| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

 

 

                                                                              الأربعاء 4 / 9 / 2013


 

سوريا : في مواجهة العدوان..!!؟ (*)

باقر الفضلي

لن يأتي التأكيد المستمر من قبل الأكثرية الساحقة للشعب السوري، على ضرورة التفتيش عن حلول للأزمة السورية، حيث تضع في مقدمتها، ضرورة اللجوء الى الحلول السلمية للخروج من الأزمة ومنها مؤتمر جنيف/2 ، رغم كل محاولات التدخل الأجنبي والإقليمي، في وضعها العراقيل أمام أي خطوات سلمية بإتجاه إنجاح المؤتمر المذكور..!؟

لن يأتي هذا التأكيد المستمر من فراغ، فالأكثرية الساحقة بدأت تدرك عمق التخبط الذي تعيشه قوى التدخل الإقليمي والأجنبي في سوريا، والذي كشفته الحالة المتخبطة للسياسة الأمريكية، التي عكسها موقف السيد أوباما من تأجيل قراره بتوجيه الضربة العسكرية الى سوريا، والعودة به الى مجلس الكونغرس، وذلك بإنتظار ما سيقرره المجلس بهذا الشأن؛ كل ذلك في أجواء من تصادم المواقف المتعارضة التي تسود ساحة الكونغرس، ما بين الأقطاب المتطرفة والمندفعة بإتجاه تنفيذ الضربة العسكرية الى أبعد مدى شامل، من أمثال السناتور ماكين والسناتور غراهام، وبين من يرى بكفاية الضربة المحدودة التي أعلن عنها السيد أوباما، وبين من يرى في توجيه مثل هذه الضربة، خطأ فادح في السياسة الخارجية والعسكرية الأمريكية، في وقت تعيش فيه أمريكا، حالة من ألأزمة الإقتصادية..!؟

فبالقدر الذي يحاول فيه السيد أوباما تجاوز وإمتصاص شدة الصدمة التي تركها تأثير رفض مجلس العموم البريطاني، لطلب رئيس الحكومة البريطانية السيد ديفيد كاميرون بتوجيه ضربة عسكرية الى سوريا، وما سببه ذلك من حالة إحباط كبير وغير متوقع، لخطط الإدارة الأمريكية المقررة، بشأن توجيه الضربة العسكرية التي تحدث عنها السيد اوباما نفسه قبل ذلك كثيرا، فإن لجوء السيد أوباما الى الكونغرس الأمريكي، رغم ما يضفيه شكلاً وكأنه شيء من التمسك بالمباديء الديمقراطية، فإنه وفي مساره الداخلي من حيث الجوهر، لا يعبر بأي حال من الأحوال، عن حقيقة ما قد يعتقده المرء من تصورات إفتراضية، عن تغير في إتجاهات ذلك المسار بشأن توجيه الضربة العسكرية المحتملة ضد سوريا، بقدر ما يعكس حالة من التردد التي إنتابت الإدارة الأمريكية في هذا الأمر؛ فيأتي التأجيل الى إنتهاء الكونغرس من إجازته في التاسع من أيلول، ما هي إلا محاولة لإعادة إصطفاف التحالف الغربي مجدداً وراء ألولايات المتحدة، بعد إنفراطه الظاهري جراء رفض البرلمان البريطاني، والتشبث بأمل الحصول على موافقة الكونغرس، بهدف إضفاء شرعية شكلية في إطارها ومعناها، على قرار السيد أوباما بتوجيه "الضربة العسكرية" من جهة، والإيحاء للرأي العام الأمريكي والعالمي، بإلتفاف الشعب الأمريكي وراء الرئيس، وصواب قراره " العقابي" المتخذ ضد سوريا من جهة أخرى، ناهيك عن محاولة التعرف على توقعات ردود الفعل لدى حلفاء سوريا، جراء الإقدام على تنفيذ القرار المذكور؛ وفيما يراه البعض، [[ يعود طلب الرئيس الأمريكي باراك أوباما من الكونغرس منحه الضوء الأخضر لضرب سوريا، في جزء منه لسدّ ثغرة قانونية..!!؟]](1)

وبعيداً عن أي تفسيرات سياسية حول ما يمكن أن تكون عليه جدوى تأجيل السيد أوباما لقراره بالضربة العسكرية المحتملة، فإنه ورغم ما ستكون عليه نتيجة التصويت على القرار المذكور من قبل الكونغرس، فلا مناص من الإشارة الى أن الكونغرس الأمريكي لا يمكن أن يكون بديلاً شرعياً للأمم المتحدة ومنها مجلس الأمن، وهي الجهة الوحيدة التي تمتلك حق إصدار القرارات الدولية، ومنها قرار الحرب، وبالتالي فإن الكونغرس الأمريكي، ومهما جاء تصويته على طلب السيد أوباما بالموافقة، فإنه لا يمتلك أي شرعية يمكنه منحها للولايات المتحدة وأي تحالف قد يقف الى جانبها، لشن الحرب على سوريا، دون قرار صادر من مجلس الأمن وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، وذلك في حالتين هما: حالة الدفاع عن النفس، أو طبقاً لأحكام الفصل السابع من الميثاق،..!!؟

