| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

بشار قفطان

 

 

 

الأربعاء 21/4/ 2010

 

امرأة من بلادي
ام الشهيد علي الشيخ حمود مربية ومناضلة حتى رحيلها

 بشار قفطان

يموت الخالدون بكل فج
ويستعصي على الموت الخلود ... الجواهري

عن اي أمرة نكتب اليوم .؟.؟ عن ألآم والمربية .؟ اوعن قابلتنا الغير مأذونة في الزمن الغابر.؟ او عن تلك الانسانة التي تحمل الطيبة . ؟ انها ام الشهيد البطل علي الشيخ حمود ، الشاهدة الواقفة ومرفوعة الرأس امام عزيزها وهو يخطو صحبة رفيق دربه (الشهيد عطا الدباس ) نحو اعود المشنقة.

الجلادون أرتعدت فرائصهم من ما شاهدوه من الصلابة ورباطة ألجأش والجلد ،التي بانت معالمها على محيا الشهيدين وعائلتيهما لحظة الوداع ، الحضور لحظة تنفيذ الجريمة ابصارهم ترنو نحو ألآم وهي ايضا تنظر شاخصة الى ما يدور حولها من هذا المشهد وكأنه حلم أو أسطورة من الاساطير التي حدثتنا عنها جداتنا .
تلك ألآم التي لاذ بسد عباءتها وبين احضانها أبناء ألشهيد وبناته وحتى زوجته وهم جميعا أمام هذه الصور المروعة.

أي جرأة تملكين .؟ أقول لربما استذكرت ايامها الاولى عندما كانت تناغي أبنها في مهده في الليالي الطوال :
( دللول يالولد يبني دللول عدوك عليل وساكن الجول ) و لكن الجواب جاءها سريعا من فلذة كبدها وهو يعتلي صهوة المجد ليشتري الحياة :

( الشعب ما مات يوما فأنه لن يموتا
ان فاته اليوم نصرا ففي غد لن يفوتا
)

ومن هنا تبدأ القضية.

تنظر للجميع بعين التفاؤل للمستقبل الذي سيكون حتما لمن هتف أبنها لآجلهم، لآنه ورفيقه طرزا الطريق بدماءهما الزكية من أجل المستقبل الزاهر.

كم من ابناء وبنات مدينتي منحتهم ( ام الشهيد علي ) الحياة عندما تحضر لتسهيل امر ولادة امهاتنا ومنها شممنا الحياة،.؟ وصرنا في عالم الدنيا ، وكم منا كبر وشق الطريق واكمل دراسته ، وتخصص من تخصص وصار أبا أو أما ورب اسرة ..؟

يفخر أبناء وبنات مدينة الحي الباسلة بالمرأة والآم التي انجبت الشهيد البطل علي ألشيخ حمود أسمها ( حديد ) احبت ابنائها حبا واحتضنت ابناء زوجها واحسنت رعاية الجميع وعندها من الاولاد الشهيد علي ونعمه ورزوقي و محسن .

تأثرت العائلة بالافكار التي أعتنقها و ناضل من اجلها ابنها البطل علي وهي صارت منفذة لما يطلبه منها في توزيع البريد الحزبي على بيوت الرفاق في ذلك العهد البغيض .
|
وللمرأة الراحلة افضال يعرفها ابناء المدينة وبناتها وهي التي كانت القابلة غير الماذونة وبدون أجر أو مقابل , تلبي طلبات دعوتها في أي وقت تكون الحاجة لها بدون كلل او ملل لتسهيل مهمة ولادة امهاتنا بالرغم من العوق الذي تعاني منه في احدى قدميها الا ان ذلك لم يكن مؤثرا ولا يمنعها في مواصلة متابعاتها لامهاتنا الحوامل وقد اشترت دراجه هوائيه لمساعدتها في سرعة تنقلها في ازقة ودرابين المدينة العامرة باهلها وكان الشهيد علي أو أحد أبناء الجيران من يوصلها الى بيوت محتاجيها من البيوت، وفي ظروف لم تكن فيها الادوية المستخدمة متوفرة ، واحيانا تبقى الى الصباح الباكر مع من تحتاج الى رعايتها ، واضيف الى ذلك انها لم تعتذر عن بذل خدماتها مهما كان المناخ وبرودة الجو وخاصة في ايام الشتاء وهي المعوقة .

