| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

بشار قفطان

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 7/11/ 2012

 

أحرﭼها  .. ولا أدفنها بسعيدْ ... !! 

بشار قفطان

 مرقد التابعي الجليل سعيد بن جبير يقع على مقربة من مدينة الحي شرقها وعلى بعد حوالي الكيلو مترين .

 .. يؤمه الزائرون من أبناء مدينة الحي وبعض المحافظات الأخرى في  الأعياد والمناسبات الدينية وغيرها . وتوجد بالقرب منه مساحة  ارض لدفن الموتى وخصوصا الأطفال  وبعض المعوزين , والشيء بالشيء يذكر إن أبطال انتفاضة مدينة الحي الشهيدين علي الشيخ حمود وعطا الدباس   الذين اعدما فجر يوم 10 / 1 /  1957 جرى دفنهما  في تلك المقبرة من قبل السلطة الحاكمة وقت ذاك , حيث لم يسلما  إلى عوائلهم  انتقاما من نشاطهم  أثناء حياتهم ,  ولكن شباب  من أبناء المدينة الغيارى تمكنوا من نقل رفاتهم    سرا الى مقبرة وادي السلام في مدينة النجف الاشرف وتم  ذلك في إحدى ليالي كانون الثاني  في نفس الشهر من ذلك العام .

ان للموضوع صلة لما يجري الان في بلدنا  خصوصا منذ الانتخابات البرلمانية التي حصلت مطلع آذار 2010 . ومحاولات رهان المتحاصصين على استثمار حصة الأسد لمصالحهم الأنانية الضيقة أو التفريط بمجمل العملية السياسية التي انتظرها اغلب أبناء الشعب العراقي في الخلاص من النظام الدكتاتوري البغيض , ونهج الحزب الواحد والرجل الأوحد  .

... عندما حصلت انتفاضة آذار عام 1991 في مدينة الحي ومن ثم امتد أوارها لتشمل  معظم المحافظات العراقية , صار من الصعب  التنقل بين  تلك المحافظات وخصوصا محافظات الفرات الأوسط وبالأخص نقل جنائز الموتى الى مقبرة النجف الاشرف  , وصار  نقلها  يكلف ذويهم  مبالغ باهظة , المهم في ظل تلك الظروف توفيت والدة احد المعارف , ولم يكن  نقلها الى مقبرة وادي السلام  امرا سهلا بسبب تلك الأوضاع وما رافقها من قمع الانتفاضة بشكل دموي واستباحة المدن  المنتفضة من قبل قوات الحرس الجمهوري والقطعات الأخرى , أصر ابنها ان يدفنها في مقبرة النجف.. مهما كلف الأمر.. ولا احد  كان يجرأ على مناقشته بسبب مشاعره العاطفية وانفعاله على  فقده عزيزته وقت ذاك  , في حين بعض السواق طلب مبلغا خياليا لقاء ذلك , لا يستطيع دفعه , هنا تدخل احد الحاضرين من الأصدقاء مقترحا على أبنها  أن يدفنها في مقبرة سعيد بن جبير .. طالما هناك محاذير وصعوبة في التنقل ونقل الجنازة , وتكاليف النقل الباهظة إلى مقبرة مدينة النجف  الاشرف  .

هنا الابن انتفض وهو يجهش بالبكاء وأجاب بانفعال وبصوت عالي  سمعه الحضور من المشيعين  قائلا : ( قسما عظما والله   احرﭼها .. ولا ادفنها – بسعيد ..!! )  لم يؤاخذ الابن على ردة فعله في الجواب  ,  هنا تشاور مجموعة من الأصدقاء  لإنقاذ الموقف والحيلولة دون تنفيذ القسم الغليظ  وجرى الاتفاق مع احد المعارف  من السواق على إرسالها  الى مدينة النجف  الاشرف بالرغم من كل المحاذير في ذلك نزولا عند عواطف الابن .

اليوم العملية السياسية التي تحققت بعد إزاحة النظام الديكتاتوري البغيض وما تعانيه من الأزمات التي تطفو على السطح وبشكل متواصل نتيجة عدم توفر الثقة بين القوى المتنفذة  والمتحاصصة على إدارة شؤون الدولة .. وعدم الإصغاء الى منطق الحرص على مستقبل البلد وبنائه واعماره من خلال الاستفادة من الطاقات و الكفاءات  العلمية والتقنية التي يزخر بها البلد  , وإصلاح ما حصل من الأخطاء عبر الإسراع في  تشريع القوانين التي لازال ينتظرها ابناء الشعب بفارغ الصبر . نجد البعض من تلك الاطراف  يتحدث بمنطق أحرق العملية السياسية .. ولا يتجه نحو إصلاحها ,  وعدم الاستعداد في تقديم التنازلات  والتوجه باندفاع نحو  الحوار الوطني  المرتقب , واستثمار فرص اللقاءات لتقريب وجهات النظر, وجعل  مصلحة الوطن والشعب فوق كل الاعتبارات ,  والعمل على تفعيل  مواد الدستور باعتباره  المرجعية  الأساسية في معالجة جميع الإشكالات .

ان التوجه  المغاير والاستمرار في السجالات  وإثارة التصريحات الساخنة والتأخير في تشريع القوانين , وإهمال الدستور وعدم الجدية في التوجه لعقد المؤتمر الوطني , والخروج بالبلاد من أزماتها  سيلقي باثاره السلبية على مستقبل تطور البلد  والعملية الديمقراطية التي ينشدها الجميع من الحريصين على تقدم العراق , والخاسر الوحيد من جراء تلك التوجهات هو المواطن الذي ينتظر من منحهم صوته الاهتمام برعايته في العيش الكريم .

 

 

 

 

 

        




 

free web counter