وبناء على ذلك، فإن أي محاولة للولايات المتحدة وحلفائها، بتوجيه ضربة عسكرية ضد سوريا، خارج نطاق الأمم المتحدة، وليس طبقاً لما يقرره ميثاقها الأممي، لا يمكن توصيفها، إلا بحالة من العدوان السافر ضد دولة عضو في الأمم المتحدة؛ فكل ما يجري من إستعدادات عسكرية وتحضيرات ذات طابع عسكري ومنها حشد السفن الحربية على تخوم المياه الإقليمية لدولة سوريا، وما يجري من تلويح متواصل بتوجيه الضربة العسكرية، جميعها تدخل ضمن توصيف حالة العدوان على دولة عضو في الأمم المتحدة، وبالتالي فلا يمتلك أي قرار ذاتي بشن الحرب من قبل أي دولة، مهما عظمت قوتها وجبروتها، على دولة أخرى خارج إطار ميثاق الأمم المتحدة، لا يمتلك مثل هذا القرار، مهما كانت دوافعه أو أسبابه، أي شرعية قانونية، وبالنتيجة فإنه يشكل خرقاً فاضحاً لميثاق الشرعية الدولية، وإنتهاكاً لسيادة الدول، مهما كانت الذرائع التي تقف وراءه تلك الدولة..!؟؟

ولعل من المفارقات العجيبة، أن تعطي الولايات المتحدة الأمريكية لنفسها حق الإنفراد والتحكم بمصير الشعوب وتقرير مصيرها وفقاً لمشيئتها وطبقاً لمصالحها الخاصة، دون مراعاة لقواعد القانون الدولي وآليات حفط الأمن والسلم الدوليين، ولعل تمسكها بذريعة " إستخدام الأسلحة الكيمياوية" من قبل سوريا، والتي عجزت عن تقديم ما يثبت أو يدعم هذه الذريعة من أدلة وإثباتات، متذرعة بسريتها، ما افقدها المصداقية كدولة كبرى، والتي كان ينبغي عليها تقديم ما تدعيه من أدلة، الى هيئة الأمم المتحدة، وعدم إطلاق الإتهامات جزافا ضد الآخرين، وهو الأمر نفسه الذي دفع بوزير الخارجية الروسية السيد لافروف بتأريخ 2/9/2013 بتوجيه الإنتقاد للغرب، ونعته بالإزدواجية في القضايا الدولية وبالذات في قضية إستخدام الأسلحة الكيمياوية، فطبقا لتصريح لافروف: [[ فأن الغرب يدعي بأن لديه بالفعل أدلة تشير إلى استخدام السلاح الكيميائي في سورية، ، إلا أنها سرية ولا يمكن الكشف عنها، مشددا على أنه لا يمكن استخدام ذريعة السرية عندما يدور الحديث عن الحرب والسلام..!]] (2)

هذا ومع كل ما تقدم من تصورات، وما قيل ويقال من تأويلات، عن تأجيل توجيه "الضرية العسكرية"، فإن مجرد التلويح بذلك، من قبل أمريكا وحلفائها، بما فيهم "الأمانة العامة لمجلس الجامعة العربية" ممثلة في بعض شخوصها، من ممثلي بعض الدول العربية، وما يروج له الطابور الخامس من تابعي الحلف الأمريكي على صعيد الفضائيات والصحافة الأجنبية والعربية ومواقع الأنترنيت، بخلقهم حالة من الذعر والترويع المستمر للشعب السوري، فإنهم جميعاً مشاركون مهما كانت التبريرات والتأويلات، في جريمة التحريض على العدوان والمشاركة بالعدوان على سوريا وطناً وشعبا؛ ولن تغفر لهم خطاياهم، كل صلواتهم وتوسلاتهم وما يذرفونه من دموع التماسيح، على حال الشعب السوري البطل وحريته...!؟

فهذا الشعب، هو وحده القادر على حل مشاكله الداخلية؛ اما التدخل في شؤونه الداخلية، وتحت أي حجة مهما كانت، أو أي ذريعة مهما صورت، أو أي غطاء تبريري كاذب، سيكون مصيرها الخزي والفشل الذريع، أمام صمود هذا الشعب الأبي وأمام تلاحمه الوطني المتواصل، بوجه الهجمة البربرية الإرهابية الغاشمة..!؟
 

2013/9/3

(1) http://arabic.cnn.com/2013/syria.2011/9/2/us-obama-syria-legal-issue/index.html
(2)
http://arabic.rt.com/news/626038-%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%88%D9%81_%D8
(*)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=375528





 


 

free web counter