| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

باسم محمد حسين
bassim532003@yahoo.com

 

 

 

                                                                               الثلاثاء 17/5/ 2011



الكويت وميناؤها الجديد

باسم محمد حسين / البصرة

في عام 1963 اشترى لنا والدنا جهاز تلفزيون نوع لوي أوبتا بحجم 23 بوصة وهو أكبر حجم موجود في ذلك العهد الغابر بعد أن وصل إلينا بث تلفزيون دولة الكويت الشقيق , وأصبحنا نستمتع بالبرامج جميعها بدءاً من الرسوم المتحركة التي تبدأ بعد القرآن الكريم في الساعة 6.15 مساءٌ ولغاية السهرة التي تنتهي بعد منتصف الليل , ومنذ ذلك الحين أحببنا هذه الدولة الصغيرة ويضاف الى ميزة البث التلفزيوني (وهي مهمة جداً لنا كيافعين وصغار) فكانت العوائل الكويتية تزور البصرة في عطلة نهاية الأسبوع حيث تمتلئ مدينتنا بالسيارات الفارهة وتنتعش الأسواق حين يجلب البعض من الزوار مواداً غير متوفرة في البصرة كالملابس والعطور وبعض الكماليات بينما يتسوق الآخرين الأسماك النهرية واللحوم الطازجة وبعض الفاكهة والخضروات الطازجة أيضاً ومشتقات الحليب , وهذه الممارسات أدت الى التقارب أكثر فصارت روابط نسب بين بعض أهالي البصرة والكويتيين بينما توجه الكثير من العراقيين وخصوصاً من المنطقة الجنوبية للعمل هناك بسبب تواجد الكثير من فرص العمل الجيدة , نعم أحببنا الكويت وأهلها أنهم طيبين (في الأقل الذين تعرفنا عليهم ) مسالمين متواضعين يحبون الخير لغيرهم واستمرت هذه الحالة لغاية آب 1990 عندما دخل المجرم المقبور هذه الدولة غازياً بجيش جائع لكل شيء ففعلوا ما فعلوا بموجب توجيهات قادتهم الكبار و الميدانيين ثم انسحب خاسراً مهزوماً يجّر أذيال الخيبة وراءه عندما أجبره الرئيس الأميركي الأسبق بوش الأب على الإنسحاب وقراءة البيان بنفسه على أن يعيد كلمة الإنسحاب مرتين وفعلاً رددها الملعون مرتين في بداية الخطاب وفي نهايته بقوله ( ستكمل قواتنا انسحابها من الكويت ) وكنت متابعاً مهتماً بهذا الأمر من خلال راديو صغير يعمل بالبطاريات الجافة وكان لا يفارقني حينها مطلقاً باحثاً عن الأخبار في إذاعات العراق والكويت "التي كانت تبث من القاهرة" وصوت أميركا بالإضافة الى الإذاعة البريطانية وأدون التفاصيل بدفتر صغير مرادفاً لجهاز الراديو , كنا متعاطفين معهم بشكلٍ كبير كونهم لم يعتادوا هكذا ظروف مثلما اعتدناها ثمان سنين في الحرب مع إيران بالإضافة لعدم رضانا مطلقاً للتصرف الأرعن باستباحة وطنهم ونهب كل ما يقع تحت عيون جنده ولكن ما باليد حيلة لدرء ذلك الأمر . واستمر هذا التعاطف والاحترام لأنهم وكما نسمع ما تتناقله بعض الإذاعات بمساعداتهم لبعض فصائل المعارضة العراقية العاملة خارج الحدود ولغاية 11/4/2003 عندما علمت يقيناً بأن كويتيين وعراقيين حرقوا المكتبة المركزية العامة في شارع السعدي وسط مركز البصرة عندما كان الدخول والخروج للعراق مباحاً للجميع حيث كنا حينها جالسين في بداية شارع 14 تموز عند قريبنا أمام داره وشاهدنا الدخان يتصاعد من تلك المكتبة الأثرية الغنية وعند الاستفسار إتضح الأمر بشكل جَـليّ لا يقبل اللبس مطلقاً (هذا المثال هو الحادث الأول ومثله المئات التي عرفتها من جارٍ لي كان يعمل كاتباً في شرطة البصرة قبل تقاعده حيث كان ينقل لنا جميع الأحداث التي يدونها بشكل يومي ومنها ما ينسب تمويله من الكويت بعد اعتراف مرتكبيها بذلك ) . ومع هذا نقول أن هناك اُناساً طيبين لا يقبلون بمثل هذه الأمور ولكني أعترف بأن احترامي لم يعد كما كان ولغاية قبل سنتين تقريباً عندما "مَنعَت" الكويت الأمم المتحدة من رفع فقرات البند السابع عن وطننا الجريح وكما الكثير من العراقيين بدأنا نتذمر من تصرفات القائمين على أمر الكويت والأُجَراء العاملين عندهم من قادة وسياسيي العراق الجدد وآلية دفع التعويضات التي ستستمر الى يوم القيامة بالإضافة الى قضم مساحة كبيرة جداً من أرضنا الغنية بأنواع الخيرات بعمق 4-5 كم وبطول 184 كم هي الحدود التي أقرتها الأمم المتحدة للكويت وبموافقة الملعون هدام نظير بقائه على كرسي العراق , الحقيقة لم أشعر بهذه "السرقة" من أرضنا إلاّ في عام 1997 عندما زرت ناحية أم قصر الحدودية لتعزية أحد الأصدقاء بوفاة والده وإذ شاهدت تلاً عالياً واضحاً من أمام الحي السكني لدائرة الموانئ العراقية وعند الاستفسار قيل لي هذه حدود الكويت الجديدة عندها تغيرت الأمور عندي كثيراً وأصبت بالإحباط الكبير ولا أعرف ماذا أقول ولكني تذكرت بعض من كان يصف الكويتيين بأنهم "يهود الخليج" نعم لقد استطاعوا تعويض خسارتهم أثناء الغزو الى ربح مادي وفير جداً .

