| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

 

 

السبت 7/6/ 2008



الإتفاقية الأمريكية - العراقية
في الميزان..!؟
(1-2)

باقر الفضلي

لست هنا في معرض البحث في مسألة عقلانية حسب، بقدر ما أجدني أمام حقيقة فرضتها علينا ظروف وأحداث، ربما تكون خارجة عن إرادتنا، أو قد نكون طرفاً فيها، أو كنا نرقبها عن كثب، بل وربما، حتى من المساهمين في صنعها بهذا القدر أو ذاك..!

إشكالية العلاقة الأمريكية - العراقية، هي تلك العملية التي تقف أمامنا كعراقيين، وهي تنتظر منا، وقد أصبحنا كطرف مباشر فيها، أن نجد الحلول المناسبة لزحزحتها بالقدر الذي لا يدمي جراحنا، أو يثقل علينا بجراح أعمق ويزيد خرابنا على خراب، ويترك لأجيالنا صورة كالحة عن ماضي الأباء والأجداد..!

فالجدل القائم حول طبيعة العلاقة الأمريكية- العراقية، يدخل نفسه في إطار ما أشرت اليه فيما سبق، وبعد خمس سنوات من الغزو الأمريكي للعراق عام/2003، وبغض النظر عن كل أسبابه ودوافعه، وحتى بعيداً عن نتائجه الكارثية، وفي مقدمتها التدمير الشامل لبنية الدولة، وتقويضه لدعائم البنية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والبيئية والنفسية؛ أقول رغم كل ذلك، على المرء أن ينظر لطابع هذه العلاقة، على أنها قد فرضت وجودها على العراقيين كحقيقة قائمة، ومن هنا يستوجب النظر اليها من قبل العراقيين، بمنظار المصالح العراقية الوطنية، التي تضع في قمة تفكيرها، كيفية الفكاك والخلاص من براثن الكارثة التي ألقت بكلكلها على أكتاف العراقيين، من جهة، ومديات وآفاق التعاون المشترك والمتكافيء على الصعد الإقليمية والدولية من جهة أخرى، مع حساب الحاجة والضرورة الوطنية..!

منذ كانون الأول/2007 طرحت الحكومة العراقية بشخص السيد رئيس الوزراء ما سمي في حينه، "إعلان مباديء النوايا" بين الإدارة الأمريكية والحكومة العراقية، على أن يتم تحويله الى إتفاقية "طويلة الأمد للتعاون المشترك" بين البلدين، حيث سيجري التوقيع عليها في 31 تموز/2008 القادم، وفي حينه كنت قد كتبت مقالة حول الموضوع، تناولت فيها طبيعة الإعلان المذكور، والملامح العامة التي يبدو عليها، ومدى شرعيته الدستورية، وآفاق وحدود تعلقه بمصلحة العراق، ومدى تهيؤ العراق لإتفاقية من هذا النوع في ظل ظروفه الحالية.

وقلت أيضاً: أنه من السابق لأوانه تبسيط الأمور والتكهن بما ستؤول اليه نتائج المفاوضات القادمة بين العراق وأمريكا، ومن التبسيط أيضاً إستعجال الأحكام وإلقاء تبعاتها على شماعة "المؤامرة" كما تجري العادة أحياناً ، قبل أن يستجلي المرء دقائق الأمور، ويسبر غور تفاصيل هذه المفاوضات المنتظرة، والأهداف والغايات المنشودة من ورائها، والحكمة في إبرامها..!

وعلى ضوء الجدل السائد حول الإتفاقية اليوم، ولقرب الإعلان عنها قريباً، كما يُصرحُ به هنا وهناك، تدور في الساحة السياسية العراقية، حملة واسعة النطاق من الرفض المعلن للإتفاقية الأمريكية – العراقية، شاركت فيها أوساط واسعة من الكتل السياسية، ومنها الكتل السياسية الحاكمة، وأحزابها السياسية مثل المجلس الأعلى وحزب الدعوة، بالإضافة للتيار الصدري، الذي بدء بتنظيم المظاهرات الشعبية الرافضة للإتفاقية، كما هي الأخرى الحكومة، أوضحت موقفاً يشوبه التردد والتناقض أحياناً، حول توقف المفاوضات مع الجانب الأمريكي، أو حول أن المفاوضات لا زالت في بداية الطريق، وأن المفاوض العراقي يمتلك مسودته الخاصة عن المقترحات المتعلقة ببنود الإتفاقية، أو أن العراق قد يفكر ببدائل أخرى ومنها البقاء تحت أحكام البند السابع،(1) ومن جهة أخرى، إعلانها في عين الوقت عن تحقيق تقدم ملحوظ في سير تلك المفاوضات (تصريحات السيد وزير الخارجية لقناة العربية 3/6/2008 والى محطة bbc في 5/6/2008، حيث [[نفى زيباري ان تكون المفاوضات مع الامريكيين قد وصلت الى طريق مسدود، غير انه اقر بوجود خلافات حول قضايا تمس سيادة العراق.]] ..!(2)

