| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

باسم محمد حسين
bassim532003@yahoo.com

 

 

 

الجمعة 21/1/ 2011



تداعيات تونس .هل من دروس ؟

باسم محمد حسين / البصرة

بحكم القرب الجغرافي من أوربا وكثرة السفر لها للعمل والاسترزاق منذ خمسينيات القرن الماضي أصبح المجتمع التونسي منفتحاً على العالم أكثر من أغلب الدول العربية وهذا الانفتاح بالتأكيد يولد نمط حياة متطور نسبياً ولكن يحتاج الى تنمية مستديمة وهذا ما تفقده هذه الدولة , بسبب سياسات الحاكم المتسلط والذي غير الدستور لأكثر من مرة ليضمن له البقاء في الحكم فترة أطول بعد أن إنتزع الزعامة وكما يعلم الجميع من سلفه بقرار طبي يوضح عدم أهليته للعمل القيادي , وحينها وعد الشعب بالديمقراطية وتوفير جميع ما يحتاجه البشر للعيش الكريم وتبادل السلطة سلمياً وما الى ذلك ولكن للأسف كل هذا لم يكن مطلقاً . بل الرجل ومن خلال خلفيته العسكرية عمل لنفسه وللقريبين منه أجهزة حماية أكثر بكثير مما عمل لبقية أبناء تونس الخضراء وكذلك في بقية فقرات الحياة .

حسناً فعل الرجل وكان عاقلاً إذ غادر البلد قبل سقوط عدد أكثر من الضحايا لأنه أدرك أن النهاية وصلت فقبل يوم المغادرة لم تكن العاصمة مثل بقية المدن الثائرة ولكن يوم وصلت لها شرارات الثورة وخرج سكان العاصمة مطالبين باستقالة رئيس الجمهورية لم يخرج عليهم عبر التلفاز ويهدئهم ويَعِدهم بإصلاحات سياسية واقتصادية ويعتذر عن عدم علمه بما يجري وأن مساعديه لم يصفوا له الصورة الصحيحة للوضع كما فعل في المرتين السابقتين بل تيقن من أنه مُغادِرٌ للسلطة اليوم أو بعد شهر فنجا بنفسه ومن معه من العائلة وترك بلده الذي حكمه 24 سنة تقريباً مقتنعاً بأن الشعب لن يعود عن طلب الاستقالة على أقل تقدير, خلفيته الأمنية رسمت له صورة الهرب بما يملك وما لا يملك لأنه وعى أن أسلافه مثل شاه إيران الذي كان يحميه جهاز السافاك المكون من ثلاثة ملايين عنصر لم يستطع منع الثورة الشعبية في إيران آنذاك وكذلك المقبور هدام وأجهزته الأمنية الستة وأطواق الحماية الثلاثة لم تفلح بحمايته من قوافل الجنود الأمريكان الذين خلعوه من عرش العراق المبتلى به وبمن مثله من الطغاة . وعلى هذا الأثر قام الزعيم الموريتاني بإيقاف رفع الأسعار لأنه استشعر وصول الحالة له . بينما وعلى غرار ما فعله بوعزيزي فعل مثله شاب جزائري وآخر جزائري ثم مصري وكانت هناك مظاهرات في الأردن مطالبةً باستقالة الحكومة وهناك تصريح للسيد الغزالي حرب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية المصري بأن ما حصل هو ثورة شعبية تحصل لأول مرة في المنطقة العربية وتتفق على المعنى المتعارف عليه للثورات عالمياً وهذه الثورة وطنية شعبية بحتة لم تكن ورائها أية جهة خارجية وفعلاً هو كذلك . وفي الكويت والتي هي بعيدة جداً عن الثورات ولكن النار فيها موجودة تحت الرماد والمشاكل بين الحكومة والبرلمان لم تنتهي وأعتقد أنها لن تنتهي مادامت آليات الحكم تعمل بهذه الكيفية , إذ وجّهَ أمير البلاد الشيخ صباح بدفع مبلغ 1000 دينار كويتي أي ما يعادل 3250 دولار أميركي تقريباً الى كل مواطن كويتي و حصة غذائية كاملة لحاملي البطاقة التموينية لمدة 14 شهراً وهذا الأمر امتصاص لأي حالة غضب قد تحصل و تعكر صفو الجو هناك والاحتفالات بأعياد الاستقلال والتحرير قادمة بعد شهر تقريباً وقد تتضامن بعض القوى مع المتظاهرين في بقية الدول , وفي السودان أيضاً خرجت بعض المظاهرات تطالب باستقالة الحكومة وإطلاق سراح السجناء السياسيين ومن جهته فأن السيد عمر موسى الأمين العام للجامعة العربية أوصى القادة العرب المجتمعين في شرم الشيخ في القمة الاقتصادية بأن يضعوا شعوبهم في المقام الأول . وهناك أمر لطيف إذ أن أحد الكتاب العراقيين المقيمين في أميركا حذر الحكومة في مقال له في جريدة البينة الجديدة ليوم 19/1/2011  من قبول اللجوء السياسي الذي سيطلبه القادة العرب عندما يأتون الى القمة في آذار القادم هاربين من بلدانهم .

كل ما تقدم يجب أن تدرسه بتمعن حكومتنا ذات الكراسي المتعددة وتأخذه بجدية عالية , نحن نعلم وهم أيضاً يعلمون بأنه لم يكن للقادة الحاليين أي دور في إسقاط الطاغية وأنهم استلموا البلد على طبق من ذهب من الولايات المتحدة الأميركية وفازوا مجدداً بانتخابات غير متكاملة وبقانون ناقص وضعوه لأنفسهم دون غيرهم من المواطنين ولكن عند تزايد المظالم فإن الشعب لن يقف مكتوف الأيدي مطلقاً وما حدث في انتفاضة الكهرباء في البصرة لدليل واضح على وعي الكثير من الناس لما يدور حولهم ورفضهم المطلق للظلم والظالمين وندعوا البرلمان أيضاً الى الرقابة الصحيحة وصياغة القوانين بشكل لا يقبل اللبس لأنها الآن تنفذ بعدة آليات وتفسيرات والأمثلة كثيرة جداً وهناك مقولة لطيفة هي أن شجرة واحدة تكفي لصنع ملايين عيدان الثقاب ولكن عود واحد يكفي لحرق ملايين ألأشجار فنلاحظ هنا أن بعض القادة قد بادر بأعمال تصب في مصلحة شعوبهم بشكلٍ مباشر فلماذا العراق (لا) وهنا لابد من التنويه لبعض الأمور التي تتناقل بين المواطنين حيث أن وزارة الداخلية قد أعطت رخصاً لشركات أمنية إيرانية لحماية زوار العتبات المقدسة الإيرانيين , وهذا أمر غير محبذ إذ أننا فرحنا كل الفرح بعد أن غادرتنا الشركات الأميركية واليوم تعود لنا شركات غيرها ؟ كما أن القنصل الإيراني في كربلاء يشكو سوء معاملة الزوار القادمين في الحدود البرية وتأخرهم وكذلك يشكو الخدمات الصحية , إذا كان الأمر كذلك فلماذا لا يتعاقدوا مع شركات صحية بدلاً من المسلحين وقواتنا الوطنية باتت بعافية  وقادرة على تولي مهامها على أفضل وجه حسب ما يذكره القادة في أعلى المستويات , أتمنى لهم كل التوفيق .

 

البصرة 21/1/2011

 

 

free web counter