| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

بلقيس الربيعي

 

 

 

 

الأثنين 10/9/ 2007

 

 


رصاصة الشرف

بلقيس الربيعي

جمعتها الصدفة مع فاطمة في إحدى ردهات المستشفى حيث ترافق ابنتها التي اجريت لها عملية استئصال الزائدة الدودية .كانت فاطمة تقف ساعات امام النافذة وهي شاردة الذهن وكانت لاتلبث أن  تحدث نفسها ، ثم تترك النافذة لتجلس على كرسي قبالة سرير ابنتها وكل عرق في جسدها ينبض بالقلق وفجأة تجهش بالبكاء ، بكاء مر يفصح عن الم عميق .وحين تتسابق احداث الأيام الماضية الى عقلها تقف مبهوتة حين تتذكر ابنتها التي ارغمت على ترك ديارها لتنجو هي واطفالها هربا من اخذ الثأر.لكن صوت سعاد وهي تناديها اخرجها من افكارها المتصارعة .



ـ فاطمة ! أراك قلقة وتحدثين نفسك احيانا . ابنتك يتحسن وضعها ، فما الذي يقلقك بشأنها ؟
زفرت فاطمة بألم كمن يود طرد القلق وقالت :
ـ لست قلقة على ابنتي هذه ، بل إني قلقة على ابنتي الثانية ، احلام
ـ الم تقولي أنها متزوجة ولديها أطفال ؟

ـ اجل إنها متزوجة من مغترب وهي سعيدة معه .

بعد أن نفثت تيارا قصيرا من الهواء ، قالت : " سأروي لك قصة ما حصل لها ، قد لاتصدقين . "

"في يوم لم اكن فيه في البيت ، فقد صحبت ابني في بعض الشؤون . كانت الشمس تملأ باحة الدار والأطفال الثلاثة يلعبون تحت شجرة السدر التي تتوسط الباحة . كانت احلام مستلقية على سريرها بعد تعب النهار وسهمت ببصرها الى الأعلى كأنها تتأمل نقطة في السقف وتحلم باليوم الذي سيصل فيه زوجها . حاولت أن تغفو قليلأ فراحت في سبات متقطع صحت منه بعد قليل مذعورة على وقع اقدام على سطح المنزل . أنهضت نصف جسدها العلوي وجلست على السرير للحظات تسترق السمع .استدارت بجسدها ، وانزلت ساقيها وظلت هكذا ثم نهضت . مشت بقدمين حافيتين لاتكادان تلامسان الأرض ووقفت وراء النافذة مأخوذة بالدهشة والحيرة وباغتها شعور بالقلق .إنه ابن الجيران الذي يريد أن يرغمها على أن تحبه رغم انه يعرف بأنها متزوجة ولديها أطفال .

ـ افتحي باب السطح وألا سأتسلق الجدار وانزل !

ارتدت الى الوراء ورفعت يدها في الهواء مهددة .

ـ ابتعد عن طريقي ، أنا متزوجة واحب زوجي ، ولاتشوه سمعتي .
ومن تلفونها المحمول اتصلت باخوته تطلب منهم النجدة ، لكنهم لم يسمعوا نداءها .اتصلت باخيها علّه يصل مبكرا ويخلصها منه .
ساورها خوف شديد . ماذا تفعل يا رب العالمين لو أنه فعلأ نزل ؟ جالت ببصرها في ارجاء البيت وطلبت من اطفالها المكوث داخل الغرفة ورددت مع نفسها "كيف اترك نفسي يعبث بها هذا المتهور ؟ إذن يجب أن افعل شيئأ . " وفجأة لمعت في ذهنها فكرة قتله والتخلص منه ، ولا شيء غير البندقية وإتخذت القرار .
اجتازت باحة الدار محتمية بشجرة السدر و صوبت البندقية بإتجاهه .

ـ عد من حيث اتيت والآ ستكون نهايتك على يدي !

ـ فلتكن لكن بقربك .
بدأ قلبها يخفق بعنف وايقنت إن هذا اليوم المشؤوم لن يمر بسلام . وهمست لنفسها : " هل تفعليها يا احلام وتتخلصين من هذا المتهور الذي يريد أن يدنس شرفك وسمعة عائلتك بأسم الحب ؟ دبّ الخوف فيها . حبست انفاسها وكتمت صرخة كادت أن تخرج من اعماق روحها . وفي لحظة امتزجت فيها الشجاعة والخوف معا ضغطت على زناد البندقية واطلقت النار عليه واردته قتيلأ في الحال . وشعرت كأنها أزاحت كابوسا ثقيلأ عن صدرها ."

ـ وماذا حصل بعد ذلك ؟

ـ ما أن سمع اخوته صوت اطلاق النار حتى هرعوا الى المكان ليجدوا اخاهم مقتولا. لم يصدقوا ما شاهدوه لأن في ذهنهم حقيقة راسخة تقول أنه لايمكن لأمرأة أن تقتل رجلا ، وفي الحال صوب احدهم بندقيته لرأس ابنتي وقبل أن يضغط على الزناد بلحظة وصل ابني ودفع البندقية الى الأسفل فأصابها الرصاص ساقيها وسقطت مضرجة بالدماء وظنوا أنها ماتت ."
ـ تصوري يا سعاد ، بعد أن عرفوا بأن ابنتي لم تمت اشترطوا على ابني أن يقول بأنه هو الذي قتل أخاهم دفاعا عن شرف اخته لأن في عقليتهم عار أن تقتل إمرأة رجلا . وما أن وافق ابني على شرطهم قالوا إذن نقتله لنأخذ بثأر اخينا