| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

 

 

الثلاثاء 7/9/ 2010



فلسطين: ايران وشكل الدعم والمساندة..!

باقر الفضلي

مع بدء مسيرة المفاوضات المباشرة منذ الثاني من أيلول الحالي، ومع تقدم الأيام، تتصاعد وتيرة ردود الفعل المعارضة لهذه المفاوضات لتنحو بإتجاه التدخل الفظ من قبل بعض دول الجوار، وعلى وجه الخصوص الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لترقى الى حد الرفض المباشر والعلني لتوجهات السلطة الفلسطينية ومرجعيتها الشرعية منظمة التحرير الفلسطينية في قرارها المشاركة في تلك المفاوضات، ولتتجاوز في حدتها وإنتقادها، الأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها دوليا..!؟؟

ومن هنا جاءت تصريحات السيد نجادي رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية في يوم الجمعة الماضي بمناسبة يوم القدس، لترسم صورة أكثر تشاؤمية حتى من تصريحات السيد ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلية، الذي رسم أفقاً كالحاً لتلك المفاوضات، ولكن إختلافها عن تصريحات السيد نجادي، كونها لم تكل التهم الغليظة والإنتقادات الحادة لقيادة السلطة الإسرائيلية رغم إختلاف السيد ليبرمان مع تلك القيادة في نقاط مهمة كثيرة، بل إن المعروف عنه، بأنه من المتطرفين الأكثر تعصباً من القادة السياسيين الإسرائيليين، في كل ما يتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني، ولا أظن أن ذلك بخاف على السيد الرئيس نجادي، الذي جاءت تصريحاته الأخيرة لتصب جام الغضب على رؤوس القادة الفلسطينيين وفي مقدمتهم السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية الشرعية، وتكيل لهم ما لا يستساغ من التهم والإنتقادات، في وقت تسعى فيه تلك السلطة أن تثبت للمجتمع الدولي بالإفعال لا بمجرد االشعارات والأقوال، بأنها جادة حقاً في ولوج طريق السلام من أجل التوصل الى إقرار حقوق الشعب الفلسطيني من قبل إسرائيل، تلك الحقوق التي أقرتها الشرعية الدولية والمجتمع الدولي، لتأتي فرصة المفاوضات المباشرة، كي تضع حكومة إسرائيل على المحك الفعلي في تحديد المديات التي ستذهب لها بالإقرار بتلك الحقوق، طبقاً للثوابت الفلسطينية المعلنة..!

فما الذي ستخسره القيادة الفلسطينية الشرعية من حضورها لتلك المفاوضات المباشرة، وما هو البديل الممكن أن يعرضه السيد الرئيس نجادي اليوم، أبعد مما هو معلن سلفاً من قبل الفصائل الفلسطينية الرافضة لتلك المفاوضات، وهل هو أبعد عما أعلنه ضمن تصريحاته المذكورة، مشيراً الى أن " المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية التي تجرى برعاية الولايات المتحدة«مصيرها الفشل»" وإن "مستقبل فلسطين ستحدده مقاومة الفلسطينيين في فلسطين وليس في واشنطن أو باريس أو لندن» على حد قول صحيفة الشرق الأوسط..!

فإن كان كل ما يعتقده الرئيس نجادي هو ما تقدم، فإنه وعلى صعيد الواقع والتجربة العملية، ليس هناك من برهان عملي على فشل تلك المفارقة السياسية، أدل وأفضل من تجربة حركة حماس في غزة، بما آلت اليه تلك التجربة من وبال عظيم على مجمل القضية الفلسطينية وعلى شعب غزة بالذات وحركة حماس نفسها، وهي تجربة حضت ولا زالت تحضى بدعم وتأييد إيران ومساندتها مادياً ومعنويا، بل وتجد فيها إيران والسيد الرئيس نجادي ومرشد الثورة الإيرانية الإسلامية الطريق الوحيد لتحرير فلسطين، في وقت ومنذ أن وضعت فيه حركة حماس يدها على القطاع المذكور، لا زال شعب هذا القطاع، يرزح الآن تحت أبشع صنوف الحصار الإسرائيلي الغاشم، ويتعرض الى حالة من الإستلاب والتهميش، والى شتى صنوف الظغط والإكراه الداخلي المسلط عليه من قبل ميليشيا الحركة، ناهيك عما جرته عليه ويلات الحرب الأخيرة من فضائع الرصاص28 المصبوب..!؟

الا يكفي كل ذلك برهانا على فشل تجربة رعتها وباركتها إيران، كي تؤدي في النهاية الى هذا الإنقسام الوطني المفزع وتدمير للبنى التحتية المروع، كل ذلك من أجل أن يمر المشروع الحماسي المدعوم من قبل إيران، وليصبح بمثابة الجدار العازل أمام المشروع الفلسطيني في تحرير التراب الفلسطيني الموحد وإقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية المستقلة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية..!

