موقع الناس     http://al-nnas.com/

خطاب السلم أم خطاب الحرب..!

 

باقر الفضلي

الأربعاء 2/8/ 2006

ما ألذي يريده لبنان وما ألذي تبتغيه إسرائيل..؟!

عشرون يوماّ مضت على سعير ألنار ألمتقدة في ألأراضي أللبنانية، ولا من أحد من كتابنا ألمحترمين وأنا أحدهم، من أتعب نفسه وأجاب على تساؤلنا هذا بما يطفيء لوعة المواطن ، ألذي يحترق أساّ على ما يدور في لبنان، أو لوعة ألأم أللبنانية ألتي تشهق غضباّ وغيضاّ ألى ألسماء لفقد وليدها، أو لوعة ألشيخ ألذي قصمت ظهره شضايا ألموت ألمتطايرة في كل مكان، أو رجفة ألخوف ألتي تلصق ألأطفال في أحضان أمهاتهم في ألمخابيء..!

نحن ألكتاب ، إن قيض لنا ذلك، عزفنا عن ألبحث عن ألحقيقة، وأسدلنا ستر ألضياع وألضبابية على مشهد ألموت ألذي يجتاح لبنان فأحالها ألى أرض محروقة، ليس أبعد منها هيروشيما أو ناكازاكي..!
غير آبهين بما يدور في لبنان، ولم تشغلنا ألمحرقة ألتي تسعر نارها إسرائيل بألمزيد من حمم ألجحيم، بقدر ما نحن مشغولين ، بألحمم ألتي نتقاذفها بعضنا ضد ألآخر؛ من سعير ألكلمات ، وألشتائم ألنارية. فحربنا ألتي نخوضها ،نحن ألكتاب، وبأمتياز، أقسى وأمر من جحيم ألنار ألتي يستعر بلهيبها أطفال لبنان ونساءه وشيوخه ، وألدمار ألذي تتعرض له مدنه وقراه، وحضارته وضياعه. إنها حرب من نوع آخر؛ حرب من ألوضاعة، ما تأنف له ألنفوس، وترفضه ألقيم ألأنسانية..!
ألنار تستعر في كل لبنان ونحن مشغولون بألبحث عن مشعليها، تتقاذفنا أمواج ألأتهامات، ويشدنا سوء ألظن. لا نملك ألدليل ولكن تحكمنا ألشبهات..!
إختلافنا في ألرأي ، طريقنا ألى ألحقيقة، ولكن حيث تشتعل ألنار، مهددة ألبيت وأهله ، فلا سبيل ألى ذلك، إلا بإطفاء ألنار وإنقاذ ألحرث وألضرع وحماية أرثنا ومستقبلنا من دمار محقق، ليس بعده غير ألندم وألحسرة.
ألبيت يشتعل ويزداد إشتعالاّ، ونحن نغرق ونغرق أكثر وأكثر في دوامة خلافاتنا، محولين ألجهد لأخماد ألنار ألى حرب نجر بعضنا بعضا ألى وطيسها، ونجر وراءنا ألالاف من ألقراء ألمتلهفين لما نقول وما نعتقد وما نفكر، فلن يجدوا غير ألشتم سلاحنا وألكراهية محركنا..!؟

وما نعتقده من أن سليط ألكلام ضد بعضنا ألبعض، هو ألطريق ألى إطفاء النار ألمشتعلة في لبنان، سنكون واهمين مهما إختلفنا، فلا أجد فيه غير زيت نسعر فيه جحيم ألنار ونزيدها إشتعالا..وما تحويلنا بعض مواقع ألأنترنيت، وبعضها من يضع نفسه في ألصدارة، ألى ساحات للقتال و للنيل من ذواتنا ، مستخدمين غث ألكلام، إلا تعبير عن حربنا ألداخلية، ألتي لم يجن ربحها سوى تلك ألمواقع لما تدره عليها من أرباح ألإثارة وألتهييج ألعاطفي، أما ألقراء فليس لهم من نصيب غير خيبة ألأمل وضياع ألوقت ، وألأنسياق وراء عواطف لا تبصر غير طريق واحد، ولا تجد فينا غير قادة قد أضاعوا بوصلة ألطريق فأصبحوا يخبطون خبط عشواء ..!

ليوم مضى، خاطب رئيس ألوزراء ألأسرائيلي (أولمبرت) مواطنيه، داعيا إياهم ألى ألتماسك وألثبات، وطمأنهم بضمان سلامتهم وأمنهم من ويلات ألحرب. ولكن كيف وبأي طريقة..؟
ألمزيد من ألقتل، ألمزيد من ألدمار وسفك ألماء، ألمزيد من قتل ألأطفال. بهذا ألمنطق ألنيروني ، خاطب (أولمبرت) مواطنيه، موعداّ أياهم بألسلام وألطمأنينة، ولا يهمه بعد ذلك، كم ستلتهمه آلة ألحرب في لبنان أو في إسرائيل، وكم سيدفع أللبنانيون وألفلسطينيون وألأسرائيليون من ألضحايا، ثمناّ للسلام وألطمأنينة ألأسرائيليتين..؟! وما هي حدود ألموت ألتي يخطط لها (أولمبرت)، وأين منتهاه..؟!

