| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

باسم محمد حسين
bassim532003@yahoo.com

 

 

 

                                                                                           الأحد 13 / 7 / 2014



الملاّ سبب البلاء

باسم محمد حسين

كتبت صباح يوم 10/6/2014 على صفحتي في موقع التواصل الاجتماعي "ما هو السيناريو ، كيف تسقط ثاني أكبر مدينة في الوطن في ساعات بيد الإرهابيين ؟ " . قوام القوات المسلحة هناك كانت بحدود أربع فرق عسكرية كاملة التسليح والتجهيز وتواجَدَ حينها كبار رجالات الجيش (أعتقد أنهم رجالات المالكي . لأن ضباطاً كثيرين أشد إخلاصاً للوطن وأعلى كفاءةً من الموجودين حالياً لم يُعادوا للخدمة) . بالتأكيد لم أحصل على جواب ولن أحصل مطلقاً لأن هذه الأمور بمثابة طلسم لا يعرفه إلاّ الراسخون في (الوطنية) . هذا الأمر تحدث فيه العديد من الكتاب والإعلاميين والمحللين السياسيين والعسكريين والمتابعين وكلٌ دلى بدلوه وكذلك صار حديث الناس في المقاهي والأماكن العامة ووسائط النقل العام وغيرها . بعضهم من السذج وبعضهم من العارفين وكلٌّ مقتنع بما يقول ويحلل الموقف المؤلم ويلقي اللوم على جهة معينة ، بينما الحكومة بثت سمومها بين الناس عن طريق بعض الطيبين من أهلنا البسطاء وألقت اللوم على الجانب الكردي حيث كان (حسب قول البسطاء) الأكراد يوزعون على جنودنا مبلغ 50000 دينار ودشداشة لكل منهم مقابل أن يترك وحدته العسكرية . لو سلمنا بذلك جزافاً فهل منحوا عبود كنبر وبقية كبار الضباط ذات المبلغ والدشداشة ؟ بالتأكيد لا فقد استقبل الرجل ومن معه وَوُدِّع في قاعة كبار المسافرين في مطار أربيل الدولي حيث تم تأمين طائرة للعودة بهم الى العاصمة بغداد .

ما تقدم كان على ألسنة العامة أما عليّة القوم فقد نحوا ذات المنحى ولكن بأساليب أخرى متقنة لغوياً وأدبياً كانت كافية لإقناع بعضٌ آخر أيضاً ، ومجاميع أخرى اتهمت جهات غير الكرد . أما أغلب الناس فلم تصدق هذا وذاك وبقيت تتساءل عن الأمر المؤلم الخطير وكيف حدث ذلك ؟ ومن كان السبب ؟

هذا التردي ليس الأول ولن يكون الأخير طالما بقي طاقم الحكم ذاته أو بقي نظام الحكم الطائفي ، لقد لازم سوء الأداء جميع أنشطة الدولة منذ أكثر من ثمان سنين وازداد سوءاً بعد الولاية الثانية لرئيس الحكومة الحالية بعد اتفاقات أربيل، والتي لم يلتزم بها بعد أن (نال) المنصب الهدف . ومن ثمّ تشكلت الوزارة من أكثر من أربعين وزيراً محاباة لهذا وذاك وفق محاصصة طائفية أثنية مقيتة جلبت لنا الظيم والذل والألم والتفريط بأراضي الوطن ومياهه دون داعٍ لذلك ناهيك عن هدر المليارات من العملة على مشاريع لم تنفذ بل سرقت تخصيصاتها فقط أو نُفِّذَ جزءٌ منها تنفيذاً سيئاً بكامل المبلغ.

لقد بدأ الإمعان بالإفساد عندما طلبت رئاسة الوزراء من البرلمان في أولى ايام عمله في الأشهر الأخيرة من عام 2010 وبأعذار غير منطقية تأجيل اصدار قوانين المحكمة الاتحادية والنزاهة والرقابة المالية ، كيف هذا والدولة كانت (وما زالت) تعاني من ارتفاع خطير في معدلات الفساد وعلى جميع المستويات وفي جميع أوجه الحياة ؟ ألم يكن هذا دافعاً للمفسدين للتحرك بحرية أكبر ؟ والأمر الذي يؤكد هذه الصورة هو عدم اتخاذ الحكومة الحالية ولغاية الساعة أي إجراء فعلي مدروس لمحاربة الفساد . ولم تحاسب فاسداً أو مفسداً حقيقياً واحداً .

يضاف الى ذلك الإثراء الفاحش والسريع لعدد غير قليل من المحسوبين على رئيس الوزراء من مستشارين وأقارب ومؤيدين بالإضافة الى أحاديث عن نجله حيث صفقات الشراء الكبيرة، منها قصر أحمد حسن البكر بمبلغ 7 ملايين دولار (بالمناسبة البكر لم يبني هذا القصر من حُرّ ماله بل من أموال العراقيين) ، وجامعة البكر للدراسات العسكرية العليا التي بيعت بمبلغ مليون دولار وهو مبلغ حقير وليس زهيد الى المستشار حسين الشامي وتحولت الى مؤسسة قطاع خاص وباسم جامعة الصادق (ترى من أين للشامي المليون دولار؟) بالإضافة الى آلاف الأمثلة الأخرى.

