| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

باسم محمد حسين
bassim532003@yahoo.com

 

 

 

الجمعة 14/8/ 2009



أبو علي في مكة

باسم محمد حسين / البصرة

أبو علي صديق عزيز تمتد علاقتي معه الى ثلاثين سنة تقرباً عندما عرفته شاباً يتمتع بحيوية ونشاط ويحب الخير لغيره شجاعاً أميناً مساعداً لمن يحتاج . وبعد أن تعمقت علاقتنا بسبب التقارب الواسع في تفكيرنا وتصرفاتنا بالرغم من الإختلاف الكبير في الاختصاص والعمل . قضينا أوقات سعيدة معاً كثيرة وقليلاً ما عشنا أموراً محزنة معاً أنه سريع البديهية ذكي واثق من نفسه مجد في عمله يعطي لكل شيء حقه حتى في تناول الكحول أيام زمان . مرض الشقيقة المؤلم لازمه منذ فترةٍ ليست بالقصيرة وكان يتعاطى الأدوية المختلفة حتى يتجنب ألم ذلك المرض او على اقل تقدير يخفف من آلامه. ثم جاءنا السكر اللعين وبوقتٍ متقارب ثم الضغط واعتبرناها ناتجة عن إرهاصات الحياة وتقادم العمر ، لم أراه طيلة تلك السنين يتكلم بألمٍ وحسرة مثلما رأيتهُ يوم أمس عندما شرفني بزيارته لبيتي المتواضع جالباً هداياه لعائلتي ( التي تكن له شديد المعزة والاحترام ) إثر عودته من الديار المقدسة بعد أداء مناسك العمرة . لقد استطرد في حديثه كثيراً وتكلم عن سفرته هذه والتي سبقتها سفرات كثيرة لبلاد الله الواسعة ولكــــــــــــــن هذه السفرة تتميز عن غيرها بالكثير الكثير من الإختلافات الجذرية ومن جميع النواحي . فالمسافة بين البصرة وجدة 1142 كم تقريباً وبالطائرة بحدود ساعتين ونصف تقريباً في حال الطيران المباشر وهذا ما كان متعاقد عليه مع متعهد السفر قبل السفر ولكن صدقوا أو لا تصدقوا أن هذه السفرة استغرقت بحدود 40 ساعة إن لم يكن أكثر من ذلك . حيث كان المفترض أن يطيروا من مطار البصرة في الساعة السابعة من صباح يوم /7/2009 ولكنهم لم يطيروا إلاّ في الساعة 12 ليلاً اي بعد 17 ساعة عن الموعد وبعد التي واللتيا صعد الــ 275 معتمر إلى الطائرة وطاروا متوجهين الى جدة ولكنهم بعد ساعتين وجدوا أنفسهم في مطار العقبة نعم العقبة في جنوب الأردن ،، ترى ما علاقة هذه المدينة الأردنية الساحلية ذات الميناء الذي يُوَرِّد للعراق أكثر ما يورد لدولته ما علاقته بالحج والعمرة وجغرافيا الطيران؟

