| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

بلقيس حميد حسن

balkis8@gmail.com

 

 

 

السبت 22/11/ 2008

 

 كابوس الجلسة البرلمانية

بلقيس حميد حسن

تابعت بقلق ام خائفة على رضيعها المريض , جلسات البرلمان العراقي ايام الاربعاء 19- 11- والخميس 20-11 , والسبت 22-11 ورأيت مالم يره النائم من كوابيس لا تصدق .
رأيت كل الفوضى التي سادت مجلس النواب بسبب قراءة الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة .رأيت نائبات ونواب ينقلون تصرفات الجهلة والرعاع الى جلسات البرلمان ويحاولون تكسير كل مايرونه امامهم ويطرقون الطاولات والكراسي بملفاتهم وباسلوب احتجاج لا يرقى الى مستوى برلمان ومعنى كلمة ديمقراطية وكلمة حوار التي طالما تشدقوا بها امام الكاميرات والاعلام ..
رأيت مالم يره النائم في نومه من كوابيس جهل , ابطالها شخصيات عراقية منحهم الشعب ثقته للحفاظ على حيوات الناس ولقمة عيش اطفالهم وامانهم , وائتمنهم على مستقبل الأجيال في التعلم والسير نحو مستقبل طبيعي للاجيال المقبلة ..
رأيت نوابا يخلطون الصح بالخطأ ولايفقهوا الدفاع عن الحق بشكل مضحك, اذ احتج احدهم على الجندي الامريكي الذي يعاقب سائق السيارة الذي لايضع حزام الامان , ويجد ان الجندي مخطيء في هذا , والنائب هذا لا يدري ان حزام الأمان وضع أساسا لأمان السائق العراقي وليس لأمان الجندي الامريكي , وان الالتزام به امر حضاري لصالح حياة الانسان , وتذكرت العقوبة في هولندا ومقدارها 70 يورو لاي مواطن لايضع حزام الامان , لانه يعرض حياته للخطر والاستهتار بالحياة مرفوض لدولة تريد الحياة للجميع, وكثيرة الامور التي اتعجب منها , كأن يرفع نائب آخر يده مؤكدا على ان لديه نقطة نظامية يتضح بعد ذلك ان ما لديه لاعلاقة لها بالنظام , بل هو اراد ان يطرح وجهة نظره باغتصاب الوقت من الاخر الذي بدأ يتحدث , كما رأيت نائبا آخر يمسك بتلفونه النقال مسترسلا بحديث ضاحك وكأنه غير موجود تحت قبة يقرر بها مصير شعب ووطن . ..
ماهذا البرلمان الذي يقود شعبنا , وماهذا المستوى الذي عليه ان يشرع قوانين يسير عليها الناس لسنوات واجيال ؟
كمن يرى كابوسا , عجبت من ممثلي الشعب وعجبت كيف وصلوا الى هذا المجلس بكل هذه البساطة والسذاجة, لكن عجبي يزول حينما اتذكر اننا امة تتظاهر ضد اتفاقية لم تقرأها , وان غالبية المتظاهرين لايقرأون ولايكتبون , ونحن امة تحارب البكتريا والامراض بالتمتمات والتعاويذ وزيارة قبور الاولياء..
رأيت مالم يره النائم من وجوه مليئة بالعصبية والتخلف تتحدث بالدين وتسمي الاتفاقية الامنية تمكين الكفرة من المسلمين على حد قولهم, والكفرة هم الجهة التي التجأوا اليها للقضاء على مجرم دموي سفك دماء اهلهم وذويهم ودمر وطنهم , جهة لولاها ماجلسوا في برلمان واستطاعوا التحدث من على منبره ليخافوا اشد الخوف على احتمال تمزيق القرآن من قبل بعض الجنود الامريكان , غير خائفين على موت العشرات من ابناء الشعب بالتفجيرات والتفخيخات والاغتيلات وعلى اموال الوطن التي تسرق بالبلايين وتدمر ولا على مستقبل العراق الذي سيكون بمهب الريح , ما لم توقع هذه الاتفاقية , بل سيبقى تحت الاحتلال كما بقيت فلسطين وذابت وذهبت القضية ادراج الرياح تحت تأثير مزايدات عربية ذات روح قومية متعصبة قادها حزب البعث ليقسم العرب الى الذين ما اتفقوا ابدا خاصة بعد اسفينه الذي دقه باحتلاله الكويت , ومزايدات واطماع اسلامية أخرى قادتها جهات ارهابية كالقاعدة بشخصياتها المريضة التي تجد في العنف لذة ونشوة وتعتبره نصرا ودخولا للفردوس, حيث تبث سمومها واموالها على كبر خارطة العالم واولها العالم العربي الزاخر بالفقر والجهل والبطالة , كذلك ايران بخلقها عداواة ادت الى تراجع قضية فلسطين الى مادون نقطة الصفر بل زادت على ذلك بنقل الخراب والدمار الى لبنان وابقاء مشاكلها دائمية مادات الجمهورية الاسلامية ترفع شعاراتها الطنانة وتدعي حماية المسلمين من العرب دونما ذكر لأطماعها بتوسيع امبراطوريتها لتشمل كل المناطق العربية , ومالحركات الاسلامية التي تنبثق يوميا هنا وهناك في العالم العربي, وبدعم من ايران الا دليل عليها ..
لست مزايدة على وطنية اعضاء البرلمان , فالجميع يحب العراق من الرافضين والمؤيدين للاتفاقية , ومن البديهي انه لا يوجد وطني يحب وجود الاجنبي بأرضه , وسيكون رفض الاتفاقية مؤكدا من الجميع لو كان العراق بظروف يستطيع الانسان بها الحفاظ على حياته اليوم وغدا , حيث المنطقة مقبلة على صراعات ومشاكل سياسية لايعرف مداها احد من العرب ومن الغارقين بتقليب كتب القرون الوسطى دونما معرفة الى اين وصل العالم ..
ولكن لو عدنا الى الوراء ودرسنا تاريخ القضية الفلسطينية جيدا سنتعظ حتما وسنتقبل الاتفاقية الامنية حبا للوطن وكرامة للذين يمكن ان يموتوا بعد الان , بل كرامة للاطفال الذين سيولدون , اما نركب موجة السيد مقتدى الصدر بمواجهة الامريكان لنجر البلاد الى الموت والخراب , فهو الانتحار والجنون بعينه , اذ ان عالم اليوم لديه قيم اخرى ومواجهاته وحروبه غير التي كان يقودها العرب والمسلمون بالسيوف والابل لتنطبق عليهم اليوم سورة " رب فئة صغيرة غلبت فئة كبيرة " .
اليوم الاسلحة المدمرة والفتاكة حتما ستسحق الضعيفة والعلم ماعاد يعترف للاسف بقدرة الفئة الضعيفة على النصر , لقد تجاوزنا الزمن وماعلينا الا ان نقول:
"رحم الله امريء عرف قدر نفسه "
ولنعلم باننا الطرف الضعيف والمحتاج لتوقيع الاتفاقية, لان الولايات المتحدة اساسا - وبدون الاتفاقية - هي الطرف المحتل والتي تستطيع فعل ما تشاء لتسيير الامور بدون العودة لنا , وقد رأينا ما استهترت به قواتها بخصوص كرامة الانسان العراقي , اذن الاتفاقية هي الحل الوحيد للبقاء على العراق وهي الحل الوحيد للمحافظة على كرامة العراقيين , وهي الحل الوحيد لضمان انسحاب كامل من الاراضي العراقية , ولو حصل الفلسطينيين على هكذا اتفاقية مع اسرائيل ولو بالانسحاب بعد عشرين عاما حتما سيوافقون , اذ لا ضمان بتحريرهم ولو بعد مائة عام بمساعدة احد, لا من اخوانهم العرب ولا من حلفائهم الاسلاميين .
اتمنى ان ارى في جلسات البرلمان المقبل انقشاع الكابوس والتوقيع على الاتفاقية لصالح العراق وشعبه ...



 

free web counter