| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

بشار قفطان

 

 

 

                                                                                   السبت 22 / 6 / 2013

 

آخر شهود السراجين في مدينة الحي ...

تحقيق بشار قفطان .. تصوير حمزه ثجيل


 

الشيخ عباس منصور يتحدث عن مهنة السراجة في الحي ...!!

مهن عديدة كان يمارسها بعض أبناء مدينتنا وكانت لها أسواقها المخصصة, وان العديد منها انقرض وغاب عن الأنظار كمهنة الصفا رين و باعة الفليان . وكذلك باعة السجاد الحياوي الذي اشتهرت مدينة الحي في حياكته , وهناك مهن أخرى في طريقها إلى الانقراض مثل إعمال النجارة للآلات الزراعية القديمة كالمحراث ( الفدان ) والمرواح وقبضة المسحاة والمنجل ( يدة ) وحياكة العبي الرجالية التي لها من يجيد حياكتها واكتسبت مدينة الحي شهرتها في خصوصية حياكتها .

ولابد من الاشارة ان تلك المهن تعددت واختلط إنتاجها بأيدي شغيلتها ومنتجيها وان اختلفوا احيانا بالانتماء القومي او الديني او المذهبي وهم يعيشون سوية في المدينة منذ عدة عقود. حيث سكن وتعايش في المدينة أشخاص وعوائل حتى من ديانات أخرى كاليهود ..عملوا في تجارة الحبوب والسكر والشاي والتبغ والدهن الحر والأقمشة . والصابئة اشتهروا في فن الصياغة وقد اكتسب الخبرة منهم بعض ابناء المدينة . هذه الشرائح من الديانات الأخرى غادرت وتركت المدينة أواسط خمسينات ومطلع ستينات القرن الماضي .
و سوق السراجين في الحي كان من الأسواق المشهورة أيضا في المدينة , كان زاهيا بمعروضاته من الصناعة المحلية التي تتصدر واجهات محلات أصحابها .
.. لقد كانت أيدي فنية ماهرة ومبدعة تجيد تلك الصناعة ,
.. مهنة السراجة من المهن الحرة التي اشتهر بعض أبناء المدينة في ممارستها .

وقد تجمع أصحاب تلك المهنة في سوق خاصة بهم , واليوم نشاهد السوق على غير ما كان عليه قبل عدة عقود من حيث عدد أصحاب ممارسي المهنة او تحديثه من حيث البناء والأعمار بما يليق بهذا المرفق التراثي العريق .
ذلك السوق ظل يحتفظ ببعض أثار هويته القديمة من خلال هذا الرجل الكادح عباس كاظم منصور الذي بقي وفيا لمهنته .. التي عشقها وتعلق بها كفن وإبداع كما نشاهده .

بداية .. بدأ الحديث معنا شاكيا معاناته وهمومه وكبر سنه وبقائه وحيدا في هذا الدكان الصغير مترحما على من غادر الحياة الدنيا من أصحابه , وتمنياته بالعمر المديد لمن انتقل إلى مكان آخر أو اعتزل العمل لأي سبب من الأسباب ,
هذا الشيخ اخذ يحكي قصة رجال المهنة الذين سبقوه العمل فيها , وكانوا جميعا يشكلون السوق, معظمهم غيبه الموت والبعض الأخر تركها مرغما بسبب ظروف المعيشة , وقسم اخر انتقل بخبرته الى العاصمة بغداد ومدن أخرى من أمثال المرحوم مطشر شريجي , واحمد الجفال وشقيقه حميد وكريم ظاهر والعديد من الأسماء نعتذر عن ذكرها لغيابها عن الذاكرة .

.. مهنة السراجة في قضاء الحي تمتد إلى عدة عقود من الزمان وكان أصحابها يشغلون جميع الدكاكين في السوق وأطلقت عليه التسمية باسمهم . ولازال يحتفظ بتراثه من خلال شيخنا هذا الرجل , ولم يتجرأ مالكيه من أعماره أو تحديثه إلا في بعض الأماكن القليلة منه .

ويستطرد الشيخ ابو خضير في الحديث قائلا : تولدي عام 1930 و تعلمت المهنة ومارستها منذ عام 1954 وبقيت متواصلا معها كما تشاهدونني الان اعتزازا بها واعتبرها من المهن التراثية في المدينة  .

سمعتنا وصيتها شائعا في العراق من خلال شهرة جودة ما نعرضه من سروج الخيل وغيرها مما تعمله أيدينا بمهارة في تطويع الجلود كما نريد .
الشيخ ابو خضير فاجئنا قائلا : بقيت اخر من تبقى من جيلي او الذين سبقوني في تلك المهنة التي اشتهرت بها مدينتنا , من أمثال المرحومين مهدي شكارة , وناجي شكارة وشيخ السراجين الحاج جاسم الحاج إسماعيل ومحسن عذيب وكريم فيحان , وعليوي عذيب .
وحاج جابر الحاج اسماعبل وعباس السويد, وبرهان خواف , وهاشم حاج اسماعيل . ومحمد عبد الرضا أمد الله في عمره , والمعذرة لمن غاب عن الذاكرة .

 

في حديثه عن سروج الخيل التي يدخل في صناعتها بعض النجارين من ذوي الاختصاص حيث يجهزون لنا (الجتب) وهو من الخشب الذي يُغطى بالجلد الطبيعي جلد البقر وتستخدم معه مادة الشريص في ضغطه وتثبيته على الجتب مع المسمار المرصع حيث يعطيه متانة وجمالية للناظر ويطلق عليه عدة الفرس.

و يستطرد قائلا : لا انسى في احد المرات في زمن النظام السابق رئيس النظام طلب منا ان نعمل له سرج لإحدى مناسباته نتيجة لما كان يسمعه عن ميزة صناعة السروج في مدينة الحي وأنجزنا له ذلك حيث نال اعجابه .
وكنا نصدر من ما تصنعه أيدينا إلى بعض البلدان العربية كالأردن, وسوريا , والسعودية والكويت وغيرها .
إضافة الى ما تقدم ذكره اشتهر بعض السراجين في المدينة في صناعة النعل أبضا من الجلد الطبيعي , والحزم والهميان الذي يستخدمه الحجاج أثناء أداء الفريضة . وكذلك ( الغمد ) حمالات وحفظ العتاد والأسلحة كالمسدسات والبنادق والخناجر والقامات والسيوف من التلف والصدأ .

وأشار لنا في حديثه : ان المهنة على وشك الانقراض حيث لم يبق في المدينة من السراجين سوى عدد قليل بعدد أفراد الأصابع وقد انتقلوا الى أماكن متفرقة من أسواق المدينة .

السوق وبالرغم من قدم بناءه , ألان يشغله بعض النجارين ويقع فيه من اقدم الخانات للمرحوم حسن المطلب الذي بناه عام 1311هـ ( سنة 1894 م ) كما مثبت عند مدخل الخان ..

وفي الختام شكرنا شيخنا العزيز على ما افادنا يه من الحديث ومتعته وقوة الذاكرة .. وودعناه بتمنياتنا له بالعمر المديد






 


 



 

free web counter