كما وتزامن هذا الرفض مع موقف رافض آخر قادته وبشكل ملحوظ دولة الجوار، الجمهورية الإيرانية الإسلامية، داعية فيه الشعب العراقي الى رفض الإتفاقية كلياً، بل إتخذ الموقف الإيراني صورة أكثر تحدياً وتدخلاً في الشأن العراقي، على لسان السيد الدكتور أكبر هاشمي رفسنجاني، رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام ورئيس "مجلس الخبراء" لإختيار المرشد العام للثورة الأيرانية الأسلامية ، وقد لفت رفسنجاني الى ان [[«جوهر المعاهدة، إذا أقرت، تحويل العراقيين الى عبيد أمام الأميركيين» مؤكداً ان «هذا لن يحدث. فالشعب والحكومة العراقيان، والأمة الاسلامية لن يسمحوا بذلك».]](3)

ومع هذا السياق القائم من الجدل حول الإتفاقية، تُظهر صورة الوضع القائم في العراق، حالة من عدم الوضوح في الموقف السياسي الرسمي من الإتفاقية، رغم ما جرى الحديث عنه من إتفاق مجلس الأمن السياسي العراقي بالإجماع على رفض ما جاء في عدد من بنود المسودة "الأمريكية" من إنتهاك للسيادة العراقية. في وقت أعلنت فيه حكومة الإقليم على لسان رئيس الحكومة السيد نجريفان بارزاني دعمها للإتفاقية.(4)

ولأهمية الأمر، وبعيداً عن أي موقف عاطفي، ولغرض عدم التشتت في البحث، أو التعجل بسوق أحكام قبل أوانها، لا بد من تثبيت أسس محددة، يُبنى على ضوئها تحديد المواقف والإستنتاجات، بعيداً عن المواقف المسبقة في الرفض أو القبول..!

ومن أجل الوصول الى هذه الأسس، يصبح من نافل القول، ضرورة تحديد الإطار العام، الذي يمكن من داخله أو طبقاً له، يجري بحث تفاصيل تلك الأسس والمباديء التي على ضوئها يمكن أن تتخذ القرارات والأحكام وتُسن البنودُ لأي إتفاقية دولية بهذ المستوى، خاصة وإننا أمام إتفاقية لم تُعلن نصوصها بعد، ولم يتم التوقيع عليها بعد من قبل الطرفين..!
- من المسلم به، أننا نعيش في عالم، تغلب عليه وتنظمه العلاقات الدولية، وبغض النظر عن طبيعة تلك العلاقات. اما الحجر الأساس الذي تبنى عليه هذه العلاقات، فهو (الدولة)، وأي دولة في هذا العالم لا تختلف في الجوهر عن غيرها، في المسائل الجوهرية لحياة الدولة وديمومتها، ويقف في مقدمة هذه المسائل الجوهرية، (مصلحة) الدولة الوطنية نفسها، ككيان قائم بذاته. ومن هذه الحقيقة، بُنيت الجيوش، وجرى خوض الحروب، وانتُهكت الحدود بين الدول، وإستُعمِرت بلدان بكاملها، وتعددت أسباب الغزو والعدوان، كما ومن الجانب الآخر، سُنت القوانين والتشريعات التي تنظم العلاقات بين الدول، وأُسست المنظمات الدولية لمعالجة حالات العدوان، وتنظيم أفضل الروابط والعلاقات التي تحفظ كيان الدولة والشعوب وتحافظ على السلم والأمن الدوليين..!
- من هذه المقدمة، يمكن القول ؛ بأن أي إتفاقية أو معاهدة بين دولتين أو مجموعة دول، ينبغي أن يحكمها في الإطار العام، مبدأ (المصلحة) الوطنية لكل دولة منها. وللإيجاز أقول؛ بأن مشروع الإتفاقية الأمريكية – العراقية، لا بد أن يحكمه ضمناً، الإطار المذكور لمبدأ (المصلحة)، وليس مجرد الرغبة في التحالف أو الصداقة، أو بدافع الهيمنة والإستعباد، فهذه في معظمها تأتي لاحقة، ونتيجة لما تقدم من أسبابٍ تكمن في أسس (المصلحة) ذاتها لتلك الدولة أو مجموعة الدول..!
- فأي عدالة أو توازن يعتقدها المرء في أي مشروعِ إتفاقيةٍ أو معاهدةٍ بين دولتين، ينبغي أن ينظر اليها عبر منظور (المصلحة) الوطنية المتحققة للدولتين المذكورتين، وليس لطرف واحد منهما، لأنه المعيار الوحيد الذي تُبنى عليه العلاقات بين الدول، والذي بموجبه يمكن الحفاظ على سيادتها وإحترام إستقلالها، وأي مس أو إخلال بهذا المعيار في التطبيق، حتى إن تم برغبة أو تنازل اي طرف من الطرفين لصالح الطرف الآخر، فهو لا يضفي طابع العدالة والمساواة على مثل تلك الإتفاقية..!

