| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

 

 

 

الثلاثاء 5/6/ 2007

 

 

تركيا : اللعبة القديمة...!؟


الحشود التركية على حدود العراق الشمالية..!؟
 

باقر الفضلي

تركيا: الدولة التي تمهد الطريق لنفسها للإنضمام الى الإتحاد الأوروبي، كدولة متحضرة، تلتزم بدستور الإتحاد وتلتزم بأحكام لائحة حقوق الإنسان، وبأنها دولة مدنية علمانية بقيادة إسلامية متنورة..!

تركيا: الدولة التي تذب عن الديمقراطية، ويحرس جيشها الجرار موثل "العلمانية والديمقراطية" التي أرسى قواعدها رئيسها الراحل كمال أتاتورك، منذ أوائل القرن الماضي..!

تركيا: التي تفخر بأنها الدولة الأولى في المنطقة الي إعترفت بحقوق المرأة، وحزبها الحاكم يتباهى بأن أسم الحزب منبثق من لفظة " العدالة "..!؟

تركيا: هذه الدولة المتمسحة بأذيال "الديمقراطية"، هي نفسها تركيا التي تمنع أكبر مجموعة أثنية في تركيا 20-26 مليون نسمة- 30% من مجموع السكان، من أبناء الشعب الكوردي من حقها في تقرير المصير، وتفرض عليهم اللغة التركية بدون وجه حق، ولا تعترف بهويتهم القومية، وتعتبرهم أتراكاّ من سكنة الجبال..!؟

هي نفسها من تحتفظ في سجونها ومعتقلاتها بألالاف من أبناء هذه القومية؛ نساءّ ورجالاّ، شيباّ وشبانا، تحت أقسى ظروف المعاملة اللاإنسانية، وهي نفسها من ينتهك أبسط حقوق الإنسان في كامل الجزء الكوردي من جنوب البلاد، حيث تنتشر مخافر الجندرمة البوليسية في كافة المدن والأرياف، وهي تمارس أعتى صنوف الإضطهاد والتنكيل بحق المواطنين الكورد؛ شاهرة في وجوههم السلاح المجرب، سيف " الإرهاب"، ومنزلة بحقهم أقسى العقوبات، وحائلة بينهم وبين ممارستهم لحقوقهم الثقافية والسياسية، تحت طائلة التلويح بشبح "الإنفصال"..!؟

تركيا: هذه الدولة التي يرزح تحت مظلتها "الديمقراطية"؛ شعب عريق في وجوده، عريق في ثقافته، عريق في تراثه ولغته وتأريخه، شعب يفخر بأنه جزء من أمة عريقة، فرق أوصالها الإستعمار..!!

تركيا: هي نفسها تلك الدولة، التي تقتل البسمة على شفاه أطفاله، وتملأ السجون بخيرة أبناءه، وتنزل عقوبة الإعدام بحق قادته ومناضليه، وترفض الإعتراف بحقه في تقرير مصيره..!؟

تركيا الدولة، وبكل ما تمتلكه من قوة مدمرة، وجنرالات متمرسين، أفزعها وأطار صوابها، أن تكتشف، وعلى حين غرة؛ أن يظهر على الأرض وجود لنفس الشعب، متحرر من العبودية وألإستبداد، متحرر من الظلم والجبروت الديكتاتوري؛ شعب يحكم نفسه بنفسه، شعب يتمتع بكامل حريته في تقرير مصيره، شعب ينعم بالحرية في إتخاذ قراراته، وفي بناء مستقبله؛ إنه الشعب الكوردي في العراق، الظهير الجنوبي للشعب الكوردي في تركيا..!

لقد كان وقع الحدث هذا، كالزلزال، وهول المفاجئة كالصاعقة..!

فجأة، دب الحراك في عظام الهياكل العسكرية المحنطة ، نافضة تراب "الديمقراطية" التي عفرت به بريق النياشين، فأستلت سيوف دونكيشوت من أغمادها، معلنة بالويل والثبور: أن لا قوة في الأرض تمنعها من مطاردة "الإرهابيين" الأكراد الإنفصاليين، حتى إذا إقتضى الأمر التوغل وإجتياح الأراضي العراقية وأنتهاك سيادتها..!!؟؟

وتبدأ اللعبة القديمة، وتتناسى تركيا أن الحال هي ليست نفسها زمن الديكتاتورية، وليس هناك من قواسم مشتركة كالتي كانت زمن النظام السابق، وأن الشعب الذي ذاق طعم الحرية مستعد للدفاع عنها رغم كل الصعاب..!

وها هي تركيا الدولة اليوم، تحاول أن تطبخ نواياها المبيتة للتوغل في شمال العراق، على نار هادئة، من خلال التباكي وذرف دموع الشكوى أمام الأمم المتحدة،1 أو من خلال تلميحات الأصدقاء، بإعطائها الضوء الأخضر، كما جرى مع صدام حسين عند غزوه الكويت، والتي كررت مثلها السيدة رايس قبل أيام،” وردا على سؤال يتعلق بموقف بلادها في حال قامت تركيا بعمل عسكري في العراق، قالت رايس: لن يساعد الاستقرار في العراق أن نشهد نزاعا جديدا على هذه الحدود من هذه الجهة أو تلك، ولكن نحن حقيقة نعمل عن كثب مع الأتراك. ”2

ومع ذلك فلا أظن أن الوقت يجري في صالح جنرالات الحرب الأتراك، ولا في صالح حكومة حزب العدالة، الذي يخوض معركة إنتخابية مصيرية للفوز برئاسة الدولة، ولا في صالح إقامة علاقات حسن جوار متكافئة مع العراق، خاصة وإن الحفاظ على مثل تلك العلاقات فيه مصلحة لتركيا لا تعوض، ناهيك عن ما سيجره أي إقدام على مغامرة مثل تلك، من تداعيات غير محمودة العواقب على مجمل العلاقات التركية العربية والإسلامية، وسيكون بمثابة إنتحار لمشروع تركيا في الإنضمام الى الإتحاد الأوروبي، الذي لا زال أمر القبول به متعثراّ ومشكوك فيه، رغم أن تركيا تحاول تصوير مشكلتها مع الشعب الكوردي بأنها مشكلة مع "الإرهاب"..!!؟3

أن قيام إقليم كوردستان في العراق، والذي يحضى بأعتراف دولي، إنما هو بلا شك، عامل إيجابي يسهم في أشاعة السلم في المنطقة، ويفتح الطريق أمام دول الجوار التي تقطنها إجزاء من الأمة الكوردية، مثل تركيا وإيران وسوريا، في أن تلجأ الى منهج الحوار والتعاون المثمر مع حكومة الإقليم في كوردستان والحكومة الإتحادية في العراق لحل مشاكلها مع القضية الكوردية في بلدانها بالطرق السلمية والديمقراطية، بعيداّ عن لغة التهديد والعنف العسكري الذي لا يثمر غير التعقيد وتفاقم المشاكل..!

فهل يا ترى، سوف تستفيد تركيا من عبر التأريخ، أم أن حلم الإمبراطورية الكبرى، لا زال يغازل العيون..؟؟!


_________________________________________________

1http://www.kurdistan-times.org/wesima_articles/index-20070604-25451.html
2 http://www.kurdistan-times.org/wesima_articles/index-20070603-25399.html
3http://www.kurdistan-times.org/wesima_articles/index-20070604-25469.html