضعاً ورحمة وكثمرها عطاءاً وحباً لمن يعرفه ومن لا يعرفه ... كالنخلة كان ثابتا على مبادئه وعلى الدوام تتعمق جذورها في الأرض الطيبة ، وإن تعرضت النخلة للريح مهما كانت شدتها فلا نجد منها إلا حركة لابد منها في سعفها مع تساقط الثمر ، بجني من حولها .. هكذا عرفتُ ابو ظفر ولهذا احببته ....”

المجد والخلود لك يا ابا ظفر










 


 

free web counter