| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

 

 

 

السبت 4 /2/ 2006

 

 

 

الملف "النووي" الأيراني و "الصمت العراقي"..!!

 

باقر الفضلي

مما يسترعي أنتباه المراقبين، في مسألة الموقف من معركة ما أصطلح عليه "بالملف النووي الأيراني "، هو ذلك الصمت المطبق من الجانب العراقي وكذلك الدول العربية، وجامعتها العربية ، الذي لم تبدر منهم أية بادرة من تعليق أو أعلان موقف معين من هذه "المعركة" التي تجري على تخوم حدوده..؟! ويبدو وكأن مثل هذا الأمر البالغ ألأهمية ليس ذي شأن ولا يسترعي أي أنتباه..! فهو على أي حال "شأن داخلي" وليس من باب "الثوابت السياسية" أن تتدخل الدول في شؤون بعضها البعض..!!؟ ولعل حق "الجيرة" والدين هو ألأكثر فعالية من اي حقوق أو أعراف دولية أخرى.!!؟

الجمهورية ألأسلامية ألأيرانية؛ البلد الجار، وصاحب أطول حدود تزيد على ألألف من الكيلومترات من جهة الشرق مع العراق،- وهنا تكمن خصوصية المسألة- والذي تربطه مع العراق أواصر تأريخية ودينية بل و"مذهبية" لعقود طويلة من الزمان، هذا البلد يمتلك كامل الحق في تقدير ما يناسبه أو لا يناسبه من السياسات التي تتعلق بعلاقاته مع الدول ألأخرى على الصعيدين الأقليمي والدولي، كما وله كامل الحق، كدولة ذات سيادة، أن يقرر أية سياسة دفاعية يراها تتفق مع حاجاته الستراتيجية في بناء قوته العسكرية لحماية وجوده..! كما ولا جدال في أن يعقد ما تيسر له من الاتفاقيات مع أي بلد كان من أجل التزود بكل ما يساعد اهدافه في تحقيق ذلك؛ من صناعة متطورة ومن خبرة وتكنولوجية حديثة..!
ولكن وبعد كارثة الحرب العالمية الثانية، ما عاد استخدام الدول لحقوقها المذكورة متيسراّ بهذه البساطة..! فقد جاء ميثاق ألأمم المتحدة عام 1945 مقيدا وكابحا للعديد من هذه الحقوق، بعد أن حدد المقاصد والمرامي من أستخدامها، وحددها فقط بالأستخدامات السلمية، بما يمنع من أن تستغل بألأتجاه الذي تصبح معه أداة، تمكن الدول من أستخدامها للأغراض العدوانية، أو لبناء ترسانة مسلحة كبيرة تهدد جيرانها وتعرض ألأمن والسلم العالميين للخطر..! وقد ألزم الميثاق المذكور كافة الدول ألأعضاء بالألتزام ببنود الأتفاقيات المقررة بهذا الشأن، وفي مقدمتها " ألأتفاقية الدولية لعدم نشر ألأسلحة النووية واسلحة الدمار الشامل وأستخدامها"
وليس من الغرابة بمكان، أن تتعرض جميع محاولات الجمهورية ألأسلامية ألأيرانية لبناء "مفاعلاتها النووية"، وعلى الصعيد الدولي ومن خلال ( الوكالة الدولية للطاقة الذرية) التابعة للأمم المتحدة، الى ألأنتقاد والمعارضة الشديدين، حد أتخاذ ألأعضاء الخمسة الدائمين في(مجلس ألأمن) قرارا بالطلب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بألأعداد لتقديم "الملف النووي ألأيراني" الى مجلس ألأمن في اجتماعها اليوم الجمعة وعلى ان يطرح للمناقشة في آذار القادم أذا لم تستجد أمور أخرى..؟!
رغم النوايا المعلنة لقادة الجمهورية ألأسلامية ألآيرانية من أن الهدف من "تخصيب" اليورانيم هو للأغراض السلمية ومن أجل زيادة حجم الطاقة الكهربائية في البلاد، ألا انها عجزت عن أقناع ألرأي العام العالمي والوكالة الدولية للطاقة الذرية بتلك الحجج، وقد وصلت جميع المحادثات مع الفريق ألأوروبي (الترويكا) الى طريق مسدود..!
ومع ألأصرار المعلن من قبل الجمهورية الأيرانية وتهديدها بالقيام "وعلى شكل واسع" بتخصيب اليورانيم، وبالتحدي المعلن من قبل رئيس الجمهورية ألايرانية، بعدم ألأكتراث لما قد يترتب من نتائج على أحالة الملف ألأيراني الى مجلس ألأمن، " وعن رفضه للضغوط الدولية على ايران فيما يتعلق بمطامحها النووية، وأصراره على أن بلاده لن تتخلى عن حقها في تطوير برنامج ذري سلمي."(1/2/2006cnn)، تصبح الشكوك حول توجه أيران لصنع "القنبلة ألأرانية" أكثر قبولا لدى أوساط واسعة من ألرأي العام العالمي، خاصة وأن الوكالة الدولية نفسها تعزز هذه الشكوك..!

