| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

بلقيس حميد حسن

balkis8@gmail.com

 

 

 

الجمعة 4/4/ 2008

 

النار تخلــّف رمادا
بين فرض القانون وحقوق الانسان

بلقيس حميد حسن

الكثير من الناس ومنهم بعض السياسيين وناشطي حقوق الانسان من العرب وغيرهم , يخلطون بين فرض القانون وانتهاك حقوق الانسان , ويعتقدون ان مباديء حقوق الانسان تفرض الوقوف العشوائي مع الانسان وان كان معتديا ومجرما ومنتهكا لحريات الاخرين وحقوقهم ومعتديا على ارواحهم وممتلكاتهم ..
ان مايميز الدولة المدنية هو فرض القانون والتعامل السلمي بين افرادها الذين من المفترض ان يحترموا نصوص القانون والالتزام به حتى يصبح اخلاقا والتزاما عاما من اجل الحياة المشتركة وبناء المجتمع المتحضر الذي يريدونه لتحقيق مايطمحون له بحياة هادئة بعيدا عن الدم والقتل والقهر ..
وما الفوضى التي امتاز بها العراق بعد سقوط النظام , إلا نتاج انبعاث ميليشيات مسلحة ضمت بين صفوفها الخارجين عن القانون والبعثين من الجيش الشعبي الصدامي الذين استبدلوا بدلاتهم الزيتوني بلباس الاسلام والادعاء بالدين , هؤلاء الذين لايريدون بناء دولة قانون , ولايريدون فرض النظام العام عن طريق السلطة التنفيذية التي واجبها السيطرة على الامن الوطني لتسير الحياة الطبيعية في شوارع ومدن وقصبات العراق ومراكزه العامة , بل هم يريدون تدمير الدولة العراقية وجعل العراق خربة كما رددها كبيرهم صدام حسين, والا مامعنى ان يقوم المسلحون بقتل عمال النظافة وتفجير المنشآت والممتلكات العامة والخاصة لأحداث الفوضى التي تتسبب بانتشار الاعتداءات والانتهاكات المؤدية الى المزيد من العنف وبالتالي انهيار الدولة .
هذا اضافة للدور الحقير الذي يلعبه تنظيم القاعدة وافكاره الدموية المتعصبة ضد الطوائف والاديان والعقائد المتنوعة التي تميز النسيج العراقي المعروف بتاريخه الموغل في القدم والشاهدة عليه أحجار أور وبابل وآشور ..
ان تأمين حقوق الانسان في اي بلد كان لابد وان تسبقه خطوة استتباب الامن في ذاك البلد , واستتباب الامن لايمكن ان يكون مع انتشار السلاح في ايدي الجهلة والمراهقين والممضللين والمرتزقة واصحاب العلاقات المشبوهة بجهات غير معلومة تمول لهم الاسلحة والمعدات والمال للقيام بابشع الجرائم واحداث الفوضى والموت اليومي المفضي الى انهيار الدولة ..
ان ماتقوم به المليشيات المسلحة في العراق هو اكبر انتهاك لحقوق الانسان حيث ان حق الحياة هو اول واقدس حق له , وبانتهاك هذا الحق تسقط كل الحقوق اذ ينتفي وجود الانسان ويصبح جثثا مجهولة ومقطوعة الرؤوس ومفقودة مبعثرة في الشوارع والماكن العامة ومثيرة الهلع والرعب والامراض النفسية والكوابيس ...
من هنا فان ما قامت وتقوم به الحكومة العراقية من القضاء على المليشيات ومحاولة حصر السلاح بيد السلطة التنفيذية هو اول خطوة لبناء مجتمع مدني امن بعد ان بات الموت يهدد الانسان العراقي اينما كان , وان القضاء على المجرمين والخارجين على القانون امر واجب على كل حكومة تريد حماية امن وكرامة الانسان في اي بلد , وكان من واجب الحكومة العراقية ان يكون هذا الاجراء مبكرا , فلقد تأخر تنفيذه وكم طالبت به عقول المفكرين والمثقفين العراقيين دون ان تستجيب الحكومة لهم .
ان مايثير الاستغراب في التيار الصدري الذي يضم بين صفوفه غالبية المسلحين ومنتهكي حقوق الانسان انه يصرح اليوم بالدعوة لتظاهرة مليونية دفاعا عن النظام الدموي المقبور , وكأن الشهيد الصدر الكبير لم يقتل على ايدي جلاوزة النظام العراقي وعلى مرأى ومسمع صدام واعوانه , وهذا اكبر دليل على نوايا هذا التيار غير الوطنية بالدفاع عن قاتلي الشعب ومالئي ارض العراق بالمقابر والاحزان, وهذا الموقف يذكرني بمقولة تكررها امي عندما ترى خلفا سيئا لسلف عظيم قائلة : النار تخلــّف رمادا....
فأين الشهيد الصدر الكبير الذي دفع حياته ثمنا دفاعا عن المظلومين والمقهورين في عهد صدام , من الصدر الصغير الذي يحاول بكل الاساليب بشاعة عودة قاتلي ابيه وقاتلي الشعب والوطن !

3-4-2008



 

Counters