| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

 

 

 

السبت 7/7/ 2007

 


 

الديمقراطية تقف على رأسها..!؟
 

باقر الفضلي 

بعد أربع سنوات ونيف إكتشف منظرو السياسية الأمريكية؛ بأن سياستهم في العراق خلال تلك الفترة، كانت ضرباّ من العبث الذي لا طاءل من وراءه ، وأن << الإزهاق الرخيص >> لدماء جنودهم لم يعد يحقق الأهداف التي أرسلوا من أجلها..وأن شعارهم المفضل، "الحرب على الإرهاب"، ليس سوى دوغما أستهلكت لتغدو مجرد << حفنة من الإرهابيين، تقف حجر عثرة أمام التحول السلمي الديمقراطي للعراق.>>..!؟؟ ومع كل هذا الفشل الذريع، لا زال أولئك المنظرون والإعلاميون يروجون لنفس السياسية، ولا زالوا ممسكين بمثلهم الأعلى الرئيس بوش، وطموحه في << محاولة بناء نموذج عراقي ديمقراطي تعددي لائق، في قلب العالم العربي.>> ولا زالت أعينهم مصوبة نحو الكعكة العراقية..! ففي مقاله الموسوم ( تعذر العراق الديمقراطي..لتكن وجهتنا كوردستان) * المنشور بتأريخ 2/7/2007 في صحيفة الإتحاد الأماراتيه، أعرب الصحفي الأمريكي في نيويورك تايمز، السيد توماس فريدمان ، عن بالغ "قناعاته" بفشل النموذج الأمريكي الذي تبناه الرئيس بوش لغرس "شجرة الديمقراطية" في التراب العراقي، لتكون مثلاّ يحتذى في العالم العربي والإسلامي، وقد أرجع أسباب الفشل المذكور، الى عوامل ومبررات تلقي تبعة ذلك على عاتق << القادة العراقيين وأتباعهم >> ممن هم أطراف في العملية السياسية، معززاّ ذلك بقوله؛ << لذلك فإن من رأيي الشخصي أننا إزاء معضلة أغلبية وليست أقلية، كما يتصور بوش. والذي يحملني على هذا الاعتقاد، أن الرؤية الأميركية للعراق، باعتباره دولة تعددية ديمقراطية موحدة تسير على خطى السوق الحرة، إنما هي خيار ثان في نظر الكثير من القادة العراقيين وأتباعهم في واقع الأمر.>> إن ما يفترضه السيد فريدمان خياراّ أولاّ للعراقيين، ويجعل منه سبباّ رئيساّ من أسباب فشل النموذج الأمريكي في العراق، يختصره في تبعات ثلاث يقصرها في؛ تصورات الشيعة في بناء دولة دينية، وتصورات السنة في إسترداد مجد فقدوه، وتصورات الأكراد في ضمان إستقلال إقليم كوردستان..!؟ أما خيارهم الثاني ووفقاّ لتصوراته، فهو إنموذج الرئيس بوش الديمقراطي ، الذي شكل موقف العراقيين السلبي منه، طبقاّ لتقديره، خيبة أمل للكاتب..!؟ ومن خلال هذه الأرضية أو الخبطة التي يرسمها الكاتب، يحاول أن يجد تفسيراّ لحالة الصراع القائمة في العراق اليوم فيختزلها الى مجرد صراع بين "أقليات وأغلبيات"، مما يدفعه في النتيجة، الى توصيف العنف القائم بقوله؛ << وعليه فإنه يمكن وصف ذلك العنف الذي يمسك بتلابيب العراق اليوم، وتقوم به فئة ضئيلة من العراقيين، بأنه في واقع الأمر يمثل انعكاسا لتطلعات وأحلام ومخاوف "الأغلبيات" التي تمارسه. >> وهو لعمري، تفسير تعوزه الدقة في التحليل وإن دعمته شكلية المظهر، ناهيك ما يحيط مفهومي "الأغلبيات والأقليات" من غموض وضبابية..!؟ وبالتالي ينتهي به المطاف الى الإستنتاج بأن: << الذي يموت من أجله جنودنا هناك، إنما هو خيار ثان بالنسبة للأغلبيات العراقية. ولذلك فمن الواجب وقف هذا الإزهاق الرخيص لدماء جنودنا وأرواحهم هناك، فما السبيل إلى العمل إذن؟ >> لم يحاول السيد فريدمان البحث في جذور المسائل، أو يعطي توصيفاّ حقيقياّ لمضامين الإنموذج الأمريكي للديمقراطية، ولماذا إعتبره خياراّ ثان بالنسبة للعراقيين وحسب، بل راح يبحث عن أرضيات جديدة في المنطقة تمتلك المقومات المناسبة لتطبيق تجربة نموذج الرئيس بوش للديمقراطية في العالم العربي والإسلامي، والذي لا زال يعتبره مؤهلاّ للنجاح، وهنا يدخل في تناقض مع نفسه، فهو لا زال يعتقد: << إن بعض الأشياء تظل صحيحة حتى وإن كان الداعي لها الرئيس بوش نفسه. ولعل الشيء الوحيد الصحيح الباقي من استراتيجية بوش إزاء العراق، هو التشبث بمحاولة بناء نموذج عراقي ديمقراطي تعددي ولائق، في قلب العالم العربي >> ..!؟ وللهروب من نتائج ما وصل اليه النموذج الأمريكي في العراق، نرى الكاتب يحاول توظيف هذه النتائج في خدمة الفشل، والذي يدفع بإلقاء أسبابه على عاتق العراقيين، وكأنهم لا يفقهون ما تعنيه الديمقراطية، ويجعل من هذه النتائج الوخيمة أسباباّ لذلك، قالباّ الحقائق رأساّ على عقب، وموظفاّ لها بالقدر الذي يتستر فيه على مسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية الأخلاقية لما وصلت اليه أحوال العراق اليوم من الكوارث..!؟ وبنفس الطريقة التقسيمية للنسيج الإجتماعي التي كرسها المشروع الأمريكي، وهي المحاصصة الطائفية والعرقية، يعمد الكاتب في تحليله لأسباب ذلك الفشل، بإرجاعه تلك "الأسباب" الى نفس المصادر الطائفية والعرقية، التي هم من إبتدعوها ليكرسوا التقسيم الطائفي وتكييفه، كحقيقة قائمة تقف وراء هذا الخراب الذي أحاق بالعراق، ويالتالي التعكز عليها لتبرير فشل مشروع بوش الديمقراطي..!؟ وللخروج من مأزق الحقيقة، تراه يطرح إستبدال مكان التجربة ، والتي إنتهت بالفشل بسبب "أحلام ومخاوف الأغلبيات" ، وحرف إتجاهها نحو "الأقليات" ، كما هو وارد في قوله: << بما أنه قد سبق لي القول آنفاً، إن مشكلة العراق هي مشكلة أغلبيات وليست أقليات في الأساس، فإن علينا أن نسلط اهتمامنا على الأقليات إذن.>>ويضيف: << وليكن خيارنا بناء ما نريد وإن جاء مصغراً ومحدوداً في كردستان.>> << ورغم أن كردستان ليست سويسرا، أي رغم وجود ممارسات الفساد في ذلك الإقليم، إلا أن لديه من المقومات والحريات وبنى التحول السياسي، ما يكفي لبناء نموذج تعددي ديمقراطي لائق في قلب العالم الإسلامي.>> وهكذا ووفقاّ لما تقدم، فإن فرصة نجاح هذا "الإنموذج" تصبح مكفولة في الأماكن التي تختفي فيها مشكلة "الأغلبيات" حسب رأيه، وطبقاّ لذلك فإن الكاتب يقترح التركيز على إقليم كوردستان وليس مجمل العراق، بإعتباره المنطقة المناسبة والمضمونة لتوفر مقومات النجاح المفترض، داعماّ موقفه هذا، في ما عليه الأوضاع السياسية والأمنية في كل من غزة ولبنان من تدهور، كمؤشرين على حاجة المنطقة الى التغيير الديمقراطي وفق المنظور الأمريكي، وفي ظل رغبة سكان هذه المنطقة حسب فرضيته..!؟ ليست هناك ثمة ما يمكن التستر عليه من حقائق أسباب الفشل التي داهمت الإنموذج الأمريكي الذي تبناه الرئيس بوش في العراق، بكونها تكمن في أصول هذا المشروع نفسه ودوافعه، وطرق وأساليب تنفيذه، وأبتعاده كلياّ عن واقع وظروف تطبيقه الموضوعية، والذي حاولت الماكنة الإعلامية الأمريكية، الترويج له والنفخ في صورته طيلة هذه السنوات ولا زالت..!؟ ولكن حقيقة إخفاء تلك الأسباب تحت مظلة نتائجها، ما يعزز كل دواعي الريبة والشك المشروعين، لما يبطنه هذا الإنموذج من دوافع وأهداف لم تخدم ما كانت تصبو اليه نفس القوى التي راهنت عليه، في وقت أجبرت فيه حتى الديبلوماسية الأمريكية نفسها وفي أكثر من مرة،على الإعتراف بما إرتكبته من أخطاء إستراتيجية خلال فترة وجودها في العراق..!؟ فالإنموذج الديمقراطي الأمريكي المعد للمنطقة العربية، لم يكن إبن لحظته عندما تقرر غزو العراق وإحتلاله عام 2003 وحسب، بل هو مشروع جرت تهيئته وإعداده للتنفيذ قبل فترة غير قصيرة، وجرى فحصه وتدقيق تفاصيله في مختبرات السياسة والجيش وسائر المؤسسات ذات العلاقة بكل عناية وإهتمام، ولكن أثبتت تجربة غرس "الشجرة الديمقراطية" الأمريكية في التربة العراقية، عن خطل تفكير أصحابها وضيق أفق تجربتهم الميدانية، وكشفت، بأنهم لا يحسنون غير طريق واحد..!!؟ فالديمقراطية الي تنشدها شعوب المنطقة؛ هي تلك الديمقراطية التي تنشأ وتنمو وتترعرع في ظل تربتها ومحيطها وظروف تأقلمها، وتسقى من فرات ماءها؛ ليست هجيناّ فاقداّ للون والطعم والرائحة، أو ديمقراطية غائر رأسها في الرمال الثقيلة ..!! وكي لا نبحر بعيداّ للبحث وراء مواصفات هذه الديمقراطية ندعو القاريء الكريم لمراجعة مقالتنا المنشورة بتأريخ 15/8/2006 تحت عنوان ( ما هي اليمقراطية المطلوبة من المجتمع العربي..؟) **

http://www.sotaliraq.com/articles-iraq.php?id=56520  *
 http://al-nnas.com/ARTICLE/BFadli/14dem.htm
 **