| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

 

 

                                                                              الثلاثاء 30 / 7 / 2013


 

مصر: المشهد السياسي بين الواقع والتضليل..!؟

باقر الفضلي

منذ الخامس والعشرين من يناير/2012 وحتى اليوم، ما إنفكت صورة المشهد السياسي في مصر، أن تكون عرضة للتأويلات والتفسيرات المختلفة، من حيث الأسباب والنتائج، ومن حيث التداعيات، ناهيك عن المصالح؛ وأغلبها فرضيات تصب في خدمة من يرى في احداث المشهد المذكور، ما يخدم مصالح محددة، سواء على المستوى الداخلي أم على المستويين الإقليمي والدولي؛ كل هذا، ومن منظور الواقع، فلا يمكن أن يتجاهل المرء، حقيقة حالة من إغفال لجوهر الصراع الذي يدور على صعيد الساحة الإجتماعية والسياسية المصرية، لتبدو الصورة في بعض الأحيان وكأن أحداث مصر ماهي إلا صراع بين اقطاب من السلطة وبين معارضيهم..!؟

فقد أختزلت صورة المشهد السياسي المصري ، وخاصة بعد الثلاثين من حزيران/ والسابع والعشرين من تموز/2013، عندما وضع الشعب المصري مسيرته الثورية الديمقراطية في الخامس والعشرين يناير، وفي موقف موحد مع قواته المسلحة، في طريقها الصحيح؛ أقول لقد أختزلت تلك الصورة البهية للمشهد الشعبي المصري، على يد البعض من المحللين أو الكتاب، الى مجرد عملية باهتة، وجدت تعبيرها في مصطلح " الإنقلاب العسكري"، بهدف تمييع جوهرها الثوري الديمقراطي؛ بل والأنكى من ذلك، إختزالها من قبل بعض تلك التقييمات، الى مجرد عملية إنقلابية قادها ونفذها قائد عسكري، من أمثال "بينوشيه"، أو في أوصاف لا يمكن القول عنها؛ إلا انها عبارة عن إستخفاف بعقول الملايين من المصرين، وإستهانة بنخبهم وطلائعهم المثقفة، من علمانيين ويساريين، وقوميين وشيوعيين، ومن جموع العمال والفلاحين والطلبة وملايين النساء، ونعتهم ب "الغباء" وب "المطايا" التي "إمتطاها الفاشي السيسي" وغيرها من النعوت التي لا تستحق التعليق..!؟

غير إن كل ما يقال عن وصف أحداث الثلاثين من حزيران/ والسادس والعشرين من تموز/2013، بأنها مجرد "إنقلاب عسكري"، يقوده " جنرال فاشي" ؛ لا يعدو كل ذلك، عن كونه إيهام بغير الواقع، وتبسيط لطبيعة الأحداث، وحرف عقول الناس بعيداً عن إتجاه البوصلة الصحيح في اللحظة المعينة، بل وحتى زرع عدم الثقة في نفوسها، عن طبيعة حراكها الثوري والتشكيك بمسارها، وذلك في محاولة للإيحاء لها وللعالم؛ بأن حراكها هذا، ما هو إلا قرار مخطط له سلفاً، وإن دورها فيه لا يتعدى كونها؛ سوى " مطية " وآلة للتنفيذ ليس إلا؛ وإن الهدف منه هو إضفاء "الشرعية" الشعبية "الثورية" على الإنقلاب المزعوم..!!؟

إنه التضليل بعينه، وإن كانت بعض أدواته، لا تخرج في سياقها المتداول، عن حقيقة ما يقال : "عدو عدوي صديقي" طبقاً للمثل الشائع؛ فإن الغاية المتوخاة في النتيجة، وكما يهدف اليها أصحاب التضليل أنفسهم، إنما تخدم مصالح نفس "الطرف" الذي إستخدم كأداة للتضليل..!!؟

فحينما يجري التركيز على؛ أن تلك الملايين من أبناء الشعب المصري ليسوا ب "شعب يناير" ، وليسو ب " الشعب الثوري" حتى لو "يكونوا قسمه الأكبر"، على حد ما يقولوه ذلك البعض منهم، بل إنما هم مجرد " مطايا امتطاهم الفاشي السيسي"، المدعوم "أمريكيا وإسرائيليا" وفق ما يقوله نفس هذا البعض، وبأن كل هؤلاء (القسم الأكبر من الشعب)، لا يخرجو عن كونهم "قوى الثورة المضادة" "لثورة الخامس والعشرين من يناير" على حد قول أصحاب تلك النظرية؛ الأمر الذي يحار المرء معه، كيف يجد تفسيراً مناسباً لمثل هذا التخريج ازاء واقع الحراك الثوري المليوني لجماهير الشعب المصري في الثلاثين من حزيران والسابع والعشرين / تموز/2013 ، فلا تراه يجد أقرب من القول: بأن هذا "التخريج"، هو وحده من يقف ضد إرادة الشعب المصري المليونيه، وبأنه لا يخدم إلا مصالح ذلك الطرف "جماعة الأخوان المسلمين"، إن لم يكن هو المقصود بالذات، الذي حاول الإستئثار بالسلطة، والذي وقفت ضد مشيئته تلك، إرادة الملايين من أبناء الشعب المصري، التي أسماها القائلين بنظرية "الإنقلاب العسكري" ب" قوى الثورة المضادة لثورة الخامس والعشرين من يناير"، وهو نفسه (الأداة) التي إختفى ورائها أصحاب نظرية "الإنقلاب العسكري" وفقاً لما أشرنا اليه فيما تقدم، وذلك من أجل خلط الأوراق، لإغراض تمرير عملية التضليل المقصود..!!؟ (1)

وبإختصار يمكن القول: بأن ما جرى ويجري اليوم في مصر، إنما هو صراع من أجل إرساء قواعد الديمقراطية، ومن أجل إقامة أسس الدولة المدنية الديمقراطية، على أنقاض حكم الإستبداد؛ ذلك الصراع الذي وقفت فيه قوى التطرف بقيادة تنظيم جماعة الأخوان المسلمين، التي أتيح لها إستلام السلطة لمدة عام، لتستأثر بها، ومن خلالها تحاول فرض هيمنة التنظيم وأخونة مؤسسات الدولة، وشل السلطة القضائية، وتغييب دور الآخرين وتهميشهم، والتشريع لديكتاتورية جديدة..!!؟(2)

كل هذا هو ما دفع بالملايين، من جموع الشعب المصري، الى تفجير غضبهم وسحب الثقة من الرئيس الإخواني وتعطيل الدستور، في الثلاثين من حزيران/2013 ، فكان يوماً فارقاً في حياة الشعب المصري، ودرساً بالغ الأهمية في تجارب الشعوب، وحدثاً لم يكن له مثيلاً في التأريخ منذ أيام الإغريق..!(3)

 

 28/7/2013


(1) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=333714
(2) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=336623
(3) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=367188








 


 

free web counter