| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

http://www.youtube.com/watch?v=HdjgYpC0OOA

بلقيس حميد حسن

balkis8@gmail.com

 

 

 

                                                                                    الأربعاء 30/11/ 2011


 
الضمانت الدستورية والقانونية لصيانة مباديء المواطنة والمساواة
"الدساتير العربية واثرها في تطور أو تراجع المجتمعات"

بلقيس حميد حسن

الدستور هو القانون الاساس للدولة أي أساس تنظيم قوانينها وقواعدها, وهو المرجعية الاولى التي تستند عليه الانظمة والقوانين التي لابد وان تنسجم معه ولاتناقضه,فإذا كان تعريف الحرية؛ هو حق الإنسان في التصرف ضمن ضوابط شرعية وقانونية وعرفية، فان هذا لايتم الا بدستور ينظم تلك الضوابط ويمنحها الشرعية, وهذا لا يتم إلا في مجتمع مدني يرتقي بالتنمية الديمقراطية إلى أعلى مراتبها ويساند إطلاق التعددية السياسية التي تعتبر بوابة أولى في التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية الضامنة لتوثيق العلاقة التعاقدية في دستور يشجع على النهوض ويدعم حقوق الإنسان لحماية المكتسبات الديمقراطية وترسيخ النهج الديمقراطي في حياة الإنسان دون النظر الى جنسه او عرقه أوقوميته أو أصله أو لونه أو دينه أو مذهبه أو معتقده أو رأيه أو وضعه الاقتصادي او مركزه الاجتماعي او السياسي.  .

لا يخفى على احد ماللدستور من أهمية بحياة الشعوب من هنا لابد وان يستمد من ارادتها ومن حركة مجتمعها  كي يستطيع تنظيم حياة الناس ويلبي حاجاتهم في ذلك.. .

ان هناك نواقص وعلل متكررة ودائمة في الدساتير العربية منها :

1-    انها غالبا مايكتبها ويشرعها فئة حاكمة تفرض ارادتها وفكرها على المشرعين دونما تلبية لحاجات الناس, ودونما مشاركة فعلية منهم, اذ ان المجتمعات العربية لازالت غالبا تنوء تحت سلطات غير آبهة برأي الاغلبية التي تعودنا ان ندعوها الاغلبية الصامتة, والتي همشت وتراجعت وجرى تجهيلها وتغييبها فبات الأمر اعقد من ثورة تسقط رموزا سياسية وتستبدل اشخاصا وهيئات, انما الثورة هو تغيير المعتاد في مجتمعاتنا العربية وتغيير علاقة الاشخاص بالدستور او القانون الذي لا يشعر الانسان العربي باهميته لبعده عن واقعه وتلبية حاجاته الحياتية, وهذا الخلل مرتبط بالتفاوتات الطبقية في المجتمعات العربية التي توصل بعض الاشخاص لمراكز القرار لا على اساس الكفاءة انما على اساس شطارة الوصول الى ذلك المركز بشراء ذمم واصوات وادوات اعلام مما يعطل عمل أي هدف انساني للدستور وغايته في تنظيم المجتمع, ويقول جان جاك روسو في العقد الاجتماعي:

((إن النظام الإ جتماعي العادل والسليم, هو الذي يستطيع تنظيم الثروات في المجتمع, حيث لا يكون هناك غني جدا يستطيع شراء الآخرين, وأن لا يكون هناك فقير جدا يضطر لبيع نفسه للآخرين))

وهذا القول يقودنا الى مسألة هامة وهي أن فعل الانتخابات الديمقراطية ينتفي تماما في مجتمعاتنا التي يتم فيها شراء الأصوات بالمال ولدى كل واحد منا امثلة كثيرة في ذهنه على واقع الانتخابات في عالمنا العربي وافساد هدفها الاساس وهو ايصال من يستحق لموقع القرار ووضعه في أعلى سلطة تشريعية في البلاد وهي البرلمان. اذن لابد من ضوابط  دستورية للعملية الانتخابية تعيد قيم الانتخابات على أسس صحيحة بعيدا عن فساد اصحاب الملايين وجرائم ذوي الياقات البيضاء..

