| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

 

 

                                                                              الأثنين 29/4/ 2013


 

العراق: الحكمة قبل القرار..!؟

باقر الفضلي

ما دار يوم 23/4/2013 في قضاء الحويجة، وما يدور اليوم في المناطق الأخرى في محافظة صلاح الدين وكركوك، من إشتباكات بين المعتصمين وقوات الجيش، وما نتج عنها من سقوط ضحايا من الجانبين، إنما هو أمر مثير للقلق، ويبعث على الشك والريبة في كل ما ينقل ويقال من روايات حول أصل الأحداث وأسبابها، مصدرها فضائيات وإعلام موجه؛ وجد في أحداث الحويجة وما سبقها من أحداث الفلوجة، وإعتصامات الأنبار وسامراء، فرصة في تأزيم عوامل الأزمة وخلط أوراقها، مما يحث على رسم صورة تضليلية، واضحة في أهدافها ومراميها، في وقت لم تدرك فيه جهات القرار السياسي والعسكري، تداعيات إجراءاتها الأمنية والمتسرعة، التي أقدمت عليها في محاولة منها لتفكيك عقد الأزمة، فإتسمت إجراءاتها الأمنية بنفاذ الصبر والإستعجال، مما أوقعها في حبائل الإنفرادية، وإنحسار إجراءاتها في إطرها الخاصة والمنغلقة، الأمر الذي عمق من عزلتها، وأزاد من إبتعادها عن شركائها في السلطة، وعن باقي القوى السياسية ذات الأهداف المشتركة في دوام العملية السياسية..!!؟

هذا وفي الوقت الذي تأتي فيه دعوة السيد رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة، الى اللقاء والحوار بين جميع ذوي العلاقة من أطراف الأزمة، للبحث في أسبابها، ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة للخروج من براثنها، تتصاعد فيه من جانب آخر، تصريحات غير مسؤولة لعدد من النخب من رجالات السلطة في الفضائيات، ومن ممثلي المعتصمين من منصات الإعتصام، كما ومن ممثلي القيادات الأمنية، وجميعها تحمل خطاباً يتسم بالتشنج وكيل التهم والتهديدات المتقابلة، ناهيك عن إرتفاع وتيرة الخطاب الطائفي، الذي ينبعث صداه من بعض القنوات الفضائية بما لا يخدم في تهدئة الأوضاع، إن لم يزد في إشتعال نار الأزمة، والدفع بإتجاه الصدام الطائفي..!؟(1)

فالأزمة التي لا يبدو في الأفق ما يخفض من سعير أوارها، وما يساعد على إخماد إشتعالها، فهي ليست بنت يومها مهما حاول المرء إختزالها في جملة من شكاوى ومن مطالب جماهيرية، بقدر ما تمتد جذورها بعيداً في أعماق " العملية السياسية " وأسس بنائها من جهة، وفي آليات تداول السلطة وطبيعة التحكم بقيادتها من جهة أخرى..!؟

ومما أزاد في الطين بلة، ما أقدمت عليه ثلة من المندسين بين أوساط المعتصمين من جريمة مدانة يوم السبت 27/4/2013، في إزهاقها أرواح خمسة من الجنود العزل، مما فاقم من تعقيد الموقف، وألقى بضلاله على كافة أطراف "العملية السياسية" بمن فيها من يتحمل سلطة الحكم مباشرة أو مشاركاً فيها، للبحث عن مخرج من نفق الأزمة، الذي بات يطبق بخناقه على الجميع..!؟(2)

فإن كانت جميع أطراف "العملية السياسية" قد إرتضت وإتخذت منها خارطة طريق لإدارة البلاد بعد الإحتلال، وتوافقت على التمسك بما يفرضه (العقد) الذي طرحته على الشعب، والمقصود به (الدستور)، فهي قبل غيرها، ملزمة تأريخياً واخلاقيا، بتوفير الأمن والأمان للمواطن العراقي، وتوفير كل أسباب العيش الكريم له في حياته اليومية، في ظل الحرية والعدالة والمساواة..!

وفي ظل الظروف الحالية، بكل ما تبطنه دواخلها ومتشعباتها من أخطار جسيمة، تهدد مصائر العراقيين وتدفع بهم بإتجاه التناحر الطائفي، وتعرض الوطن الى هول ما يبيت له من كوارث التجزئة أو التقسيم؛ فإن الإهابات وحدها، وإن حسنت، لا يمكنها أن ترأب صدعاً، أو تصلح ذات البين؛ فليس أمام أطراف العملية السياسية مجتمعين، إلا أن يحزموا أمرهم، بعيداً عن دوافع المصالح الشخصية أو الحزبية، والبحث مشتركين عن كل ما يشوب "العملية السياسية" من نواقص وإخفاقات، وعن كل ما يساعد على تجنيب العراق والعراقيين ويلات المخاطر، التي باتت في علم الجميع..!؟

فالنأي بعيداً عن تحمل المسؤولية، كما هو التفرد في القرار، وفي مثل هذه الظروف العصيبة، إنما هما وجهان لعملة واحدة، فالبعيد عن المسؤولية لا يمكن أن يكون بعيداً عن تداعيات وتبعات ما يفرزه القرار المنفرد أو الذي تعوزه الحكمة وينقصه التشاور الإيجابي والرأي المشترك، وليس المتفرد بالقرار بأفضل حال من ذلك..!

وما تداعيات أحداث الحويجة إلا مثل واقعي على المآل الذي إنتهت اليه مسيرة عقد من التجارب والأخطاء والتجاذبات والمناكفات بين أصحاب المصالح المتعارضة، وأحد تجليات الأداء الذي يفتقر الى المشاركة الحقيقية في إتخاذ القرار الصائب في الوقت المناسب، ومن أمثلته إستخدام القوات المسلحة في غير مكانها الذي أشار اليه الدستور..!(3)

 

 28/4/2013
 

(1) http://www.youtube.com/watch?v=QWAbONduaiI
(2) http://www.shafaaq.com/sh2/index.php/news/iraq-news/56759-2013-04-28-10-10-43.html 
(3) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=335573









 

free web counter