موقع الناس     http://al-nnas.com/

الجزء الأول

 
في الذكرى الثانية والعشرين لإستشهاد الدكتور محمد بشيشي الظوالم

( ابو ظفر )

 

بلقيس الربيعي

الأربعاء 27/9/ 2006

ستبقى حاضرا رغم الغياب

لا اعرف كيف أبدأ ومن أين , لكي أصف ما أحسه منذ رحيلك حتى اللحظة , إذ لن تكفي كل الكلمات الموجودة في الآرض للتعبير عما تركه غيابك العاصف في حياتي , ولا لوصف ما أحسه تجاهك , فما بيننا يا أبا ظفر ليس كما بين الناس ..ما بيننا تأريخ طويل ...زمن تكتظ وتتناغم فيه الذكريات والصور الرائعة الجمال ، عن حبنا الذي عمدته الحياة بأنفاسها الخالدة ... إن جذوة هذا الحب لازالت وستبقى تتوهج في قلبي وفي ضميري . فهو تاريخي بل أجمل ما فيه لآنك كنت رمزاً لكل شيء أعشقه وأعتز به .

لقد كنت يا ابا ظفر إنسانا بمعنى الكلمة ، وقد اتسمت حياتك بالتواضع والبساطة مما جعلك قريبا الى كل من تعرف عليك وعمل معك . لذلك ستظل وستبقى حاضرا في ذاكرة من احببتهم وأحبوك ، وها هم رفاق دربك يتحدثون عنك وكأنك بينهم .

¤¤¤¤¤¤¤¤

الدكتور عبد الله احمد بكير
وزير الصحة العامة ( سابقا )

" كان الدكتور ابو ظفر خير مثال للشيوعيين يحتذى به حيث عمل دون كلل أو تردد جنبا الى جنب مع رفاقه اليمنيين في المرافق الصحية من اجل مكافحة الأمراض وعلاج المرضى من اليمنيين . لقد عرفت مؤسساتنا الصحية المختلفة سواء في المدن أو الريف الدكتور الشهيد ابو ظفر حيث قدم خدمات جليلة في مستشفيات عدة .
إن إستشهاد الدكتور ابو ظفر لايعتبر خسارة للحزب الشيوعي العراقي فقط وإنما خسارة لكل العاملين في المجال الصحي . وسيظل المواطن اليمني يتذكر الخدمات الجليلة التي قدمها له أثناء حياته في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية "

أبو نهران
" كان (ابو ظفر) واحدا من اهم الأشخاص والرفاق الذين صادفتهم في حياتي . فهو و بما امتلكه من طيبة وخلق يندر مثيله ، يعتبر كالظواهر الغريبة في زمن رديء . فقد كان يتوقد ذكاءا وإخلاصا ووعيا وحكمة , ففي المفرزة المقاتلة , كان نصيراً شجاعاً يتعمد مواجهة الخطر دون إدعاء أو إستعراض أو حب ظهور , لقد إتكأ على مهمته كطبيب لكي يكون أول المشاركين في حميع المعارك , التي كان خلالها مقداماً غير هياب ولا مكترث للخطر , وفي مهمته كطبيب كان لا يتوان عن السير ساعات وساعات من أجل ان يصل الى مريض محتاج ليقدم له العون والمساعدة , وفي الجوانب الفكرية والسياسية كان يتمتع بوضوح مدهش لرؤية الواقع ومتغيراته , وقدرة نادرة على تفسيره , لم يكن مجاملاً في الحق , ولا طامح في موقع او مكانة لا يستحقها , كان يعرف قيمة نفسه , ويدرك تماماً ما لديه من خصائص , وفي الجانب الخاص من شخصيته كان أباً وزوجاً مثالياً لا يتكرر , لذلك إكتسب وفاءاً نادراً أيضاً من زوجة لا تمل ذكراه ! "

د. عبد الحسين شعبان
" دافيء وقوي مثل نسر ، مقدام حد الموت . عندما تتفحص عيناه تشعر بالثقة والإطمئنان وتلاحظ انك امام مشروع شهيد . حي أو ميت لإسمه رهبة الأبطال ، نموذج خاص للرجال الواثقين ،هاوري ( رفيق ) ابو ظفر هكذا يناديه الفلاحون الاكراد ، وهو يحمل حقيبته الطبية ويجول القرى والقصبات ، يعرفه الخابور ودجلة والفرات . يكتب عن الحب ويحمل صورة زوجته ورسائلها في صدره . "

جاسم الحلوائي
" لقد التقيت بالدكتور ابو ظفر لقاءا عابرا على سفح جبل كردستاني بعد معركة بشت آشان بأيام قليلة . كان مع مجموعة من الأنصار يهم بمغادرة المكان بعد أن أنجز مهمة طبية . استوقفه الرفيق ناجي يوسف ( ابو ليلى ) ليعرفني به . توقف لبضع دقائق وغادرنا . اول ما جلب إنتباهي فيه طوله وقيافته ووسامته . وتركت تلك الدقائق القليلة إنطباعا ظلّ عالقا في الذاكرة رغم مرور هذه الفترة الطويلة . إنه عفوي ولايتكلف في تصرفه ، ذكي وسريع البديهة وخفيف الظل . بعد أن غادرنا حدثني ابو ليلى عن جرأته وثقافته ومثابرته وجديته وطموحه وحبه لزوجته وأطفاله. وكلما سمعت أو قرأت عنه لاحقاً .
وما سمعته عنه من ابو ليلى كان يعزز ذلك . فقد كان رجلا حقيقيا خسره الحزب والشعب العراقي وهو في مقتبل عطائه ونضوجه ، وقد رحل مرفوع الرأس ومنسجما مع نفسه . "