أن المهم في كل هذا هو موقف الحكومة العراقية من "الملف النووي ألأيراني" .؟! والخصوصية في هذا التساؤل تأتي، من أن العراق بلد جار الى أيران ويرتبط معها بحدود طويلة مشتركة كما اشرنا اليه أعلاه، وهذه الرابطة والتي تبدو لأول وهلة غير ذات أهمية، الا انها على الصعيد العملي والمستقبلي، ومن وجهة نظر "السلامة العامة" على وجه الخصوص، فأن هذه الرابطة ستجعل العراق، كبلد جار الى أيران، تحت رحمة كل أحتمالات الخطأ الفني التي "قد" تصيب المفاعلات النووية ألايرانية _لا سامح الله_ وما "قد" ينجم من أخطار تسرب "ألاشعاعات النووية"...؟؟! هذا في حالة أفتراض أن طموح أيران في تخصيب اليورانيوم منصرف الى الأغراض السلمية...؟! ولعل في ايراد ما نشرته وكالة ( (ccnللأخبار في 22/11/2004 ما يدلل على مثل ذلك ألأحتمال :(( نشر علماء سويديون دراسة حديثة تبين أن 800 شخصا يعيشون في شمال السويد، ربما أصيبوا بمرض السرطان نتيجة الإشعاعات التي تسربت في تلك المنطقة، بفعل انفجار المفاعل النووي رقم 4 في منشأة نووية تابعة للاتحاد السوفيتي السابق عام 1986.))

أما في حالة تحقق شكوك المجتمع الدولي في مصداقية ما تعلنه الجمهورية الأسلامية، وأنصرافها الى صنع "القنبلة ألذرية" وأقول أيضا _لا سامح الله_ فأن المخاطر ستكون أكبر وأعظم..؟! وسيجد العراق نفسه وكذا مجمل الدول العربية والشرق الأوسط ضمن " الدائرة النووية" من أسرائيل غربا وباكستان والهند جنوبا وايران شرقاّ .. كما وسيصبح العراق معبرا للتهديدات النووية والتهديدات المعاكسة بين أيران وأسرائيل..؟! وتدمير أسرائيل للمفاعل النووي العراقي عام 1981أحد المؤشرات على ذلك..؟!

كما ولا يمكن أغفال الأشارة الى حالة ( الملف العراقي – الأيراني) وتداعياته.وأشكالياته غير المحسومة بعد حرب دامت ثمان سنوات. السؤال هنا؛ هو أين ستكمن قوة الطرف العراقي في حالة وضع هذا الملف _ المؤجل الخوض فيه_ على الطاولة..؟؟! وهل يمكن وضع أفتراض أمتلآك أيران " للقنبلة النووية" في ألأعتبار..؟؟! وهل سيكون للمصالح دور أكبر من دور "الجورة" و"القرابة المذهبية"..؟!

أم أن الجمهورية الأسلامية ألأيرانية تهدف – وهذا عكس ما هو معلن- من وراء تملكها للسلاح النووي _ وفقا للتكهنات الدولية، وهو أفتراض سابق لأوانه- فقط الى خلق "حالة من التوازن المتكافيء مع جاراتها الهند والباكستان ومن ثم الصين والى مدى أبعد أسرائيل، والتي جميعها تمتلك هذا السلاح..!؟؟ وبالتالي فأن " توازن الرعب " الجديد هذا، لا يهدف ألا، للدفاع عن النفس و ضد الأرهاب..!؟ على حد زعم الجميع..!؟"

هل وضعت الحكومة العراقية كل ذلك في الحسبان.. وهل تشاورت على الصعيد ألأقليمي، على أقل تقدير" عن تداعيات هذا الملف، مع البلدان الشقيقة ودول الجوار..خاصة وأن "الملف النووي الأسرائيلي" لا يزال يؤرق الجميع.. ؟؟ وهل حددت القوى السياسية العراقية المجتمعة ألان في بغداد للتباحث في أبعاد وطبيعة الحكومة العراقية "المنتظرة"، أقول هل وضعت هذه القوى " الملف النووي " ألأيراني في الحسبان؟ وهل رسمت موقفا موحدا من النوايا الأيرانية "المحتملة" لتصنيع "القنبلة النووية"؟؟ أم أنها سوف ترجيء ذلك الى حين تشكيل الحكومة الجديدة، ورمي مسؤولية ذلك على عاتقها؟؟!

