| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

باسم محمد حسين
bassim532003@yahoo.com

 

 

 

الأربعاء 20/5/ 2009



الوافدون

باسم محمد حسين / البصرة

إحدى مميزات العمل الناجح قلة التكاليف وهذه تكون بِعدة صور تبدأ بالتخطيط وتنتهي بالتسويق أياً كان العمل إنتاجي أم خدمي ففي العمل الإنتاجي يمكن تقليل التكاليف بطرقٍ شتى منها البحث عن خامات بديلة تعطي نفس المواصفات وسعرها يكون أقل من غيرها أو الحصول عليها من منشأ قريب جغرافياً لتقليل أسعار النقل أو الاقتصاد بها لكي تكفي لكمية أكثر من المنتج المطلوب وأيضاً قلة التكاليف تعتمد على طريقة العمل وكفاءة العاملين وتطور المكائن والمعدات المستخدمة في العمل . وعلى ما أتذكر أن شركة دودج لصناعة السيارات الأميركية منحت أحد المصممين مكافأةً نقدية بقيمة 100000 دولار سنة 1966 عن تقليل وزن إحدى عتلات السيارة بمقدار2⁄1 كغم مع محافظة هذه التصميم على واجب هذه العتلة بشكلٍ كامل.لنتصور هذا النصف كيلوغرام كم سعره كخام وكم يكلف تصنيعه ؟ وكم ستوفر هذه الشركة لو اعتمدت هذا التصميم ؟ لأن إنتاجها اليومي بحدود 720 سيارة تقريباً آنذاك . هذا من ناحية الخامات ، أما على صعيد طرق العمل فان شركة فورد لصناعة السيارات أيضاً هي أول من اعتمد العمل بالنظام النمطي أي أن العامل في خط الإنتاج يعمل مرحلة واحدة فقط ويأتي دور العامل الثاني ثم الثالث وهكذا دواليك لحين تجميع المنتج نهائياً مما ساعد كثيراً برفع مهارة ذلك العامل بهذه المشغولة بالذات وأصبح يؤديها بسرعة وكفاءة عالية مما يقلل الهدر في الوقت المستغرق والخام المستخدم .

مما تقدم علمنا أهمية تقليل الكلف الأمر الذي يبرر به أرباب العمل العراقيين الاستعانة بالعمالة الوافدة من بنغلاديش حيث تزايد عدد هؤلاء في الفترة الأخيرة بشكلٍ ملفت للنظر ففي بصرتي الحبيبة وقبل أكثر من شهر تقريباً دَعَوتُ قريبٌ لي وزوجته للعشاء في أحد المطاعم وعند طلبي من النادل خدمة معينة لم يفهم ما طلبته منه وكررت الطلب بصوتٍ أعلى والحال لم تتغير بعدها طرأت لي فكرة بأنه هندي من طريقة تسريح شعره فحدثته بالإنجليزية وفعلاً كان ذلك الرجل بنغالياً واتضح أن له زملاء آخرون في نفس المحل عندها استغربت الحالة كيف تسنى لهم دخول البلد والعمل فيه وهناك الألوف من الشباب العراقي العاطل وينتظر فرصة العمل بل يبحث عنها ليلاً ونهاراً سراً وجهاراً واغلبهم يتقبل أي عمل في سبيل لقمة عيش حلال ، ومثالي هنا وفي البصرة بالذات حيث تبارى المئات من حملة البكالوريوس للعمل بصفة شرطي مرور في مديرية مرور البصرة التي أعلنت ذلك الطلب قبل أشهر في الوقت الذي يجب ان يكون حامل هذه الشهادة ضابطاً وليس شرطياً بعد تأهيلِهِ للوظيفة . بعد هذا الأمر بعدة أيام ظهر في قناة الشرقية الفضائية برنامجاً مفصلاً عن الموضوع وإذا بالمئات من هؤلاء يعملون في بغداد وفي قطاع الفنادق والمطاعم بشكلٍ خاص واتضح من اللقاءات التلفزيونية بأن هدف أصحاب هذه المحال من تشغيل هؤلاء الأجانب هو زيادة الربح حيث أن هذا العامل يشتغل أكثر من 14 ساعة يومياً وبأجرٍ قليل مقابل الأجر المعتاد للعامل العراقي كما أنه يقتات على المتوفر من الطعام البسيط وينام في موقع العمل حيث تكون هذه مهمة عمل ثانية كونها تحتسب كحراسة لذلك المحل وباعتقادي أن كل هذه الفقرات مخالفات رسمية وإنسانية ، كيف يمكن النوم في محل يقدم الطعام للجمهور وفي أماكن غير مخصصة للنوم أساساً؟ كيف يمكن أن يتغذى إنسان على بقايا طعام الآخرين ؟ كيف يمكن ترك أبناء الوطن عاطلين والاستعانة بالأجانب ؟ كيف يمكن تحويل أموال من بلد يحتاج كل قرشٍ من خيراته الناضبة في الوقت الحاضر بشكلٍ خاص؟ إني أتذكر المصريين في ثمانينيات القرن الماضي حيث تواجدوا بالملايين كعمالة وافدة بديلة عن العمالة الوطنية التي أشغلها هدام بقادسيته اللعينة وكيف أن هذا الأمر سّبب للعراق الكثير من المشاكل بعضها معلق لغاية الآن (بعض مستحقاتهم المالية كما يَدّعون) وبعضها انعكس على سلوكيات الناس حيث أدخلوا لنا الغش في العمل بغية الكسب الوفير وعززوا وجود السوق السوداء بالتلاعب بتوفير بعض المواد وتخزين الأخرى وبيعها بضعف سعرها السائد ناهيك عن أمورٍ أخرى ابتكروها بغية الكسب السريع ففي البصرة أيضاً وفي سنة 1982 بالذات عندما احتدمت معارك شرق البصرة وتوقفت الإجازات من الوحدات العسكرية آثر بعض الآباء الذهاب إلى مواقع الجيش الخلفية شرق شط العرب للاستفسار عن مصير فلذات أكبادهم وهنا جاء دور بعض المصريين بالعمل على طلاء سيارات الناس الذاهبين هناك بالطين للتمويه العسكري مقابل ثمن وعند العودة غسلها مجدداً مقابل ثمن آخر...و لكم أن تصدقوا أو لا . في آخر إحصائية لمنظمات الأمم المتحدة العاملة في العراق لنسبة العاطلين من الشباب أكثر من 15% فيما المسجلين في دوائر وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أكثر من 2 مليون شاب بين الخريجين المؤهلين أساساً للعمل وبين الذين ينتظرون التأهيل لأنهم تركوا الدراسة مبكراً بسبب العوز والعمل كيفما اتفق لتفادي الجوع الكافر.
أخيراً الحكومة مدعوّة بشكل ملح وعاجل لمعالجة هذا الأمر ومنع تدفق هؤلاء المساكين والعمل على تحسين ظروف الشباب كي لا ينخرطوا بقوافل الضلالة والإرهاب .

وأخرا اقترح أن نجلب برلمانيين ووزراء من بنغلادش لأنهم أقل تكلفة من البرلمانيين والوزراء العراقيين الحاليين . وهنا يفترض أن يكون السياسيين القادمين من إيران أرخص سعراً من القادمين من أوربا وأميركا لأن الأسعار العامة هناك أرخص من الدول الغربية.
 


البصرة 20/5/2009
 


 

free web counter