| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

 

 

 

الأحد 3/9/ 2006

 

 

المندائيون يستغيثون...!

 

باقر الفضلي

لقد أصبح من الثابت القول، ومن اليقين التأكيد؛ بأن كافة القوى والمنظمات، سواء سياسية كانت، أو دينية أم مختلطة، والتي كان لها باع في ترويع الأقليات الدينية في العراق، وفي المقدمة طائفة (الصابئة المندائيين) في مدن الجنوب وخصوصاّ في مدينة البصرة الفيحاء، وتدنيس مقدساتهم والإعتداء على دور عبادتهم، وهتك أعراضهم، وإجبارهم على النزوح والتلويح بقتلهم وإختطاف النساء والأطفال؛ إن كافة هذه القوى والمنظمات، ومن خلال ممارساتها الهمجية ضد أقلية دينية ، هي جزء لا يتجزء من مكونات الشعب العراقي، وتمتلك نفس الحقوق التي تمتلكها المكونات الأخرى وعليها نفس الواجبات، إنما عبرت عن همجية لا يقرها دين ولا تقبلها شريعة ، ولا تستسيغها أخلاق ولا تدعمها أعراف أوتقاليد..!

إن ما تتعرض له الطائفة المندائية اليوم من إنتهاك لحقوقها في العيش والحياة والأمن والأمان على يد شلل من المغامرين والخارجين على القانون، والذين يضفون على أنفسهم من الأسماء ما لا يمت بصلة لما يدعون، إنما يمثل إعتداء صارخ على حريات وحقوق طائفة دينية كفل حمايتها الدستور وأقرت وجودها كل القوانين والشرائع الدولية والإنسانية..!؟؟
وأن يجري كل هذا الظلم في ظل حكومة منتخبة ونخب سياسية وبرلمان ومجلس رئاسة ومرجعيات دينية شيعية وسنية، وقوات للتحالف وممثلين للأمم المتحدة والجامعة العربية، علناّ جهاراّ، ولا من سامع ولا من محتج ولا من مدين، وآلاف العوائل المندائية، تتقاذفها أمواج القتل والإغتيال والخطف وتفجير البيوت والتهجير، تعج بها دول الجوار والشتات طلباّ للأمن والسلام، ولا يعيرها أحد إذاّ صاغية ولا يوليها أحد ما يستحقه الموقف من إهتمام، إن هذا الذي يجري لعمري هو الطامة الكبرى وأس البلاء. وإن إستمراره يشكل وصمة عار لا في جبين "الديمقراطية العراقية الجديدة" وحسب، بل وصمة عار في جبين المجتمع الدولي كله، الذي ظل صامتاّ ودون أن يحرك ساكناّ لوقف حملات الإبادة التي تتعرض لها الأقليات الدينية أو الأثنية الأخرى، أو أن يساعد في تقديم المساعدة اللازمة للحكومة العراقية في مساعيها لوقف تداعيات ما يحصل من أعمال الفوضى والإرهاب..!؟ وثمة درس قد كسبناه من سكوت هذا المجتمع زمن الأنفال..!؟

المندائيون؛ إن كانوا أقلية في عقيدتهم، فهم أكثرية في وجودهم، وأكثريتهم هذه، هي نفسها أكثرية ألآخرين، من كونهم بشراّ ومواطنين في بلدهم، وجذور عراقيتهم تغور بعيداّ في أعماق التأريخ..! فلا أحد له فضل في هذا الوجود، ولا أحد له منة في هذا التواصل..!

ما يتعرض له المندائيون اليوم من إضطهاد وتنكيل، يحتم على كافة من يتسنم مسؤولية الحكم في البلاد وفي مقدمتهم الحكومة، ويلزمهم بتحمل مسؤولية إستنكار وإدانة الجرائم التي ترتكبها بحقهم زمر العصابات والمليشيات المسلحة المنفلته، ويوجب على السلطات الحكومية المسؤولة إضفاء كل ما يوفر لهم الحماية الكاملة والأمان والطمأنينة في وطنهم، والعمل على وقف عملية ترويعهم وإجبارهم على ترك البلاد، وهجر ممتلكاتهم وثرواتهم نهباّ بيد اللصوص والمارقين من الخارجين على القانون، كما وأن الدستور يلزم الدولة بالتعويض عليهم، وإعادة الذين هجروا الى مناطق أخرى أو الذين تركوا الوطن مكرهين بتسهيل عودتهم الى مساكنهم وأن تتحمل الدولة جميع نفقات ذلك..! إن الدولة ملزمة بملاحقة جميع الذين سببوا لهم الأذى؛ من عناصر تلك العصابات والمليشيات المسلحة ووضعهم تحت طائلة القانون، ومقاضاتهم وتحقيق العدالة وإنصاف الضحايا بما يعيد لهم كرامتهم ومواطنتهم التي أهدرتها قوى التخلف والتخريب والظلام..!؟

المندائيون يمتلكون الحق في توفير الحماية لهم من قبل الدولة والمجتمع، فهم أولاّ مواطنون عراقيون وهو سواسية في جميع الحقوق والواجبات مع الجميع، وهم من جهة أخرى أقلية دينية من ضمن العديد من الأقليات الدينية الأخرى التي كفل لها الدستور حقوقها في الوجود وممارسة شعائرها الدينية والمحافظة على تقاليدها وممارسة تلك الشعائر. وإن إختلفت عقائد الناس، فلن تختلف مصائرهم كبشر من حيث المساواة في الحقوق والواجبات.. والناس أحرار في معتقداتهم..!

إن الدولة ملزمة في حال وجدت نفسها عاجزة، أو أن ما تمتلكه من الوسائل اللازمة لوقف تدهور الحالة الأمنية غير كاف للجم إندفاع زمر الفوضى والتخريب والإرهاب، فبوسعها الطلب من الهيئات الدولية وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة لتقديم المعونة اللازمة لرأب الصدع قبل أن تستفحل الحالة وينفرط عقد الأمن والسلام..!

إن سلامة وأمن المواطنين تقف في المقام الأول لمهمات الدول التي تنشد خير ووحدة شعوبها، والأمل أن تجد هذه الكلمات المتواضعة طريقها لأذان صاغية ولعقول هادئة، مؤمنة بوحدة وطنها، ووحدة نسيج المجتمع بكل مكوناته الأثنية والدينية دون تمييز أو محاباة، فليس لأكثرية أثنية أو دينية أو طائفية في المجتمع، من الحق ما يميزها أو يعطيها مفاضلة في حقوق (المواطنة والحياة) على غيرها من الأقليات الأخرى، فإن لم يراعي الدستور ذلك فعلى المشرعين أن يغيروا مثل ذلك الدستور..!