 2 - إن فكرة المواطنة الحقة تتطلب الابتعاد عن فكرة المحاصصة التي تهدم ولاتبني, ولنا في تجربة لبنان والعراق اسوة بما وصلت اليه هذه البلدان من تراجع في الكفاءة السياسية وتراجع في فكرة الالتزام بالوطن وتعميق المواطنة, لان المحاصصات التي جاءت على أي شكل كان طائفيا او قوميا او دينيا او سياسيا, تؤدي الى اصطفاف كل فرد مع انتمائه ذاك,  فيكون الولاء للجماعة او القومية او الطائفة على حساب الانتماء للوطن. فتتراجع فكرة المواطنة ويسود الفساد السياسي وامراضه الكثيرة, مما يؤدي بالخراب الأعظم حيث يتفتت ابناء الشعب الواحد وتخلق النعرات والحروب خاصة في مجتمعاتنا التي خلفت لها الدكتاتوريات كوارث الأمية والجهل والبطالة..

-3غالبا ما يعبر الدستور عن حاجات مجتمعات سابقة, قديمة لا تمت لواقع المجتمعات الحالية بصلة, وتكرس موروثات الماضي السحيق الذي يقيدها ويوثق أعينها عن رؤية المشاكل الحالية والتي تحتاج للوقوف عندها وحلها وتنظيم المختلف عليه, فالدساتير العربية جميعها تقريبا تذكر في موادها الاولى ان الاسلام دين الدولة الرسمي.. وهذا يجعل تلك الدساتير غير منسجمة مع الواقع الاجتماعي الذي يضم ايديولوجيات متعددة في المجتمع الواحد من أديان وطوائف وانتماءات.فالدستور لايمكنه ان يتوائم مع حاجات المجتمع مالم يفصل اولا الدين عن الدولة, حفاظا على الدين من تلاعب السياسيين واستغلاله لاغراضهم غير المعلنة, واحتراما لحقوق الانسان بشكل عام, والأفضل ان تستبدل المادة الدستورية أعلاه بشعار" الدين لله والوطن للجميع". عندها نستطيع ان نتحدث عن استقلالية فكرة المواطنة وتعميقها لدى الفرد اذ تصبح العلاقة بين المواطن والدولة قائمة على أساس الولاء للوطن غير مرتبطة بأي ولاء آخر, خاصة واننا أمام تحديات كبيرة وأحداث عبرت عن وجود فئات وعقول متشددة تضرب بمجتمعاتنا بالعمق وتزرع الفتن والصراعات بين افراد الوطن الواحد على اساس الانتماء الديني والطائفي. فتسمية الدولة بالدولة الاسلامية فيه تناقض واضح جدا مع مبادئ الديمقراطية التي لا تجيز فرض قانون قديم لزمن حديث, فما يصلح لذاك الزمان لا يصلح بالضرورة لزماننا هذا, كما أن الدين يتعلق بفكر الإنسان وعقله واختياره ولايتعلق بشخصية الدولة الاعتبارية التي تتكون من مؤسسات وافراد مختلفين بالفكر والولاء وحسب الانتماء, من هنا يفضل أن لا يكون الدين الواحد شعارا لدولة متعددة الاديان والطوائف إمعانا بالعدل بين الناس ومحافظة على مشاعر الجميع خصوصا المجموعات التي تشكل اقليات دينية وطنية. وذلك لنشر المحبة وعد م استـئثار الأكثرية بفرض شروطها بما يتنافى مع حقوق الإنسان والمبادئ الطبيعية التي هي مصدر آخر من مصادر القوانين الوضعية في كل العالم.

 كما ان اقرار الدستور بالاسلام كدين الدولة الرسمي اصبح مع الاسف عائقا لما يصدر من فكر حر وآداب إنسانية وفلسفية تدخل في اطار الابداع الفكري الثقافي والانساني الداعم للاخلاق والقيم النبيلة في المجتمع,  وها  نحن نرى اليوم  كيف يُستخدم اسم  الدين من قبل بعض المؤسسات والشخصيات الدينية العامة للتكفير والقتل والإرهاب, ومنع الفكر الحر والابداع  من ادب وفن,  وقد صودرت الكثير من كتب كان الاحرى بها ان ترسخ في اذهان الناس لا ان تستبعد عن ايديهم وترحل الى المنافي والمجهول.  فكيف إن استغل  كمادة في الدستور وهو المرجع الأساس لأي نظام؟ فلماذا نضع الإشكاليات  لنا ولأجيالنا المقبلة؟

4- اكثر مايعنينا اولا  وبهذا الملتقى هو حقوق المرأة في الدساتير العربية, اذ أن تلك الدساتير لم تتغير لا بالثورات العلمية التي حصلت بخمسينات القرن الماضي ولا بالثورات التقنية والالكترونية التي غزت العالم ومنها منطقتنا العربية والحاصلة قبل ثلاثة عقود, تلك الثورات المعلوماتية التي غيرت وجه التاريخ والتي اثرت حتما على العلاقات الاجتماعية وافرزت واقعا جديدا, لم نجد لها اثراً في دساتيرنا العربية ونظرتها لواقع الحال, فهي لم تتغير عما كانت عليه في مجتمع القرون الوسطى حيث تستهان به المرأة وتعامل كشيء محرز للرجل.