ميناء مبارك الذي اُعلن عن البدء بالتهيئة لبنائه في جزيرة بوبيان المحاذية للعراق سيخنق الموانئ العراقية وبالتالي الاقتصاد العراقي كما يقول أصحاب الاختصاص , لقد شاهدت صور المنطقة بواسطة خدمة ( Google Earth ) وفعلاً سيكون الممر بحري بعرض 570 متر فقط أي عنق زجاجة وبالتأكيد ستكون شركات النقل البحري العالمية تستصعب الدخول الى موانئ خلف هذا المضيق بينما تمر بجانب ميناء عميق حديث وبالتأكيد سيكون مجهزاً بآخر التقنيات الخاصة بتفريغ وتحميل وخدمات السفن خلافاً لما ستجده خلف ذلك الممر الضيق , إذن فعلاً سيختنق العراق ! وما هو الحل ؟ الوفد الذي سيرسله رئيس الوزراء الى الكويت خطوة صحيحة بدايةً والخطوات التي تتخذها بعض المنظمات الآن من تظاهرات واعتصامات وغيرها من طرق التعبير عن الرأي كلها صحيحة أيضاً ولكن لن تجد فيها الطريق الى الحل , أقول هذا نظراً لما عهدناه من حكام الكويت ( ولشديد الأسف) في التعامل مع الشأن العراقي, إذن ما هو الحل ؟ بعد استنفاذ هذه الطرق الدبلوماسية و"الأخوية " يجب أن يصار الى تقديم شكوى في المنظمة العالمية والمحكمة الدولية , لا بسبب بناء هذا الميناء بل بسبب تسهيل دخول الإحتلال العسكري الأميركي من أراضيهم عام 2003وتحميلهم مبلغ 500 مليار دولار كتعويضات عن هذا العمل الذي أدى الى الضرر الكبير الذي لحق بالعراق والعراقيين من جراء ذلك الإحتلال والجميع يعرف ماذا جنينا منه .

هذه الدعوة للحكومة العراقية وجميع السياسيين وخصوصاً أصحاب القرار والنفوذ , وخصوصاً الذين يدعّون محاربة الاحتلال إذن لماذا يجاملون من أدخله للبلد ؟؟؟
الوضع لا يحتمل أي تأخير فبعد فترةٍ وجيزة سنجد هذا الميناء أمر واقع , ولكـــــــــــن ..... هل يجد هذا المقترح آذان صاغية لدى المعنيين ؟ أتمنى ذلك ولكن لا أعتقد بأنه سينفذ لأني فقدت الثقة بهم منذ عام 2005 حين حضرت اجتماعاً في البصرة طَرَحَت فيه إحدى المنظمات المانحة موضوع ميناء الفاو الكبير وبالتفاصيل الدقيقة وذكر المُقدِم بأن الكلفة التقديرية 5.2 مليار دولار ولكن بعد فترةٍ وجيزة كانت هناك دراسة لوزارة النقل تدّعي بأن الكلفة تتجاوز 12 مليار دولار , ولا أعتقد وجود دراسات حقيقية في ذلك الوقت (أعني نفس الدراسة السابقة مع رفع الأسعار). هذا بالإضافة الى التصريحات الكثيرة التي يدلي بها د. وائل عبداللطيف حين يقسم يميناً غليظاً بأن دول الخليج دفعت أموالاً طائلة لبعض السياسيين والمتنفذين لتأخير تنفيذ ميناء الفاو الكبير للحفاظ على مصالحها, ويضاف الى ذلك مباركة الوزير علي الدباغ للكويت بإنشاء ميناء مبارك (حسب قول الإعلامية سوسن الشروفي) .

خارطة تبين تقاطع الميناء الكويتي (مبارك الكبير) مع الممر الملاحي الوحيد المؤدي الى ام قصر


((الصورة مأخوذة من وكالة أنباء المستقبل))



البصرة 17/5/2011

 

 

free web counter