ومن سوء الأداء أيضاً المساومات السياسية الرخيصة مقابل أهداف غير ضرورية حيث أنها لا تصب في المصلحة العامة بل في مصالح ذاتية أو فئوية فقط، ومن هذا الأمر احتفاظ رأس السلطة التنفيذية (حسب إدعاءاته المتكررة ) بملفات فساد وإرهاب تدين العديد من الوزراء والنواب ولم يعلنها ويفعلها خوفاً على العملية السياسية العرجاء متناسياً دماء الأبرياء من عامة المواطنين بالإضافة الى ثروة الوطن المهدورة ، ثم ألا يشكل هذا التصرف خرقاً وإهمالاً للواجب الرسمي والشرعي المستوجب عليه؟

ومن سوء الأداء أيضاً تجاهل وتسخيف بعض المقربين من رئيس مجلس الوزراء للجهات الرسمية الأخرى وعدم الاكتراث لها منها عدم حضور الوزير علي الأديب الى البرلمان عندما استدعي للمسائلة . وعدم خضوع الوزير صفاء الدين الصافي للقانون بعد أن قرر قاضي محكمة البصرة توقيفه على ذمة التحقيق ولكن الرجل غادر الوطن الى الجارة الكويت وعاد بعد أن رُتِبَت له الأمور ناهيك عن قضية الوزير عبدالفلاح السوداني. أما نائبه لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني فقد كانت تصرفاته السلبية أمام الإقليم والشركات النفطية العاملة فيه سبباً اساسياً في تردي العلاقة بين الاقليم والمركز وتفاقم المشاكل التي كان يمكن حلها بجلسات رسمية وفق الدستور وعدم هدر مبالغ طائلة كان من الممكن إدخالها في موازنات الاستثمار ، ومواقفه في إلغاء النقابات في وزارتي النفط والكهرباء مستغلاً قانوناً صدامياً لا يمت للحق بصلة ، فكيف نفسر وجود نقابات للأطباء والمهندسين والمعلمين والمحاسبين وغيرهم تعمل في القطاع العام ونستثني العمال ؟

الرجل استخدم القضاء ورئيسه مدحت المحمود لصالحه بشكل كبير جداً حيث أن المحمود كان بعثياً سابقاً ومن رجالات النظام ومشمول بالاجتثاث ، ولهذا السبب فهو كان طوع يدي الحكومة كي لا تقصيه عن المنصب الذي درَّ عليه الكثير من المكارم نظير تلك المواقف وإلاّ كيف نفسر فوز 89 مقعداً برلمانياً على 91 مقعد عام 2010 ؟ والأمر يسري على هيئة النزاهة التي استبدل رؤسائها عدة مرات (راضي الراضي ، موسى فرج ، رحيم العكيلي) وكذلك البنك المركزي الذي أعاد ركائزه المتينة للعمل الخبير الأممي سنان الشبيبي والخبير الآخر مظهر محمد صالح واتُهِما زوراً وبهتاناً بتهم كان يفترض أن تكال له ولجماعته .

في 25/2/2011 خرجت جموع غفيرة من المواطنين في جميع المحافظات وأغلبهم من الديمقراطيين مطالبين بإصلاح النظام وليس إسقاط النظام فتعامل معهم وكأنهم هم الأعداء وليس الارهابيين والقتلة والسرّاق والمزورين والمفسدين ، و وصفهم بالبعثيين كما وصف مظاهراتهم بالمريبة .بعدها جرى تكميم الأفواه واعتقال البعض منهم بالإضافة الى زج بعض البلطجية في تظاهرات معادية لهم وحدثت اشتباكات بالأيدي والعصي وكانت يومها بإشراف الوزير السابق والناطق باسم الحكومة والذي اتضح فساده لاحقاً في صفقة الاسلحة الروسية علي الدباغ . ثم طلب الرجل 100 يوم لإصلاح الأوضاع ومن ثم قال لبرمجة اصلاح الأوضاع ولم تبرمج لغاية الساعة . ناهيك عن الكذب في وضع حجر الأساس لميناء الفاو الكبير عام 2009 وتصريحه بأن الحكومة في طور التعاقد مع شركات رصينة لبناء 100000 وحدة سكنية للفقراء في ملعب البصرة في 2013 وعاد بعد يوم واحد في الناصرية وقال 200000 وحدة سكنية ولغاية الساعة أيضاً لم نرى صورة عقد أو أية أوليات للتعاقد. كل هذا وأكثر بالإضافة الى علاقاته السلبية المتعالية مع جميع القوى السياسية المشاركة وغير المشاركة في الادارة .

كل هذه الأفعال أدت الى فقدان الروح الوطنية بين الناس وخلقت جواً مشحوناً بالألم والقلق وفرضت الرضا والخنوع على البعض ، ولايتان تبدت فيهما أقبح أوجه التمييز والإقصاء والتهميش والفساد ونهب الدولة وإسقاط سيادتها وتجاوز الدستور أدت الى الانحدار بالوطن الى متاهات الأزمات المستدامة حيث كانت أهم الأسباب في انهيار القوى الأمنية ليلة 9-10/6/2014 لأنها غذت العنف والإرهاب والكراهية ووفرت المرتع الخصب لتحرك الارهابيين لتضع الوطن أمام خطر التمزق ..

 

free web counter