لذا ان أردنا ان نقول بأن أية ثورة عربية قد نجحت لا بد من تغيير واقع الحال تمشيا مع ما هو موجود في العالم من تطور اجتماعي واقتصادي نحن جزء منه شئنا أم أبينا بعد أن أصبح العالم قرية صغيرة, وان التخلف في زاوية منها يؤدي الى عرقلة التطور العام أو عزل المتخلفين عن ركب المجتمع البشري ككل وهذا يعني هلاكنا وانقراض كل مابناه اجدادنا عبر قرون عديدة من التاريخ الذي كان قد بدأ ببناء الحضارة البشرية الاولى ..

فكثيرا ماجاء في الدساتير تناقضات بين مواده تبرز صعوبات في تطبيقها وتقع المرأة ضحيتها وانقل هنا تجربتنا مع الدستور العراقي الحالي الذي ينص على :

أولا: الحقوق المدنية والسياسية

المادة (1):

العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي

المادة (17):

تكفل الدولة التوفيق بين دور المرأة في الأسرة وعملها في المجتمع، ومساواتها بالرجل بما يتيح لها المساهمة الفاعلة والكاملة في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية بما لا يتعارض مع هذا الدستور.

المادة (31):

لجميع الأفراد الحق في التمتع بكل الحقوق الواردة في المعاهدات والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان التي صادق عليها العراق، ”والتي لا تتناقض مع مبادئ واحكام هذا الدستور

ثانياً: لا يجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور، ويعد باطلاً كل نص يرد في دساتير الأقاليم أو أي نص قانوني آخر يتعارض مع هذا الدستور.

هنا سوف نشرح التناقض الحاصل مع هذه المواد , لنقل أن نضالات المرأة العراقية التي تشكل  الأكثرية العددية  اليوم توصلت إلى الحصول على قانون يساويها مع الرجل في جميع الحقوق وهذا ما تنص عليه المادة (1) من الحقوق المدنية , والمادة (17) التي تقر بشكل واضح  مساواتها بالرجل, إذن فهل تسمح أحكام الشريعة الإسلامية - التي تطلب المادة الثانية من الدستور الالتزام به وبأحكامه وتنفي كل ما يخالفه– هل تسمح بكتابة قانون أحوال شخصية  يساوي المرأة بالرجل بالإرث والشهادة ويمنع تعدد الزوجات ويساويها مع الرجل بقانون العقوبات؟

هنا لدينا تناقض وإشكالية لا اعرف كيف يتم الخروج منها مستقبلا.. إشكالية في سن القانون وفي تطبيقه, ثم نرى ذات المادة تتناقض مع المادة (31) التي تتناقض مع ذاتها  في عبارتيها أصلا والتي تنص على التمتع بالاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان  و تردف العبارة بعبارة " بما لا يتناقض مع الدستور", أي الدستور الذي لا يجوز تنافيه مع أحكام الشريعة ألا سلامية والتي لا تتفق معها كثير من الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وأولها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يطلب المساواة بين المرأة والرجل  بكافة الحقوق بما فيها الأحوال الشخصية بل هي أهمها , كما أن هذا الإعلان يطالب الدول الأعضاء بالأمم المتحدة أن تكون دساتيرهم متفقة معه ولا تتنافى معه , فكيف يمكننا أن نوافق بين الشريعة الإسلامية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ؟ هنا إشكالية كبرى أيضا  كان لزاما علينا تجنبها

ولنفترض جدلا أن جمعية وطنية منتخبة في يوم ما جاءت لتسن قانون عقوبات تفرض به على السارق عقوبة قطع اليد  وهذه لا تتنافى مع الشريعة الإسلامية التي يطلب الدستور الالتزام بها وبأحكامها, لكنها تتنافى مع  حقوق الإنسان في المعاهدات الدولية, هنا كيف سيتصرف المشرع في ظل هذا الدستور ؟

أن سير القوانين في البلدان العربية لازال متوقفا عند حدود القرون السحيقة, وللخروج من تلك العصور لابد  للدساتير من اقرار مواد تمنح المرأة حقوقها البشرية على أساس مبدأ المساواة الذي اقره الاعلان العالمي لحقوق الانسان, والمواثيق الدولية التي لابد من الالتزام بها, وجعل هذه المواثيق والاتفاقيات مرجعا مرتبطا وداعما لمواد الدستور خاصة بعد النهضة العربية التي بدأتها الاتصالات في دول العالم المتحضر والتي اثرت بشكل او بآخر على الثورات العربية وأمدتها باسناد كبير حتى سميت بثورات الفيس بوك.. اذن لابد وان يعبر الدستور عن حاجات المجتمع الحالي وهو غير مجتمع القرون الوسطى وغير مجتمع القرن العشرين وماقبل الانترنيت والفيس بوك..