فطبقاً لمثل هذا المعيار، وهو الإطار العام الذي يحكم العلاقة بين الدول، كما بينت، يصبح من البدهي القول؛ بأن مشروع الإتفاقية الأمريكية – العراقية، يخضع إبتداء لأحكام هذا المعيار، وتصبح بحكمه كلتا الدولتان ملزمتين بمراعاة مصالح بلديهما بما يحقق المساواة والعدالة والإنتفاع المشترك في تلك الحدود، دون غبن أو هدر أو إغتصاب للحقوق، رغم عوامل الإختلاف ومن اوجه عديدة بين الطرفين. ولكي تتحقق مثل هذه الفرضية، وإذا ما كانت الرغبة مشتركة من قبل الجانبين، وضمن الإطار العام المذكور (المصلحة)، يصبح لزاماً بعد ذلك أن تتوفر الأسس التي تكفل لأي دولة ما، ضمان تحقيق مصلحتها والوصول الى الهدف الذي تبتغيه من وراء ذلك. وبإيجاز يمكن تحديد بعض منها للتوضيح..!
- مبدأ التكافؤ والندية بين الدول التي تقدم على الدخول في إتفاقيات أو معاهدات مشتركة، لتحقيق مصالح مشتركة. وهذا يفترض الأمور التالية:
• إستقلالية القرار الوطني، دون أي أن يشوبه، ضغط أو إكراه أو تدخل.
• شرعية القرار الوطني الدستورية، المدعومة بإجماع شعبي من خلال مناقشة وإستفتاء عام على بنود أي إتفاقية تتعلق بالشؤون السيادية.
• مناخ ديمقراطي عام، تجري في ظله الإنتخابات والإستفتاء الشعبي.
• ملائمة الظروف الأمنية وسيادة السلم الإجتماعي

- تمتع الدولة بكامل الإستقلال ولها كامل السيادة على أراضيها، ولها كامل حق التصرف بمياهها وأجوائها، والإشراف الكامل على حدودها ومياهها الإقليمية.

- أن لا يشكل دخولها طرفاً في أية إتفاقية أو معاهدة دولية، تهديداً لأمن وسلامة دول الجوار أو أي أطراف أخرى، أو أن يكون سبباً في الإضرار بها، وأن لا يتعارض مع مباديء الأمم المتحدة في صيانة السلم والأمن الدوليين.

جميع ما تقدم لا يشكل إلا بعض خطوط عامة موجزة للمعايير والأسس التي يمكن النظر من خلالها الى حالة مشروع الإتفاقية الأمريكية – العراقية، وهي خطوط عامة تقديرية، قد تمنح الباحث والقاريء والمراقب فرصة تسليط الأضواء على طبيعة مشروع الإتفاقية، وطبيعة الظروف التي تجري في أجوائها المفاوضات، ومن خلاله يمكنه طرح الأسئلة التي يعتقدها المرء مناسبة، أومن خلالها، يمكنه الوصول الى تقييم أكثر دقة في تحديد الرأي حول مسار المفاوضات والنتائج المتوقعة، وحدود وآفاق ( المصلحة) وتوجهاتها وإتجاهاتها بالنسبة للمفاوض العراقي..!

ولكنه ومع ذلك يبقى من السابق لأوانه الحكم على طبيعة هذه الإتفاقية أو تحديد موقف موضوعي منها وما تكون قد حققته المفاوضات من نتائج على ضوء ما تقدم من أسس ومعايير، طالما هي في دور التفاوض والمباحثات والأخذ والرد، وطالما لا يزال التباحث يجري في ظروف السرية والكتمان..!