ابو خولة
" تربطني بهذا المكافح الباسل علاقات المودة ، ولاحظت فيه حساسية الوعي للمسؤوليات السياسية وقوة الملاحظة . كان لا يبخل على زملائه وخاصة على مرضاه بالمعاملة الطيبة ورؤية الأمل بالمستقبل .ولازلت احتفظ بالذكريات الطيبة عن لقاءاتنا واحاديثنا .
زوجتي ام خولة ، ما زالت تحتفظ بذكريات جميلة عنه وعن الروعة الإنسانية للطبيب المناضل . فكم كان يجهد نفسه حتى فوق طاقة التحمل البشري كي يتفقد الآخرين ويوفر العلاج والرعاية لمن إحتاجهما . "

ام محمود
" سيبقى ابو ظفر في قلوبنا ولن انسى مواقفه الإنسانيى ما حييت. كان الشهيد الدكتور ابو ظفر طيب المعشر وسرعان ما يكسب ود رفاقه ، وكل الذين توفرت لهم الفرصة للعيش او للعمل معه احسّوا بحرارة مشاعره اتجاههم . فهو متواضع ، مستقيم ولم يعرف الخوف او اليأس الى قلبه سبيلا .عشت انا وزوجي ابو محمود مع الشهيدفي عتق ( اليمن ) والقامشلي وكردستان ، وكان بحق نعم الأخ والرفيق والطبيب يندر مثيله في هذا الزمان .
لقد سقطت صريعة المرض مرتين وكدت افقد حياتي في كلتا الحالتين لولا مساعدة الشهيد ابو ظفر.ففي المرة الإولى حين كنت في عتق ( اليمن )واصبحت حاملا لكن حملي صار يهدد حياتي بالخطر . فقد كان مستشفى عتق يفتقر الى صالة عمليات وطبيب تخدير وحتى الى مادة التخدير ، لكن موقف ابو ظفر الإنساني انقذني من موت محتم.فبينما كان يقوم بالعناية بي سمع صوت طائرة عمودية تهبط في عتق ، فسارع الى مكانها وطلب من المسؤولين على متنها المساعدة في نقلي الى عدن لإجراء عملية على وجه السرعة وفعلا تمّ ذلك بفضل جهود الشهيد وتفانيه .

أما الموقف الثاني فقد كان في القامشلي ونحن بانتظار الدخول الى الوطن . اصبت بالتدرن الرئوي الحاد بسبب صعف مناعتي والجو التعيس الذي كنا نعيشه ، ومن حسن حظي كان الدكتور ابو ظفر يعيش معنا في البيت واستطاع أن يشخص حالتي مبكرا ، لكنه لم يخبر احدا بذلك سوى زوجي الذي وقع عليه الخبر وفع الصاعقة.لم يخبرني بالمرض في بادئ الأمر ، تحت الحاحي اخبرني بكل هدوء واعطاني التعليمات وإتبعتها بدقة وبعد اسبوعين من العلاج أصبح وضعي جيدا . طلب تسفيري الى دمشق للنقاهة قفل ان ادخل كردستان .
لحد الآن لم المس الطيبة والإنسانية التي يتحلى بها الدكتور ابو ظفر عند الأطباء الذين اراجعهم .
سيبقى ابو ظفر في ذاكرة كل من عرفه وله على كل لسان وشفة ذكرى ومحبة "

ابو علي
" الحديث عن الشهيد الدكتور ابو ظفر ، يعني الحديث عن شيوعي حقيقي . من الصعب أن تلتقيه وتنساه . سجايا الشيوعي الحقة كانت فيه . فور التحاقه بمفرزة زاخو ، استطاع أن يعكس خصال الشيوعي الحقيقي الى اهالي المنطقة ، والحقيقة تقال فقد أبرز وجه الحزب وأوضح للناس ماذا يعني أن يكون الإنسان شيوعيا . كثيرا ما يتحول البيت الذي تحل فيه المفرزة ـ وهو من اعضائها ـ الى عيادة ...الطبيب فيها لا ينظر الى ساعته ولايتوانى عن إبداء اقصى ما يستطيع وحتى ساعة متأخرة من الليل . وكم ليلة حُرم فيها من العشاء أو النوم لإنشغاله بمعالجة المرضى . لقد كان إنسانا بحق في تعامله مع الناس . والى جانب عمله كطبيب للمفرزة والمنطقة ، كان يحرص على المشاركة في جميع النشاطات ويكتب المواضيع لمجلة المفرزة ويعد المحاضرات ويدرب الرفاق على الإسعافات الأولية ويسهم في تنظيم إدارة المفرزة والإشراف على تغذية الرفاق ويشارك في الإحتفالات .
كان يشيع جوا من المرح وهو سريع النكتة وله إطلاع واسع في مجالات عدة وله جذوة متقدة في داخله للتعلم .وكان كل من إلتقاه يتأمل فيه مستقبلا ودورا في مسيرة الحزب .من الحوادث الجريئة والطريفة أن إحدى القرويات كان الدكتور ابو ظفر قد عالجها وكتب لها وصفة دواء تشتريها من دهوك ،وحينما ذهبت الى الصيدلية قال لها الصيدلي : "إن هذا الطبيب شيوعي ." وعندها ردت عليه قائلة : " الله يخليه خوش دكتور ،لو دزونة بعد مثله للمنطقة جان ما بقى مرض ." أن الحديث عن المواقف الإنساية للشهيد ابو ظفر لاتعد ويعرفها جميع الرفاق الذين عملوا معه .هكذا كان خريج طب بغداد وأخصائي الأطفال ، وابن محافظة المثنى البار . "
 

يتبع