ام الشهيد (علي ) شاركته نضاله الوطني منذ مطلع خمسينات القرن الماضي وكما قلت في مكان سابق انها موزع بارع لبريد الحزب ونشراته السريه وكم من المرات استطاعت ان تموّه على افراد الشرطة وتمّهد لآبنها المطلوب القبض عليه من الافلات نحو الجيران ، وكانت تشارك المتظاهرين في المدينة بتواجدها مع مجموعة من النسوة في توزيع اللافتات والهراوات من بين أكتارهن على المتظاهرين.
وبصمات المشاركة مع المتظاهرين واضحة لها ومن معها من الزغاريد والهلاهل التي تثير الحماس في النفوس والاصرار على النضال اليومي المطلبي .

كانت سباقة في تشكيل الوفود النسوية لمراجعة المسئولين في القضاء بالمطالبة باطلاق سراح المعتقلين والموقوفين والمفصولين من الطلبة والشباب بسبب نشاطهم الوطني .

في عام 1955 على خلفية عريضة تطالب بنقل الحاكم الموجود في القضاء تم اعتقال بعض الموقعين على الطلب واعتبر الشهيد علي الشيخ حمود محرضا واعتقل معه الرفيق هاشم جلاب واخرين  .

بادرت ام الشهيد علي بتشكيل وفد نسوي مع مجموعة من النساء هي وام المرحوم عبد رسن وشقيقة ابو نزار هاشم جلاب وام المرحوم عباس حاج حسين وام كفاح زوجة الشهيد (علي ) واخريات معذرة لمن فات ذكرها ، وتم الحديث مع الحاكم على ضرورة اطلاق سراحهم خشية اصدار احكام قاسية عليهم وهنا أجاب الحاكم ( ينحكمون ما ينحكمون للجير والجهنم ) هنا ردت عليه احدى عضوات الوفد ( جير اليجير وجهك ) عندها غضب الحاكم وتكلم عليهن بكلام خشن .
وعندما عدِّن نقلن الحديث الذي دار مع الحاكم الى رفاق الحزب . وفي تلك الليلة اثناء خروجه من نادي الموظفين الكائن على نهر الغراف تعرض له اثنان من رفاق الحزب تأديبا لتصرفه الخشن مع الوفد النسوي وقد نقل على اثرها من القضاء واطلق سراح الموقوفين ، ليلقى القبض على وجبة جديدة بتهمة الاعتداء على الحاكم .
وظلت ام ( الشهيد علي ) مواكبة مع تحركات ابنها.

وعلى اثر انتفاضة كانون الاول من عام 1956 في مدينة الحي اعتقل ابنائها علي ونعمة واما المرحوم محسن فقد استطاع من مغادرة المدينة الى سوريا وقد حكم على الشهيد علي بالاعدام شنقا حتى الموت ونعمة الشيخ حمود خمسة عشر عاما وعلى محسن بالحكم غيابيا خمسة عشر عاما .
وقبل تنفيذ حكم الاعدام الجائر بحق أبطال ألآنتفاضة مطلع كانون الثاني عام 1957 ، قامت أم الشهيد البطل طيبة ألذكر بتشكيل وفد نسوي منها وزوجة أبنها ومن عائلة الشهيد عطا الدباس بمقابلة الامير ربيعة للتوسط ورفع الحيف عن البطلين وتخفيف أحكام الاعدام الى المؤبد ألآ أن السلطات الرسمية اشترطت ذلك بأعطاء براءة من الحزب الشيوعي العراقي . رفض الشرط من قبل البطلين.

فجر يوم 10 / 1 / 1957 وقفت ام الشهيد البطل وبقية افراد العائلة لائذين بعباءتها وهي فخورة بحسن ذاك المصير لابنها الذي دفع حياته ثمنا من اجل القضية التي أمن بها . لقد وقفت ام الشهيد البطل شامخة الرأس وتنظر الى ابنها وهو يوصيها ان تكون وفية على العهد وتسمي ما في بطن زوجته ان كان ذكرا باسم (عطا ) وفاء لرفيق الدرب وتحسن تربية الجميع باعتبارها هي رب الاسرة بعد سجن جمع الابناء  .

لقد بقيت تلك الانسانة والتي تقدم بها العمر وفية للمباديء التي استشهد ابنها من اجلها وبقت ناصعة اليد بيضاء بالرغم من الاغراءات والترهيب ، سوء حالة العائلة االمعاشيه لم تدفعها لتمد يدا لآحد  .

ألمجد للآم والمربيه والقابلة المناضلة ام الشهيد علي الشيخ حمود



 

 

free web counter