إلا أنه ومن خلال الظروف التي يمر بها العراق اليوم، فيصبح من المنطقي القول؛ بأن المفاوض العراقي، وعلى إفتراض السير قدماً بالتفاوض، ومع إفتراض، الأخذ بكل ما تقدم من أسس ومعايير للوصول الى إقرار الإتفاقية، لابد عليه وأن يحدد سقف طلباته في مواجهة الجانب الثاني (المفاوض الأمريكي)، وهي من حيث الجوهر في تقديري إذا ما أخذنا المقدمات الأساسية لحسن النية، تتلخص في جوهرها وعلى سبيل التوقع والإفتراض، في بعض النقاط التالية:

• إلتزام الطرف الثاني (الإدارة الأمريكية)، وخلال مدة يجري الإتفاق عليها، بإعادة بناء القدرات الدفاعية المسلحة للعراق، لوجستياً وفنياً، الى الدرجة التي تصبح فيها تلك القدرات مؤهلة ذاتياً على أداء مهامها الدفاعية وصيانة حدود البلاد وحمايتها من أي خطر محتمل. دون أن يقيد ذلك حرية العراق في التعاقد مع أطراف أخرى. وفي جميع الأحوال تكون لقوانين الدولة العراقية السيادة التامة على حركة وتوجهات قوات الطرف الثاني، مع نفاذ القانون العراقي على الأفعال التي يجرمها القانون ويكون فيها الطرف الثاني مشاركا، طيلة فترة بقائها في العراق للغرض المذكور.
• إلتزام الطرف الثاني (الإدارة الأمريكية)، بإعادة إعمار العراق، وخصوصاً ما لحق بإقتصاد العراق من دمار وأضرار في المجالات الصناعية والزراعية والبيئية، جراء العمليات العسكرية أثناء الغزو وبسببه، أو خلال العمليات العسكرية اللاحقة للغزو/ 2003 وحساب أضرارها، بما يعيد للعراق بنيته الإقتصادية التي دمرها الغزو العسكري، وذلك من خلال الإستثمار والدعم الفني، ضمن خطة تنموية وطنية للنهوض بالصناعة والزراعة الوطنيتين، وتترك مديات حساباتها التكليفية والزمنية وطبيعة العقود للمتخصصين من الخبراء العراقيين.
• أن يلتزم الطرف الثاني (الإدارة الأمريكية)، بتقديم المساعدة والدعم الفني واللوجستي وبالتعاون مع الأجهزة الفنية العراقية، في مجال مكافحة الآثار الكارثية التي لحقت بالبيئة العراقية، بسبب العمليات العسكرية، والتعويض على المتضررين من المدنيين بسبب ذلك، بما فيها المعالجات الطبية خارج العراق في حالة الضرورة.
• يلتزم العراق من جانبه، وفي مجال التعاون الإقتصادي بين البلدين، وخلال مدة سريان الإتفاقية، بضمان بيع النفط العراقي الى الطرف الثاني، إسوة بالمشترين الآخرين في السوق الدولي، ووفق الأسعار الدولية المعلنة وقت البيع، وطبقاً للقوانين العراقية وخاصة قانون النفط والغاز، وبما لا يتعارض مع خطته للتنمية الإقتصادية وخطة التنمية المستديمة للصناعة النفطية العراقية. (
راجع الرابط أدناه حول التنمية المستديمة للصناعة النفطية. د.كامل العضاض)(*)
• لا تصبح الإتفاقية سارية المفعول من قبل الجانب العراقي، إلا بعد التصديق عليها من قبل مجلس النواب العراقي، وبأغلبية الثلثين، أو من خلال الإستفتاء الشعبي العام.

وكل هذه النقاط لا تمثل، في الحقيقة، غير ملامح عامة لبعض الإلتزامات المتقابلة لإفتراض أو إحتمال اي إتفاقية يعقدها الجانبان، وفي جميع الأحوال فإن الكلمة النهائية في إقرار أي إتفاقية من هذا القبيل هي للشعب العراقي وحده..!

ومع ذلك، ورغم جميع ما أشرت اليه، فأن العراق حالياً يواجه موقفاً فيه من الحرج، ما يلزم الحكومة العراقية، بأن تتخذ موقفاً واضحاً، في التفكير بكل البدائل المحتملة في حالة تأجيل أو وقف سير المفاوضات أو حتى في حالة عدم التوقيع على الإتفاقية، إذا ما علمنا بأن فترة تواجد القوات متعددة الجنسيات تنتهي في نهاية العام الحالي 2008 .

وختاما، وبين صخب الرفض والقبول، يجلس المواطن العراقي على شاطيء الحَيرة بالإنتظار ، يرقب كيف وأين تسير الأمور، وأين ستحدد مصالحه، ليقول كلمته الأخيرة

(1)
http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=1&issueno=10781&article=473562
(2) http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/middle_east_news/newsid_7436000/7436963.stm
(3) http://www.alhayat.com/world_news/asiastralia/06-2008/Item-20080604-550724d7-c0a8-10ed-0165-7e5ae5f644de/story.html 
(4) http://www.sotaliraq.com/iraqnews.php?id=19295
(*) http://www.iraqoftomorrow.org/wesima_articles/civil_studies-20080602-56147.html

 

free web counter