| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

بشار قفطان

 

 

 

                                                                                   الأثنين 11/4/ 2011

 

 اتحاد الطلبة العراقي : علامة مضيئة في تاريخ الحركة الوطنية العراقية

بشار قفطان

انتم فكرتي ومنكم نشيدي وبكم يستقيم لحني وعودي - الجواهري الكبير

هذه الأيام تكون قد مرت على تأسيس اتحاد الطلبة العراقي ثلاثة وستون عاما .
ثلاثة وستون عاما من الكفاح المرير والنضالات الطلابية التي حققت العديد من المكاسب والانجازات المهنية لمجمل الطلبة طيلة العقود الستة المنصرمة .

لقد كانت ولادة اتحاد الطلبة العراقي الذي نحتفل في ذكرى تأسيسه منذ الإعلان عنه يوم الرابع عشر من نيسان عام 1948 وحتى يومنا هذا وسط أجواء من التحرك والتضحيات الجسام و النضال الجماهيري المتعدد الأشكال الذي خاضه الطلبة جنبا الى جنب مع سائر المنظمات والقوى الوطنية والديمقراطية من اجل تحقيق الأهداف المشروعة لسائر فئات المجتمع العراقي .
إن الطلبة العراقيين فصيل اجتماعي واسع له من الأهداف والمصالح التي تستحق التحقيق ولم يكن من السهل تحقيق تلك الأهداف والطموحات من دون خوض النضال الجماهيري المنظم وتحت قيادة واعية مستعدة للتضحية والنهوض بأعباء النضال اليومي الدءوب .

ان دخول الطلبة المعترك المهني ألمطلبي والوطني والسياسي لم تكن بدايته يوم الرابع عشر من نيسان عام 1948. ولكن سبقت ذلك اليوم مجموعة من الهبات والتظاهرات الطلابية من اجل تحقيق المكاسب المشروعة ضمن استحقاقات المراحل التاريخية , عام 1926 حيث الاضراب الطلابي لطلبة الإعدادية المركزية في بغداد , والتظاهرات والاعتصمات التي خاضها الطلبة في اعوام 1928 و حتى عام 1945 . وكذلك المشاركة الطلابية الواسعة مع سائر فصائل الشعب الوطنية , وكان للطلبة دورهم الواضح والمتميز في وثبة كانون الثاني عام 1948 في إسقاط معاهدة بورت سموث الاسترقاقية .
دماء الطلبة العراقيين من الشهداء والجرحى اختلطت مع الدماء الزكية التي اريقت من معظم المشاركين في تلك الوثبة من الرجال والنساء والشباب والشيوخ .
لم تمض سوى عدة أسابيع على الوثبة وما أفرزته من النتائج بحلوها ومرها . احتشد جمع غفير من الطلبة في ساحة السباع يوم الرابع عشر من نيسان عام 1948 وسط حضور اكثر من مائتي مندوب يمثلون اغلب طلاب المعاهد والكليات والمدارس الإعدادية والثانوية وتحت شعار قي سبيل حياة طلابية حرة ومن اجل مستقبل أفضل . اعلن عن عقد المؤتمر التأسيسي الأول للطلاب العراقيين, وضمن برنامجه ونظامه الداخلي مضامين مهنية وديمقراطية .
( الاتحاد منظمة ديمقراطية ذو طبيعة وطنية عامة يتيح دستوره انضمام كافة الطلبة العراقيين بمختلف انتماءاتهم السياسية او القومية او الدينية ) . ومنذ ذلك اليوم بدأ النشاط الطلابي المنظم الذي اعتمد البرنامج الذي يهتم بمشاكل الطلبة على مختلف اتجاهاتهم وانتماءاتهم الفكرية , و إقرار نظام داخلي يعتمد الهيكلية التنظيمية للانتماء والعمل في صفوف الطلبة من اجل وحدتهم ,
كل ذلك جرى وسط حماية مجموعة من العمال خشية الاعتداء على الطلبة المؤتمرين اعوان نظام الحكم وبمشاركة شاعر العرب الأكبر الراحل ألجواهري الذي وضع بصماته الثورية على المؤتمر وأثار في الحضور مشاعر الحماس وروح الإقدام في نفوس الحاضرين في رائعته المشهورة  :

يوم الشهيد تحية وسلام       بك والنضال تؤرخ الأعوام

وهو الذي فقد أخاه جعفر شهيدا في الوثبة الوطنية مطلع العام مع كوكبة من الطلبة الشهداء وشرائح أخرى , واستمر العطاء والمشاركة الميدانية للطلبة بقيادة اتحادهم المناضل في الذود عن مصالحهم بشكل خاص ومصالح أبناء شعبهم المبتلي بأنظمة الاستبداد والاضطهاد ,
والطلبة بطبيعة الحال ينتمون الى شرائح اجتماعية مختلفة من العمال , والفلاحين , وشغيلة الفكر واليد والطبقات الاجتماعية الوسطى .