الحضور الكرام

إن جميع الشعوب التي خرجت من حروب مدمرة, او اوضاع مأساوية, إن كانت شرقية كاليابان أو غربية كأوروبا , استطاعت أن تنهض من الأطلال بعد الخراب الذي مر بها , لكن نهوضها لم يأت هكذا دون تغيير لفكر ونهج عقول الغالبية من أبناءها , إن هذه الشعوب راجعت ماحل بها واسبابه,  ووضعت الإصبع على الجرح لتداوي قروحها لتنهض من جديد , وأول ما خرجت به هو أن تنصف المرأة في دساتيرها وقوانيها كخطوة اولى تترافق مع اطلاق حملات التوعية بهذه القوانين وادراجها ضمن مناهجها الدراسية وجعلها تترسخ في عقول ابنائها حتى شكل احترام حقوق المرأة جزءاً من تربية الناس وحياتهم العامة, فلابد للدستور من الاعتراف بانسانية المرأة والاقرار بعقلها كمربية اجيال, وكمعلمة اولى للحياة البشرية منذ بدء الخليقة حتى الان, مما  يجعل المرأة قوية تستند على مواد الدستور والقوانين التي تنصفها لتنطلق نحو المساهمة في البناء الفعلي للمجتمع  وتطوره . ومثال على ذلك ان وضع المرأة العربية في تونس يختلف عن وضعها في البلدان العربية الاخرى من حيث مكانة وثقافة ودرجة الثقة بالنفس والتمتع بالحرية والسبب يعود الى الدستور التونسي وقانون الاحوال الشخصية الذي كرس انسانية المرأة لعقود طويلة, لذا راينا أنه مهما كان دور القوى السلفية التي تحاول اعادة عقارب الساعة الىالوراء فان واقع المرأة التونسي لايمكن أن يكون مثل واقعها في البلدان العربية الاخرى التي لم تشتم المرأة فيها رائحة المساواة حيث لم تزل ومنذ قرون تعامل كنصف انسان وتمتهن كجارية بمبدأ تعدد الزوجات والتحكم بخياراتها من قبل الاهل او الزوج او حتى الابن.

فمساواة المرأة بالرجل في الدستور الدائم ضروريا كي لا يكون هناك فرصة لتلاعب الحكومات المتعاقبة على فكرة المساواة في القوانين خاصة قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات , لان الدستور جامد ولا يحتك بالمنازعات بين الناس مباشرة , إنما تطبيقاته تكون من خلال القوانين الأخرى , فالتطبيقات العملية لقانون تحترم به رغبات المرأة وكرامتها وحريتها كانسان, قانون يضع مؤيدات جزائية رادعة فيما يتعلق بالمساس بإنسانية المرأة وكرامتها , لهو كفيل بان يغير النظرة الدونية للمرأة , وكفيل بان يغير العقول التي تهينها , وكفيل بان يضع حدا لاعتداءات وتسلط الرجل ويقلل من رجولية المجتمع وبالتالي يقلل العنف به ويؤدي إلى ردع المسيء ومن ثم الاستقرار الاجتماعي , فعندما يشعر المذنب انه على خطأ وبأن القانون فوق الجميع , تبدأ العقول بالتغيير وينتهي  التطاول على كرامة المرأة وانسانيتها ليسود الاحترام وليتربى جيل جديد من الرجال لا يرى المراة ذليلة, مقهورة, خائفة ويعيد التعامل مع زوجته مستقبلا بذات الأسلوب .

