| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

باسم محمد حسين
bassim532003@yahoo.com

 

 

 

الأحد 7/6/ 2009



ماذا عن الكويت

باسم محمد حسين / البصرة

لا يخفى على أي شخص ماهية العلاقة المتميزة بين البصرة والكويت بدءاً من تقارب اللهجات وصولاً إلى تزويد الكويت بالماء الصالح للشرب أيام زمان حيث كان ينقل بواسطة السفن الخشبية من شط العرب إلى هناك ، مروراً بتسَوق الكويتيين من البصرة الحبيبة اللحوم والخضار والسمك النهري والتمر الطازج والمكبوس ( والخمور لبعضهم ) أيام زياراتهم إليها بدءاَ من سنة 1963 ولغاية 1990 حيث يتركون دورهم هناك ويأتون للبصرة وغيرها من مدن الجنوب العراقي بسياراتهم الفارهة أيام الخميس والجمعة (عطلة نهاية الأسبوع ) جالبين معهم ما لا يتوفر في بلدنا حينذاك من العطور والملابس وعلب الماكنتوش وبعض الإكسسوارات النسائية وغيرها ، كما ذهب للعمل هناك العديد من أبناء الجنوب منذ أربعينيات القرن الماضي بمهن مختلفة أغلبها خدمية بسبب قلة الموارد في العراق ووفرتها هناك نتيجة لاستثمار النفط بالشكل الصحيح بعد إن استعان الأمير حينذاك بالمحامين المصريين لأعداد الاتفاقيات والعقود مع الشركات الإنجليزية لاستخراج وتصدير هذه الثروة الهائلة ، ونتيجة لما تقدم تصاهَرَت بعض العائلات البصرية مع نظيراتها الكويتية كما تزوج كويتيون أغنياء كبار السن من بصريات بأعمار الزهور لاعتقاد عائلاتهن بأنهن سيذهبن إلى جنات النعيم في الكويت بدلاً من جحيم الفاقة هنا، كما وكانت هناك علاقات اجتماعية ورياضية وثقافية طيبة بين الآخرين من كلا الطرفين وشاهِدُنا على ذلك تزاور الفرق الرياضية وهنا لي ذكرى لمباراة في كرة القدم أقيمت في الكويت على ملعب ثانوية عبد الله السالم سنة 1959 بين نادي الميناء ومنتخب الكويت فاز بها الميناء على المنتخب الكويتي 3 - 1 كما اعتقد وهناك لقاءات أخرى بين نادي الإتحاد البصري والقادسية الكويتي حَضَرتُ بعضها في كرة السلة والطائرة ، كما وكان الفنانين يتزاورون ويحيون الحفلات هنا وهناك بشكل مستمر وحضرت أكثر من جلسة خاصة وعامة للمطرب صالح الحريبي في نادي ميناء البصرة أو نادي البورت كما يسمى.

ومن ملاحظاتي لهم أنهم كانوا يحبون أميرهم والأسرة الحاكمة ويحبون حكومتهم أيضاً ( ولهم كل الحق في ذلك ) بعكسنا في العراق حيث كنا ومازلنا نفتقد الحكومات التي تدير شؤوننا مثلما الحكومات الكويتية تدير شؤون البلاد والعباد هناك ومن هنا جاء حبهم للقائمين على شؤونهم وتذمرنا من مسئولينا في العراق . ومن طرائف هذا الموضوع أن صديقاً لي سافر للكويت في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي لعلاج ابنته هناك ونزل ضيفاً على عائلة كويتية كانت جارةً لعائلته في منطقة الطويسة في البصرة وفي الليل جلس الرجال يتسامرون في ديوانيتهم (غرفة الضيوف) وطلب صاحب الدار من أولادِهِ تزويدَه بصحف ذلك اليوم لقراءتها وهنا بادر صديقي مخاطباً المضيف بأن لديه جريدتي الثورة والجمهورية العراقيتان لذلك اليوم جلبها من البصرة صباحاً قبل توجهه للكويت ، ولطيفٌ كان رد ذلك الرجل وبلهجته الكويتية اللطيفة (لا يخوك لا أبي * جمهوريتِك ولا أبي ثورتِك ) إنهم مقتنعين بإمارتهم ومن يقوم على الحكم فيها. ونتيجةً لهذه القناعة كانت مؤازرتهم لبعضهم البعض إبان الغزو ألصدامي البغيض لدولتهم الصغيرة في جغرافيتها والكبيرة في تأثيرها حيث استطاع الأمير الشيخ جابر ونائبه الشيخ سعد من حشد جهد عظيم وحملة إعلامية لا مثيل لها ضد الملعون هدام وجيشوا الجيوش وحرروا دولتهم بعد أن هزموا الجيش الذي أساء استخدامه ذلك القائد المعتوه ذلك الجيش الذي تربى على القيم والمثل العراقية الأصيلة والذي فجر ثورة تموز ضد الاستعمار البريطاني و و و .
ونتيجة لتلك الهزيمة التي كان المفترض أن تطيح بصدام وحاشيته ومن لف لفهما ولأسباب استراتيجيه معروفة أبقت على ذلك المجرم وفق شروط مهينة للعراق ولقيادته القائمة عليه أملوها عليه في خيمة صفوان والتي وافق عليها سلطان هاشم أحمد (الذي يريد البعض إطلاق سراحه من السجن ) حيث (تبرع) ذلك السلطان بمساحة أرض عمقها 4-5 كم وبطول 184 كم هي الحد بيننا وبينهم حيث ذهب معها نصف حقول الرميلة الجنوبية الغنية بالنفط الجيد ونصف مدينة أم قصر والتي تعززت بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 833 سنة 1993 بالإضافة إلى الموافقة على التعويضات التي احتسبت بأعلى ما أمكن من المبالغ حتى وصلت أرقاماً فلكية متناقضة بين الحين والآخر دفع العراق منها 13 مليار دولار وبقي كما يقال 25 مليار اخرى إضافةً إلى ديون مستحقة أخرى تقدر بـ 16 مليار عدا الفوائد المترتبة الأخرى .

