| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

 

 

الجمعة 9/4/ 2010



عادت حليمة...!

باقر الفضلي
 

عادتْ "حليمةُ" شُدِي الحَولَ يا أُمَمُ (*)
سَبعٌ عِجافٌ وفي أردافِـهنَّ فَـمُ

أذَقْـنَنا شَرَ ما أسقى الرَدى قَدَراً
المَوتُ يَصْحَبُها والشؤُمُ والألَـمُ

فيها الخُدورُ وقَد سُلِـبّنَ كَرامَةً
سَـلبَ الغَزيِي إذا ما راحَ يَنتَقِمُ

مفازةُ الشَرِ مُذْ عَنتْ مُجَـلْجِلةً
أدمَتْ قُلوباً وقَلبُ الحُرِ مُكْـتَتَمُ

فمَنْ سقَـتْه جَحيماً راحَ يلعَـنُها
وكُلُ مَنْ ذاقَ حَلواها بِها رَنـِمُ

***

مفازةُ الشَرِ مُذْ بانتْ وما حَصَدَتْ
مِنا الشُموعَ وسادَ القَهرُ والعُـتَـمُ

رَمَتْ علينا رِداءَ المَوتِ نلبَسـهُ
وأقفَلَتْ دَربَنا مِنْ بُـؤْسِها الغِمَـمُ

كنا نُباعِـدُها شَطْـرَاً فتَـقرَبُـنا
كذاك حكمُ المَنايا، حينَ تُحتَـكَـمُ

رعاكَ ربُّـكَ لا تَشْكو مَرارَتَـها
فلا يُساقُ بِـها رَجْـفٌ ولا تُهَـمُ

صلى لها صَحبُها طَوعَـاً وتَلبـيةً
وأحرَقوا مِنْ بَخورِ الشُكرِ ما غَنِموا

***

دَعني أكَفْكِفُ دَمعاً قَدْ جَرى بدمي
إذْ تَشتكي وجدَها سَقْمَاً وتَضْطَرِمُ

فلا تَلُمْـني إذا ما كُنتُ آسِـرُها
كُلَ السنينِ وفَيضُ العَينِ يَحتَـدِمُ

كَتمـتُها تَلْتََظي ناراً لتَحرِقُـني
نارُ الأحـبَةِ في قلبيْ لها ضَـرَمُ

بانتْ مُحَمْـلَةً تَـتْـرى نَوائِبُـهُم
والهَـمُ يَسعَرُ في جَنْـبِيَّ يَلْتَـطِمُ

غَرقى العيونُ تَراها بَيْـدَ أنَ بـها
شَطين مِنْ جَـلَدٍ، وَجْـدٍ بهِ لُجِـمُ

***

يا سائلي في هَواهُـم أينَ موئِلُـهُم
الدارُ ماتَ الهـوى فيها فلا كَلِـمُ

لا الطيرُ تأنَسُ مَـلقاها فتَنْـشُدَهُـم
مِنْ بَعدِ ما أصْحَرَتْ مِنْ أهلِها الرُكُمُ

وضَعْتُ كلَ شجـوني في مَسلَتِـها
أُراهِـنُ الكونَ فيها وهيَ تُلـْتَـهَمُ

يا صُحْبَةَ الدارِ لا تأسُو على مَـرِدٍ
أمضى بها دَهْـرَه ولـهانُ لا نَقِـمُ

صاغٌ تَمَرّْسَ يَجـليها وأبلى ثيابَها (**)
و مَنْ يُصقِلْ الجلمودَ يَثرى ويَغْـنَمُ

***

تَراها هي الدنيا وتـلكَ دروبُـها
فلا كل ما تُنْـشِدْهُ منها سينْـعِـمُ

جَريتُ أَرقَبُ مَسْراها لـِتُسْمِعُـني
همسَ القُلوبِ وقَلبُ الصَبِ يَرتَطِـمُ

مَنْ يَنهجْ الجُـودَ يَسمُو في دَماثَـتهِ
ومَـنْ تَنَكّـَرَ للمَعـروفِ يَنْـتَـدِمُ

يا وَيحَ قَلبـيَ مِـنْ هَـمٍ أكابِـدُهَ
ومِنْ ضرامٍ سَرى في مُهْجَتيْ نَهِـمُ

تجاوزَ الحَـدَ في اللُقْـيا فأشْعلَـها
كمُسْعِـرِ النارِ لا يَصحو ولا يَنـَمُ

***

يا لَوعَتي وصَبيبُ العَينِ يَنْحَـتُها
جَرفـاً سَرى في شقِّـها العَـرِمُ

أبلى بِها مثلما تَبلى العِظامُ سُدىً
إذ يَجرِفُ السَيلُ مَجْراها ويقتَحِمُ

كنا نلوذُ بِها سِتـراً إذا عَصِفـَتْ
فينا الهُبوبُ وأذْرَتْ دَربَنا الحِمَـمُ

نَعـوذُ فيها وما أبقَتْ لنا طَـلَلاً
وكلُ قَلبٍ يُرى مِـنْ وَجدهِ شَبِـمُ

يا صُحبةَ الدارِ لا يأسٌ يُـراوِدُنا
مَنْ يعتَصِم بطريقِ الحَقِ مُعتَـصَمُ

***

حلاوةُ الدارِ ما أحلى غَلاوتِـها
نَشوى بأكنافِها، سُعْدى بِها الأُممُ

نَخالُها في النَوى حُلمَاً فنَعشَـقُه
وحينَ نـَقْرَبُ مِنها يَنهَضُ الحُلمُ

لإنْ تَمادَتْ بِـها الأيامُ سادرةٌ
فأنتَ منها اليـها مَنْـبَعٌ فَطِـمُ

خُذْها اليكَ ولا تُصغي لوَسْوَسَةٍ
وقَبِّـلْ التُربَ منها حينَ تلتَحِمُ

تلكَ الديارُ وما للقَولِ مِنْ سِعَةٍ
إِنْ مَسَها الجَورُ يُدميها ويَنْهَزِمُ

***

لنْ تَستكنْ يومَها ذُلاً ومَسكَـنَةً
الرأسُ كالطَودِ مَرفُوعٌ بها بَسِمُ

فأخْفِضْ جَناحَـك هَياباً لها وقِراً
وأقرأ سَلامكَ نِعْمَ القولُ ما فَهِموا

تِلْكَ الربوعُ لها في القَلبِ مَسكَنُها
منها الجَلالُ وفيها العِـزُ والعِظَمُ

إن شابَها سادرٌ غَياً فما وَهِـنَتْ
يوماً، ولا مَسَها الإِخفاقُ والنَـدمُ

عَصماءُ ملؤُ يَديها الخَيرُ أقـرَبهُ
فَيضُ الفُراتَينِ مِصداقٌ له ذِمَـمُ

***
***
***

(*) صاغ : صائغ
(**) الحول: بمعنى القوة ولها معان أخرى كثار

 

 

free web counter