بهذا ألخطاب ألداعي ألى ألمزيد من إراقة ألدماء وألتدمير، واجه رئيس ألوزراء ألأسرائيلي ألعالم، غير آبه بما تجره هذه ألحرب من ويلات ودمار وآلام ، ليس فقط على أللبنانيين و ألفلسطينيين وحسب، بل إنه بخطاب ألحرب هذا يدفع أطفال ألأسرائيلين وأمهاتهم وشيوخهم وكل ألشعب ألأسرائيلي ألى مطحنة ألحرب، ألتي لا تبقي ولا تذر، ثمناّ لغلواء ألقادة ألعسكريين وإرضاء لليمين ألأسرائيلي ألمتطرف..!

فألسلم وألطمأنينة لا يمكن أن يجدا طريقهما ألى ألوجود عن طريق ألحرب وألتطرف وألتطرف ألمضاد، ألعنف وألعنف ألمضاد..! إن ألطفل ألذي يسقط في (قانا) هو نفسه ألطفل ألذي يسقط في (حيفا) وكليهما يملكان ألحق في ألحياة..! وألقذائف ألتي تسقط في حيفا وعكا وألجليل، هي نفسها التي تسقط في صور وصيدا وبيروت، لا تميز بين دين ودين ، بين جنس وجنس، بين عرق وعرق، بين مذهب ومذهب، إنها جميعا تحمل علامة ألموت، إنها بكماء لا تعي ولا تبصر..!

إن وقف أطلاق ألنار هو ألطريق ألوحيد لدرأ ألحرب وتجنب ألأنزلاق أكثر وأكثر ألى ألهاوية، وإن شعار " ما أخذ بألقوة لا يسترجع إلا بألقوة" كما هو شعار "ألحرب ضد ألأرهاب" قد أثبت واقع ألحال في لبنان ومثله في أفغانستان وألعراق وفي مجمل ألحروب ألتي خاضتها ألدول العربية وإسرائيل، عن عقمهما، وقد تسببا ولا زالا يتسببان بإزهاق نفوس ألالاف من ألضحايا من جميع ألأطراف، ولم يوفرا ألسلم وألطمأنينة لأي من شعوب ألمنطقة، بما فيها شعب إسرائيل..!

إن خطاب ألحرب، أي كان مصدره، لا ينتج غير ألدمار وألموت، ولا يمكن أن يكون بديلاّ لخيار ألشعوب في طلب ألسلم وألأمان، أللذين لا يتحققان دون منطق ألحوار وألجلوس ألى مائدة ألتفاوض، وتفعيل دور ألشرعية ألدولية، وإقامة ألعدل من خلال إحترام حقوق ألآخرين، وإعادة ألحقوق ألمسلوبة لأهلها، وبعكسه، ستشهد شعوب ألمنطقة ومنها إسرائيل ولبنان وفلسطين ألمزيد وألمزيد من ألويلات وألآلام، وأي تأجيج لمشاعر ألكراهية وألأنتقام سيصب في هذا ألأتجاه..!

إن كتابنا ألعرب وكل ألمثقفين بما فيهم ألمناهضين للحرب في إسرائيل وألعالم على ألسواء، مدعوون ألى درء عملية ألتصعيد للحرب القائمة على قدم وساق، بالدعوة ألى وقف إطلاق ألنار ألفوري، من قبل ألطرفين ألمتحاربين، وممارسة ألضغط ألشعبي من خلال ألفعاليات ألجماهيرية ألسلمية على ألشرعية ألدولية لأداء دورها في وقف أطلاق ألنار وإدانة ألعدوان ودعوة جميع ألأطراف ألى ألجلوس وألتحاور، كما وأنهم مدعوون ألى فضح زيف ألأدعاءات ألتي تتستر وراء موافقة ألشعب ألأسرائيلي على ألأستمرار في ألحرب، حيث أن حكومة إسرائيل ألآن، هي ألطرف ألأكثر تمسكاّ بالحرب وألذي يدعو ألى استمرارها ومواصلة ألمجازر ألبشرية بحق ألأطفال والنساء وألشيوخ..! فألحكومة ألأسرائيلية، تدعمها ألولايات ألمتحدة ألأمريكية، لا زالت متعنتة في موقفها من رفض وقف إطلاق ألنار، وتعمل جاهدة، من خلال ديمومة ألحرب، على خلق حالة توازن جديدة في ألمنطقة تحقق ما تهدف أليه..!

إن ألعدل وألسلم وألطمأنينة لآ تستقيم إلا بخطاب ألسلم، وخطاب ألسلم وحده ، وأي خطاب عداه، سيكون دعوة للمزيد من إزهاق ألأرواح من كلا ألجانبين. أما من يريد ألأصطياد في مياه ألتطرف وألحرب ومن له مآرب في إدامة عجلة ألموت من أي جهة كان، فهو بعمله هذا ، إنما يهدف ألى تحقيق مشاريعه وأجندته ألخاصة، على حساب ألدماء ألمسفوكة وألأراضي ألمحروقة..!

وعسى أن لا نكون نحن ألكتاب، ضحية ألمصطادين في ألماء ألعكر، ولا نحسن غير خطاب ألآخرين بوعي منا أو بغير وعي، في ألوقت ألذي تحيط بنا ألنيران من كل حدب وصوب، وبيتنا تذروه رياح ألحرب كالهشيم..!

ألأمل أن لا يكون حالنا حال ألذين قالوا: " عثرنا على ألجثة وألمتهم هارب وألتعقيبات جارية" ..!