في الأيام الأخيرة حدثت أزمة إعلامية وبرلمانية بين الدولتين تناولت مواضيع الحدود والتعويضات وكيفية خروج العراق من طائلة البند السابع بدأت من بعض نواب التأزيم الكويتيين وتلاها آراء لبرلمانيين عراقيين طالبوا الكويت بما يرونه كتعويضات حقاً للعراق منها عن السماح بدخول قوات الاحتلال من خلال بلدهم (كان هذا السماح ليس محبة بموسى ولكن بغضاً بفرعون) ثم نادى النائب جابر حبيب بفتح جميع الملفات المعلقة مع الكويت وحسناً فعل الرجل وهنا جاوبه النائب الكويتي وليد الطباطبائي بطلب سحب السفير على المؤمن من بغداد وبعدها بدأت دعوات التهدئة ومعالجة الأمور بالحوار أولها كان لقاء المالكي مع السفير المؤمن بعدها دعوة الشيخ عبدالمهدي الكربلائي ممثل السيد السيستاني في كربلاء ثم دعوة رئيس مجلس النواب العراقي السامرائي ثم دعوة أمير الكويت الشيخ الصباح وبعدها لقاء وزير الخارجية زيباري مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي د. محمد الصباح في لندن ثم لقاء السيد ديمستورا مع السيد الخرافي رئيس مجلس الأمة وغيرها واليوم بالذات كانت هناك خمسة مقالات في جريدة القبس الكويتية لكتاب من مختلف المشارب تعاتب نواب التأزيم على هذا الفعل وتدعو للحوار ومحاولة حلحلة الأمر بالطرق الودية .

لم يكن العراقيين يفكرون بالأمر لولا مطالبة بعض الكويتيين بعدم إخراج العراق من طائلة البند السابع وحسناً فعلوا لكي تفتح جميع الملفات وتعالج الأمور ونسترجع أراضينا وننهي ملف الديون الذي يقصم الظهر ، وهنا أود التأكيد بأنه لم تتغير نغمة الحديث الكويتي لولا شعورهم بأن مطالبة النواب العراقيين بالتعويضات نتيجة دخول قوات التحالف من خلال حدودنا مع دولتهم وإطفاء ما تبقى من الديون لهم بها بعض الحق وفق الأعراف الدولية السائدة وتقادم الوقت عليها .

سادتي الأفاضل إن شعورنا بحاجتنا إلى الآخرين وخصوصاً دول الجوار بهذا القدر غير المعقول وَلّدَ لنا ضعفاً كبيراً في مواقفنا السياسية واعتقد أنه آن الأوان كي نضع النقاط على الحروف بعد أن نتعاضد مع بعضنا البعض ونتحاور مع الأشقاء الكويتيين بروح إنسانية ونُوسع دائرة المشتركات بيننا ويأخذ كل ذي حقٍ حقه إذ ليس من المعقول أن تستمر الأمور بهذا الشكل إلى ما لا نهاية.


*
أبي : بمعنى أرغب باللهجة الكويتية
 


البصرة 7 حزيران 2009
 


 

free web counter