تصدر الطلبة بقيادة اتحادهم المناضل مع القوى الوطنية والديمقراطية الاخرى وثبة تشرين عام 1952 ولن يتخلف عن سائر الانتفاضات والنضالات الواسعة التي خاضها ابناء الشعب في عام 1956 لنصرة الشعب الجزائري ضد العدوان الفرنسي الغاشم والشعب المصري ضد العدوان الثلاثي .
قدموا على هذا الدرب العديد من الشهداء والجرحى والسجناء والمفصولين .
كان لهم دورا فاعلا في إسناد ودعم ثورة الرابع عشر من تموز الوطنية التحررية ولم يكن ذلك الانتصار بمعزل عن نضالاتهم  .
حقق اتحاد الطلبة ظروف عمل علنية بعد انتصار ثورة الرابع عشر من تموز , وانعقد مؤتمره الثاني في السادس عشر من شباط عام 1959 في العاصمة العراقية وبحضور الزعيم الوطني الراحل عبد الكريم قاسم وشاعر العرب الأكبر الجواهري . وعدد من المسؤولين والشخصيات الوطنية وممثل عن اتحاد الطلاب العالمي . واحتل اتحاد الطلبة في الجمهورية العراقية مواقع قيادية في اتحاد الطلاب العالمي حيث شغل منصب السكرتارية للفترة من عام 1961الى عام 1971. وشغل منصب نائب الرئيس للاتحاد العالمي للفترة من 1971 الى 1977 , وقد استضاف الاتحاد عام 1960 مؤتمر اتحاد الطلاب العالمي في العاصمة العراقية بغداد اذ كان المؤتمر تظاهرة طلابية عالمية رائعة وقت ذاك .

وبشبب النشاط المثابر للطلبة بقيادة اتحادهم المقدام من اجل ترسيخ المفاهيم الديمقراطية وتعزيز المكاسب المهنية والأكاديمية للطلبة وتحسين ظروف السكن في الأقسام الداخلية وتعزيز الديمقراطية في العراق . في 23 تشرين الثاني من عام 61 قامت مجموعة من الطلبة لشق وحدة الحركة الطلابية في العراق بالإعلان عن تأسيس الاتحاد الوطني لطلبة العراق حيث عقد مؤتمره الأول في الكلية الطبية العراقية . وكان بالضد من أهداف اتحاد الطلبة في الجمهورية العراقية . تلك المنظمة التي مهدت من خلال الاضراب الطلابي في كانون الاول من عام 1962 بالتمهيد للانقلاب الدموي في الثامن من شباط من عام 1963 . وصار ذراع للسلطة الدموية بعد انقلاب شباط حيث اقدم على تصفية العديد من الكوادر الطلابية واعداد من الطلبة المنضوين تحت لواء اتحاد الطلبة وممارسة بعض اعضائه ابشع انواع التعذيب ضد خصومه . وملاحقة واعتقال وفصل المئات منهم .

ولكن تلك الهجمة لم تشل وتثني القيادة الواعية لاتحاد الطلبة من اخذ دورها الفاعل في مقاومة الانقلاب وفضح ممارساته الدموية من خلال حضوره وحضوته في اتحاد الطلاب العالمي باعتباره عضوا فاعلا فيه وتواصله مع المنظمات الديمقراطية العالمية الاخرى . ونشط دوره في العمل السري وتجميع اعضائه . واستطاع ان يحقق نتائج باهرة في الانتخابات الطلابية التي جرت عام 1967 في المعاهد والكليات ومدارس الاعدادية مما دفع بالنظام الحاكم الى الغاء تلك الانتخابات .
مما عزز من مكانة الاتحاد في الاوساط الطلابية داخل العراق وخارجه لدى المنظمات الطلابية الديمقراطية .

لقد تعرض اتحاد الطلبة العام في العراق الى شتى محاولات التصفيات الجسدية والفكرية طيلة العقود الستة الماضية . ولكن الاتحاد ضل وفيا للمباديء التي تاسس من اجلها وكل المحاولات باءت بالفشل الذريع . وكانت له مساهماته التي لايستطيع احد نكرانها , والدور البطولي الذي اضطلع به جنبا الى جنب مع فصائل حركة الانصار في كردستان في مقارعة النظام الدكتاتوري البغيض وسقط منهم العديد من الشهداء ضحايا مع رفاق الدرب والسلاح .

وتميز نشاط اتحاد الطلبة في الجمهورية العراقية تصدر نضالات الطلبة على مر العهود وتوثيق ذلك قي مؤتمراته الثمانية التي عقدها منذ بداية تاسيسه وحتى يومنا هذا تلك المؤتمرات تعني التجديد في البناء والعمل .

بعد سقوط النظام الدكتاتوري في مطلع نيسان عام 2003 لعب اتحاد الطلبة العراقي وما زال يلعب دورا هاما من اجل وحدة الحركة الطلابية بين مختلف فصائلها من اجل النهوض بالواقع الطلابي والتربوي في العراق وفق برنامج وطني يعزز مسيرة العملية االتربوية الجارية في البلاد .

واليوم يضطلع اكثر من اي وقت مضى بمهامه المهنية و الوطنية جنبا الى جنب مع سائر القوى والمنظمات الوطنية والديمقراطية من اجل اصلاح العملية السياسية الجارية في البلاد ومعالجة الثغرات التي ستؤدي الى الانقضاض على التجربة الديمقراطية الوليدة .

عاشت الذكرى المجيدة لتأسيس اتحاد الطلبة العراقي في الرابع عشر من نيسان عام 1948
وليبقى مؤتمر السباع علامة مضيئة في تاريخ الحركة الوطنية العراقية
المجد والخلود لشهداء الحركة الطلابية العراقية




 

free web counter