لم يسمع احد موقفا واضحا على الصعيد الرسمي أوالسياسي حول ذلك..! اللّهم ألا ما أعلنه السيد رئيس الوزراء الدكتور الجعفري؛ عن تكليفه من قبل الدول الأوروبية المعنية بالملف النووي ألأيراني ( الترويكا) بأيصال رسالة "مجرد أيصال لاغير" الى الجانب ألأيراني، دون تعليل لأسباب ذلك..؟؟! ما يثير التساؤل هنا، هو اسباب أختيار (الترويكا) للعراق في حمل رسالتها الى أيران، في الوقت الذي تمتلك فيه هذه الدول، أفضل العلاقات مع الجمهورية الأسلامية ألأيرانية، وفي نفس الوقت الذي تجري معها الأتصالات والمحادثات المكثفة حول "ملفها النووي"؟؟!! وهل أن العراق تؤهله ظروفه الراهنة للقيام بمثل هذه المهمة..!؟ من الصعب التكهن بأسباب ذلك..! يبدو ألأمر وكأنه "طلسم" يستعصي على الفك..!؟ ويظهر العراق وكأنه طرف " في لعبة " الملف النووي" الأيراني، التي " وحسب ما يعتقد" ؛ يمسك مفاتيحها التحالف (ألأمريكي-ألأوروبي) والعراب الكبير (روسيا) واللاعب الجديد (الصين)..!!

أن رائحة النفط تفوح من كل مكان، والدب الروسي يتمطى في غفوته، فالمجمع الصناعي العسكري، يحاول الوقوف على قدميه من جديد..! وهاهو الرئيس (بوتين) يعيدنا بالذاكرة الى حالة (توازن الرعب) و(سياسة سباق التسلح) ؛ وذلك في تلميحه؛ ((بأن القوات المسلحة الروسية ستمتلك قريبا أنظمة صاروخية متطورة غير متاحة لأي دولة أخرى. وقال بوتين أمام مؤتمر لكبار المسؤولين العسكريين "نقوم بأعمال البحوث والاختبارات على أحد أكثر الأنظمة الصاروخية النووية تقدما، والذي أوقن أنه سيكون متاحا للقوات المسلحة في المستقبل القريب،" نقلا عن وكالة انتر فاكس الروسية.وأكد بوتين إن الأكثر أهمية في تلك الأنظمة هو أن "القوى النووية الأخرى في العالم لن تتمكن من الحصول على مثيلاتها خلال الأعوام القادمة))- 17/11/2004. ccn,.
وعلى صعيد التعاون الأيراني – الروسي في مجال التسلح وأرتباط ذلك بقصة "الملف النووي ألأيراني" فقد (( أشارت وسائل الإعلام الروسية الجمعة إلى صفقة عسكرية ستزود بمقتضاها موسكو طهران بصواريخ وأنظمة دفاعية. ومن المتوقع أن تؤدي الصفقة، البالغ قيمتها أكثر من مليار دولار، إلى ردة فعل قوية من الولايات المتحدة.
ونقلت وكالة "إيتار تاس" و"إنترفاكس" الروسيتين عن مصادر عسكرية لم تسمها أن مسؤولين من الجانبين وقعوا الصفقة في نوفمبر/تشرين الأول الفائت لتزويد إيران بقرابة 30 من أنظمة صواريخ Tor-M1 على مدى العامين المقبل، نقلاً عن الأسوشيتد برس. وذكرت أنترفاكس أن النظام قادر على تحديد 48 هدفاً وضرب هدفين معاً على ارتفاع 20 ألف قدم. ونفت الوكالة الحكومية الروسية لتصدير الأسلحة "روسوبورون إيكسبورت" علمها بالصفقة، فيما لم تشر وسائل الإعلام الإيرانية إلى الصفقة البتة .. ." {CNN-6\1\2006}