وأركز هنا على دور المثقف ضمن سياق الحديث عن دور المرأة وتمكينها من خلاله لعدة أسباب أهمها قدرة هذا المثقف على استنطاق كل الأمثلة العالمية وتمثّلها بالأفضل للارتقاء سياسيا لتكوين انموذجا يحتذى به فيما يخص دور المرأة، وفي ذات السياق فان وعيا سياسيا بالجذور الأساسية للاتفاقات الدولية بشأن المرأة سيضع البلد في مصاف الدول المتقدمة التي أنجزت منذ وقت مبكر لاتفاقيات هامة نذكر منها وأهمها الاتفاقية بشأن الحقوق السياسية للمرأة التي اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 640 ( د-7) المؤرخ في 20 كانون الأول/ ديسمبر 1952 والتي أرى من واجب اية حكومة جديدة أن توقع عليها الآن وتضع لها مرجعيات ضمن دستورها لمواكبة مبدأ تساوي المرأة بالرجل في الحقوق الوارد في ميثاق الأمم المتحدة، واعترافا منها بأن لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده، سواء بصورة مباشرة أو بواسطة ممثلين يختارون في حرية، والحق في أن تتاح له علي قدم المساواة مع سواه فرصة تقلد المناصب العامة في بلده، وللتأكيد على الرغبة العالمية لهذه المنظمة في جعل الرجال والنساء يتساوون في التمتع بالحقوق السياسية وفي ممارستها، طبقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص على :

"يولد جميع الناس احراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء".
علما أن اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة تضمنت ثلاث مواد أساسية:
المادة الأولى
للنساء حق التصويت في جميع الانتخابات، بشروط تساوي بينهن وبين الرجال، دون أي تمييز.
المادة الثانية
للنساء الأهلية في أن ينتخبن لجميع الهيئات المنتخبة بالاقتراع العام، المنشأة بمقتضى التشريع الوطني، بشروط تساوي بينهن وبين الرجال دون أي تمييز.
المادة الثالثة
للنساء أهلية تقلد المناصب العامة وممارسة جميع الوظائف العامة المنشأة بمقتضى التشريع الوطني، بشروط تساوي بينهن وبين الرجال، دون أي تمييز.
كلّ ما تحدثنا عنه هو مسند أولي يهدف إلى بلورة توجهات المجتمع الحديث نحو المدنية الحقّة،التي ترتكز في شروط تعايشها العالمي على المواثيق الدولية حديثة وليست مفاهيم دينية أو أعراف عائمة،وهنا تحديدا تكمن أهمية أن يكون في الدستور مرجعيات عالمية متّفق عليها تواكب مسيرة الإنسان وتطلعاته، خاصة في بلد متعدد الأديان , فلابد له من مرجعية غير مستمدة من دين واحد بعينه وهذه المباديء والاتفاقيات الدولية هي نتاج ممارسة تاريخية لشعوب عديدة متنوعة ومتعددة بأديانها وقومياتها واثنياتها ،ولا تعتمد على ماهية دينية أو عقائدية بعينها, كما أنها متفق عليها من قبل اكبر منظومة فكرية تعيش على هذه الأرض.

إن المرأة العراقية التي اقر لها الدستور احقيتها بكوتا برلمانية بحدود 25 بالمائة من عدد اعضاء البرلمان والذي استبشرنا به بداية, لم يكن ينفع المرأة العراقية في شيء, إذ أن أغلب هؤلاء النسوة هن من غير المؤمنات بحق المرأة بالمساواة, وبالتالي صرن معرقلات لتشريع أي قانون لصالح المرأة بحجة مخالفته للشريعة الاسلامية, لذا اتمنى ان تستفيد المراة المصرية والعربية الاخرى من هذه التجربة,  فليس الحقوق السياسية هي كل شيء, انما اقرار مبدأ المساواة في الدستور وتغيير الحقوق المدنية وقانون الاحوال الشخصية لصالح لمرأة هو الأهم وهو الذي سيغير واقعها تدريجيا اذا مارافقه اطلاق يد منظمات المجتمع المدني وتعبئة الجماهير النسائية, والتثقيف بأهمية المساواة, ورفع درجة وعي الجماهير بهذا الامر الذي يشكل قضية احياء المجتمعات أو موتها .

إن المجتمعات المتطورة غالبا مانرى دساتيرها مفتوحة تمنح مشرع القوانين بتغييرها حسب حاجة الناس وتضع بذلك تخويلا للمشرع فيما لايتناقض مع روح الدستور, فنرى قوانينها متغيرة ومتحركة باستمرار على عكس قواننيننا الجامدة التي اكل الدهر عليها وشرب وصارت من تحف الماضي التي لاتعبر عن واقع حال المجتمع مما تؤدي بنا الى التراجع في مختلف جوانب الحياة لنجد انفسنا في اسفل سلم التطور الحضاري ..

 

قدمت في ندوة " الدستور وقضايا النساء" التي دعت اليها منظمة المرأة الجديدة وتحالف المساواة دون تحفظ في القاهرة في 21-22 نوفمبر 2011..

 

 

free web counter