إنها ليست على الطريق المؤدي من البصرة إلى جدة ولكن ما الأمر؟؟؟
لا أحد يعرف السبب سوى الراسخون في خبايا الطيران في العراق ، ووصلوا العقبة هؤلاء الـ 275 شيخاً وعجوزاً واحتجزوهم في الطائرة نعم احتجزوهم لأكثر من ساعتين ، تصوروا سيداتي وسادتي القراء الكرام هذا العدد من البشر والكبار في السن يبقون داخل طائرة لأكثر من ساعتين حيث لم يبقى من الأوكسجين سوى ذرات بسيطة وهذه الحال دفعت هؤلاء الناس الطيبين إلى الثورة على واقعهم المؤلم واخذوا بالصياح والعويل مما جعلهم يحصلون على مكرمة عظيمة حيث تم الإفراج عنهم والسماح لهم بالحصول على بعض الهواء النقي من خلال موطئ قدم في هذا المطار الصغير حيث افترشوا الأرض ولكونهم كثيرين فلم تكفي أرضيات قاعات هذا المطار الصغيرة لهم بدليل أن البعض منهم افترش أرض المغاسل لأن التعب اخذ منهم مَأخَذه والنوم سلطان كما يقول المثل. وعند هذه الأثناء كانت الشمس قد بزغت ودبت الحياة في المكان الذي لم يخططوا أو حتى يتوقعوا زيارته مما حدا بصاحبي البحث عن قدح شاي أو فنجان قهوة لأنه لم يستطع النوم في هكذا ظروف ومن الملفت للنظر أن الكافتريا تستلم النقود العراقية فارتشف هو ورفيقة دربه القهوة ولحقهم من بعد أغلبية المسافرين الآخرين وبعد أن انفرجت أساريرهم أصبحوا يتساءلون عن هذا الأمر المؤلم وعن موعد الطيران الجديد ومتى سيصلون الى جدة ولكن لا جواب من أحد واستمر الحال هكذا لغاية الساعة الثامنة مساءً حيث طلبوا منهم التوجه للطائرة ووصلوا للسعودية قرابة الساعة 11 مساءً . ما تقدم يخص المواعيد والمطارات ولكن الأدهى من هذا أن هذه الطائرة شبه خردة حيث يحكي لي صديقي بأن تراكيب الإنارة تم لصقها بواسطة الشريط العازل (تيب) واضح للعيان بل وملفت للنظر ، أما الكرسي المخصص له فالمتكى (الظهر) لا يتحرك والمسند (اليدة) مكسور أيضاً بالإضافة الى بروز نوابض المقعد فما هذه الطائرة ؟؟؟ والمفارقة الأخيرة أن وجبات الطعام طيلة هذه الأزمة تحملها المسافرون أنفسهم وليس الشركة الناقلة كما تنص تعليمات منظمة الأياتا ولكن والحق يقال أن مضيفي الطائرة قدموا لهم وجبة واحدة هي عبارة عن شطيرة صوصج فقط طيلة هذه الفترة . ولأن أبا علي خبير بأمور السفر قاده الضجر الى الاستفسار من المضيف عن هذه الوجبة (الدسمة) وكانت إجابة الرجل وافية حيث قال هذا هو عقدنا مع هيئة الحج العراقية إذ قدمنا لهم عروضاً بأسعار الوجبات على طائراتنا واختاروا اقلها وبإصرار حيث أن هذه الشطيرة سعرها 3 دولارات بينما لدينا وجبات أخرى متنوعة الجودة والسعر وآخرها تصل إلى 30 دولار . وأخيراً ملاحظاتنا هي  :
- أن هؤلاء الناس متوجهين الى أقدس الأماكن على الأرض .
- أغلبهم تعدى الستين عاماً ولكم تقدير ذلك.
- إذا لم تحترمنا مؤسساتنا فكيف نطلب من الأردن والسعودية إحترامنا ؟
- كانت الخطوط الجوية العراقية من المؤسسات التي تتمتع بهيبة واضحة بسبب رصانتها فما هي الآن ؟
- اين إدعاءاتنا بالدين وهذه الممارسة دينية بحتة ؟

لقد دفع هؤلاء الناس مبلغ لا يقل عن 1100 دولار عن قيمة السفر والإقامة فقط وهذا المبلغ لا يدفعه من هم أبعد من البصرة عن الديار السعودية ؟ فأين هي نقودهم ؟
اتمنى على القائمين على أمورنا دراسة الموضوع وفق هذه الملاحظات وحل الإشكالات ولو هذه إشكالات بسيطة جداً مقارنة بما يحدث على الساحة العراقية العامة . ولكم بالتأكيد حق الإستفسار من الدول المجاورة عن الخدمات المقدمة والأسعار المطلوبة ازاءها . لا أريد الإطالة أكثر والعذر عند خيار الناس مقبول .



البصرة 14.أب .2009
 

 

free web counter