| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

 

 

الأربعاء 3/11/ 2010



العراق: (سيدة النجاة) تطلب "النجاة"، وقلب بغداد تحرقه المفخخات..!

باقر الفضلي

تتعثر الكلمات وهي تشق طريقها، في خضم هذا البحر من الدماء .. بين أشلاء الجثث المتناثرة، وبقايا صفحات الكتاب المقدس المشتعلة، لتلتقي مع نظرات الإيقونات الذهبية .. المطلة بنظرات جامدة ساهمة يملؤها الرعب والحزن، الى تلك التراجيديا الأرضية التي لم تألف مثلها في آفاق سماء ملكوتها المعطر بعبق رياحين جنائنها الخضراء...

أعمدة الدخان المنبعث من حرائق الستائر المطرزة بصور القديسين .. تختلط بدخان المباخر العبق بعطر المسك والبخور.. نشيج الأطفال وصراخ الأمهات .. وأنين الجرحى القادم من تحت ركام المناضد المحترقة .. يضيع جميعاً في لعلعة أزيز الرصاص ودوي المتفجرات، الممتزج بصراخ المسلحين من الحراس والإرهابيين...!!!؟؟؟

لا شيء يبعث على الحياة .. فالموت قد زرع جنوده في كل الزوايا .. حتى ضاق على القائمين للصلاة المكان، فلا متنفس لهواء ولا منفذ لهروب .. ولم تجد حتى (سيدة النجاة)، من سبيل الى النجاة ... إنها مأساة يعجز عن نحتها ميكائيل إنجلو، ولن تقوى جميع فرش وأصباغ بيكاسو أن ترسم معالم مثل هذا اليوم الرهيب..!؟

حتى أماكن العبادة باتت مستباحة وأهداف مفتوحة أمام طغاة الإرهاب المنفلت، ولم يعد أمام الناس العزل من شيء يدرؤن به مثل هذا الشر المستطير؛ فالموت بات يلاحقهم أنى ذهبوا وأنى كانوا، فلا دور السكن تشكل حماية وملاذ حصين، ولا بيوت العبادة عادت قادرة أن تصد عنهم كل هذا الموت والعذاب .. لترتفع ألسنة اللهب عالياً من قلب بغداد وضواحيها .. وليعم الفزع والرعب الناس في الطرقات وخلف الجدران .. فها هي الهاونات تتساقط على رؤوس الآمنين في مساكنهم، وتتفجر المفخخات امام المقاهي الشعبية وفي وسط الأسواق والمحتشدات السكانية...!!؟؟

أي يوم دموي عصيب يضيفه العراقيون الى ايامهم الدامية، وأية محنة لم يجدوا لها مخرجا، وأية ملهاة سياسية باتت تعصف بحياة الجميع؛ إنه الفزع والخوف الذي دب الى قلوب العراقيين، وأصبح يطاردهم في كل مكان بعد كل هذا الإنتظار الطويل...!!؟؟

من يتحمل مسؤولية حماية المواطنين، ومن له مصلحة في إبادة وتشريد العراقيين من الطيف المسيحي وأطياف الأقليات الأخرى، ومن يا ترى تسعده إدامة الفوضى الأمنية، وتأزيم الأوضاع، ومن المستفيد من عدم تشكيل الحكومة، ولماذا كل هذا التسويف والمماطلة، ولأي سبب تُزهق أرواحُ الأبرياء بدم بارد، ولِمَّ تحصد ماكنة الموت ما طاب لها كل يوم من أعداد الضحايا الأبرياء بدون حساب..؟؟؟!!!

أسئلة عجز الكل من ذوي الشأن والحول والقوة والنفوذ من الإجابة عليها، ولكن السؤال الوحيد الذي تلهج به ألسنة المواطنين ليل نهار، والذي يظل يدور بين حشد الأسئلة الأخرى، لا يخرج في معناه ومدلولاته عن مسؤولية الحكومة القائمة، الحكومة المنتهية ولايتها، والتي تطلق على نفسها؛ كونها "حكومة كاملة الصلاحية" على حد وصف نفسها؛ فإن كان الأمر حقاً كذلك، فبهذا تكون تلك الحكومة المنتهية ولايتها، هي من يتحمل مسؤولية (حماية المواطنين) طبقاً لنفس الدستور الذي تتشبث به ليل نهار، في ظل الصراع المحتدم بينها، وهي في أغلبيتها ممثلة لإحدى الكتل السياسية المتصارعة، وبين الكتل الأخرى؛ فالشأن الذي يهم المواطن بشكل أساس اليوم، لا من يشكل الحكومة ومن يترأسها، بل أن يحيا ويشعر بالإطمئنان والأمان، لا أن يوظف ليصبح ضحية في عملية صراع لا يبدو أن لها أول ولا آخر..!!!؟

فالجريمة النكراء التي إستهدفت العراقيين من الطيف المسيحي في كنيسة (سيدة النجاة) في بغداد، وما لحقها من مسلسل التفجيرات التي زرعها الإرهاب السياسي في جسد بغداد خلال يوم واحد، والتي لن تفرق بين طيف عراقي وآخر، قد عكست مقدرة وإمكانيات كبيرة للقائمين بها، على عكس ما يدعيه بعض ذوي الشأن، مما يلقي ضلالاً من الشك والإستفهام على حقيقة التعليلات للأحداث، وهي بمجملها لا تجد تفسسيرها، إلا بهشاشة الحالة الأمنية، والفراغ الدستوري والنفاق السياسي، الذي أصبح علامة مميزة على سلوك السياسيين من المتنفذين وممتهني العملية السياسية ولعبتها الجديدة .. المتشبثين بكراسي سلطتهم .. المبررين عجزهم وفشلهم في حماية أرواح الناس الأبرياء، بالتعلل بالمقولات المتكررة، وبشتى الحجج والأعذار..!!؟؟

وأخيراً وبعيداً عن التكرار، فإن مسلسل أيام العراق الدامية، وهذا ما تحدثنا عنه منذ ما يقرب من عام، وكما يبدو من أحداث الإثنين والثلاثاء 1و2/11/2010، لم تنته حلقاته بعد، طالما ظلت حلقات مسلسل الصراع العراقي بين الكتل السياسية وإمتداداتها الإقليمية تنبض بالحياة..!!؟؟
(*)
 


(*)
http://www.al-nnas.com/ARTICLE/BFadli/28sun.htm 
 


3/11/2010
 




 

free web counter