| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الخميس 19/6/ 2008

 

خاصرة الكرخ

بلقيس الملحم / السعودية

اليوم, وبصوت شممت فيه الاحتراق ,هاتفتني أختي آسية

- انفجار يا بلقيس انفجار, مات أكثر من ستين عراقي...وآآخ على العراق ...

أرتب صور الحادث, "باب الغربة" ينفتح مرة أخرى, فأزداد اختناقا ,ربما لأن حاسة الشم عندي هي أقوى حاسة لدي, الأدهى من ذلك أني أشم حتى من أذني, بل ومن عيني ضعيفتي الإبصار, وبرغم هذا الضباب الرائب, لم أبصر سوى خاصرة الكرخ, كطاووس متخثر في دمائه, وهو ينازع لون الحياة!

أذكر وقتها أن لترا من الماء ابتلعته دفعة واحدة, تبعه جفاف حتى التبلد!

أما الطاووس المترنح, فقد كان ما تبقى لي من سوق الطيور..

ذهب حيث حرية أخرى... بينما التلاوات قرآنية تنبعث من سرادق جماعية أقيمت للشهداء, كحيلة وحيدة, تملكها النفوس البريئة والمتشابهة أمام كل ما هو مجهول في طريقها اليومي إلى كسب الرزق الحلال..

حثيثات الحادث, ستبقى رهن التراشق بالنبال, بين ذاك وذاك , بين الأنقاض والقمامة و وبقايا أنفاس طينية ..

ودون أي حراك لمستنجد قضى مع الذين قضوا في قوافل الطيور, ستبقى ألسنة اللهب التي لا تعرف من العربية إلا الأعجمية! تكابر بعضلاتها أمام اللذين لا يشمون خيوط الجريمة إلا من بطونهم الخضراء المحصنة, وحتى تقع هزة أخرى, أتمنى أن تكون في مريخ بعيد, كأن يثور بركان, نام قبل ملايين السنين, أو أن يسقط نيزك على ألاسكا المهجورة..

لا غفر الله لمن سفك قطرة دم عراقية..



*
كتبت هذه السطور , إثر الحادث الإجرامي الذي هز مدينة الحرية وراح ضحيته أكثر من ستين شهيدا و خمسة وسبعين جريحا.

18/06/2008



 

free web counter