وحول الصفقة قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الروسي، قسطنتين كوسافيك "أتوقع أن تؤدي الصفقة إلى ردة فعل سلبية من الغرب إلا أن اُسس الانتقاد ستكون سياسية أكثر من كونها قانونية ." {CNN-6\1\2006}
أن ما يهم في الأمر؛ أن "الملف النووي" الأيراني مع كل ما تقدم، ليس شأنا أيرانيا كلياّ، فأبعاده وتأثيراته السياسية وألاجتماعية، تتعدى حدود الجمهورية الأيرانية..! وأن أقدام الدولة العراقية بمكوناتها السلطوية في أتخاذ موقف واضح من هذه المسألة مدفوعة بما يضمن مصالح الشعب العراقي على المدى القريب والبعيد، أنما هي مسؤولية تأريخية، ولا تمت من قريب أو بعيد الى التدخل في شؤون دولة أخرى..! ولا تسيء الى ما يربط ما بين العراق والجمهوريية الأيرانية من روابط حسن الجوار ووشائج ألأخوة والروابط الدينية والمذهبية..! كما ولا يتعارض مع مباديء القانون الدولي وألأعراف المتبعة..!

ففي آخر تصريح له؛ ((كتب علي لاريجاني المسؤول المكلف بالملف النووي الايراني في رسالة الى محمد البرادعي "اذا احيل الملف الايراني على مجلس الامن في اي شكل من الاشكال، فانه سيتم تقليص مراقبة الانشطة النووية الايرانية من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية في شكل ملحوظ، وستستانف ايران كل انشطتها النووية المعلقة من دون اي قيود". وتهدد ايران ايضا بعدم تطبيق البروتوكول الاضافي لمعاهدة حظر الانتشار النووي الذي يلحظ عمليات تفتيش سريعة ومعمقة من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية)) * أيلاف- 2/2/2006
أما الرئيس الأيراني فقد كان تمسكه بالمشروع "النووي" أكثر صلابة من السابق حيث (( اكد على ان بلاده لن تتخلى "تحت اي شرط" عن برنامجها النووي وخصوصا "تخصيب اليورانيوم".)) * أيلاف- 2/2/2006

أن الأعلان عن موقف ثابت وواضح من "الملف النووي ألأيراني" _ مهما كانت مقاصد هذا الملف (سلمية أو "ذرية")_ موقف يحدد المخاطر المتوقعة التي قد يتعرض لها، ليس العراق فقط وأنما كافة دول وشعوب المنطقة جراء الأصرار على تنفيذه، أنما هو موقف تلزمه المسؤولية الوطنية لكل بلد من هذه البلدان وبالخصوص البلدان العربية، التي من خلال منظمة (الجامعة العربية) وهو أضعف ألايمان، أن تبادر الى تبني سياسة واضحة ، تعلن من خلالها ضرورة أعتبار منطقة الشرق الأوسط ، "منطقة خالية من السلاح النووي"، وان تعمل من خلال وجودها كمنظمة أقليمية على تفعيل " ألأتفاقية الدولية لحضر نشر ألأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل" في المنطقة، وكذلك دفع مجلس ألأمن الى تبني قرار خاص بأخضاع أسرائيل الى أحكام هذه الأتفاقية.

أما ما يقال بشأن أستخدام الطاقة النووية "للأغراض السلمية"، فأن ما تفرضه "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" من نظم وأجراءات كفيل بحل كل ألأشكالات المترتبة على ذلك، وأن كافة دول المنطقة ملزمة بكشف مؤسساتها العاملة بالطاقة النووية أمام الوكالة المذكورة...!
أن الهدف من كل ذلك هو تجنيب العالم خطر كارثة نووية محتملة، سواء عن طريق الخطأ، أو عن طريق أستخدام تلك الطاقة لأغراض العدوان أو التهديد بالعدوان..!
ولعله من المفيد في نهاية المقال: ألأشارة هنا بأن " الوكالة الدولية للطاقة النووية" قد أحالت صباح اليوم السبت "الملف النووي ألأيراني" الىمجلس ألأمن ، بعد التصويت على هذا القرار بأغلبية 27 صوتا ورفض كل من سوريا وفنزويلا وكوبا. مع امتناع كل من الجزائر وليبيا وأندنوسيا وجنوب أفريقيا وبيلاروسيا عن التصويت..! وتضمنت مسودة القرار المعدلة المكونة من صفحتين ونصف الصفحة فقرة جديدة أدخلت بناءً على طلب مصر تقول "الاعتراف بأن حل القضية الإيرانية سيساهم في جهود الحد من نشر أسلحة الدمار الشامل دولياً ولتحقيق أهداف خلو الشرق الأوسط من أسلحة دمار شامل." CNN-4\2\2006}