فليس من باب التأويل والتكهن، أن تأتي تصريحات الرئيس نجادي بعيدة في مغزاها وأهدافها عن عملية الخليل الأخيرة التي تبنتها حركة حماس، ليصب الأثنان في رافد واحد، كي يغذي نهر التطرف الإسرائيلي، ويقوي عزيمة رموزه وإقطابه، في رفض أي محاولة لإنجاح المفاوضات المباشرة التي بدأت ماكنتها تدور منذ عدة أيام..!!

فعملية الخليل وتصريحات الرئيس نجادي الأخيرة، يشكلان بعضهما للآخر، رديفان متماثلان في المقاصد والأهداف، وصدى متناغماً لنفس اللحن المعزوف على نفس الوتر السياسي المشترك. فإذا كان "مصير الفشل" لتلك المفاوضات ما دفع بالسيد الرئيس نجادي الى الرفض المطلق لها، فهذا يعني وفي المفهوم المعاكس لهذا المصير، أن السيد نجادي سيبارك تلك المفاوضات، لو تأكد له أن مستقبلها سيكون "مصيرالنجاح"؛ وهنا تكمن مفارقة الغرابة في العمل السياسي، وخاصة عندما تكون المفاوضات بين طرفين غير متجانسين، أحدهما يشترط مقدماً أن يكون مصير تلك المفاوضات هو"النجاح"، طبقاً لمفهوم السيد نجادي، وإلا فإنه يرفض القبول بحضورها حتى لو كان هناك بصيص أمل في زحزحة الموقف بالضغط على الطرف الآخر بالإقرار بحقوق الطرف الأول، الذي هو هنا الجانب الفلسطيني، وهو الوحيد من يمتلك كل الأدلة والمواثيق الساندة لحقوقه والمدعومة بقرارات الشرعية الدولية وتأييد المجتمع الدولي..!!؟؟

فأية حلول جاهزة لنزاع وصراع طال أمده ستة عقود من الزمن، يمكنها وبعصى سحرية أن تعيد الحقوق المسلوبة الى أهلها بضربة واحدة كما يفترضه السيد الرئيس نجادي، وهل في السياسة من حلول جاهزة حسب الطلب..؟! أليست المفاوضات المباشرة منها أوغير المباشرة، هي أحدى أشكال النضال المتعدد الصور والأشكال، وإن السياسة كما تُعرف بأنها فن الممكنات..!؟

وأخيراً لماذا لم تأخذ تصريحات الرئيس الإيراني السيد نجادي، شكل النصائح الموجهة الى طرف السلطة الفلسطينية الشرعي، وباقي الفصائل الفلسطينية الأخرى وبالذات منها الأطراف المعارضة لتلك المفاوضات وفي المقدمة منها حركة حماس، بإتجاه دعوة الجميع الى التصالح ونبذ الإنقسام وإعادة الوحدة للشعب الفلسطيني، ودعم المفاوض الفلسطيني لإثبات موقف المساندة والدعم لنضال الشعب الفلسطيني، كما هو مثل جمهورية مصر العربية اليوم، بدلاً من أن تضع تلك التصريحات، الجمهورية الإسلامية الإيرانية والرئيس السيد نجادي، طرفاً في الخصومة الفلسطينية الداخلية، وسنداً لطرف دون الآخر، مما يعمق من واقع الإنقسام الوطني الفلسطيني، ويعيق أية حلول لرأب الصدع الداخلي، بل وفي النهاية تصبح تلك التصريحات، سبباً يقف وراء حالة الإحباط وعاملاً من العوامل المساندة للفشل المخطط له للمفاوضات الحالية أو أية مفاوضات قادمة من قبل الأطراف المتطرفة حيثما تكون وبالذات التطرف الإسرائيلي..!!؟

اليس ذلك من أولويات ما تفرضه مباديء حسن الجوار، والتضامن مع حركات الشعوب من أجل تحررها من الإحتلال، وما تلزم به قرارات منظمة المؤتمر الأسلامي في دعم القضية الفلسطينية، وإيران من أعضائها المؤسسين/ 1969، ناهيك عن ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي لحقوق الإنسان..!





 

free web counter